تاریخ مسرح
تاريخ المسرح في العالم العربي: القرن التاسع عشر
اصناف
68
ومن خلال هذه المذكرات استطاع الناقد أن يكتب لنا صورة تفصيلية عن مسرح وحياة صنوع.
يقول الناقد في كتابه - من خلال مذكرات صنوع: «... ثم انصرف أبو نظارة إلى تأليف التمثيليات باللغة الإيطالية فكتب ثلاثا منها عن العادات المصرية لقيت نجاحا كبيرا على المسارح الإيطالية في الشرق، بل لقيت النجاح في بلاد دانتي نفسها ... وكان نجاح تمثيلياته الإيطالية الثلاث حافزا على المضي فيما أهله له طبعه، فعزم على أن يقيم مسرحا قوميا مصريا.»
69
وهذه المعلومات رغم أنها من مذكرات صنوع المخطوطة، إلا أن يعقوب صنوع لم يقلها، بل إن قائلها هو محرر جريدة الفولطير، الذي أضافها إلى تاريخ صنوع، دون سند من صنوع نفسه، الذي استحسنها صنوع بدوره، فأضافها إلى مذكراته، كما بينا سابقا.
70
والدليل على أن هذه المعلومات خاطئة، أنها تؤكد قيام صنوع بالتأليف المسرحي باللغة الإيطالية لثلاث مسرحيات مثلت بالفعل في مصر وإيطاليا. على الرغم من عدم وجود أية إشارة لهذه العروض في الصحف المصرية، أو عن صنوع كمسرحي كما بينا سابقا. والدليل الأكبر على خطأ هذه المعلومات، أنها تؤكد أن هذا النشاط المسرحي تم قبل أن يقيم صنوع مسرحه في مصر. فإذا تذكرنا أن يعقوب صنوع - كما قال - أقام مسرحه عام 1870، فهذا يعني أنه ألف مسرحياته الإيطالية، ومثلت في مصر وإيطاليا قبل هذا التاريخ. وهذا مخالف لما قاله صنوع فيما سبق، ومخالف لكل أقوال الدوريات في هذه الفترة، عن عدم وجود مسرح مصري لصنوع أو عن وجود مسرح متكامل لغيره قبل عام 1870؛ لأن العروض قبل هذا التاريخ كانت تختص بالأوبرا الخديوية ومسرح الكوميدي الفرنسي. وما ينسب للمسرح في مصر قبل افتتاح الأوبرا، كان يتمثل في بعض الظواهر المسرحية، كخيال الظل وأولاد رابية والمحبظاتية والرواة والقصاص ... إلخ تلك الظواهر التي لا ترقى إلى المسرح المتكامل، الذي وصل إليه مسرح صنوع، إذا سلمنا بأقواله عن نفسه.
ثم يقول الناقد: «كان ذلك في سنة 1869 حين فكر يعقوب صنوع في تأسيس مسرح للوطنيين تعرض على خشبته تمثيليات عربية، وكان ذلك حدثا جديدا وابتكارا غريبا، فإلى ذلك الحين لم يكن أحد قد كتب أو مثل على مسرح وطني أمام نظارة أو متفرجين، ويقول المترجم له [أي صنوع] «في القصر أمام باشوات وبيكوات البلاط الخديوي فضحكوا لها من أعماق قلوبهم»، وشجعوه على أن يعرضها في حديقة الأزبكية، وكانت مشهورة بمسرحها القائم في الهواء الطلق.»
71
نخرج من هذا القول بمعلومتين جديدتين؛ الأولى: أن يعقوب صنوع بدأ نشاطه المسرحي في عام 1869 لا في عام 1870، كما قال عن نفسه.
نامعلوم صفحہ