خطبة الكتاب
القسم الأول
القسم الثاني
القسم الثالث
القسم الرابع
القسم الخامس
خطبة الكتاب
القسم الأول
القسم الثاني
القسم الثالث
القسم الرابع
القسم الخامس
تاريخ الفيوم
تاريخ الفيوم
تأليف
إبراهيم رمزي
خطبة الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي حفظ لرسوله تاريخ الأول، وقص عليه أخبار من مضى من الدول، وصلاة وسلاما على خير الأصفياء، وآله وصحبه وجميع الأنبياء، أما بعد: فإن التاريخ من أحسن ما يطالعه الإنسان؛ ليعتبر بمن سبقه في غابر الزمان، فإنه مرآة يرى فيها المتأخرون ما قام به المتقدمون، من أعمال وآثار، وعلم واختبار، فيلتقط منه أبناء هذا الجيل محاسن ما قاموا به من زمن طويل، ويتمسكون بمحمود الخصال، وممدوح الخلال، وينبذون المضر من العوائد؛ فتحصل لهم بذلك أعظم الفوائد، إذ إن عمر الإنسان قصير، ومكثه في هذه الدار الفانية ليس بكثير، وإذا فرضنا أنه عمر ألف سنة، ولم يأخذه في طول حياته نوم ولا سنة، مكدا في الجد والاجتهاد، ليحصل على ما به يستفاد؛ لرجع بعد ذلك بالإعياء، وحفظ شيئا وغابت عنه أشياء، ورحم الله من قال في مثل هذا المجال:
ليس بإنسان ولا عاقل
من لم يع التاريخ في صدره
ومن درى أخبار من قبله
أضاف أعمارا إلى عمره
ولذلك دعاني حب وطني الخصوصي - وهو مديرية الفيوم - أن أقوم له بخدمة تجمع ما تفرق من تاريخه في كتاب يرجع إليه المؤرخون عموما وأهل هذه المديرية خصوصا فيما يريدون معرفته من أخبارها وآثارها، وما اشتهر فيها من الرجال من قديم الزمان إلى الآن، وما اشتهرت به من المحاصيل وأنواعها، وجباية الأموال فيها، وأصل مؤسسيها، وتاريخ بحيرة موريس، وسبب إنشائها، ومن أنشأها، والترعة المسماة ببحر يوسف، وما أتى في كل ذلك من أقوال قدماء المؤرخين، كل ذلك نسنده إلى من رواه من مدوني الأخبار والآثار لكيلا ينسب إلينا ميل نحو فكر مخصوص ما لم نر وجه ثبوته ظاهرا كالشمس.
وقد اعتمدنا على أن نقسم هذا التاريخ إلى خمسة أقسام: فالقسم الأول: يحتوي على تاريخ الفيوم منذ نشأتها إلى ما قبل تولية المغفور له محمد علي باشا، والقسم الثاني: منذ تولية هذا البطل إلى آخر سنة 1894 ميلادية الموافقة لسنة 1312 هجرية، والقسم الثالث: يحتوي على أشهر العلماء والأدباء والأولياء، وما قيل في الفيوم من نظم ونثر، والقسم الرابع: يحتوي على موقع مديرية الفيوم الجغرافي، وأسماء مدنها وقراها، وعدد أهاليها وأطيانها وترعها، وإحصائية عن أهم محاصيلها، وما بها من فروع الدواوين والمصالح الأميرية، وتجار المدينة، وأسماء ذواتها، وأشهر ما بها من المحلات والجمعيات، وغير ذلك مما يهم ذكره.
والقسم الخامس: يحتوي على صور رؤساء الدواوين وبعض كبار الخدمة، وجملة من أعيان وذوات الفيوم، مع ملخص تراجم ذوي الصور، وأشهر ما وقع لهم في سيرتهم.
