وقد بلغت آيات الكتاب الكريم الواردة في مقام تشريع الأحكام سواء في ذلك ما كان منها في العبادات أو الأحوال المدنية أو الأحوال الشخصية والجنائية والقضائية ، بلغت هذه الآيات نحوا من خمسمائة آية.
والمسلمون طيلة حياتهم مع الرسول (ص) كانوا في الداخل يأخذون الأحكام عنه مباشرة وقد يرجعون الى الكتاب فيما كان نصا في حكم أو ظاهرا فيه ظهورا يحصل منه الاطمئنان بالمراد ، وأما من كان من المسلمين خارج العاصمة فكان الرسول يبلغهم الأحكام بواسطة البعثات التي كان يبعث بها الى خارج المدينة تارة ، وبواسطة القضاة والولاة الذين كان يرسلهم لإدارة شؤون تلك المناطق السياسية والدينية تارة أخرى.
ولما انتقل الى ربه الكريم وانتهت قيادة المسلمين الى الخلفاء من بعده كان الخليفة وأعوانه يشرفون على تنظيم الدولة وتطبيق الرسالة الإسلامية ، وفي المدينة الكثير من صحابة الرسول رافقوا الرسول منذ اليوم الأول من دعوته المباركة ، والبعض الآخر آمن بالإسلام ومبادئه على مراحل مرت من جهاد الرسول في سبيل تلك الدعوة ، ومما لا شك فيه ان بين هؤلاء وأولئك عددا ليس بالقليل قد أحاط بالأحكام وأدرك أسرار الكتاب نصه وظاهره ومجمله ومبينة وأخذ عن الرسول أحكاما كثيرة لم تتناولها النصوص القرآنية وآيات التشريع ، وهؤلاء هم المعنيون من بين صحابة الرسول بفقهاء الصحابة والذين قاموا بنشر رسالة الإسلام وتعاليمه المقدسة وكانوا المرجع في التشريع حتى عهد التابعين وتابعيهم ، وفي الفصول الآتية من هذا الكتاب سنشير الى الجهود التي بذلها المخلصون من الصحابة وغيرهم لنشر الشريعة وتعلم الأحكام.
صفحہ 20