ـ[تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام]ـ
المؤلف: شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي (المتوفى: ٧٤٨هـ)
الناشر: المكتبة التوفيقية
عدد الأجزاء: ٣٧
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي]
نامعلوم صفحہ
المجلد الأول
مقدمات
تقديم
...
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمات:
تقديم:
إن الحمد لله ...
نحمد، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هادي له.
قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ ١.
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ ٢.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ ٣.
أما بعد..
فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد ﷺ وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
فهذه صفحات من تاريخنا الإسلامي، نحن أحوج ما نكون إليها في زماننا، لنستلهم منها العبرة، ونأخذ منها العظة.
_________
١ سور آل عمران: ١٠٢.
٢ سورة النساء: ١.
٣ سورة الأحزاب: ٧٠، ٧١.
1 / 3
بين يدي الكتاب:
الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى، وبعد..
فمن المعالم التربوية التي صارت حقيقة في الأذهان، أن وجود عنصر القدوة الحسنة مؤثر جدًّا في عملية إعداد الفرد المثالي، النافع لنفسه ولغيره، وبالتالي بناء الجيل المثالي، ونشأ الأمة القوية الفتية.
وعندما يتأمل المرء المسلم فيما تركه السلف الصالح من تصانيف نافعة يجد فيها تلك القدوة الحسنة التي يبحث عنها.
ولا شك أن من أسباب الركود الحضاري، بل من أهم أسبابه هو جهل أبناء الأمة بما تركه السلف الصالح من كنوز عملية تعرض لها الأسوة الحسنة، والقدوة الطيبة.
وفي هذا الكتاب نسير في روضة "تاريخ الإسلام والمسلمين" فنحيا مع العلماء والفقهاء والأدباء والبلغاء والأمراء والسلاطين والزهاد والعابدين، فيا لها من مسيرة مباركة نتأسى بأفعالهم، ونهتدي بأقوالهم، ونسير على دربهم، ونتعرف على أحداث العالم الإ سلامي في تلك القرون الخالية.
فإنه من الجدير بكل مسلم ومسلمة الوقوف على سير ممالك الإسلام، والتعرف على أحداث عصورهم، والوقوف على أقوالهم، وأفعالهم، والاطلاع على مناقبهم وفضائلهم، ومعرفة الإيجابيات والسلبيات في أدوار حياتهم لتكون لنا نبراسًا نهتدي به في حياتنا.
وبعد..
فتلك موسوعة "تاريخ الإسلام" للإمام الحافظ العلامة الذهبي تضم تاريخ الإسلام في قرون خلت هدية مهداة إلى العالم الإسلامي بأسره في حُلة قشيبة.
فالحمد لله على توفيقه أولًا وآخرًا، وأسأل الله العظيم، رب العرش العظيم، أن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم، وأن ينفع به سائر المسلمين.
وجزى الله مؤلفه، ومحققه، وناشره خير الجزاء في الدنيا والآخرة.
وآخر دعونا أن الحمد لله رب العالمين.
وكتبه أبو مريم/ مجدي فتحي السيد
طنطا، مصر
1 / 5
ترجمة الإمام الذهبي "٦٧٣-٧٤٨هـ":
١- اسمه ونسبه:
هو الإمام محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز بن عبد الله، شمس الدين، المكنى بأبي عبد الله، والملقب بالذهبي.
وسر تلقيبه بالذهبي أن والده شهاب الدين أحمد اشتغل بصنعة الذهب المدقوق، فبرع بها وتميز، فنسب إليها.
٢- مولده ونشأته العلمية:
في أسرة تحب العلم والعلماء، كان مولد العلامة الذهبي في مدينة ميافارقين من أشهر مدن ديار بكر، في أسرة تركمانية الأصل، وتنتهي بالولاء إلى بني تميم.
وفي شهر ربيع الآخر من سنة ٦٧٣هـ، وذلك في الثالث من الشهر المذكور.
ونشأ في أسرة تحب العلم، فوالده شهاب الدين طلب العلم، وسمع "صحيح البخاري" في سنة ٦٦٦هـ، من المقداد القيسي.
وكانت مرضعته وعمته ست الأهل بنت عثمان، الحاجة أم محمد، قد حصلت على الإجازة من ابن أبي اليسر، وجمال الدين بن مالك، وزهير بن عمر الزرعي، وغيرهم.
وكان خاله علي من طلبة العلم، فسمع من أبي بكر ابن الأنماطي، وبهاء الدين أيوب الحنفي وست العرب الكندية، والتاج عبد الخالق.
وكان زوج خالته فاطمة، أحمد بن عبد الغني بن عبد الكافي الأنصاري، الذهبي، المعروف بابن الحرستاني، قد سمع الحديث، ورواه، وكان حافظًا للقرآن الكريم.
1 / 7
وكان أخاه من الرضاعة علاء الدين، أبا الحسن علي بن إبراهيم بن داود العطار الشافعي، من طلبة العلم وحصل الكثير من الإجازات من علماء زمانه.