هذه هي أقسام الكتاب، ولا يخفى أن كثيرا من الدول والأقطار لا يمكن تسلسل تاريخ حكامها أو ما كانت عليه أحوالها، فلا لوم إذا لم نلم بتسلسل تاريخ أحوال الفيوم سنة سنة أو حاكما حاكما؛ لأن هذا من أصعب الأمور، وخصوصا في إقليم صغير كمديريتنا، وبالأخص في الزمن القديم، إذ إن المؤرخ ليس إلها حتى يحيط بالغيب، ومعلوم أن نفس تاريخ مصر القديم غامض جدا فكيف بمديرية تابعة لها؟ فالمؤرخ رجل يقتبس من التواريخ القديمة ما يختص بموضوع تأليفه، وليس له أن يخلق شيئا من عنده. فغاية ما في الأمر بالنسبة لتاريخنا أننا جمعنا ما قيل عن هذه المديرية في تاريخها القديم مما قاله قدماء المؤرخين وغيرهم، مثل تاريخ الرجل الشهير هيرودوتس، وخطط المقريزي، وكتاب حضرة أحمد بك كمال، وغيرهم من مؤلفي العرب وخلافهم.
وأما تاريخ الفيوم الحديث فنأخذه من المصادر الرسمية، والتآليف الحديثة فيما يختص بالجغرافيا، ومن أفواه أصدق الرواة الثقات الذين عمروا منذ آخر عهد المغفور له محمد علي باشا إلى الآن، ولا نثق منهم إلا بالسليم العقل، القوي الإدراك، الخالي الغرض، مع إثبات ما حصل في زماننا وشاهدناه عيانا.
وقد كان بودنا أن نضع صور جميع أعيان مديريتنا، فأعلناهم باستحضارها لنا لنقشها على معدن حتى يمكن طبعها ضمن هذا التاريخ لزيادة الفائدة، وتخليد الأثر والذكرى، كما جرت عادة المتمدنين في بلادهم، فالبعض أعطانا صورته مشفوعة بالشكر والممنونية، والبعض الآخر أبى كل الإباء، ولما تصفحنا ضمائر بعض هؤلاء الذين لم يريدوا قال فريق: «إن هذا من المحرمات شرعا»، فحاولنا إقناعهم بأن الشريعة الغراء لم تحرم ذلك، فلم يكن منهم إلا الصد وعدم الرد، فتركنا هؤلاء على ما هم عليه من الأفكار، وفريق آخر قال: «إننا لسنا من الوزراء ولا الملوك ولا الأمراء، فما معنى تصويرنا في تاريخ؟!» فقلنا لهم: «نعم، كان يصح قولكم إذا كان كتابنا تاريخا عاما لمصر، فحينئذ لا يكون لوضع صورتكم معنى، ولكن ما دام كتابنا مقتصرا على مديريتنا فوضع صورة أعيانها ورؤساء حكومتها من الكماليات المستحسنة في ذلك التاريخ، خصوصا وأن وضع ترجمة صاحب الصورة ستكون عنوانا لأعماله في المستقبل وتخليدا لاسمه، الأمر الذي إن لم تكن له فائدة في الحاضر فستكون له أهمية في المستقبل»، فلم يقبل هؤلاء أيضا فتركناهم وشأنهم، واقتصرنا على وضع صور من تفضل علينا منهم.
هذا ما أردنا أن نقوم به لمديريتنا. على أننا لا نريد على هذه الخدمة من أحد جزاء ولا شكورا، غير أننا نرجو ممن يتصفح كتابنا أن يغض الطرف عما يراه به من الخطأ والخطل، إذ الإنسان محل الهفوات والعصمة لله وحده. والسلام.
القسم الأول
تحقيق اسم الفيوم
إن الذي حفر بحيرة موريس هو الملك أمنمحعت الثالث أحد ملوك العائلة الثانية عشرة، وهو من الرعاة، وكان اسم زوجته «سبك نفرورع»، ووجد في الآثار القديمة أن اسم الفيوم القديم «بي سبك»، فلا يبعد أن يكونوا قد وضعوا اسم الفيوم على اسم زوجة الملك المذكورة. وكانت الفيوم أيضا باسم «بيومع» أي مدينة اليم، واسم الفيوم بالهرمسية «بايوم» أو «فايوم».
