معاملته حتى لا يصل إلى مقاتلته ومناضلته ، فلما تبين ل" جشنسف" أن لا حيلة من الطاعة والولاء له فحرر رسالة إلى" تنسر" قاضى قضاة" أردشير بن بابك" ، وقال" بهرام بن خرزاد" إنه قد سمى ب" تنسر" لأن الشعر قد نبت على جميع أعضائه بكثرة وتهدل كحال الرأس ، أى أن كل بدنه مثل الرأس ، فلما قرأ" تنسر" رسالة ملك" طبرستان" كتب الجواب على هذا النحو :
«وصلت رسالة من" جشنسف" عند ملك وابن ملك" طبرستان" و" فرشواركر" و" جيلان" و" الديلم" و" رويان" و" دنباوند" إلى" تنسر" قاضى القضاة فقرأها وهو يسلم ويسجد ، وقد تمت مطالعة كل صحيح وسقيم كان فى الرسالة ، على الرغم من أن البعض كان يوافق السداد والبعض موضع الانتقاد ، والأمل أن يكون ما هو صحيح رائدا وأن يقترب ما هو سقيم من الصحة ، أما بعد :
أما ما تذكرنى به من الدعاء وتعظمنى به ، والممدوح السعيد الذى يكون مستحقا للمدح والداعى الذى يكون أهل إجابة هو بالتأكيد الذى يدعو الخالق لك أكثر منى ؛ لأنك ملك وابن ملك ويطلب نفعك مثلى ، وقلت فى الرسالة إنه كانت لى أنا" تنسر" منزلة وعظمة لدى والدك ، وأنه كان يطيعنى فى مصالح الأمور وقد رحل عن الدنيا ولم يخلف وراءه شخصا قط أقرب إليه وإلى أولاده منى ، حقا لتكن روحه خالدة وليكن ذكره باقيا ، لقد قلت فى شأنى من التعظيم والاحترام أكثر مما استحق ، وجعلت نفسك تستريح إلى طاعة رأى ومشورتى أنا والآخرين من الناصحين الأمناء المتمكنين ، ولو كان والدك قد استقبل هذا الدهر وهذا الأمر الذى استقبلته أنت بالعبر والطمأنينة ، لكان قد أدركه بالتدبير والاستقراء ، ولكان قد نهض وبادر لذاك الأمر الذى تنازلت وتواضعت أنت من أجله ، وبما إنك قد وصلت إلى أن تطلب الرأى منى وتشرفنى بالاستشارة ، فاعلم أن حالى معلوم للخلائق من بنى آدم غير خاف عن عقلائهم أو جهلائهم ، ولا عن أوساطهم وأوباشهم ، وأننى أقمت خمسين سنة حتى روضت نفسى الأمارة (بالسوء) حتى امتنعت عن لذة النكاح (1) والمباشرة وعن اكتساب
صفحہ 31