تاریخ مسونیہ
تاريخ الماسونية العام: منذ نشأتها إلى هذا اليوم
اصناف
وفي سنة 602 تأسست كنيستا كنتربري وروشستر المشهورتان في إنكلترا، وبعد ذلك بسنتين تأسست كنيسة القديس بولس في لندرا، وهي من أعظم كنائس تلك العاصمة، ولا تزال مقصودة من المتفرجين إلى هذا اليوم، وكل من شاهدها يعجب لهول بنائها وإتقانه. وقد أتيح لي زيارتها منذ يسير، فرأيت فيها من دقة الصنع والارتفاع واتساع قاعة الصلاة ما هو جدير بالالتفات، والقوم هناك يصعدون إلى قبتها للتفرج على العاصمة، حيث يراها الناظر دفعة واحدة لأنها من أرفع مبانيها. أما قاعة الصلاة فقد قدرت ما فيها من الكراسي والمقاعد، وما يمكن أن تسعه فوق ذلك، فرأيت أنها يمكن أن تسع عشرة آلاف شخص دفعة واحدة جلوسا بغير ازدحام.
وفي سنة 610 توفي أوستين وكان مفتشا عاما للبنائين الأحرار، ثم عرف بعد ذلك على ما يظن بالقديس أوغسطين.
الماسونية تحت رئاسة الأكليروس
وفي سنة 620 زاد اهتمام الجماعات الماسونية في الأمور الدينية، وكانوا يلقبون بألقاب مختلفة حسب الأماكن التي يقيمون فيها؛ فكانوا يعرفون في إيطاليا مثلا بمدارس المهندسين أو البنائين أو الأخوية الماسونية، وكانوا يعرفون في غاليا باسم الإخوة الماسونيين، أو الإخوة الأحبار، أو الجمعيات الحرة، وفي بريطانيا كانوا يلقبون بالماسون الأحرار إشارة إلى الامتيازات التي أعطيت لهم. وكانت جميع هذه الجماعات يدا واحدة في بث المبادئ الدينية والأدبية، وكانوا يجتمعون في الأديرة يرأسهم في محافلهم رؤساء روحيون، نعني بهم الأكليروس، ومن ذلك الحين أضيف إلى اسم رئيس المحفل كلمة «محترم»، وهو لقب أكليركي كما لا يخفى، ولا يزال الماسون إلى هذا العهد يدعون الأخ الذي يترأس على المحفل الماسوني «الأخ المحترم»، فكانت الأديرة مأوى الماسونيين في حال اضطراب البلاد على إثر ثورة أو حرب أو اضطهاد، وكان ينضم إليهم كثير من القسس والأحبار. واشتهر بينهم كثيرون عرفوا بعد ذلك بألقاب القداسة، ولا تزال تقدم لهم شعائر العبادة إلى يومنا هذا. وأما العالميون من الإخوة فكانوا يشتغلون ببناء المعابد.
وفي سنة 680 كان الماسون الأحرار في بريطانيا بعد وفاة أوستين لا يزالون بغير رئيس، فاهتم بذلك ملك موريس وكان من أعظم نصراء الماسونية، فأقام لهم الأب ويرال مفتشا عاما. (4) الماسون في عهد الخلفاء
أما فئات الماسون الذين جاءوا المشرق، وكان منهم جماعة في القسطنطينية، فإنهم اكتسبوا شهرة عظيمة، وكان يدعوهم الملوك من أنحاء فارس وبلاد العرب وسوريا لبناء المعاقل والمعابد. من ذلك أن الخليفة الوليد بن عبد الملك استعملهم سنة 88 للهجرة في بناء المساجد في المدينة ودمشق وأورشليم، وقد ذكر مؤرخو العرب ما يشير إلى شيء من ذلك؛ فقد ورد في تاريخ العلامة ابن خلدون قوله يصف بناء مسجد المدينة في إمارة عمر بن عبد العزيز: «ثم كتب إليه (إلى عمر بن عبد العزيز) سنة ثمان أن يدخل حجر أمهات المؤمنين في المسجد، ويشتري ما في نواحيه حتى يجعله مائتي ذراع في مثلها وقدم القبلة، ومن أبي أن يعطيك ملكه فقومه قيمة عدل وادفع إليه الثمن واهدم عليه الملك، ولك في عمر وعثمان أسوة. فأعطاه أهل الأملاك ما أحب منها بأثمانها، وبعث الوليد إلى ملك الروم (في القسطنطينية) أنه يريد بناء المسجد، فبعث إليه ملك الروم بمائة ألف مثقال من الذهب ومائة من الفعلة، وأربعين حملا من الفسيفساء، وبعث بذلك كله إلى عمر بن عبد العزيز، واستكثر معهم من فعلة الشام، وشرع عمر في عمارته.» ا.ه.
2
ومثل ذلك فعل عند بناء مسجدي الشام وأورشليم.
3
وما زالت جمعيات الإخوة البنائين الأحرار تتسع نطاقا في اسكوتلاندا وغاليا حتى نهاية الجيل السابع وبداية الثامن، إلى أيام الفتوحات الإسلامية سنة 718، فانحطت وضعفت شوكتها. حتى إذا جاءت أيام الخلفاء العباسيين وبنيت بغداد، فازدهت تلك العاصمة وصارت إليها الصناعة برمتها، ولا سيما صناعة البناء، وكأن الماسونية انتقلت في ذلك القرن من أوروبا إلى آسيا على إثر التمدن الإسلامي، وأصبحت جماعات البنائين على جانب من الكثرة والصولة في سوريا والعراق وبلاد العرب، فانتظم في سلكها كثير من العلماء والفقهاء والأمراء. ويستدل على شيء من ذلك مما ورد في كتب التاريخ عن كيفية بناء مدينة بغداد؛ فقد جاء في تاريخ ابن الأثير عند تكلمه عن بناء بغداد ما نصه: «وكتب «المنصور» إلى الشام والجبل والكوفة وواسط والبصرة في معنى إنفاذ الصناع والفعلة، وأمر باختيار قوم من ذوي الفضل والعدالة والفقه، وأمر باختيار قوم من ذوي الفضل والعدالة والفقه، وأمر باختيار قوم من ذوي الأمانة والمعرفة بالهندسة، فكان ممن أحضر لذلك الحجاج بن أرطاة وأبو حنيفة، وأمر فخطت المدينة وحفر الأساس وضرب اللبن وطبخ الآجر.» إلى أن قال: «ووكل عليها أربعة من القواد، كل قائد بربع، ووكل أبا حنيفة بعدد الآجر واللبن.»
نامعلوم صفحہ