ومن هذا يعرف أن الذين قالوا إن اسم الفيوم مأخوذ من قولهم: «ألف يوم» قد أخطئوا كثيرا، وتحرير هذا الزعم على قولهم: «إن سيدنا يوسف لما بنى الفيوم في جملة أيام اختلفوا في أنها سبعون يوما أو أربعة أشهر، وجاء الملك فرآها فسأل يوسف: في كم يوم بنيتها وحفرت ترعتها؟ فقال: في كذا من الأيام. فاستغرب الملك قوله وقال: إن هذا عمل يستغرق على الأقل ألف يوم. فدعوها باسم الفيوم.»
مع أننا لو تصفحنا التواريخ لوجدنا أن أمنمحعت الثالث كان موجودا قبل سيدنا يوسف بزمن طويل، وقد سميت الفيوم «بايوم» أو «فايوم» في زمن أمنمحعت المذكور، أي قبل ميلاد سيدنا يوسف كما ثبت ذلك من آثار الأقدمين، فإذن لا صحة لقول القائل بأن اسمها مأخوذ من «ألف يوم».
ومعنى «بايوم» أو «فايوم» بلد البحر، ولفظ الفيوم محرف عن هذين الاسمين، ومضاف إليه «ال» أداة التعريف.
أقوال هيرودتس عن الفيوم ومحتوياتها
هيرودتس هو رجل يوناني اشتهر بعلم تاريخ الأقدمين، وقد ساح في أغلب البلاد التي دون تاريخها وأخذ عن أهلها، ما ساعده على كتابة تاريخه، توفي هذا الرجل المؤرخ منذ 2200 سنة، قال في تاريخه فيما يختص بالفيوم ما يأتي - نقلناه مع إضافة بعض بيانات: «وقال لي الكهنة - أي كهنة المصريين: إنه لم يكن من هؤلاء الملوك - أي ملوك العائلة الثانية عشرة - واحد امتاز بأعمال عظيمة ولا بأثر جليل إلا موريس - يعني أمنمحعت الثالث - وهو آخرهم فإنه اشتهر بآثار كثيرة؛ لأنه بنى دهليز هيكل فلكانوس الذي إلى جهة الشمال، وحفر بحيرة سأذكر مساحتها فيما بعد، وأنه أنشأ أهراما سأذكر كبرها حينما آتي على ذكر البحيرة.» ا.ه.
وقال في موضع آخر من تاريخه ما نصه:
وأنا أذكر الآن ما جرى في مصر بحسب إقرار المصريين أنفسهم وسائر الأمم، وأضيف على ذلك ما شهدته بنفسي.
بعد موت سيتوس الذي كان ملكا وكاهنا لفلكانوس معا، تمتع المصريون بحريتهم، ولكن إذ كانوا لا يقدرون أن يلبثوا برهة بلا ملك اختاروا اثني عشر ملكا، وقسموا مصر إلى اثني عشر قسما، جعلوا كل ملك لقسم منها، وصار الاتحاد بين هؤلاء الملوك بالزواج، وتعاهدوا ألا يضروا بعضهم بعضا، وألا يطمع الواحد بملك الآخر، وأن يبقوا دائما متحدين بالمحبة الصادقة. وكانت الغاية من هذه المعاهدة أن يتقوا ويثبتوا بإزاء كل خطر يعرض؛ لأنه منذ أول ملكهم بلغهم وحي أن من يقدم منهم سكيبا في هيكل فلكانوس بكأس من نحاس يملك على كل مصر، ولذلك كانوا يجتمعون في كل الهياكل.
