ورغم أن علماء وشعراء العرب والعجم قد افتخروا بمدح أسرة باوند ، ولما كان رشيد الدين الوطواط إمام الأئمة فى عهده وقمة أهل البلاغة والبراعة فقد اكتفينا بذكر مدائحه حتى لا تلحقنى التهمة وتبقى فى حقى شبهة إننى أجزت الكثير من الغلو والمبالغة بإفراط فى مناقبهم بدافع العشق والولاء ودواعى الهوى ، إذ لو أننى أردت أن أطلق العنان للقلم فى شرح فضائل تلك الأسرة ، فى هذا الكتاب ، فلا يمكننى أن أعول على العمر أو أعتمد على الزمن لأن كليهما لا ينتهى به شرح فضل تلك الأسرة ، وكان من بين حملة هذا الملك أنه فى يوم الصبوح كان يأذن للرفقاء بأن يذهبوا خزانته حتى كان ذات يوم سابق الأمير على كيلة خواران أحد أقاربه وكان يدعى بعلى الرضا الذى كان وكيلا على بابه وكان له ثلاثة أبناء هم سعد الدين حسين ديوانه ونظام محمد وقوام فرامرز فحضروا جميعا من مجلس الشراب فى النهاية واتجهوا إلى الخزانة وكان الآخرون قد أخذوا كل ما كان بها من نقود وجواهر وملابس وفراءات ولم يكن بها إلا بعض لفائف من الحرير فحمل كل منهم على ظهره ثلاثة لفائف وأخذ يدحرج لفافة أخرى بقدمه ، ويقول باربد جريرى الشاعر الطبرى فى ذلك اليوم فى حقهم :
أين دو خركه دار نه شاه أيرون
يك خربزين نيكه يكى بيالون (1)
وكان له عادة أخرى أنه كان لا يدع مادحا قط أن ينشد بحضرته فكان يقول : إن الشعراء يقولون أكاذيب وأنا لم أفعلها قط ، وأنا أخجل من هذا حتى قيل إلى حضرته من خرسان الشاعر الملقب بالمظفر وقال له سوف أنشد فى مدحك ما فعلته وقال تلك القصيدة وعرضها عليه فقال له : إنك تقول الصدق ومنحه بكل بيت عشرة من الذهب وجواد وجبة وقلنسوة ، كأنما حاز فخرا جنة عدن ، وهى فى حرمتها كحرمة إصفهبدان.
صفحہ 120