تاريخ نابوليون بونابرت
تاريخ نابوليون بونابرت: ١٧٦٩–١٨٢١
اصناف
كان نابوليون يرغب رغبة شديدة في أن يجعل حكومات أوروبا جميعها تعترف بلقبه الإمبراطوري الذي منحته إياه الأمة الفرنسية. كان إسكندر قد أغاظ نابوليون إغاظة شديدة لما أرسل إليه كتابا بهذا العنوان البسيط «رئيس الحكومة الفرنسية» كما فعل ملك إنكلترا الذي تكلف أيضا أن لا يكتب إليه إلا على يد كاتم أسرار الدولة. ولكن الإمبراطور لما تناهى إليه أن السلطان سليم الثالث اعترف به علنا إمبراطورا على الفرنسيين، شعر بنوع من التعويض لتلك الإهانة المزدوجة التي ألحقها به إسكندر وجورج الثالث.
إن رغبة نابوليون في أن تعترف به الملوك إمبراطورا ستكون شؤما عليه بدفعها إياه إلى أعمال منافية للسياسة إن بمداولته وإن بإدارته الداخلية. ففي أوسترلتز أظهر كرما حتى التغفل تجاه أعداء أقوياء غير مسالمين، كان بوسعه أن يلاشيهم، ثم عد ذلك هفوة. ولدى عودته من تلك المعركة المشهودة أرجع البانتيون
1
إلى الدين الكاثوليكي وأمر بترميم مدفن سن دنيس الملوكي من غير أن يخشى الإساءة إلى العواطف الفلسفية والديموقراطية في الشعب، تلك العواطف التي هي وحدها سبب قوته وعظمته.
في العشرين من شهر شباط عام 1806 قال السيد ده شانبانيي، وزير الداخلية، للإمبراطور ما يلي: «مولاي، كانت كنيسة القديسة جنفياف، وهي أجمل معبد بين معابد العاصمة، تكلل بنبل عظيم مجموع الروائع التي تزين هذه العاصمة، وتعلن للأجانب من بعيد سلطنة الدين العظمى على هذا الشعب الغفير، تلك السلطنة التي نزعت من أماني التقوى يوم أوشكت أن تعتز بها، وخصصت بعد ذلك لغاية أخرى، ثم غودرت فارغة! إن الشوق المثلج، عندما يزور ذلك المعبد، ليستغرب أن يشاهد رهبة الخرائب في بناية يكاد الباني ينفض منها يده، وإن روح الفن ليأسف أن يرى ذلك المعبد لا وسم له ولا حياة، والدين الذي يرى آماله قد خدعت يحول نظره عن معبد لا يتم جلاله إلا بدين العلي العظيم.
ولقد تعظمت سن دنيس ببناية أخرى، يرجع تاريخها إلى تاريخ نشأة الأمة، قدمها داغوبير
2
إلى نصير فرنسا وشيدها الأب سوجر،
3
وهي تضم في حضنها تاريخ هذه الأمة بأجمعه. هناك ترقد ثلاث سلالات تعاقبت على عرش فرنسا، أما إنه لمشهد يدعو الأمراء والشعوب إلى تأملات عميقة، ويذكر في الوقت نفسه بعظمة الأشياء البشرية وسرعة زوالها، ضريح وقفته القرون والدين، تابوت عظيم ملؤه رماد الملوك، قائم وحده، بعيدا عن ضجيج العاصمة، كأنما هو مشهد حي من مشاهد الهول والاحترام ...
نامعلوم صفحہ