تاریخ اقتصادی عالمی: مقدمہ قصیرہ
التاريخ الاقتصادي العالمي: مقدمة قصيرة جدا
اصناف
يعتبر الاتحاد السوفييتي المثال الكلاسيكي على نموذج الدفعة القوية. تلا ثورة عام 1917 أربع سنوات من الحرب الأهلية انتصر فيها البلاشفة، ثم أقروا بمطالب الفلاحين في امتلاك الأراضي وتوزيعها بالتساوي على العاملين في الزراعة. بحلول عام 1928، كانت السياسة الاقتصادية الجديدة قد أعادت إحياء الاقتصاد. كان لينين قد مات، ووصل ستالين إلى السلطة.
واجهت جمهوريات الاتحاد السوفييتي المشكلة نفسها التي واجهتها الدول الفقيرة؛ فكان معظم السكان يعيشون في مناطق ريفية ويمارسون حرفا يدوية وكذلك الزراعة على نطاق صغير، وكانت الدولة في حاجة إلى بناء اقتصاد حديث حضري؛ وهو ما تطلب بدوره الاستثمار الكثيف في التكنولوجيا الحديثة. تمثل الحل السوفييتي في التخطيط المركزي، وصارت الخطة الخمسية رمزا له، ونظرا لأن الشركات السوفييتية كانت مملوكة للدولة، كانت توجهها أوامر عليا (الخطة) بدلا من الاستجابة لقوى السوق. ولفترة طويلة، ظل النموذج السوفييتي يبدو مثالا على النجاح العظيم، كما ألهم تطبيق أسلوب التنمية المخططة في كثير من الدول الفقيرة.
بدأت الدفعة القوية السوفييتية مع تطبيق الخطة الخمسية الأولى في عام 1928. كانت استراتيجية النمو تقوم على أربع ركائز: تمثلت الركيزة الأولى في توفير الاستثمارات للصناعات الثقيلة وتصنيع الماكينات؛ وهو ما أدى إلى الإسراع في القدرة على بناء المعدات الرأسمالية، ومن ثم زيادة معدلات الاستثمار. كان الاتحاد السوفييتي كبير الحجم بما يكفي لاستيعاب إنتاج المصانع الكبيرة التي صارت هي النموذج المعتاد. أما الركيزة الثانية فكانت استخدام الأهداف الإنتاجية المتطلبة في توجيه عمليات الشركات. ونظرا لأن تعظيم الإنتاج قد يؤدي إلى تكبد خسائر، كانت الائتمانات المصرفية تمنح بسهولة بالغة للشركات لتغطية نفقاتها. وحلت «قيود الميزانية المرنة» محل «قيود الميزانية الصعبة» التي تميز الرأسمالية. وأما الثالثة، فصارت الزراعة نشاطا اقتصاديا جماعيا. سياسيا، كانت هذه السياسة هي الأكثر جدلا؛ إذ كانت بغيضة بالنسبة للفلاحين الذين كانوا يفضلون امتلاك مزارع عائلية صغيرة، وإعادة توزيع دورية للأراضي من قبل القرية لضمان تحقيق المساواة. ترتب على تطبيق سياسة الزراعة الجماعية انخفاض حاد في إنتاجية الزراعة، كما أدت إلى حدوث مجاعة في عام 1933. وتمثلت الركيزة الرابعة في التعليم العام، فسرعان ما نشر التعليم على نطاق واسع كما صار إجباريا، ووضعت سياسة نشطة لتعليم البالغين بغرض تقليص الوقت اللازم لتدريب كامل القوة العاملة.
أدت هذه الإجراءات إلى نمو الاقتصاد بسرعة، وعندما وقع الغزو الألماني في عام 1940، كان الآلاف من المصانع والسدود ومحطات توليد الطاقة قد أنشئت. وجهت الخطط الاستثمارات إلى قطاع الصناعات الثقيلة الذي ازدهر بقوة، وبحلول عام 1940 زاد إنتاج الحديد الغفل من حد أقصى يصل إلى 4 ملايين طن سنويا قبل الحرب إلى 15 مليون طن، وهو ما كان يمثل ضعف إنتاج بريطانيا، ولكنه كان لا يزال نصف إنتاج الولايات المتحدة. ارتفع حجم توليد الطاقة الكهربائية من 5 إلى 42 مليار كيلوواط/ساعة. (وصف لينين الشيوعية ذات مرة مازحا: «القوة السوفييتية زائد إدخال الكهرباء في جميع أرجاء البلاد.» ووفق هذا التعريف، تعتبر الثورة قد حققت نجاحا.) وارتفع معدل الاستثمار من حوالي 8٪ من إجمالي الناتج المحلي في عام 1928 إلى 19٪ في عام 1939.
زاد إنتاج السلع الاستهلاكية أيضا ولكن بصورة ضئيلة. يرجع السبب في ذلك، جزئيا إلى ترتيب الأولويات، وجزئيا إلى التحويل الكارثي للزراعة إلى نشاط جماعي. وعلى أية حال، فقد تعافى الإنتاج بنهاية العقد نفسه. في عام 1939، كان الاتحاد السوفييتي ينتج حوالي 900 ألف طن من القطن المحلوج، وهو ما يماثل ضعف مستوى الإنتاج في عام 1913، وأعلى بنسبة 50٪ من إنتاج بريطانيا العظمى (التي انخفض إنتاجها انخفاضا ملحوظا نظرا للمنافسة اليابانية)، لكنه كان يمثل 52٪ فقط من إجمالي إنتاج الولايات المتحدة، وفي حين انخفض الاستهلاك لكل فرد انخفاضا حادا في عامي 1932 و1933، كانت هناك زيادة بنسبة 20٪ في متوسط مستويات المعيشة بين عامي 1928 و1939. بالإضافة إلى ذلك، انتشرت الخدمات التعليمية والصحية بصورة هائلة.
