تاريخ القرصنة في العالم
تاريخ القرصنة في العالم
اصناف
صباح اليوم التالي أخذ القراصنة في حبس جميع الأسرى من الرجال والنساء في باطن السفينة، بعدما أمر خيبرت بإضرام النار فيها، ما إن غادر اللصوص «أجيلو» حتى أخذ الأسرى في كسر الأبواب المغلقة بالمزاليج، وعلى الفور اندفعوا إلى السطح ليطفئوا النار.
أما المشهد التالي من هذه الدراما فقد جرت أحداثه في شوارع بوسطن، فور إدلاء الضحايا بشهاداتهم، وخروجهم من عند رئيس الميناء؛ ففي طريق عودة الجميع إلى السفينة، إذا بالفتاة إيزابيلا ابنة مارتينيز تشير، وهي تصرخ بهستيرية إلى جماعة من البحارة كانت تسير على الجانب الآخر من الشارع: ها هم، ها هم!
وعلى الفور صاح من خلفها مارتينيز: اقبضوا عليهم، ثم انطلق يعدو في إثر البحارة الذين لاذوا بالفرار في اتجاه سفينة ذات ثلاثة أشرعة ترسو في الميناء، كان من السهل قراءة اسمها المكتوب على مقدمتها: «باندا».
كشف البحث الذي جرى على سطح السفينة أن البحارة الذين تم القبض عليهم في الشارع، هم نفس القراصنة الذين هاجموا السفينة التجارية المكسيكية «أجيلو». بفضل اتفاق هذه الظروف غير العادية، التقى المجرمون بضحاياهم في قاعة الاجتماعات بمحكمة بوسطن. على الرغم من أن أدلة الاتهام كانت دامغة، فإن القراصنة جميعهم أنكروها، وقد بدت جهود المحامين دقيقة، وصدر الحكم على طاقم السفينة «باندا» بأقصى درجات العقوبة، وهو الإعدام شنقا، ولم ينج من هذا الحكم سوى بحار واحد يدعى أنطونيو.
فبينما اتجه البحارة جميعهم في ذلك اليوم للهو والتسلية، ظل أنطونيو على ظهر السفينة، وعندما شاهد وهو على سطحها كيف يتم القبض على رفاقه، قفز إلى الماء، وعبر سابحا إلى الشاطئ الآخر من الخليج، مفلتا بهذه الطريقة من البوليس.
عندما نطق رئيس المحكمة بالحكم بالإعدام شنقا على أنطونيو، اتجهت أنظار المحكوم عليهم الآخرين نحو رجل فارع الطول، عريض الأكتاف، يجلس وسط جمهور الحاضرين في الصف الأول، كان من السهل التعرف فيه على البحار المطلوب القبض عليه؛ إذ إن القضاة، والمحلفين، والحراس، والجمهور، قد تابعوا باهتمام كيف اتجهت أنظار البحارة السبعة إلى هذا الرجل عند سماع الحكم. ساد القاعة سكون مطبق، ولم يتمالك الرجل، الذي لفت انتباه الجميع أعصابه فهب واقفا، واتخذ طريقه إلى باب الخروج. في هذه اللحظة، قفز القرصان خوان مونتجرو من مكانه في قفص الاتهام بصوت حاد: أنطونيو، اهرب بجلدك!
ارتفع الصخب، وعمت الفوضى القاعة، وإلى أن استطاع البعض أن يمحص الأمر، كان أنطونيو قد اختفى، وظل مصيره بعد ذلك مجهولا.
بعد عدة أيام استطاع المحامون أن ينجحوا في تخفيف العقوبة إلى اثنين من موكليهم، وقد راعت المحكمة أيضا أن القرصان سوتو قد حاول مرتين الدفاع عن الضحايا، فاستبدلت الحكم بالسجن بالحكم بالإعدام شنقا، وقد تفادى توماس رويس أيضا الحكم بالإعدام، بعد أن اعترف الأطباء بمرضه النفسي.
وقد نفذت أحكام الإعدام شنقا على القراصنة الباقين في الحادي عشر من يونيو عام 1836م.
سفينة العبيد المتمردين
نامعلوم صفحہ