تاريخ القرصنة في العالم
تاريخ القرصنة في العالم
اصناف
8
أنها فوق هذا وذاك من سفن البابا.
كل هذا وما تزال السفينة المجهولة تواصل اقترابها، حتى لم يعد هناك أدنى شك في أنهم البربر، بعد أن لاحت واضحة الآن عمائمهم المميزة، بعد مرور نصف ساعة أصبحت سفينة البربر على مسافة ثلاثين مترا تقريبا من سفينة البابا الأولى، ثم إذ بوابل من السهام الحادة ينهمر على سطحها. بعدها ألقى القراصنة بحبال ذات خطاطيف، ليقفزوا بواسطتها إلى سطح سفينة البابا مثيرين الذعر والفوضى، لم يمض وقت طويل إلا وقد أصبحت بعده السفينة غنيمة للغاصبين، بانتهاء المعركة أمر قائد القراصنة بخلع الملابس عن الأسرى وحبسهم في السجن، وإلى أن يفرغ القراصنة من تنفيذ الأمر، اقترب من «عروج» مساعده وسأله: ماذا تنوي أن تفعل بعد هذا يا أخي؟ - الاستيلاء على السفينة الأخرى، لا بد أنها تسير بالطبع هنا أو هناك على مقربة وراءنا، إن لدي خطة مضمونة. - كن على حذر يا عروج، لقد حالفنا الحظ هذه المرة، لكن المخاطرة في المرة القادمة قد تكلفنا ثمنا باهظا، إنهما على أية حال سفن حربية! - إنك لا تفهم شيئا بالمرة، إن الحظ لا يحالف إلا الشجعان، مع ذلك سترى على الفور ما الذي أنوي عمله.
بهذا أجاب القائد، ثم صاح أتباعه الذين كانوا يسوقون أسراهم عرايا إلى العنبر الموجود أسفل سطح السفينة، مصدرا أوامره بقوله: أسرعوا باستبدال ملابسكم بملابس هؤلاء المسيحيين الكلاب، وأقطروا سفينتنا بهذه! اخفضوا الأشرعة، وانتظروا الأوامر التالية.
قبل أن يحل الظلام، كانت سفينة البابا الثانية قد تراءت في الأفق، عندئذ صدرت أوامر «عروج» لرجاله المتأهبين بملابسهم الأوروبية على النحو التالي:
ليقف الجميع في هدوء وينتظروا حتى يسيروا بمحاذاتنا.
عندما لاحظ ربان السفينة الثانية - التي كانت تسير بسرعة أقل - سفينة البربر مقطورة إلى سفينتهم الأولى قرر أنها غنيمة، فلم يطلق أي إنذار، بل إنه ازداد اطمئنانا عندما رأى بحارة البابا وجنوده يتخذون مواقعهم في هدوء تام. وما إن تجاورت السفينتان، حتى أصدر المغربي ذو الشعر الأحمر أمره بالهجوم الذي جاء مباغتا تماما لسفينة البابا، والتي أصيب كل من فيها بالذعر، حتى إن الجنود لم يتمكنوا إطلاقا من مقاومة الهجوم، بعد أن قفز إلى سطحها القراصنة ، الذين جاء استيلاؤهم عليها أسرع كثيرا من السفينة الأولى.
لقد كان زمنا بلغ فيه القراصنة البربر مكانة لم يدانهم فيها أحد، فالمغاربة الذين كانت أعدادهم تتزايد في شمال أفريقيا بعد فرارهم من إسبانيا التي جلس على عرشها العاهلان المسيحيان فرديناند وإيزابلا،
9
بعد سقوط غرناطة وانتهاء الحرب الإسبانية من أجل تحرير شبه جزيرة أيبيريا من المحتلين المسلمين في عام 1492م، كانت مواردهم قليلة، الأمر الذي دفعهم لاحتراف القرصنة بعد أن أقسموا أن ينتقموا من الكفار.
نامعلوم صفحہ