تاريخ غزوات العرب في فرنسا وسويسرا وإيطاليا وجزائر البحر المتوسط

شكيب أرسلان d. 1368 AH
185

تاريخ غزوات العرب في فرنسا وسويسرا وإيطاليا وجزائر البحر المتوسط

تاريخ غزوات العرب في فرنسا وسويسرا وإيطاليا وجزائر البحر المتوسط

اصناف

ومن هنا يعلم أن العرب سكنوا في مدينة مارتيني هذه، وهو أمر معقول جدا؛ لأنه قد ثبت في التاريخ كونهم استولوا على معبر سان برنار المشهور، ومن المعلوم أن مارتيني هي البلدة التي يصعد منها الناس إلى جبل سان برنار الذي فيه الدير القديم، وكل يوم تسير السيارات بالمسافرين بين سان برنار ومارتيني.

وكنت علمت من هؤلاء الأشخاص الذين تحادثت معهم في هذا الموضوع أن قرية إيزرابل هي التي يرجح أن فيها من بقايا العرب، وأنه يوجد أيضا قرية أخرى تابعة لمدينة سيون يقال لها: إيفولين

Evolene

هي من هذا القبيل، فسرت بالقطار إلى سيون، واجتمعت بالقسيس الذي يقال له ماير وهو قيم خزانة الكتب التي في مدرسة سيون، فلم أجد هذا الرجل معتقدا بصحة هذه الروايات، وهو يظن أن العرب مروا ببلاد فاليه غزاة، عابري سبيل، وما عدوا أن أحرقوا دير سان موريس ولا أعلم هل هو معتقد ذلك فعلا، أم يحاول إنكار وجود آثار للعرب في تلك الديار فقد وجدته من القسيسين المتعصبين في الكثلكة إلى الغاية ولم أجد في كلامه ما ينقض شيئا من الروايات التي أطبق عليها المؤرخون من كون العرب أوطنوا وادي فاليه وأقاموا بها حقبة وبقيت لهم فيها أعقاب، وهو نفسه أشار علي بمراجعة كتاب بالألماني لمؤلف يقال له فيشر

Fischer

لكنه يقول: إنه غير واثق برواياته.

فتركت القسيس وركبت سيارة وسرت إلى قرية إيفولان، والمسافة من سيون إليها نحو من 25 كيلو مترا، وهي في الجبال ليس وراءها عمران، ومنها إلى حدود إيطالية بضع ساعات لا غير، فلما وصلت إلى القرية وجدتها قرية صغيرة ليس فيها أكثر من مائة بيت، أهلها فلاحون، يعيش أكثرهم من الحرث ومن قطع الأخشاب، لكثرة الحراج التي حولهم، فسألت عن شيخ القرية أو عمدتها، كما يقال في مصر، فدلوني على بيت حقير، دخلت إليه فوجدت الرجل، وحادثته في الموضوع فقال لي: إنه يسمع بهذه الروايات كسائر الناس، وأنه ليس عندهم وثائق خطية على شيء من هذا، ثم أشار علي بمقابلة القسيس مرشد أهل القرية فسألت عن القسيس فلم أجده، ثم ملت إلى فندق صغير في تلك القرية، يقصد إليه السياح الذين يحبون العزلة في الجبال، فوجدت صاحب الفندق رجلا على أثارة من علم، وهو من أهل سيون، فقال لي : إن الجميع يسمعون أن أهالي هذه القرية أو بعضهم على الأقل هم من أصل عربي، وأنه في الوادي الآخر الذي وراء وادي إيفولن والذي يقال له أنيفيه

Anniviers

قرى يقال أيضا: إن فيها من بقايا العرب الذين أغاروا على وادي فاليه، وسألت هذا الرجل هل يعلم في إيفولين عائلة تعلم نفسها منحدرة من أصل عربي، فأجابني: أما هكذا فلا أعلم وغاية من هناك أنهم يقولون بوجود الدم العربي في هذه القرية، وأن في سحنة بعض أهلها ما يدل على كونهم ليسوا من أصل سويسري.

فغادرت قرية إيفولين، ورجعت إلى سيون، ومنها ركبت القطار وجئت إلى محطة ريد

نامعلوم صفحہ