كانت الحرب العالمية الثانية ضربة قاصمة بالنسبة للاتحاد السوفييتي؛ فقد 15٪ من المواطنين السوفييت حياتهم (وصل معدل الوفيات بين الرجال بين 20-49 عاما إلى 40٪)، كما دمرت المنازل والمصانع. في المقابل، استعيد إجمالي رأس المال بحلول عام 1950، وجرى استئناف النمو الاقتصادي السريع. ظل الاستثمار في حدود 38٪ من إجمالي الناتج المحلي، وبحلول عام 1975، كان الاتحاد السوفييتي ينتج أكثر من 100 مليون طن من الحديد الغفل متفوقا على الولايات المتحدة، كما زاد إنتاج السلع الاستهلاكية أيضا بسرعة، وبدا وكأن النموذج السوفييتي هو الطريقة المثلى التي تستطيع من خلالها أية دولة فقيرة تحقيق النمو.
ثم ما لبث أن سار كل شيء في الاتجاه الخاطئ؛ بدأ معدل النمو في الانخفاض تدريجيا في سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين، وبنهاية العقد وصل معدل النمو إلى صفر. دعا الرئيس جورباتشوف إلى تطبيق سياسة «إعادة الهيكلة» (البيريسترويكا)، فأفسح التخطيط المركزي المجال للسوق، ولكن كان الوقت قد فات لإنقاذ الاتحاد السوفييتي، فانهار.
في حالة الاتحاد السوفييتي، هناك سؤالان يطرحان نفسيهما؛ أولا: ما الذي سار في الاتجاه الصحيح؟ لماذا زاد إجمالي الإنتاج المحلي لكل فرد بسرعة كبيرة من عام 1928 إلى سبعينيات القرن العشرين؟ يتعلق جزء من الإجابة ب «إجمالي الإنتاج المحلي»، وجزء آخر ب «عدد السكان». زاد إجمالي الإنتاج المحلي سريعا؛ نظرا لفعالية المؤسسات السوفييتية في بناء مصانع ضخمة حديثة. زاد تدفق الاستثمارات على الصناعات الثقيلة من القدرة على بناء الكيانات الصناعية والمعدات، كما أدت قيود الميزانية المرنة إلى توفير فرص عمل للأفراد الذين لم يكن ليتوفر لهم فرص عمل في اقتصاد يوجد فيه فائض في العمالة. ساهم تحويل الزراعة إلى نشاط جماعي أيضا في نمو إجمالي الناتج المحلي (وإن كان إسهاما محدودا)، من خلال تسريع معدلات هجرة الأفراد إلى المدن حيث توجد الوظائف الجديدة. في البداية، لم يتطلب التخطيط توفر رؤية عميقة؛ حيث اقتصر الهدف آنذاك على تبني التكنولوجيا الغربية بما يلائم الظروف الروسية.
أما السبب الثاني لنمو إجمالي الناتج المحلي لكل فرد بسرعة فهو بطء نمو عدد السكان. ارتفع عدد السكان من 155 مليون نسمة في عام 1920، إلى 290 مليون نسمة في عام 1990. كان النمو البطيء يرجع جزئيا إلى ارتفاع معدلات الوفيات جراء تحويل الزراعة إلى نشاط جماعي، وإلى الحرب العالمية الثانية بصورة خاصة، لكن تضاءلت أهمية هذين العاملين في ضوء انخفاض معدلات الخصوبة. في عشرينيات القرن العشرين، كانت المرأة السوفييتية تنجب في المتوسط سبعة أطفال، بحلول ستينيات القرن العشرين، وصلت هذه النسبة إلى 2,5. ساهم التوسع في التحضر إلى نمو إجمالي الناتج المحلي، فيما تمثل أكثر الأسباب أهمية في ذلك (مثلما هو الحال في الدول الفقيرة بصورة عامة) في تعليم المرأة وممارستها العمل خارج المنزل.
ثانيا: ما الذي سار في الاتجاه الخطأ تحديدا؟ لماذا تباطأ النمو في سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين؟ تتنوع الإجابات بين أسباب عابرة وأخرى جوهرية، وتشمل نهاية اقتصاد فائض العمالة، وإهدار الاستثمارات في تنمية إقليم سيبيريا، وصراع التسلح مع الولايات المتحدة الذي استنزف موارد البحث والتطوير من الصناعة المدنية، والصعوبة المتزايدة في التخطيط مع اكتمال اللحاق بالركب التكنولوجي الغربي، وتحول المهمة إلى التخطيط للمستقبل، واستحالة السيطرة المركزية (ماذا كان سيحدث للاقتصاد الأمريكي لو كان يجب على الرئيس إدارته بنفسه؟) فضلا عن الشعور بعدم الثقة والإذعان اللذين يولدهما الحكم الديكتاتوري. وقد أدى انهيار الاتحاد السوفييتي إلى رفض الكثير من المراقبين لسياسة تخطيط الدولة والاحتفاء بمزايا السوق الحرة. ولكن دولا أخرى أبلت بلاء أفضل عن طريق تبني صور أخرى للتخطيط.
نامعلوم صفحہ