وأرادوا أيضا أن يبنوا أثرا على نفقتهم جميعا، فلما تم عزمهم بنوا بربى فوق بحيرة موريس بقليل وقرب مدينة التماسيح، وقد رأيت هذا البناء فوجدته يفوق وصف الواصفين، فكل أعمال الأغارقة وكل أبنيتهم لا تشبهه لا من جهة الشغل ولا من جهة النفقة، بل جميعها دونه بكثير، وهياكل أفسس وساموس تستحق المدح. وأما الأهرام فهي فوق كل ما يقال عنها، كل واحد منها خصوصا يمكن أن يقابل بأعظم أبنية الأغارقة. على أن البربى يفوق الأهرام نفسها - البربى هي المسماة لابيرانتا - فهو مؤلف من اثنتي عشرة دارا تحدق بها أسوار أبوابها متقابلة، ستة منها إلى الشمال وستة إلى الجنوب، وكلها متلاصقة، وحول الجميع سور واحد، ومنازلها مزدوجة، منها ألف وخمسمئة غرفة تحت الأرض وألف وخمسمئة فوق الأرض، وكلها ثلاثة آلاف. وقد دخلت المنازل العليا وجلت فيها، ولذلك أتكلم عنها بتحقيق لأني شاهدتها بعيني، وأما التي تحت الأرض فلا أعرف عنها إلا ما قيل لي؛ لأن المصريين المتولين أمرها لم يسمحوا لي أن أراها؛ لأنها على قولهم متخذة مدافن للتماسيح المقدسة والملوك الذين بنوا هذا البناء كله، فلا أتكلم إذن عن المنازل السفلى إلا نقلا عن كلام الناس، وأما العليا فقد رأيتها وأحسبها كأعظم ما عمل البشر في سالف الأزمان.
فلا يزداد الإنسان إلا تعجبا من اختلاف المسالك المتعرجة المؤدية من الدور إلى المنازل، والمنافذ المؤدية منها إلى دور آخر، وكل مجموع من تلك المنازل مؤلف من غرف كثيرة، تنتهي إلى معابر يوصل منها إلى منازل أخرى، تجتاز غرفها للوصول إلى دور آخر، وسقف كل مجموع المنازل من حجر وكذلك الجدران، وهذه كلها منقوشة بصور مسنمة.
وحول كل دار صف من الأساطين حجرها أبيض، متقنة الإحكام، وفي الزاوية التي ينتهي بها البربى يوجد هرم علوه خمسون أورجية، قد حفرت عليه صور كبيرة لبعض الحيوانات ، ويوصل إليه بمدخل تحت الأرض.
ومهما كان هذا البربى عجيبا، فإن بحيرة موريس القريبة إليه أعجب منه؛ محيطها ثلاثة آلاف وستمئة استادة عبارة عن ستين سخينة، أي أن استدارتها بمقدار مسافة ساحل مصر كلها من جهة البحر، وهذه البحيرة الممتدة طولا من الشمال إلى الجنوب عمقها خمسون أورجية في عمق موضع منها، وقد حفرت بأيدي الناس والدليل منها نفسها فإنه يشاهد في وسطها تقريبا هرمان علو كل منهما فوق الماء خمسون أورجية وخمسون تحت الماء، وعلى كل منهما تمثال ضخم جالس على عرش، فطول كل من هذين الهرمين مئة أورجية، فمئة أورجية تكون استادة أي ستة بليثرات؛ لأن الأورجية ستة أقدام أو أربع أذرع والقدم أربع قبضات والذراع ست قبضات.
ومياه بحيرة موريس ليست من نبع؛ لأن الأرض التي فيها جافة جدا وقاحلة، بل يؤتى بها من النيل بترعة بينهما، فتجري من النيل إلى البحيرة مدة ستة أشهر، ومن البحيرة إلى النهر ستة الأشهر الأخرى، وفي مدة رجوع المياه منها إلى النهر يكون من الصيد في البحيرة ضريبة للخزينة الملوكية وزنة فضة كل يوم، لكن في الستة أشهر التي تدخلها المياه من النيل لا تكون الضريبة إلا عشرين منا - الوزنة عبارة عن 5400 درهم والمنا 90 درهما - فيكون مدخول الصيد السنوي للخزينة 296000 درهم، وكلها تنفق على حلي الملكة وعطرها.
