غير أن أكثر المؤرخين على الضد من رواية القفطي يثبتون أن عيسى قدم بغداد وطب بها.
وقدم من بعد ذلك إلى بغداد «بختيشوع» بن «جورجيس»، وكان طبيبا للخليفة هارون الرشيد سنة 171ه/787م، ومن بعده قدم ابنه جبرائيل، فأرسل ليقوم على تطبيب جعفر البرمكي، وزير هارون الرشيد، وكتب جبرائيل مدخلا لعلم المنطق ورسالة للمأمون في التغذية والمشاريب، وملخصا في الطب أخذ عن ديوسقورس
Dioscorus
وجالينوس وبولص الأجانيطي، وكتب في وصايا طبية كثيرة، ورسالة في الروائح، وغير ذلك، ومن المعروف أن الطب الهندي كان أول ما أدخل في مدرسة جنديسابور، ومن ثم امتزج بالطب اليوناني، ولكن اليوناني تغلب أخيرا.
ومن الذين اشتهروا من الأطباء في بغداد «يحيى بن ماسرجس» أو ماسرجويه
John bar Maserjoye
وقد رأس مدرسة الطب في بغداد زمانا، وله مترجمات كثيرة ومؤلفات، ويقول الأستاذ «أوليري»: إنه مترجم كتاب «سنتا غما»
Syntagma
إلى اللغة السريانية.
وظل الطب عند العرب واقفا عند حد النقل والترجمة تأليفا، وعند تجارب مدرسة الإسكندرية عمليا، ولقد أشرنا من قبل إلى تلك الأساطير التي تخالطت بالطب والكيمياء في مصر بمدرسة الإسكندرية، فإن هذه الأساطير قد ظلت مؤثرة أثرها المحتوم في العرب طوال أيام مدنيتهم، وكان هذا الأمر سببا في أن العقل العربي لم يثب إلى الابتكار في علم الطب مبكرا شأنه في كثير من ضروب المعارف التي زاولها، فإن الابتكار في الطب لم يأت إلا في عصور متأخرة من المدنية العربية.
نامعلوم صفحہ