وقد بدأ الذهبي حفظ القرآن الكريم، وإتقانه على يد شيخه مسعود بن عبد الله الصالحي، بدأ مبكرًا في إتقان علم القراءات والحديث الشريف.
وكانت نشأته العلمية في مدينة دمشق، فأخذ مختلف العلوم عن شيوخها، وأكثر الأحكام عن كبار علماء زمانه، كالحافظ ابن عساكر، والحافظ اليونيني.
وسمع بدمشق من عمر بن القواس، ويوسف بن أحمد القمولي، وببعلبك من عبد الخالق بن علي وبمصر من الأبرقوهي، وابن دقيق العيد، والدمياطي.
وسمع بالإسكندرية من أبي الحسن الغرافي، وأبي الحسن الصواف، وبمكة من التوني وبحلب من سنقر الزيني، وبنابلس من العماد بن بدران، وغيرهم كثير.
وتمكن العلامة الذهبي ﵀ من علوم عصره الأساسية كالتفسير والحديث، والعقيدة، والفقه، والتاريخ، وانصرف بآخره في علمي الحديث والتاريخ فبرع فليهما، وفاق شيوخه في ذلك.
٣- رحلاته العلمية:
ارتحل العلامة الذهبي إلى الكثير من البلدان، معرفة منه بأهمية الرحلة في طلب العلم، فرحل في البدء إلى بلدان ديار الشام، ومنها:
بعلبك، وحمص، وحماة، وطرابلس، والكرك، والمعرة، ونابلس، والرملة، والقدس وغيرها.
ورحل إلى الديار المصرية، فسمع بالقاهرة، وبالإسكندرية، ومنها رحل إلى فلسطين، ومنها رحل إلى بلاد الحرمين، فسمع بمكة المكرمة، وعرفة، ومنى، والمدينة.
٤- شيوخه الذين تعلم منهم:
ذكر الإمام الذهبي ﵀ في نهاية تذكرته للحفاظ بعض الشيوخ والحفاظ الذين تتلمذ عليهم، وأخذ عنهم العلم، فذكر:
1 / 8
١- أبا الحسن علي بن مسعود الموصلي.
٢- نصفي الدين محمود بن أبي بكر الأرموي.
٣- شرف الدين أحمد بن إبراهيم الفزاري.
٤- القاسم بن محمد بن يوسف.
٥- محمد بن أبي الفتح البعلبكي.
٦- عبد الكريم بن عبد النور.
٧- محمود بن أبي بكر الحنفي.
٨- محمد بن إبراهيم بن غنائم.
٩- عثمان بن محمد التوزري.
١٠- محمد بن محمد بن سيد الناس.
١١- أحمد بن مظفر بن النابلسي.
١٢- علي بن مظفر بن إبراهيم الكندي.
١٣- إسماعيل بن إبراهيم بن سالم الأنصاري.
١٤- أحمد بن النضر الدقوقي.
١٥- عيسى بن يحيى السبتي.
١٦- حسن بن علي اللخمي.
١٧- علي بن إبراهيم بن داود.
١٨- موسى بن إبراهيم الشعراوي.
١٩- يعقوب بن أحمد الصابوني.
٢٠- محمد بن مسلم بن مالك.
٢١- عبد الله بن أحمد المقدسي.
٢٢- عمر بن حسن الدمشقي.
٢٣- محمد بن أحمد بن عبد الهادي، وغيرهم كثير وعلى رأسهم ابن تيمية ﵀.
1 / 9
ومن ذلك يتبين لنا أن الحافظ الذهبي ﵀ قد سعى في طلب العلم سعيًا حميدًا، وقد ذكر أنه أخذ العلم عن ثلاثمائة وألف شيخ، فيهم كثير من علماء عصره، فمشايخ زمانه.
٥- صفاته الشخصية:
ذُكر عنه ﵀ أنه كان حاد الذهن، يتمتع بذاكرة نادرة، وحافظة قوية، فقيل عنه: كأنما جمعت الأمة في صعيد واحد، ثم أخذ يخبر عنها إخبار من حضرها.
وقد ذكروا أن الحافظ ابن حجر، قال: شربت ماء زمزم بنية أن أصل إلى مرتبة الذهبي في الحفظ.
وكان السيوطي خاتمة الحفاظ، يقول: إن المحدثين عيال الآن -يعني زمن السيوطي- في الردود وغيرها في فنون الحديث على أربعة: المزي، والذهبي، والعراقي، وابن حجر.
٦- مناصبه العلمية:
تولى العلامة الذهبي في سنة ٧٠٣هـ الخطابة بمسجد كفر بطنان وهي قرية بغوطة دمشق، وظل مقيمًا بها إلى سنة ٧١٨هـ.
وفي يوم الاثنين العشرين من ذي الحجة باشر الشيخ الذهبي شياخة دار الحديث بتربة أم الصالح وذلك في سنة ٧١٨هـ.
