162

تاريخ قضاة الأندلس

تاريخ قضاة الأندلس (المرقبة العليا فيمن يستحق القضاء والفتيا)

تحقیق کنندہ

لجنة إحياء التراث العربي في دار الآفاق الجديدة

ناشر

دار الآفاق الجديدة - بيروت/لبنان

ایڈیشن نمبر

الخامسة، 1403هـ -1983م

الأخبار تواترت بعد ذلك بتلفه، وانتزاع ملكه. فقال الخطيب وقال على تقدير صحة هذا النقل: الفرع زال بزوال الأصل. انظروا ما يصلح بكم لخطبتكم {وارتفعت الأصوات والمراجعات؛ فقطع القاضي الكلام بمبادرته إلى الخروج، وهو يقول: ولم يثبت لدينا ما يوجب العدول عن طاعة السلطان أبي الحسن، واستصحاب الحال حجة لنا وعلينا} وكاد وقت صلاة الجمعة أن يفوت؛ فوجه عند ذلك المتغلب على المدينة إلى القاضي ثقة، يخبره باستمرار الأمر في الخطبة على ما كانت عليه؛ فدعا الخطيب وتمت الصلاة على الرسم المتقدم؛ وحصلت السلامة للقاضي بحسن نيته، وعد مخالفة فقهاء مدينته جزاه الله وأياهم خير جزائه {وحدثني بهذه الحكاية غير واحد من الثقات الأثبات، منهم صاحبنا الفقيه المتفنن الأصيل أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن خلدون الخضرمي. وأخبرني كذلك عن هذا القاضي رحمه الله} بما حاصله: إن الأمير أبا يحيى استحضره مع الجملة من صدور الفقهاء للمبيت بدار الخلافة، والمثول بين يديه، ليلة الميلاد الشريف النبوي، إذ كان قد أراد إقامة رسمه على العادة الغربية، من الاحتفال في الأطعمة، وتزيين المحل، بحضور الأشراف، وتخير القوالين للأشعار المقرونة بالأصوات المطربة؛ فحين كمل المقصود من المطلوب، وقعد السلطان على أريكة ملكه، ينظر في ترتيبه، والناس على منازلهم، بين قاعد وقائم، هز المسمع طره، وأخذ يهنئهم بألحانه؛ وتبعه صاحب يراعة بعادته من مساعدته، تزحزح القاضي أبو عبد الله عن مكانه، وأشار بالسلام على الأمير، وخرج من المجلس؛ فتبعه الفقهاء بجملتهم إلى مسجد القصر؛ فناموا به. فظن السلطان أنهم خرجوا لقضاء حاجاتهم؛ فأمر أحد وزرائه بتفقدهم والقيام بخدمتهم، إلى عودتهم وأعلم الوزير الموجه لما ذكر القاضي بالغرض المأمور به؛ فقال له: أصلحك الله {هذه الليلة المباركة التي وجب شكر الله عليها، وجمعنا السلطان أبقاه الله} من أجلها، لو شهدها نبينا المولود فيها صلوات الله وسلامه عليه {لم يأذن لنا في الاجتماع على ما نحن فيه، من مسامحة بعضنا لبعض في اللهو، ورفع قناع الحياء بمحضر القاضي والفقهاء} وقد وقع الاتفاق من العلماء على أن المجاهرة بالذنب محظورة، إلا أن تمس إليها حاجة كالإقرار بما يوجب الحد أو الكفارة. فليسلم لنا الأمير أصلحه الله {في القعود بمسجده هذا إلى الصباح} وإن كنا في مطالبة أخر من تبعات رياء،

صفحہ 162