وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون * واصنع الفلك بأعيننا ووحينا ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون * ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون * فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم * حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه إلا قليل * وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم * وهي تجري بهم في موج كالجبال ونادى نوح ابنه وكان في معزل يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين * قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وحال بينهما الموج فكان من المغرقين * وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء وقضي الأمر واستوت على الجودي وقيل بعدا للقوم الظالمين * ونادى نوح ربه فقال رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين * قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألن ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين * قال رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين * قيل يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم * تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العاقبة للمتقين .
هذا وجاء ذكر الطوفان وقالوا إنه بمعنى الماء الطائف الذي يغشى الأماكن والحروث من مطر أو سيل أو الجدري أو الموتان أو الطاعون. في سورة الأعراف:
فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين . (3-2) نوح القرن العشرين
ومن طريف ما نذكره أنه في سنة 1938 «أعد ويليام جريتوود» من أوليمبيا الأمريكية سفينة وضع بها مختلف أنواع الحيوان تشبها بنوح، مطلقا على نفسه اسم نوح، وعلى طوفان الأرض طوفان القرن العشرين!
الفصل الحادي عشر
الدين والتأليه
(1) الدين
الدين هو الطاعة والانقياد. وفي الجملة هو اسم لجميع ما يعبد به الله، ومثله الديانة وجمع الدين أديان وجمع الديانة ديانات. ودان الإنسان بالإسلام اتخذه دينا والدينونة القضاء. والديان هو القاضي والمجازي، وهي صفة من صفات الله تعالى. أما اللفظ الأوروبي المقابل للدين فله معان كثيرة وفقا للأصل المشتق عنه، فمن معانيه بحث موضوع ما، أو رابطة، أو تفكير حول عبادة الآلهة، أو التزام (مديونية) على الإنسان نحو إله غير منظور؛ أي إن الإنسان مدين للإله بالطاعة.
هذا وقد درس رجال الفقه الإسلامي استنادا إلى ما ورد في القرآن الكريم والأحاديث النبوية، ما يتضمنه الدين والعبادة من المعاني. أما الأوروبيون وبعض الشرقيين فقد درسوا أشكال العقائد والعبادات عند القبائل والأمم والجماعات الدينية دراسة علمية، عالجوا فيها أصل فكرة الدين والتأليه مقابلين - كما فعل هيوم والبيروني - بين المذاهب اليونانية واليهودية والمسيحية والإسلامية والمنشوكوية والصوفية، وفلسفات الهند وآلهتها والزورادشتانية والبراهمية وما إلى ذلك؛ إما لكي يحصوا عدد الأديان والمذاهب، وإما لكي يردوا جميع الأديان أو بعضها إلى أصل واحد ومبادئ مشتركة، وإما لكي يدرسوا دينا معينا.
وعند «دافيد هيوم» في كتابه «التاريخ الطبيعي للدين» في 1737 أن تقدم الفكرة الطبيعية للدين في المجتمع الإنساني، ترجع إلى البداية الغامضة لعبادة الآلهة مرتقية إلى العقائد الواضحة المحدودة؛ أي إن الفكرة قد تطورت تطور كل شيء آخر في هذا العالم. وعند چ . چ. فريزر في كتابه «الغصن الذهبي» أن التدين مقتبس من عصر السحر، وأن الدين هو التوفيق بين القوى التي تعلو على الإنسان، تلك القوى التي يعتقد الإنسان أنها توجه الطبيعة والحياة الإنسانية وتحكمها.
نامعلوم صفحہ