وفي يوم الأربعاء السابع عشر من جمادى الآخرة سنة ٧٢٩هـ ولي شمس الدين الذهبي دار الحديث بالظاهرية.
ولما توفي العلامة الحافظ البرزالي -شيخ الذهبي- سنة ٧٣٩هـ، تولى الذهبي تدريس الحديث بالمدرسة النفيسية، وإمامتها عوضًا عنه.
وفي نفس السنة باشر الذهبي مشيخة الحديث بالتنكزية، وتُعرف بدار القرآن والحديث.
وقد تولى الذهبي كذلك دار الحديث الفاضلية بالكلاسة.
1 / 10
٧- مؤلفاته العلمية:
له الكثير من التصانيف التي تشهد بتبحره، ولقد خلف لنا ثروة علمية ضخمة، فلقد ألف في فنون كثيرة، وكلها جم النفع، عظيم الفضل، غزير الفائدة، منها الموسعات الضخمة في الحديث والتاريخ، ومنها الكتب المتوسطة، ومنها الرسائل الصغيرة، والتي يطلق عليها الأجزاء الحديثية، وبعض مؤلفاته من تصنيفه ابتداء، وبعضها الآخر ردود، أو مستدركة على كتب، أو مختصرات.
وتمتاز كتبه بالوضوح في العبارة، ودقة التحقيق العلمي، والبعد عن التقليد والجمود.
وقد اخترت لك من كتبه ما يلي:
أولًا: في القراءات
١- معرفة كبار القراء.
٢- التلويحات في علم القراءات.
ثانيًا: في علم الحديث
٣- الأربعون البلدانية.
٤ - الكلام على حديث الطير.
٥- المستدرك على مستدرك الحاكم.
ثالثًا: في علم مصطلح الحديث
٦- الموقظة في علم مصطلح الحديث.
٧- طرق أحاديث النزول.
٨- العذب السلسل في الحديث المسلسل.
٩- منية الطالب لأعز المطالب.
١٠- كتاب الزيادة المضطربة.
رابعًا: في علم العقائد
١١- العلو للعلي الغفار.
1 / 11
١٢- ما بعد الموت.
١٣- مسألة دوام النار.
١٤- الردع والأوجال في نبأ المسيح الدجال.
١٥- جزء في الشفاعة.
١٦- الأربعين في صفات رب العالمين.
١٧- أحاديث الصفات.
١٨- رؤية الباري.
١٩- العرش.
خامسًا: في أعلم أصول الفقه
٢٠- مسألة الاجتهاد.
٢١- مسألة خبر الواحد.
سادسًا: في علم الفقه
٢٢- تحريم أدبار النساء.
٢٣- جزء من صلاة التسبيح.
٢٤- حقوق الجار.
٢٥- الوتر.
٢٦- اللباس.
٢٧- مسألة السماع.
سابعًا: في علم الرقائق
٢٨- الكبائر.
٢٩- جزء في محبة الصالحين.
٣٠- دعاء الكرب.
٣١- ذكر الوالدان.
1 / 12
٣٢- كشف الكربة عند فقد الأحبة.
٣٣- التعزية الحسنة بالأعزة.
ثامنًا: في التاريخ والتراجم
٣٤- أخبار قضاة دمشق.
٣٥- سير أعلام النبلاء.
٣٦- تاريخ الإسلام، وهو الكتاب الذي بين أيدينا.
٣٧- تذكرة الحفاظ.
٣٨- العبر في خبر مَنْ غبر.
٣٩- الإعلام بوفيات الأعلام.
٤٠- أهل المائة فصاعدًا.
٤١- تقييد الإسلام.
٤٢- دول الإسلام.
٤٣- ذيل سير أعلام النبلاء.
٤٤- معجم الشيوخ الأوسط.
٤٥- المعين في طبقات المحدثين.
٤٦- من تكلم فيه وهو موثق.
٤٧- ميزان الاعتدال في نقد الرجال.
٤٨- المغني في الضعفاء.
تاسعًا: في السير والتراجم المفردة
٤٩- أخبار أم المؤمنين عائشة ﵂.
٥٠- التبيان في مناقب عثمان ﵁.
٥١- ترجمة أبي حنيفة.
٥٢- ترجمة أحمد بن حنبل.
1 / 13
٥٣- ترجمة مالك بن أنس.
٥٤- ترجمة الشافعي.
٥٥- الدرة اليتيمية في سيرة التيمية.
٥٦- سيرة أبي القاسم الطبراني.
٥٧- قض نهارك بأخبار ابن المبارك.
٨- مناقب البخاري.
عاشرًا: المنوعات
٥٩- بيان زغل العلم.
٦٠- جزء في فضل آية الكرسي.
٦١- الطب النبوي.
أخيرًا: المختصرات من الكتب
٦٢- "تجريد أسماء الصحابة" مختصر "أسد الغابة" لابن الأثير.
