85

إلا الجميل، إن اضطر صبر، وإن منح شكر، ففاز بالراحة والسلامة وسلم من الحسرة والندامة.

والثاني: القاضي بدر الدين، كان ذا أدب وحكمة، وثروة ونعمة، ورئاسة وحشمة، ومات قبل أخيه، فكل ما جمعه تصرف فيه، وكانت وفاته شهيدا بالطاعون الكبير، وانقرض هذا البيت الخطير، رحمة الله عليهم أجمعين، فلقد كانوا أهل مكارم، وجود ورحمة في هذا الوجود.

ومنهم صاحب العلم المبين، والورع والدين، القاضي شرف الدين، الحاكم بالناصرة، ذو الفضائل المتكاثرة، صحب الأكابر الأئمة، حتى صار من علماء هذه الأمة، واجتهد في طلب الحال، حتى صار من أهل الثروة والمال، ثم نشأ له أولاد رؤساء أجواد علماء أعلام.

ومنهم قاضي القضاة شمس الدين، ذو الحشمة والدين، صاحب الصدق والمعروف والخير المألوف، يقضي على القذا، ويؤذى فيحتمل الأذى، قام في قضاء القضاة بصفد دهرا طويلا، فأفاض على الرعية خيرا جزيلا، وسار فيهم سيرة مرضية حتى أتته المنية، فوجد من جملة ما خلف من التراث والحاضر من الميراث خمسة آلاف دينار مصرية، ومن الدراهم عشرة آلاف بندقية، إلى غير ذلك من الجاموس العديد، والغنم المديد، فظن ولده أن ذلك لا يفنى ولا يبيد، فلم يلبث إلا مدة يسيرة، ثم مات، فظهرت عليه ديون كثيرة فأبيع جميع موجوده فلم يف بما عليه، فيا تعب من لم يقنع بما رزقه الله، وفوض الأمر إليه.

ومنهم أخوه القاضي برهان الدين، ذو الورع والدين، والسكون واللطف والرحمة، والعطف، حسن الطريق لا يدخل فيما لا يليق، تولى الحكم قديما بعكا، والناصرة، فكانت له السيرة الحسنة الفاخرة، ثم اختار الراحة والسلامة، وخفة الحساب يوم القيامة، فجمع خاطره على الله وقنع بما عنده من فضل الله، فلما مات أخوه اختاروه وعينوه، فلم

صفحہ 197