وللبحيرة عطفة من جهة الغرب، وتتجه إلى وسط الأرض على موازاة طول الجبل فوق منف، وتتفرغ مياهها لمنفعة أهالي البلاد في خليج «سيرته» من ليبيا بواسطة قناة من تحت الأرض. ولكوني لم أر في موضع ما استخرج من التراب عند حفر البحيرة، وكنت مشتاقا لمعرفة مكان وجوده سألت أهل البلاد الذين هم أقرب إلى البحيرة من غيرهم، فلم يصعب علي تصديقهم أكثر مما صعب علي تصديق الخبر عما فعل أهل نينوى مدينة الآشوريين من نحو هذا، وذلك أن لصوصا أرادوا سرقة كنوز سردنابال ملك نينوى، وكانت وفيرة جدا، ومكنوزة في مكان تحت الأرض، فابتدءوا يحفرون الأرض من موضع سكناهم، وقد اتخذوا التدابير وعرفوا المسافة بتحقيق تام، فاستمروا يحفرون إلى أن وصلوا إلى قصر الملك، وعند دخول الليل كانوا يأخذون التراب ويلقونه في دجلة وهو يجري على طول مدينة نينوى، وبقوا هكذا في عملهم إلى أن بلغوا غايتهم. وهكذا على ما سمعت عمل أهل مصر، لكن الفرق أنهم لم يكونوا يحفرون البحيرة ليلا بل في النهار، وكلما حفروا شيئا كانوا ينقلون التراب ويلقونه في النيل فيبدده، وعلى هذه الطريقة كان حفر البحيرة إذا صدق أهل البلاد. ا.ه.
وقال في موضع آخر، ويؤخذ من قوله إن أهل الفيوم كانوا يعبدون التمساح، كما يتضح ذلك من عبارته الآتية:
وبعض المصريين يحسبون التماسيح مقدسة، وبعضهم يطاردونها ويقتلونها، فالذين يسكنون نواحي طيوة وبحيرة موريس يحترمونها احتراما شديدا، وكلهم يأخذون تمساحا صغيرا يربونه ويعلمونه أن يحتمل مس اليد، ويعلقون في أذنه حلقا من ذهب أو حجارة مقلدة، ويجعلون في قائمتيه الأماميتين أساور، ويطعمونه من لحم الذبائح وأطعمة أخرى مفروضة، ويعتنون به ما دام حيا، وإذا مات يحنطونه ويضعونه في تابوت مقدس. انتهى كلام هيرودتس.
أقوال المقريزي في خططه عن الفيوم
نقلنا أقوال هذا المؤرخ العربي الشهير مع بعض تصرف واختصار. قال تحت هذا العنوان «خليج الفيوم والمنهى»: «مما حفره نبي الله يوسف الصديق - عليه السلام - عندما عمر الفيوم كما هو مذكور في خبر الفيوم من هذا الكتاب، وهو مشتق من النيل لا ينقطع جريه أبدا، وإذا قابل النيل ناحية دورة سريام التي تعرف اليوم بدورة الشريف «ديروط» يعني ابن ثعلب النايب في أيام الظاهر بيبرس، تشعبت منه في غربيه شعبة تسمى المنهى تستقل نهرا يصل إلى الفيوم، وهو الآن عرف ببحر يوسف، وهو نهر لا ينقطع جريانه في جميع السنة، فيسقي الفيوم عامته سقيا دائما، ثم ينجز فضل مائه في بحيرة هناك. ومن العجب أن ينقطع ماؤه من فوهته، ثم يكون له بلل دون المكان المندى، ثم يجري جريا ضعيفا دون مكان البلل، ثم يستقل نهرا جاريا لا يقطع إلا بالسفن، ويتشعب منه أنهار، وينقسم قسما يعم الفيوم يسقي قراه ومزارعه وبساتينه وعامة أماكنه، والله أعلم.» ا.ه.