٦٣- تلخيص "العلل المتناهية" لابن الجوزي.
٦٤- تهذيب "تاريخ علم الدين البرزالي".
٦٥- "الكاشف" في معرفة من له رواية في الكتب الستة مختصر "تهذيب الكمال".
٦٦- مختصر "تاريخ دمشق" لابن عساكر.
٦٧- مختصر "تاريخ بغداد "للخطيب.
٦٨- مختصر "تاريخ نيسابور" للحاكم.
٦٩- مختصر "جامع بين العلم وفضله" لابن عبد البر.
٧٠- مختصر "الروضتين" لأبي شامة.
٧١- مختصر "وفيات الأعيان" لابن خلكان.
٧٢- "المستحلي في اختصرا المحلي" لابن حزم.
1 / 14
٧٣- المقتنى في سرد الكنى.
٧٤- مختصر "السنن الكبرى" للبيهقي.
٨- ثناء العلماء والمؤرخين عليه:
قال ابن ناصر الدين: ناقد المحدثين، وإمام المعدلين والمجرحين، وكان إمامًا في القراءات وكان آية في نقد الرجال، عمدة في الجرح والتعديل.
وقال شمس الدين السخاوي: هو من أهل الاستقراء التام في نقد الرجال.
وقال تلميذه تقي الدين بن رافع السلامي: كان خيرًا، صالحًا، متواضعًا، حسن الخلق، حلو المحاضرة، غالب أوقاته في الجمع والاختصار، والاشتغال في العبادة، له ورد بالليل، وعنده مروءة وكرم.
وقال الزركشي: كان على الزهد التام والإيثار العام، والسبق إلى الخيرات، والرغبة بما هو آت.
وقال تلميذه الحسيني: سار بجملة منها الركبان في أقطار البلدان.
وقال صلاح الدين الصفدي: الشيخ، الإمام، العلامة، الحافظ، شمس الدين، أبو عبد الله الذهبي حافظ لا يجارى، ولافظ لا يبارى، أتقن الحديث ورجاله، ونظر علله وأحواله، وعرف تراجم الناس، وأزال الإبهام في تواريخهم والإلباس.
ذهن يتوقد ذكاؤه، ويصح إلى الذهب نسبته وانتماؤه، جمع الكثير، ونفع الجم والغفير وأكثر من التصنيف، ووفر بالاختصار مؤونة التطويل في التأليف.
وقال تاج الدين السبكي: شيخنا، وأستاذنا، الإمام الحافظ، محدث العصر، واشتمل عصره على أربعة من الحفاظ، بينهم عموم وخصوص: المزي، والبرزالي، والذهبي، والشيخ الإمام الوالد، لا خامس لهؤلاء في عصرهم.
وأما أستاذنا أبو عبد الله، فبصر لا نظير له، وكنز هو الملجأ إذا نزلت المعضلة، ورجل الرجال في كل سبيل، وهو الذي خرجنا في هذه الصناعة، وأدخلنا في عداد الجماعة.
وسمع منه الجمع الكثير، وما زال يخدم هذا الفن إلى أن رسخت فيه قدمه،
1 / 15
وتعب الليل والنهار، وما تعب لسانه وقلمه، وضربت باسمه الأمثال، وسار اسمه مسير لقببه الشمس إلا أنه لا يتقلص إذا نزل المطر، ولا يدبر إذا أقبلت الليالي.
وقال العلامة الحسيني: الإمام الذهبي، العلامة، شيخ المحدثين، قدوة الحفاظ والقراء، محدث الشام، ومؤرخه، ومفيده.
وكان أحد الأذكياء المعدودين، والحفاظ المبرزين.
وقال ابن كثير: الشيخ، الحافظ، الكبير، مؤرخ الإسلام، وشيخ المحدثين، وقد ختم به شيوخ الحديث وحفظه.
وقال البدر النابلسي: كان علامة زمانه في الرجال وأحوالهم، حديد الفهم، ثاقب الذهن وشهرته تغني عن الإطناب فيه.
وقال بدر الدين العيني: الشيخ الإمام العالم، العلامة، الحافظ، المؤرخ، شيخ المحدثين.
وقال سبط ابن حجر: الإمام، العالم، العلامة، حافظ الوقت الذي صار هذا اللقب علمًا عليه.
فلله دره من إمام محدث! فكم دخل في جميع الفنون، وخرج وصحح، وعدل وجرح، وأتقن هذه الصناعة، فهو الإمام سيد الحفاظ، إمام المحدثين، قدوة الناقدين.
٩- تلاميذه الذين تعلموا منه:
سمع منه العلم الكثيرون، ورحلت إليه أمم، ومن أشهرهم:
صلاح الدين الصفدي، وتاد الدين السبكي، والبرزالي، والعلائي، وابن كثير، وابن رافع السلامي، والحسيني، وغيرهم.
