تاريخ مصر الحديث
تاريخ مصر الحديث: من الفتح الإسلامي إلى الآن مع فذلكة في تاريخ مصر القديم
اصناف
أول ملوكهم وآخرهم «إسكندر المكدوني». تغلب هذا الفاتح العظيم على الفرس، وأخرجهم من مصر، ودخلها عنوة، فمر ببقعة من الأرض على شاطئ البحر المتوسط من حدود مصر فاستحسن موقعها؛ لأنه رآها عبارة عن لسان من اليابسة داخل في البحر، وعلى أحد جانبيه بحيرة مريوط المشهورة، فلاح له أن يبتني فيها مدينة، فبناها على رسم مخصوص رسمه بنفسه، وعهد إتمام العمل إلى المهندس «نيوكراتس» فلما تم بناء المدينة دعاها الإسكندرية، ولا تزال معروفة بهذا الاسم إلى هذا العهد، وفي 24 مايو (أيار) سنة 323 قبل المسيح توفي هذا البطل الباسل في بابل وسنه 33 سنة، فنقلت جثته إلى الإسكندرية ودفنت فيها. (6) العائلة الثالثة والثلاثون (البطالسة) (حكمت من سنة 945-652ق.ه/323-30ق.م) (6-1) بطليموس الأول سوتر (حكم 323-285ق.م)
لما توفي الإسكندر جاء بطليموس الأول - واسمه سوتر - من بابل ووضع يده على مصر، وجعل يسعى في اكتساب ثقة أهلها، ثم أرسل أحد قواده المدعو «بيكانور» في جيش لافتتاح سوريا، فسار وحارب وفاز، ولم تمض بضع سنين حتى ضم إلى مصر سوريا وقبرص وفينيقية.
ثم شرع في بناء المعابد في الإسكندرية، وأقام على جزيرة فرعون التي يصلها بالإسكندرية برزخ صغير برجا يبلغ علوه ألف ذراع على قمته نور يستضيء به القادمون بحرا، وقد هدم هذا البرج الآن ولم يبق له أثر، ومن مآثر هذا الملك مدرسة الإسكندرية الشهيرة، فإنه جمع إليها العلماء والفلاسفة من اليونان وسائر بلاد العلم والصناعة في ذلك العهد، وكان يكرم وفادتهم، ويضعهم في مكانهم من الهيئة الاجتماعية، وأنشأ مكتبة نفيسة طار صيتها في الآفاق. (6-2) بطليموس الثاني فيلادلفوس (285-247ق.م)
شكل 1-15: فلكي إسكندري يرصد الأفلاك.
وفي السنة التاسعة والثلاثين من حكم سوتر عهد الملك لابنه البكر «فيلادلفوس» وأجلسه على كرسي الملك في حياته سنة 285 قبل المسيح، ولقبه ببطليموس الثاني، ثم توفي سنة 283 قبل المسيح، فاهتم بطليموس الثاني في توطيد العلاقات مع الدول المعاصرة ولا سيما دولة الروم (الرومانيين) ولم يكن بينهما سابق مخابرات مطلقا، وليتها لم تحصل؛ لأنها كانت - آخر الأمر - داعيا لاستيلاء الروم على مصر. ثم عكف هذا الملك على تنشيط العلم وذويه فزاد في مكتبة أبيه فبلغت الإسكندرية في أيامه مبلغا عظيما من العلم والثروة، ولم تعد ترى مثله بعد ذلك الحين. فقد كانت محور التجارة، ومحط رحال العلماء والفلاسفة، وفي أيامه أيضا ترجمت التوراة الترجمة السبعينية المشهورة.
ومن مآثره: خرائب أنس الوجود عند شلال أسوان، فإنه هو الذي شرع في بناء الهيكل الكبير الذي تشاهد أطلاله هناك إلى هذه الغاية على جزيرة فيلوي تجاه أسوان، ويدعوها العامة أيضا جزيرة البربة، وهي من الآثار المشهورة، وقد اشتغل في إتمام بناء الهيكل كل من جاء بعد فيلادلفوس من البطالسة. (6-3) بطليموس الثالث إفرجيت (247-222ق.م)
وكانت مدة حكم فيلادلفوس 38 سنة، ثم توفي وخلفه ابنه «إفرجيت الأول» ولقب ببطليموس الثالث، وكان محبا للفتوح؛ فجرد جيوشه إلى آسيا مقتديا برعمسيس الثاني، فلم يكن حظه منها بأقل من حظه؛ لأنه دوخ جميع البلاد التي على الفرات فبابل فالفرس فما وراءها، وضرب الجزية عليها كلها، وأعظم ما سر به المصريون: أنه استرجع من الفرس جميع ما كان منقولا إلى بلادهم من تماثيل الآلهة المصرية بأمر كمبيز، ثم غزا أثيوبيا حتى «أبريم». (6-4) بطليموس الرابع فيلوباتر (222-205ق.م)
وفي سنة 222 قبل المسيح توفي «إفرجيت الأول» بعد أن حكم 25 سنة تاركا الملك لابنه «فيلوباتر» فتولى الأحكام حال وفاة أبيه، ولقب ببطليموس الرابع، إلا أن المصريين اتهموه بقتل أبيه فكرهوه، وكان فظا عاتيا فزادهم كرها، وبعد جلوسه بيسير سار في جيش عظيم لمحاربة أنطيوخس صاحب سوريا فحاربه، فطلب الصلح بأن يرجع له سوريا وفينيقية فقبل فيلوباتر، وبقي هناك بضعة أشهر ثم عاد إلى الإسكندرية. كل ذلك وأخته «أرسينوا» معه لم تفارقه يوما واحدا. فأصبحت الإسكندرية بعد ذلك في رغد ورخاء، فعكف فيلوباتر على الملذات فنسي واجباته المقدسة نحو البلاد فكثر اللغط بين الأهلين، وتكررت التظلمات، وليس من يجيب.
وفي 9 أكتوبر (تشرين الأول ) سنة 212ق.م أو سنة 834 قبل الهجرة وضعت أرسينوا غلاما، ولم يكن من وارثي الملك غيره، فما كان من فيلوباتر إلا أنه قتل أرسينوا بدسيسة بعض ذويه، وفي 29 مارس (آذار) سنة 205 قبل المسيح مات فيلوباتر، وأخفى أصحابه خبره حينا ريثما يتمكنون من سلب أمواله. ثم شاع خبره فأقاموا عوضا عنه ابنه الوحيد «أبيفان» وهو يطليموس الخامس، ولم يكن له من العمر إلا خمس سنوات فأقيم عليه وصي من سراة الدولة.
وفيلوباتر هو المؤسس الأول لهيكل إدفو (فيما بين الأقصر وأسوان) وقد أتم بناءه من جاء بعده من البطالسة، والهيكل المذكور من أوضح الهياكل المصرية؛ لأنه باق برمته إلا أن الرمال قد غطت الجزء السفلي فنرى فيه الأعمدة والرواقات والأبواب مكشوفة كشفا تاما.
نامعلوم صفحہ