180

أتزعمون اني أكذب على الله ورسوله وأحرق نفسي بالنار؟! والله لقد سمعت رسول الله يقول : لكل نبي حرما وان حرمي بالمدينة ما بين عير الى ثور ، فمن أحدث فيها حدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. وأشهد بالله أن عليا أحدث فيها. ولما بلغ معاوية قوله ، أجازه وأكرمه وولاه امارة المدينة (1).

وقد ذكر الأستاذ أبو رية ، بعنوان تشيع أبي هريرة لبني أمية انه لم يصاحب النبي الا على ملء بطنه ، كما ذكر هو مرارا عن نفسه. وانه قد اتخذ الصفة ملاذا لفقرة ، يأكل فيها كما يأكل سائر أهلها ، ويأكل عند النبي وأصحابه. ومن كان هذا شأنه لا يكون ولا جرم الا مهينا لا شأن له ولا خطر. وقد ظل على هذه المهانة زمن النبي (ص) وأبي بكر وعمر. ثم أخذ يظهر في زمن عثمان ، بعد انزوائه ، ويبدو للناس بعد خفائه.

ولما شبت نار الحرب بين علي ومعاوية وان شئت فقل لما انبعث الصراع بين الأموية والهاشمية ، بعد ان توارى ، فرقا من القوة ، في زمن النبي وخليفتيه ابي بكر وعمر ، وانقسم المسلمون فرقا اتجه أبو هريرة إلى الناحية التي يميل إليها طبعه وتتفق مع هوى نفسه ، وهي ناحية معاوية ، إذ كانت تملك من أسباب السلطان والترف والمال والنعيم ما لم تملك ناحية علي (ع) التي ليس فيها الا الفقر والجوع والزهد.

وليس بغريب على من نشأ نشأة أبي هريرة وعاش عيشته ان يتنكب الطريق التي تؤدي الى علي ، وان يتخذ سبيله إلى معاوية ليشبع نهمه من ألوان موائده الشهية ويقضي وطره من رفده وصلاته وعطاياه السنية (2).

صفحہ 180