فيها رأملها، فصالحه ووفيله، ودخل المدينة وأخذ ما كان فيها من الاموال والكنوز، ومن السبى ما لا يحصى، وقتل أربعة عشر ألف تركى صبزا، وكتب بذلك إلى سليمان بن عبد الملك، ثم خرج حتى أتى جرجان، وقد كانوا يصالحون أهل الكوفة على مائة ألف ومائتى ألف وثلاثمائة ألف، وقد كانوا صالحوا سعيد بن العاص ثم امتنعوا وكفروا، فلم يأت بعد سعيد إليهم أحد، ومنعوا ذلك الطريق، فلم يسلكه أحد إلا على وجل وخوف منهم ، فلما أتاهم يزيد استقبلوه بالصلح فاستخلف رجلا ودخل طبرستان، فعرض ملكها عليه الصلح، فصالحه على سبعمائة ألف درهم أو أربعمانة ألف درهم نقدا وثلاثماثة ألف موجلة، وأربعمائة ألف حمار موقرة زعفران، وأربعمائة رجل على رأس كل رجل برنس، وعلى البرنس طيلسان وجام من فضة وسرقة من حرير، وكان شهر بن حوشب على خزائن يزيد بن المهلب، فرفع إليه أنه أخذ خريطة ، فساله عنها، فأتاه بها، فقال : هى لك، فقال: لا حاجة لى فيها، فقال القطامى:
القذ باع شهر دينه بخريطة
فمن يأمن القراء بغدك يا شهر؟!
وكان فيما أصاب يزيد بن المهلب بجرجان تاج فيه جوهر، فقال : أترون أحدا يزهد لى هذا التاج؟ قالوا: لا؛ فدعا محمد بن واسع، فقال : خذ هذا التاج فهر لك، قال : لا حاجة لى فيه، قال : عزمت عليك إلا أخذته، فاخذه وخرج، فأمر يزيد رجلا ينظر ما يصنع به ، فلقى سائلا فدفعه إليه ، فأخذه الرجل السائل ، فأتى به يزيد ، فأخذ يزيد التاج وعوض السائل مالا.
~~وكان سليمان يقول ليزيد بن المهلب كلما رأى قتيبة يفتح حصنا : أما ترى ما يصنع الله عز وجل على يدى قتيبة؟! فيقول يزيد : الشأن فى جرجان، فلما ولى لم يكن له همة غير جرجان، فجاء فصالحوه على ما ذكرنا.
~~ثم إنهم غدروا بجنده، فقتلوا منهم ونقضوا العهد؛ فأعطى اللة عهدا لثن ظفر بهم لا يرفع عنهم السيف حتى يطحن بدمائهم ويختبز من ذلك الطحين ويأكل ، فنزل عليها سبعة أشهر لا يقدر منهم على شىء، ولا يعرف لها مأتى إلا من وجه واحد، فكانوا يخرجون فيقاتلونهم ويرجعون إلى حصنهم، فدله رجل على طريق آخر يشرف عليهم، فبعث معه جندا ونهض هو لقتالهم، فركبهم المسلمون؛ فأعطوا بأيديهم، ونزلوا على حكمه؛ فسبى فراريهم وقتل مقاتلتهم، وصلبهم على الشجر عن يمين الطريق ويساره، وقاد منهم اثنى عشر ألفا إلى الوادى، فقتلوا فيه؛ فاجرى فيه دماءهم، وأجرى فيه الماء، وعليه ارحاء، فطحن واختبز وأكل، وبنى مدينة جرجان ، ولم تكن قبل ذلك مدينة ، واستعمل عليهم ----
صفحہ 161