تاريخ الملک الظاہر

ابن شداد d. 684 AH
122

تاريخ الملک الظاہر

تاريخ الملك الظاهر

اصناف

ذكر رحيل مولانا السلطان من قيصرية متوجها إلى الشام

لما ألقى السلطان بقيصرية عصا التسيار ، واختار التوجه إليها دون ما عداها من الأمصار ، فكر في مصالح جنده فعلم أن الأقوات التي كانت معهم قد قلت وليس في البلاد ما يقوم بإقامتهم فيها لكثرتهم ، وعزم على الرحيل ، وقيل في سبب رحيل ه ما حكيناه آنفا ، فرحل يوم الإثنين ، وكان يومئذ على اليزك الأمير عز الدين أيبك الشيخي ، وكان قد ضربه مولانا السلطان بسبب سبقه للناس ، فتسحب يومئذ إلىالتار . ( وكان أولاد قرمان التركماني قد رهنوا أخاهم الصغير علي بك بقيصرية فلما حل بها مولانا السلطان خرج إليهم ، فأنعم عليه ، وطلب منه تواقيع وسناجق له ولإخوته ، فأعطاه ، فتوجه نحو إخوته ، وكانوا مقيمين بجبل لارندا ، إلى أرمناك الى السواحل) . وأعطى مولانا السلطان وجوه أمرائه وأجناده ما غنمه من الأزمة والأعنة ، ونزل بقيرلو ، فورد عليه فيها رسول من جهة البرواناة ، ومن معه يسمى ظهير الدين الترجمان ، يستوقف السلطان عن الحركة ، وما كانوا يعلمون اين يريد وكان الخبر شايعا أن الحركة إلى سيواس . فلما أحاط علم السلطان بالرسالة أجابه أن معين الدين ومن كانت تأتيني كتبهم ، شرطوا شروطا لم يفوا بها ، ولا وقفوا عندها ، وقد عرفت الروم وطرقه ، وما كان جلوسنا على التخت رغبة فيه إلا لنعلمكم أنه لا عائق لنا عن شيء نريده بحول الله وقوته ، ويكفينا أخذنا أمه وابنه وابن بنته ، وما منحناه من النصر الوجيز : { ولينصرن الله من ينصره ، إن الله لقوي عزيز) . ثم حل ونزل خان كيقباذ فلما نزل به ، بعث الأمير علاء الدين طيبرس الوزيري إلى رمانة ، ومعه عسكر ، فحرقها ، وقتل من بها من الأرمن وسبى حريمهم ، لآنهم كانوا اخفوا عندهم جماعة من المغل لما جاز السلطان عليهم . ثم رحل وأعمل السير في اجبال وأودية وخوض أنهار مجهدا نفسه الكريمة ، باذلا لها فيما يعود نفعه على عسكره حتى نزل ، ليلة السبت السادس والعشرين ، عند قرا حصار قريبا من بازار بلو] ، وهو السوق الذي يجتمع إليه الناس من ساير الأقطار . ثم رحل يوم السبت فعبر بالمعركة التي أعين فيها بالملائكة ، وكشف عن بصيرة المحامي عن دينه فرأى في الجنة سرره وأرايكه ، فرأى أشلاء من قتل فيها ، فسأل عن عدتهم ، فقيل له إن عدة من قتل من المغل خاصة ستة آلاف وسبعماية وسبعون نفسأ . فلما بلغ ا أقجادر بند ،بعث الخزاين والدهليز والسناجق صحبة الأمير بدر الدين بيليك الخزندار ليعبر بها الدربند ، وأقام في ساقة العسكر بقية اليوم ويوم الأحد ، ورحل يوم الإثنين فدخل الدربند الذي دخل منه الأمير بدر الدين ، فحصل لمن معه مشقة ، وبعدت عليهم اشقة ، لما قاسوه من الأوعار ، وكابدوه من الهول الذي هو من الرفق عار . ولما خلص منه نجيا ، عبر النهر الأزرق الذي يسمى كك صو ، وبات في قنة جبل ، ثم حل فنزل قريبا من كينوك ، ثم رحل يعمل الحركة سيرا وسرئ ، إلى أن نزل يوماثلاثاء سادس ذي الحجة قريبا من حارم ، فوردت قصاد الأمير شمس الدين محمد بن قرمان بما يأتي بيانه وشرحه إن شاء الله . ولما نزل حارم ركب لوقته يرتاد منزلة يرفه فيها من معه من العساكر والخيول ، فلما حصل له غرضه استدعى بالعساكر ، وأنزلهم حيث اختار لهم ، وذلك في السابع من الشهر ، وعيد هناك ، ووافاه جماعة من أمراء التركمان المقيمين بالروم ، ومعهم خلق كثيرة ، فخلع عليهم ، وأحسن إليهم وأقام حتى قضى العيد، ورحل إلى دمشق فوصلها في سابع المحرم سنة ست وسبعين وستماية .

صفحہ 177