ذكر ما تجدد لعميه والثلاثة المذكورين
وأما عميه والثلاثة المذكورين ، فإنه وافقهم من الموحدين آربعة آلاف فارس ، وهم في منزهم جلوس في لعب وهو ، غير عالمين بما تجدد ، ولا عندهم علم ان ابن أخيهما علم بهما وبما دبراه . فما أحسا إلا وقد أحيط بهم من كل جانب ، وأخذت عليهم الدار من جميع جهاتها . فقال ابن اللحياني : لأبيه : "نقتل يابي ؟ا1" . فقال له : " شرعا !" . فهرب حينئذ الأولاد ، واختفوا ، وقطعت رؤوسالأعمام وجعلت في طشت فضة وتسلمهم علج يقال له نبيل الشلوقي فدخل على الملك بالراسين ، وهو على مدورة سوداء وبيده قضيب من الذهب عادته حمله دائما ، فقال : " أين بقيتهم؟ " . فقيل له إنهم واصلون بالقطاين أي الزناجير . فقال : "أنزلوا الرأسين من على الفضة ، فما يستأهلوا الفضة ، إلى التراب" . وكان عن يمينه القاضي وعن يساره أربعة من عدول تونس وفقهائها ، فقال للقاضي : "تركب انت وهؤلاء بغالكم ، وتحفظوا خزاينهم وموجودهم ، وتحضروا لي ما ي هذه الورقة مما أصرف إليهم" . فقبضها القاضي وسار إلى ما رسم له ، ودخل الباقون بالقطاين ، فضرب أعناق السبعين مزور المخامرين بعد أن قال لهم : " والله لقدا علمت ببواطنكم من يوم أمرتكم آن تترجلوا عن خيولكم" . ثم إنه استدعى بالثلاثة ، وقطع من لحمهم وشوى وأطعموه . وهرب أولاد عميه فقراء من فقراءالمسلمين ، واختفوا عند الناس ، واحتيط على ما كان لهم من الأملاك والمال والخيول والأسلحة والأمتعة ، كل ذلك في ثلاثة أيام . ثم صعد الملك محمد على منبر من العاج ، كان سيره له الأنبرور ، مصفح بالذهب ، فذكر الله وأثنى عليه ، وذكر نبيه صلوات الله وسلامه ، وقال في آخر كلامه : " عفا الله عنكم الآن ، المجرم وغيرالمجرم" . ثم أمر بهدم دور المخامرين إلى الاساس ، وكذلك بساتينهم ولم يبق لهم أرا ، ولم يظهر لهم بعدها غلام ولا مملوك ، ومن ظهر قبض عليه .
صفحہ 191