وأخيرًا ... وفاته:
ظل العلامة، الإمام الذهبي ﵀ يصنف ويدرس، ويؤلف، ويختصر، ويسعى في نشر لعلم، حتى كف بصره سنة ٧٤١هـ، فتوقف عن التأليف، وظل يدرس حتى وافته المنية في سنة ٧٤٨هـ ﵀ رحمة واسعة، ودفن بمقبرة باب الصغير بدمشق.
1 / 16
ولمزيد من التفصيل والإيضاح يمكنك الرجوع إلى المراجع والمصادر التالية:
١- فوات الوفيات "٢/ ١٨٣".
٢- نكت الهيمان "٢٤١".
٣- ذيل تذكرة الحفاظ "٣٤"، "٣٤٧".
٤- طبقات الشافعية "٥/ ٢١٦".
٥- شذرات الذهب "٦/ ١٥٣".
٦- غاية النهاية "٢/ ٧١".
٧- الدرر الكامنة "٣/ ٣٣٦".
٨- النجوم الزاهرة "١٠/ ١٨٢".
٩- الإعلام بالتوبيخ "٨٤".
١٠- مفتاح السعادة "١/ ٢١٢"، "٢/ ٢١٦".
١١- تاريخ النعيمي "١/ ٧٨".
١٢- مجلة المجمع العلمي "١٦/ ٣٨٧".
١٣- مقدمة المختصر المحتاج إليه.
١٤- دائرة المعارف الإسلامية "٩/ ٤٣١-٤٣٤".
١٥- الأعلام للزركلي "٥/ ٣٢٦".
والحمد لله رب العالمين.
1 / 17
منهج التحقيق:
١- تخريج الآيات القرآنية.
٢- تخريج الأحاديث وبعض الآثار.
٣- تحقيق الأحاديث وبيان صحتها أو ضعفها مسندًا ذلك إلى أهل العلم بهذا الفن، وأذكر ذلك في أول التعليق.
٤- تحقيق بعض الآثار.
٥- تحقيق القول في الأعلام المجروحين مع نقل ما قيل فيهم في غير هذا الكتاب من مصادر الجرح والتعديل المتيسرة لدي.
٦- تفسير بعض الأنساب.
٧- التعريف ببعض الأماكن والبلدان.
٨- تفسير بعض الكلمات الغربية.
1 / 18
بسم الله الرحمن الرحيم
السيرة النبوية قبل الهجرة:
ذِكْرُ نَسَبِ سَيِّدِ الْبَشَرِ:
مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَبُو الْقَاسِمِ سَيِّدُ الْمُرْسَلِينَ وَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ ﷺ: هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَاسْمُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ: شَيْبَةُ بْنُ هَاشِمٍ، وَاسْمُهُ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ، وَاسْمُهُ الْمُغِيرَةُ بْنُ قُصَيٍّ، وَاسْمُهُ زَيْدُ بْنُ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ، وَاسْمُهُ عَامِرُ بْنُ إِلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارِ بْنِ مَعَدِّ بْنِ عَدْنَانَ، وَعَدْنَانُ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا وَعَلَى نَبِيِّنَا وَسَلَّمَ، بِإِجْمَاعِ النَّاسِ١.
لَكِنِ اخْتَلَفُوا فِيمَا بَيْنَ عَدْنَانَ وَبَيْنَ إِسْمَاعِيلَ مِنَ الآباء، فقيل بينهما تسعة آباء.
وقيل: بينهما سبعة آبَاءٍ، وَقِيلَ: سَبْعَةٌ، وَقِيلَ مِثْلُ ذَلِكَ عَنْ جَمَاعَةٍ.
لَكِنِ اخْتَلَفُوا فِي أَسْمَاءِ بَعْضِ الْآبَاءِ، وَقِيلَ: بَيْنَهُمَا خَمْسَةَ عَشَرَ أَبًا، وَقِيلَ: بَيْنَهُمَا أَرْبَعُونَ أَبًا وَهُوَ بَعِيدٌ، وَقَدْ وَرَدَ عَنْ طَائِفَةٍ مِنَ الْعَرَبِ ذَلِكَ.
وَأَمَّا عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ فَقَالَ: مَا وَجَدْنَا مَنْ يَعْرِفُ مَا وراء عدنان ولا قحطان إلا تخرّصًا٢.
_________
١ وقد ذكر الحافظ ابن كثير في "البداية" "١/ ٦٨٤" نسب النبي ﷺ إلى عدنان، ثم قال: وهذا النسب بهذه الصفة لا خلاف فيه بين العلماء. وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" "٦/ ٦١١"، وأما من النبي ﷺ إلى عدنان فمتفق عليه.
٢ أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "١/ ٢٥"، وإسناده حسن، فيه ابن لهيعة، وهو وإن كان سيئ الحفظ فقد روى عنه هذا الأثر عبد الله بن وهب، وروايته عنه قوية كما في "التقريب" "٣٥٦٣"، وفيه أيضًا خالد بن خداش، فيه مقال لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن، فانظر "الميزان" للمصنف "٢٤١٨".
