أوقات نزوله على الرسول ، لأنهما تخوفا ضياعها وذهاب حفاظ القرآن ، بسبب الغزوات والحروب. أما كتابته في مصحف واحد ، فرواية البخاري تنص على انها لم تكن قبل خمس وعشرين من الهجرة بإشارة حذيفة ، بعد ان رأى ان اختلاف القراء في القراءة ربما يؤدي الى اختلاف المسلمين في كتابهم ، كما اختلف اليهود والنصارى في كتبهم ، فكان من نتيجة ما أشار به حذيفة أن انتخب عثمان أربعة ، فكتبوه حسب اجتهادهم وبلغة قريش ، وأحرق جميع الصحف التي كتبت عليها آيات القرآن في عهد الرسول وبعده. وهذا يدل على مخالفة ما كتبه هؤلاء الأربعة للصحف التي كانت بين أيدي المسلمين. ولو لا ذلك لم يكن لاحراقها أي فائدة.
ولا بد لنا من الوقوف ، ولو قليلا مع هذا الحديث ، للتنبيه على ان الخليفة لم يكن موفقا في هذا التدبير ، مع العلم بأن الحديث موثوق بصحته عند المحدثين من أهل السنة. لقد أوكل عثمان بن عفان تدوين القرآن ونقله من الصحف التي جمعها زيد بن ثابت ، بأمر من أبي بكر إلى أربعة من المسلمين ، منهم : زيد بن ثابت ، والثلاثة الباقون من فتيان المسلمين ، الذين لم يكونوا في عصر نزوله وبعده من ذوي المؤهلات ، التي تؤهلهم لتحمل هذه المسؤولية الكبرى الملقاة على عاتقهم. وفي المسلمين من أعيان الصحابة الذين رافقوا نزوله منذ اليوم الأول ، وفيهم علي بن ابي طالب (ع) وعمار بن ياسر وأبو ذر ، وغيرهم من القراء وحفظة القرآن ، العارفين بأسراره وأسباب نزوله.
ومع انه كلفهم بنقله من الصحف التي جمعها زيد بن ثابت ووضعها الشيخان عند السيدة حفصة ، فقد أمرهم أن يكتبوه بلغة قريش ، إذا اختلف الثلاثة مع زيد بن ثابت ، في اللغة التي نزل بها.
صفحہ 143