فإن رسولنا الأمين صلى الله عليه وعلى عترته الأكرمين يقول: ((أهل بيتي كالنجوم كلما أفل نجم طلع نجم)) نعم صدق رسولنا الكريم فنجومهم في كل زمان ساطعة، وأنوارهم المحمدية العلوية في كل مكان لامعة، منذ أن مات رسولنا الكريم، وهم يتجرعون غصص النوازل والنوائب في كل زمان ومكان، وهم يشردون ويعذبون ما ذاك إلا أنهم ينكرون المنكر ويأمرون بالمعروف لا يخافون في الله لومة لائم، فإذا تصفحنا تاريخ حياتهم رأينا نسيج تعذيبهم وآلامهم، هم وشيعتهم الأكرمون، الذين شربوا مع آل البيت كؤوس المنون، صابرين على ذلك لا يزيدهم إلا حبا ومودة، فهذه حوث بلد العلماء والأئمة، والصالحين من الأمة، سنرى تاريخها جليا في صفحات هذا الكتاب الذي أخرج تراجم علماء مغمورة تحت التراب، لترى النور الذي يجب أن تراه، كما رأته تراجم علماء الأمة الهداة، لولا ما داخل المؤرخين من الجفاء لعلماء هذه البلدة المحروسة، على الرغم من كثرة العلماء المبرزين في كل الفنون، الذين سكنوها أو درسوا فيها، أو قرأوا على أيدي مشائخها، لا ندري ما هو سبب هذا الجفاء، إنه سر غامض قد يتبين لنا ذلك في جفائهم لعلماء بعض الأزمان، ولكن الله يقيض من حملة دينه من يظهر نوره، ويبدد ظلم الدياجير فيرفع ظهوره، ومن هؤلاء سيدي وشيخي وسندي العلامة التقي، والسيد الولي القاسم بن الحسن بن القاسم السراجي حفظه الله ورعاه، ومن كل شر حماه ووقاه، فلقد قام بشيء لم يكن في الحسبان، وأظهر سبقا وفوزا قدمه لدينه ومشائخه وبلدته طول الزمان، لم يكن في الخاطر هذا العمل العظيم، حتى إذا ما رأيناه تم واكتمل طرنا بذلك فرحا، شوقا إلى ما رأيناه مكتوبا بالأقلام أن يخرج مطبوعا ليقرأه كل الأنام، لما فيه من الفوائد والأخبار الكثيرة والجمع الحسن، الذي لم يوجد له مثيل في تاريخ مدينة حوث المحروسة، فجزى الله شيخنا عنا وعن الإسلام والمسلمين وأهل بيت النبي الكريم عامة وعن مدينة حوث وعلمائها خاصة خير الجزاء، وبهذه المشاعر يتقدم خاطري وفكري بكلمات شعرية تعبر عن هذا المنجز العظيم، مع عدم السبق في هذا الميدان، ولكن تعبيرا لما تحمل من فرح هذا الجنان، والتي قلت فيها:
يا سالكا طرق الهداية أبصر
وانظر بعين تأمل وتبصر
إن كنت ترجو أن تكون على الهدى
فاسمع بأذنك صاغيا وتفكر
وانظر إلى تاريخ أسلاف مضوا
لتنال لقياهم بيوم المحشر
فهم نجوم في الظلام ثواقب
وهم الضياء لكل من لم يبصر
هذي تراجمهم أتتك تحفها
تلك الزهور من الهمام الأفخر
من سيد بلغ العلى في همة
منذ نعومة ظفره لم يفتر
من عالم حاز المفاخر كلها
وحوى صفات المجد ذاك العبقري
فأتى وأخرج ما طوته دفاتر
ليعيد من مجد الأصول الأشهر
ما كان قد درس الزمان ظهوره
فأضاء من نور البلاد المسفر نور العلوم يشع من بين الثرى
صفحہ 9