1 / 19
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بَيْنَ مَعَدِّ بْنِ عَدْنَانَ وَبَيْنَ إِسْمَاعِيلَ ثَلَاثُونَ١، أَبًا قَالَهُ: هِشَامُ بْنُ الْكَلْبِيِّ النَّسَّابَةُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَلَكِنْ هِشَامٌ وَأَبُوهُ مَتْرُوكَانِ٢.
وَجَاءَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ "كَانَ إِذَا انْتَهَى إِلَى عَدْنَانَ أَمْسَكَ وَيَقُولُ: "كَذَبَ النَّسَّابُونَ" ٣ قَالَ اللَّهُ تعالى: ﴿وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا﴾ ٤.
وَقَالَ أَبُو الْأَسْوَدِ يَتِيمُ عُرْوَةَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، وَكَانَ مِنْ أَعْلَمِ قُرَيْشٍ بِأَنْسَابِهَا وَأَشْعَارِهَا يَقُولُ: مَا وَجَدْنَا أَحَدًا يَعْلَمُ مَا وَرَاءَ مَعَدِّ بْنِ عَدْنَانَ فِي شِعْرِ شَاعِرٍ وَلَا عِلْمِ عَالِمٍ٥.
قَالَ هِشَامُ بْنُ الْكَلْبِيِّ: سَمِعْتُ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ مَعَدًّا كَانَ عَلَى عَهْدِ عِيسَى بْنِ مريم -عليه السلام٦.
_________
١ لم أجده عن ابن عباس ﵁ وقد أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "١/ ٢٤" عن محمد بن السائب الكلبي قال: بين معد وإسماعيل ﷺ نيف وثلاثون أبا. والكلبي متروك إذا أسند، فكيف إذا لم يسند، والراوي عنه هو هشام ابنه، وهو مثله في الضعف.
٢ أما هشام فقد قال الدارقطني وغيره: متروك، وقال ابن عساكر: رافضي ليس بثقة. وقال الحافظ الذهبي: لا يوثق به، انظر ترجمته في "الميزان" "٩٢٣٧".
وأما أبوه محمد بن السائب فهو مفسر نسابة، معروف، ولكنه متروك ومتهم بالكذب، خاصة عن أبي صالح، فقد صرح نفسه بهذا، حيث قال لسفيان: كل ما حدثتك عن أبي صالح فهو كذب. ولذلك تركه أئمة الجرح والتعديل. وانظر "الميزان" "٧٥٧٤".
٣ إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "١/ ٢٤"، من طريق هشام عن أبيه عن أبي صالح به، وهذا إسناد مسلسل بالضعفاء، أما أبو صالح فهو باذام، ضعيف كما في "الميزان "١٠٣٢"، وهشام وأبوه كلاهما متروك، وقد صرح أبوه بالكذب في روايته عن أبي صالح كما تقدم.
٤ سورة الفرقان: ٣٨.
٥ إسناده حسن: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "١/ ٢٥"، وفي إسناده ابن لهيعة وقد رواه عنه عبد الله بن وهب، وروايته عنه قوية كما تقدم، وفيه خالد بن خداش، حسن الحديث كما تقدم، وأبو الأسود هو محمد بن عبد الرحمن بن نوفل، ثقة كما في "التهذيب" "٣/ ٦٣٠"، وأبو بكر بن سليمان بن أبي حثمة تابعي ثقة كما في "التهذيب "٤/ ٤٨٨".
٦ أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "١/ ٢٤"، وهشام متروك كما تقدم.
1 / 20
وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ مَيْمُونَ الْأَوْدِيُّ إِذَا تَلَوْا: ﴿وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ اللَّهُ﴾ ١ قَالُوا: كَذَبَ النَّسَّابُونَ، قَالَ أَبُو عُمَرَ: مَعْنَى هَذَا عِنْدَنَا عَلَى غَيْرِ مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا الْمَعْنَى فِيهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ: تَكْذِيبُ مَنِ ادَّعَى إِحْصَاءَ بَنِي آدَمَ.
وَأَمَّا أَنْسَابُ الْعَرَبِ فَإِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ بِأَيَّامِهَا وَأَنْسَابِهَا قَدْ وَعَوْا وَحَفِظُوا جَمَاهِيرَهَا وَأُمَّهَاتِ قَبَائِلِهَا، وَاخْتَلَفُوا فِي بَعْضِ فُرُوعِ ذَلِكَ.
