تاريخ حرکت قومیہ فی مصر
تاريخ الحركة القومية في مصر القديمة: من فجر التاريخ إلى الفتح العربي
اصناف
تولى حور محب الملك؛ لأن الظروف دفعته إلى ذلك دفعا لإنقاذ البلاد من الهاوية التي تردت فيها، فقد دخل طيبة زعيما لمصر وقائدا لجيشها، وتوج فيها ملكا عليها.
فعاد إلى مصر الاستقرار الداخلي.
ولم يكن مؤيدا لدعوة إخناتون الدينية، ووقف في صف كهنة آمون، فأيدوه وناصروه.
ومع أنه نشأ نشأة عسكرية وكان قائدا للجيش، فإنه قدم توحيد الجبهة الداخلية على خوض غمار الحرب.
على أنه حارب الحيثيين.
وعقد مع ملك «خيتا» معاهدة ضمنت له استقرار الأمور مؤقتا على الحدود، وتفرغ للإصلاح الداخلي حتى تستعيد البلاد قوتها وهيبتها.
فنظم شئون الجيش، وسن القوانين الصالحة لمحاربة الرشوة والفساد في دواوين الحكومة، وأصلح المحاكم ومنع الاختلاس والتهريب عند دفع الضرائب، وطاف في أنحاء البلاد باحثا عن الأشخاص الأكفاء الذين يمكن أن يأتمنهم على شئون الحكم والعدل والقضاء بين المواطنين، وعاد الأمن وعادت الطمأنينة إلى البلاد، ومات بعد أن حكم ثلاثين عاما.
كتب عنه الدكتور أحمد بدوي بعنوان «حور محب أبو الشعب وصديق الفلاح» ما يلي ضمن ما قال: «كان يؤذيه ما رأى من حال الشعب، فالفلاح المسكين قد أهمل حاله واشتد بؤسه بعد أن تجرع مرارة العيش قبل أيام «حور محب» فشرب منها بالكثير وبالصغير ...، فارتاع من حال الشعب، وعزم على إصلاح شأنه وتأمين رزقه، وتوفير سعادته، فعمد إلى إصدار قانون ينظم حياة الأمة أملاه بنفسه على كتابه.
ثم فرض على من يخالف القانون أشد أنواع العقاب وآلمها، يستوي في ذلك لديه كبراء الأمة ومن كان صغيرا، فهو يحمي الفلاح من قسوة رجال الإدارة حين جمع الضريبة، وحماه من أداء الضريبة مرة أخرى إن هي فقدت في طريقها إلى دواوين الدولة، ونظم تحصيل الضرائب المفروضة على محاصيل الخضر المنزرعة في أرض التاج، وتحصيل الضرائب من أرزاق الأرض وغلاتها جميعا، كما حدد القانون شروط تعيين القضاة في محاكم الدولة، فاختارهم من أحسن الناس سيرة وأكرمهم خلقا، وأجرئهم قلبا، وأطهرهم لسانا، وأعفهم يدا، وحرم على القضاة أن يصادقوا أحدا من الناس، أو يتهادوا مع الناس، أو تكون بينهم وبين الناس معاملات مالية. وهكذا كان حور محب رجل حزم وعزم، لا يلين في الحق، ولا تأخذه في تنفيذه لومة لائم، رد على القوانين المصرية حرمتها وجلالها، فجنب البلاد شر الظلم، وطهرها من آثار العبث، وصفاها من شوائب الباطل، وليس أدل على حزم الرجل وصدق وفائه لشعبه من تصريحه حين إصدار القانون إذ يقول: «إني قد وضعته لضمان رفاهية شعبي»، ثم يخاطب رجال حكومته آمرا، فيقول: نفذوا أوامري في تطبيق مواد هذا القانون، فإني قد رأيت في هذه البلاد ظلما شديدا، ومن ذلك يتضح لنا أن حور محب كان مصلحا ومشرعا وقيما على تنفيذ ما أصدر من قوانين حريصا على تطبيقها بالعدل.
وكان فوق ذلك كله إنسانا قل أن نعرف له في تاريخ الملوك والمالكين من آل فرعون نظيرا.»
نامعلوم صفحہ