تاريخ نابوليون بونابرت

ایلیاس ابو شبکہ d. 1366 AH
185

تاريخ نابوليون بونابرت

تاريخ نابوليون بونابرت: ١٧٦٩–١٨٢١‎‎

اصناف

كانت الغرفة التي شغلها الإمبراطور قد استحالت إلى جدران أربعة لا غير؛ فلما دخلها البرنس وموكبه كشفوا عن رءوسهم جميعا، وحذا الإنكليز حذوهم، ثم عبروا إلى الغرفة التي مات فيها البطل، فوجدوا طاحونا للقمح يشغل معظم تلك الغرفة، التي لم تكن نوافذها وأبوابها وحيطانها وسقفها إلا لتبدي مشهدا قذرا من مشاهد التلف والدمار؛ أما غرفة النوم فكانت قد أصبحت مراحا للمواشي! عندما التفت البرنس ده جوانفيل ليخاطب الضباط الإنكليز وجدهم قد احتجبوا، فلا شك أن هؤلاء البسلاء قد خجلوا من تصرف حكومتهم الممقوت التي، بعد موت الضحية، احتفظت نحوها بأحقادها ومظالمها، كأنما هي لم تبق قادرة على النيل من شخص الرجل العظيم فتحاملت على خياله، على ذكره، وعلى كل ما يعزى إليه حتى على الأشياء اللاحياة لها، والتي أطلق فوقها آخر نفس من أنفاسه! أجل، لقد ترك الإنكليز الوحول والحشرات تقتحم الأماكن التي خلدها نفي نابوليون وقدستها ساعته الأخيرة، والتي لم يجرؤ حفيد هنري الرابع ولويس الرابع عشر أن يلجها إلا حاسر الرأس! أيتها الأريستوقراطية الإنكليزية ، إنك لن يتاح لك أن تنسي الأجيال، أن بين ذلك السقف الذي ينهار وتلك الأخشاب التي تضمحل، قد ارتفع صوت عظيم صارخا في مسامع العصور الآتية هذه الكلمات الخالدة: «لقد قتلتموني مطولا، وكان هدسن الخسيس منفذ مآرب وزراتك! إنني لألقي، وأنا أموت على هذه الصخرة الموحشة، عار موتي وخزيه على الأسرة المالكة في إنكلترا.»

في الخامس عشر من شهر تشرين الأول، الساعة الثانية عشرة والربع ليلا، بدأت أعمال الحفر على مشهد من مفوضي الأمتين الفرنسية والإنكليزية؛ فلما حفرت خمس أقدام من التراب الرطيب، صادف الحفارون قشرة سميكة صلبة ظنوها في البدء البلاطة التي تغطي القبر، ولكن عندما رجعوا إلى التقرير الذي وضعه هدسن لوو عن الضريح، اتضح لروهان-شابو أن هناك قشرتين من التراب مكلستين تكليسا متينا تعلوان البلاطة، فعلم المفوضون عند هذا أن القشرة السميكة الصلبة، التي صادفها الحفارون، هي إحدى تينك القشرتين المكلستين اللتين ذكرتا في التقرير، واستمر الحفر.

قال السيد أرثور برتران: «كنا نتنفس بصعوبة، ولقد خيل إلي أن قلبي ينسحق في صدري وهو يخفق خفقانا شديدا! لم يكد غطاء التابوت المصنوع من الحديد الأبيض ينشق حتى وقع نظرنا على مادة بيضاء، كانت نسيجة من الأطلس، رفعها الدكتور غيللار مبتدئا بكشف الرجلين حتى انتهى إلى الرأس؛ تراءى لنا نابوليون كأنه لا يزال حيا، وقد خرجت أصابع رجليه من الحذاء الذي تعفنت خيوطه. كانت قبعته موضوعة على ركبتيه، ويده اليسرى مستريحة على فخذه.

ليس هناك جلد على عظم بل يد حية، بيضاء، من لحم ... أما رأسه فقد احتفظ بتقاطيعه، إلا أن البشرة استحالت إلى لون أصفر، وأما الخدان فقد هبطا، وأعارا أسفل الوجه شكلا مستطيلا.

أبصرنا بعض أسنان بيضاء انفرجت عنها الشفتان، وكانت شعور الذقن التي قصت في الليلة التي تلت الوفاة قد نبتت ... أما جفناه فكانا مغمضين! فهو لا يستطيع أن يرانا، وأما نحن فمن خلال دموعنا نراه!»

وقال السيد عمانوئيل ده لاس كاز: «أجل، هذا نابوليون، نابوليون المجرد من الحياة، ولكنه لم يتهدم! لو شهد والدي هذا المشهد أي تأثير كان قد استولى عليه؟ لا شك في أنه كان قد فقد تجلده وقواه دون احتمال تجربة كهذه ... أما أنا فيخيل إلي أن جميع ما حولي إنما هو شكل مادي لحلم سماوي! ...»

لا تسل عن دهشة السيد غيللار الذي لامس الجثة وحده، من وجودها في حالة صيانة تامة بالرغم من أنها لم تحنط. بعد أن سكب الدكتور بعض قطرات من «الكريزوت»، وضع الحرير المبطن والغطاء الحديدي والصفحة الرصاصية في التابوت الرصاصي الجديد الذي وضعت عليه صفيحة كبيرة كتب عليها بأحرف من ذهب:

نابوليون

إمبراطور وملك

مات في سنت هيلين

نامعلوم صفحہ