وَالَّذِي عَلَيْهِ أَئِمَّةُ هَذَا الشَّأْنِ أَنَّهُ: عَدْنَانُ بْنُ أُدَدِ بْنِ مُقَوِّمِ بْنِ نَاحُورَ بْنِ تَيْرَحِ بْنِ يَعْرُبَ بْنِ يَشْجُبَ بْنِ نَابِتِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ بْنِ آزَرَ، وَاسْمُهُ تَارَحُ بْنُ نَاحُورَ بْنِ سَارُوغَ بْنِ رَاغُو بْنِ فَالَخَ بْنِ عَيْبَرَ بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نُوحٍ ﵇ بْنِ لَمَّكِ بْنِ مَتُّوشَلَخَ بن خنوخ، وهو إدريس ﵇ بن يَرْدَ بْنِ مِهْلِيلَ بْنِ قَيْنَنَ بْنِ يَانِشَ بْنِ شِيثَ بْنِ آدَمَ أَبِي الْبَشَرِ ﵇ قَالَ: وَهَذَا الَّذِي اعْتَمَدَهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فِي السِّيرَةِ، وَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُ ابْنِ إِسْحَاقَ عَلَيْهِ فِي بَعْضِ الْأَسْمَاءِ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: الْأَمْرُ عِنْدَنَا الْإِمْسَاكُ عَمَّا وَرَاءَ عَدْنَانَ إِلَى إِسْمَاعِيلَ.
وَرَوَى سَلَمَةُ الْأَبْرَشُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ هَذَا النَّسَبَ إِلَى يَشْجُبَ سَوَاءً، ثُمَّ خَالَفَهُ فَقَالَ: يَشْجُبُ بْنُ يَانِشَ بْنِ سَارُوغَ بْنِ كَعْبِ بْنِ الْعَوَّامِ بْنِ قِيذَارَ بْنِ نَبْتِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ ﵈.
وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: يَذْكُرُونَ أَنَّ عُمُرَ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ مِائَةٌ وَثَلَاثُونَ سَنَةً، وَأَنَّهُ دُفِنَ فِي الْحِجْرِ مَعَ أُمِّهِ هَاجَرَ.
وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ هِشَامٍ: حَدَّثَنِي خَلَّادُ بْنُ قُرَّةَ بْنِ خَالِدٍ السَّدُوسِيُّ، عَنْ شَيْبَانَ بْنِ زُهَيْرٍ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: إِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ اللَّهِ هُوَ ابْنُ تَارَحَ بْنِ نَاحُورَ بْنِ أَشْرَعَ بْنِ أَرْغُو بْنِ فَالَخَ بْنِ عَابِرِ بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نُوحِ بْنِ لَامَكَ بْنِ مَتُّوشَلَخَ بْنِ خَنُوخَ بْنِ يَرْدَ بْنِ مِهْلَايِيلَ بْنِ قَايَنَ بْنِ أنوش بن شيث بن آدم٢.
_________
١ سورة إبراهيم: ٩.
٢ في إسناده من لم أجد لهم تراجم.
1 / 21
وَرَوَى عَبْدُ الْمُنْعِمِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، أَنَّهُ وَجَدَ نَسَبَ إِبْرَاهِيمَ ﵇ فِي التَّوْرَاةِ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ تَارَحَ بْنِ نَاحُورَ بْنِ شَرْوَغَ بْنِ أَرْغُو بْنِ فَالَغَ بْنِ عَابِرِ بْنِ شَالِخَ بْنِ أَرْفَخْشَذَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحِ بْنِ لَمَّكَ بن متشالخ بن خنوخ -وهو إرديس- بْنُ يَارَدَ بْنِ مِهْلَايِيلَ بْنِ قَيْنَانَ بْنِ أَنُوشَ بْنِ شِيثَ بْنِ آدَمَ١.
وَقَالَ ابْنُ سعد: حدثنا هِشَامُ بْنُ الْكَلْبِيِّ قَالَ: عَلَّمَنِي أَبِي وَأَنَا غُلَامٌ نَسَبَ النَّبِيِّ ﷺ مُحَمَّدٍ، الطَّيِّبِ الْمُبَارَكِ وَلَدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَاسْمُهُ شَيْبَةُ الْحَمْدِ بْنُ هِشَامٍ، وَاسْمُهُ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ، وَاسْمُهُ الْمُغِيرَةُ بْنُ قُصَيٍّ، وَاسْمُهُ: زَيْدُ بْنُ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ إِلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارِ بْنِ مَعَدِّ بْنِ عَدْنَانَ٢.
قَالَ أَبِي: وَبَيْنَ مَعَدٍّ وَإِسْمَاعِيلَ نَيِّفٌ وَثَلَاثُونَ أَبًا، وَكَانَ لَا يُسَمِّيهِمْ وَلَا يُنْفِذُهُمْ٣.
قُلْتُ: وَسَائِرُ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ أَعْجَمِيَّةٌ، وَبَعْضُهَا لَا يُمْكِنُ ضَبْطُهُ بِالْخَطِّ إِلَّا تَقْرِيبًا.
