تاريخ القرصنة في العالم
تاريخ القرصنة في العالم
اصناف
بعد انتهاء الحرب بين إسبانيا وجمهوريات أمريكا الجنوبية، تغير أسلوب حياة روبرتسون كلية، فاستقر في جزيرة غير مأهولة تسمى «موتشا» تقع بالقرب من مصب نهر تيرو على بعد ثلاثين ميلا من خليج كونسيبسيون، على أن حياة روبرتسون الهادئة هذه لم تستمر طويلا، لقد عاد الإيطالي مارتينيلي الذي كان العفو قد صدر عنه إلى فالبراسيو، حيث عهد بقيادة السفينة التجارية «الأخوات الأربع» التي كان يمتلكها تجار كاكاو إسباني، كان طاقم سفينة مارتينيلي بأكمله تقريبا مكونا من رفاقه القدامى من عصابة بينافيدس، فلما عرف مارتينيلي أن روبرتسون بقي وحيدا في جزيرة موتشا، اتجه إلى هناك لينتقم لمن أعدموا من رفاقه، وعندما شاهد روبرتسون سفينة تحمل العلم الإسباني وتدخل إلى الخليج، أدرك على الفور أن خطرا يتهدده، وأسرع بالاختباء في غابة قريبة، غير أن رجال مارتينيلي استطاعوا بعد يومين من البحث أن يقبضوا عليه، وأن يزجوا به في زنزانة السفينة.
قرر مارتينيلي أن ينتقم من الأسكتلندي بنفس القسوة التي عامل بها رفاقه، فاتجه بالسفينة نحو أراوكا، حتى يقتل روبرتسون في نفس المكان الذي جرى فيه إعدام رفاقه، وفي طريق مارتينيلي وعصابته التي كانت تتكون من فئران برية أكثر منها ذئابا بحرية، إذا بعاصفة عاتية تهب عليهم. عندئذ تذكروا أن هناك بحارا محنكا محبوسا لديهم، فأخرجوه من محبسه - يكاد يتجمد من البرد - إلى سطح السفينة، وأعطوه كأسا من الروم حتى عاد إلى صوابه. لم يجد الإيطالي أمامه مخرجا آخر، فعهد بقيادة السفينة إلى روبرتسون. ابتعد الأسكتلندي بالسفينة عن شاطئ أراوكا، وما إن أخذ الجو في التحسن حتى قفز من السفينة، وسبح حتى وصل إلى سفينة اتضح أنها إنجليزية الجنسية.
كانت هذه الحادثة سببا ليزداد روبرتسون كراهية للإسبان، وما إن عاد إلى كونسبيسون حتى أرسل خطابا إلى مارتينيلي، أقسم فيه أن ينتقم منه أشد انتقام، ولكي يسهل على نفسه هذه المهمة عمل روبرتسون مساعدا لقبطان الأسطول البحري البيرواني يانج، الذي كان يقود السفينة المعروفة باسم «كونجرسو»، وكان من مهامه اقتفاء أثر القراصنة عند سواحل أمريكا، وبعد مغامرات عديدة خاضها روبرتسون طرأت على حياته بعض التحولات التي كان لها أكبر الأثر في مصيره فيما بعد. من هذه التحولات أنه وقع في الحب.
وكانت المرأة التي وقع اختيار روبرتسون عليها تدعى تيريزا منديس، الصديقة السابقة لمحافظ ليما الإسباني، كانت تيريزا أرملة جميلة متوسطة العمر، لكنها كانت تتمتع إلى جانب جمالها بقدر كبير من الحذر والحرص. ولما كان القبطان روبرتسون لا يتميز بجمال أو جاذبية خاصة، فقد استطاع أن يعتمد على عطفها، طالما أنها كانت تجني من وراء رابطتها به فائدة مادية، على أن الدخل المتواضع الذي كان يحصل عليه الضابط البحري، لم يكن يكفي لسداد مطالب تيريزا الجميلة، وكان روبرتسون مدلها
1
في حبه، حتى إنه كان مستعدا لأن يفعل أي شيء لمجرد أن يظل إلى جانبها.
وذات مساء حضر إلى منزل تيريزا أحد الضباط الشبان، وكانت تقيم حفل استقبال رسميا، وبينما هي جالسة في الشرفة وإلى جوارها روبرتسون توجه الضابط الشاب نحوهما، ودار بينهم حديث عن الكنوز، ثم إذ به يشير إلى السفينة الإنجليزية ذات الأشرعة الثلاثة «بيروفيان»، وكانت تقف على المرسى، وأخبر روبرتسون وهو بين الجد والهزل قائلا: لو امتلكت هذه السفينة فسوف تتخلص من مشاكلك إلى الأبد.
سأله روبرتسون: لماذا؟
فأجاب الشاب مبتسما: لأنها تحمل مليونين من القروش الذهبية، وقد رحل ربانها اليوم إلى ليما، اقتنص هذه السفينة، وسوف يكون المال لك!
تظاهر روبرتسون بأنه استمع لكلام الضابط باعتباره مزاحا لا أكثر، لكن اتضح فيما بعد أنه أخذه على محمل الجد. فور انتهاء الحفل توجه روبرتسون إلى إحدى الضواحي المشبوهة على أمل أن يجد هناك بعض الشركاء، وسرعان ما جاء ليسبح خلسة تجاه «بيروفيان»، وبصحبته أربعة عشر مقاتلا داهموا دون أدنى ضجة، وعلى نحو مفاجئ هاجموا طاقم السفينة الذي كان نائما، وبعد ربع ساعة كانت السفينة التي استولى عليها اللصوص في طريقها إلى عرض البحر.
نامعلوم صفحہ