تاریخ تمدن اسلامی
تاريخ التمدن الإسلامي (الجزء الأول)
اصناف
ولما نشأت السلطنات جعل السلاطين علامة السلطنة مثل علامة الخلافة، وسموها الطغراء، وهي نقشة تكتب بقلم غليظ وفيها ألقاب الملك، وكانت تقوم عندهم مقام خط السلطان بيده على المناشير والكتب ويستغنى فيها عن علامة السلطان بيده، وكانت الدولة السلجوقية تسمي ديوان الإنشاء ديوان الطغراء.
والطغراء سمي بها الحسين أبو إسماعيل الطغرائي صاحب لامية العجم المشهورة، كان وزيرا للسلطان مسعود السلجوقي وكان خطه جميلا ويكتب تلك الطغراء بخط جميل فلقبوه بها، ويقال: إنه أول من كتبها (قتل 51ه).
ولم يكن الخلفاء ينقشون على خواتمهم أسماءهم، ولكنهم كانوا ينقشون عليها عبارات فيها مواعظ وحكم، فقد كان نقش خاتم أبي بكر «نعم القادر الله» وخاتم عمر «كفى بالموت واعظا يا عمر» وخاتم عثمان «لتصبرن أو لتندمن» وخاتم علي «الملك لله»، وجرى على نحو ذلك خلفاء بني أمية وبني العباس، ولكل منهم فقرة خاصة نقشها على خاتمه، والغالب أن يكون بينها وبين اسمه مناسبة معنوية، فقد كان نقش خاتم المأمون «عبد الله يؤمن بالله مخلصا»، وختم الواثق «الله ثقة الواثق»، وختم المتوكل «على الله توكلت»، والمعتمد «اعتمادي على الله وهو حسبي»، وقس على ذلك.
وكانوا يعبرون عن علامات الخلافة أيام الخلافة العثمانية بالمخلفات النبوية، وكانت محفوظة في الأستانة في صندوق من الفضة في غرفة بقصر طوب قبو، وهي: البردة، وسن من أسنان النبي، وشعرات من شعره، ونعاله، وبقية من العلم النبوي، وإناءان من حديد يقال: إن إبراهيم الخليل كان يشرب بهما من بئر زمزم، وجبة الإمام أبي حنيفة، وذراع سيدنا يحيى، ويحتفلون بزيارة هذه المخلفات في 15 رمضان من كل سنة، فيخرج السلطان بموكبه إلى السراي المذكورة، فيؤدي فروض الزيارة والتبرك بها ومعه كبار رجال الدولة، وقد وصفنا هذه الغرفة في السنة الثامنة عشرة من الهلال ورسمها في الصفحة المقابلة.
أما القضيب فهو ثالث علامات الخلافة، وإذا تولى الخليفة جاؤوه بالبردة والخاتم والقضيب، وظل الأمر على ذلك في بني أمية وبني العباس.
شارات الخلافة
وشارات الخلافة أيضا ثلاث: الخطبة، والسكة، والطراز. (1) الخطبة
هي الدعاء للخلفاء على المنابر في الصلاة، وأصلها أن الخلفاء كانوا يتولون إمامة الصلاة بأنفسهم فكانوا يختمون فروض الصلاة بالدعاء للنبي والرضا عن الصحابة، فلما فتحوا البلاد وبعثوا إليها العمال، صار الولاة يتولون إمامة الصلاة في ولايتهم، فكانوا إذا صلوا ختموا الصلاة بالدعاء للخلفاء، وأول من فعل ذلك منهم عبد الله بن عباس لما تولى البصرة على عهد الإمام علي، فإنه وقف على منبر البصرة وقال: «اللهم انصر عليا على الحق»
1
واتصل العمل على ذلك فيما بعد، وصار الدعاء للخليفة في بلاده علامة سلطانه عليها، ولما ضعف شأن الخلفاء في بغداد كان المتغلبون من السلاطين أو الأمراء يشاركون الخلفاء بذلك فيذكرون أسماءهم بعدهم، ثم صار السلاطين يستقلون في الدعاء لأنفسهم، ولا يزال الدعاء على المنابر لأولي الأمر إلى اليوم. (2) السكة والنقود
نامعلوم صفحہ