وَقَدْ قِيلَ في قوله تعالى: ﴿وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ﴾ ٤: فَصِيلَةُ النَّبِيِّ ﷺ بَنُو عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَعْمَامُهُ وَبَنُو أَعْمَامِهِ، وَأَمَّا فَخِذُهُ فَبَنُو هَاشِمٍ قَالَ: وَبَنُو عَبْدِ مَنَافٍ بَطْنُهُ، وَقُرَيْشٌ عِمَارَتُهُ، وَبَنُو كِنَانَةَ قَبِيلَتُهُ. وَمُضَرُ شَعْبُهُ.
قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: حَدَّثَنِي شَدَّادٌ أَبُو عَمَّارٍ، حَدَّثَنِي وَاثِلَةُ بْنُ الْأَسْقَعِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "اصْطَفَى اللَّهُ كِنَانَةَ مَنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ، وَاصْطَفَى قُرَيْشًا مِنْ كِنَانَةَ، وَاصْطَفَى هَاشِمًا مِنْ قُرَيْشٍ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هاشم" ٥ رواه مسلم.
وأمّه آمنة وَهْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ بْنِ كِلَابٍ، فَهِيَ أَقْرَبُ نَسَبًا إِلَى كِلَابٍ مِنْ زوجها عبد الله برجل.
_________
١ إسناده ضعيف جدًّا: عبد المنعم بن إدريس متروك، ومتهم بالكذب، كما في "الميزان" "٥٢٧٠".
٢ إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات""١/ ٢٣، ٢٤".
٣ إسناده ضعيف جدًّا: انظر المصدر السابق.
٤ سورة المعارج: ١٣.
٥ صحيح: أخرجه مسلم "٢٢٧٦" في كتاب الفضائل، باب: فضل نسب النبي ﷺ والترمذي "٣٦٢٦" في كتاب المناقب، باب: ما جاء في فضل النبي ﷺ وأحمد "٤/ ١٠٧"، وابن حبان "٦٢٤٢"، والبغوي في "شرح السنة" "٣٦١٣".
1 / 22
مَوْلِدُهُ الْمُبَارَكُ ﷺ:
أَخْبَرَنَا أَبُو الْمَعَالِي أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، نا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْفَتْحِ، وَالْفَتْحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَا: أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْفَقِيهُ، أنا أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ النَّقُّورِ، أنا عَلِيُّ بن عرم الْحَرْبِيُّ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الصُّوفِيُّ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، ثنا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ وُلِدَ يَوْمَ الْفِيلِ"١ صَحِيحٌ٢.
وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي الْمُطَّلِبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ بْنِ الْمُطَّلِبِ قَالَ: "وُلِدْتُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَامَ الْفِيلِ. كنا لدين"٣ أخرجه الترمذي، وإسناده حسن.
_________
١ أخرجه الحاكم في "مستدرك" "٤١٨٠"، والبيهقي في "الدلائل" "١/ ٧٥"، من طريق حجاج بن محمد به. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" "١/ ٩٦": رواه البزار والطبراني ورجاله موثقون. وانظر التعليق الآتي.
٢ قلت: في هذا التصحيح بحث، فإن أبا إسحاق مدلس كما في "طبقات المدلسين" "ص٣١" للحافظ ابن حجر، وكذلك كان قد اختلط كما في "التقريب" "٥٠٦٥"، ولعل تصحيح الحافظ الذهبي له لأنه ورد من طريق آخر، فقد أخرجه ابن أبي شيبةكما في "البداية" "١/ ٦٩١"، عن عفان بن سعيد بن مينا عن جابر وابن عباس به، وهذا إسناد رجاله ثقات، ولكنه منقطع بين عفان وسعيد بن جبير، فهو يصلح لمتابعة الطريق الأول، وبذلك يتقوى الحديث، والله أعلم.
٣ إسناده ضعيف: أخرجه الترمذي "٣٦٣٩"، في كتاب المناقب، باب: ما جاء في ميلاد النبي ﷺ وابن إسحاق كما في "سيرة ابن هشام" "١/ ١٦٥"، وابن سعد في "الطبقات" "١/ ٤٧" والطبري في تاريخه "١/ ٤٥٣" والحاكم في "مستدركه" "٤١٨٣" والبيهقي في "الدلائل" "١/ ٧٦-٧٧" وأبو نعيم في "الدلائل" "ص٩١" وابن حبان في "الثقات" "١/ ١٤"، وقال الألباني: ضعيف الإسناد.
قلت: وأما تحسين الحافظ الذهبي لإسناده ففيه نظر، فإن المطلب بن عبد الله مقبول كما في "التقريب" "٦٧١١"، ومعنى ذلك أنه إذا توبع فتقبل روايته، وإلا فإسناده لين، وقد تفرد بالرواية عنه ابن إسحاق كما في "التهذيب" "٤/ ٩٣-٩٤" ووثقه ابن حبان، وابن حبان معروف عند أهل العلم بتساهله في التوثيق، حيث إنه يوثق من لم يعرف بجرح أو تعديل، ومثل هذا الموثق، إذا تُفرد عنه فلا نستطيع عندئذ أن نقبل روايته، والله أعلم بالصواب.
1 / 23