وقال تحت هذا العنوان «ذكر مدينة الفيوم»: «اعلم أن موضع الفيوم مكان مغيض ماء النيل، فلما ولي السيد يوسف الصديق - عليه السلام - تدبير أمور مصر عمرها، قال ابن وصيف شاه: «ثم ملك الريان بن الوليد وهو فرعون يوسف، والقبط تسميه نهراوش، فجلس على سرير الملك، وكان عظيم الخلق، جميل الوجه، عاقلا، متمكنا، فوعد بالجميل، وأسقط عن الناس خراج ثلاث سنين، وفرق المال في الخاص والعام، وملك على البلد رجلا من أهل بيته يقال له أطفين، وهو الذي يسميه أهل الأثر العزيز، فأمر أن ينصب له في قصر الملك سرير من فضة يجلس عليه، ويغدو فيه ويروح إلى باب الملك، ويخرج العمال والكتاب بين يديه، فكفى نهراوش ما خلف ستره، وقام بجميع أموره وخلاه للذته، فانغمس نهراوش في لهوه، ولم ينظر في عمل، ولا ظهر للناس حينا، والبلد عامر وهو لا يسأل عن شيء. وعمل له مجالس من زجاج ملون وحولها ماء فيه أسماك مفرطة وبلور ملون، فكان إذا وقعت الشمس عليه ظهر له شعاع عجيب، وعملت له عدة منتزهات على عدد أيام السنة، فكان في كل يوم في موضع منها، وعمل له في كل موضع من الآنية والفرش ما ليس لغيره.
فاتصل بملوك النواحي تشاغله بلذته وتدبير أطفين، فسار ملك من العماليق يقال له أبو قابوس عاكر بن يخوم إلى مصر، ونزل على حدودها، فجهز إليه العزيز جيشا عليه قائد يقال له بريانس، فأقام يحاربه ثلاث سنين، فظفر به العمليقي وقتله، وهدم الأعلام والمصانع وقوي طمعه في البلد، فاجتمع الناس إلى قصر الملك واستغاثوا، فخرج إليهم وعرض جيوشه، وخرج في ستمئة ألف مقاتل سوى الأتباع، فالتقوا من وراء الحوف، وكان بينهما قتال شديد، فانهزم العملقي وتبعه نهراوش إلى حد الشام. وبالجملة فقد هاج في صدره حب الحرب، فضرب السودان إلى أن تجاوز بلاد الدمدم الذين يأكلون الناس وغيرهم، حتى خافه جميع الملوك، وتخلص من القول بأنه منغمس في اللذات، ثم رجع إلى بلاده فوجد العزيز المسمى أطفين متوليا الأمور كما تركه، وحينئذ حدث ليوسف السجن بعد أن راودته امرأة العزيز إلى آخر القصة. وبعدها مات العزيز والريان منعكف على الملاذ، وحصل يوسف على خزائن مصر أيام الخصب والجدب، ثم ولي يوسف الأحكام في مصر.
وفي وقته - أي وقت الريان المسمى نهراوش - عمل يوسف الفيوم، فإن أهل مصر كانوا وشوا به إلى الملك، وقالوا قد كبر ونقص نفعه فاختبره، فقال له: «إني وهبت هذه الناحية لابنتي وكانت مغايض للماء، فدبرها لها»، فعملها يوسف، واحتال للمياه حتى أخرجها، وقلع أوحالها، وساق المنهى وبنى اللاهون، وجعل الماء فيها مقسوما موزونا، وفرغ منها في شهور أربعة فعجبوا من حكمته.
ويقال في خبر بناء يوسف - عليه السلام - مدينة الفيوم إنه لما وزر لفرعون ثلاثين سنة عزله، فقال: «لم عزلتني؟» فقال: «لم أعزلك لريبة ولا أنسى بركتك، ولكن آبائي عهدوا إلي أن لا يتولى لنا وزير أكثر من ثلاثين سنة، وإنا نخشى أن يتأصل الوزير حتى يدبر على الملك»، فقال له يوسف: «قد علمت نصحي لك حتى صيرت ديار مصر كلها ملكا لك، فأقطعني أرضا تكون لقوتي وقوت أهلي وعشيرتي.» فقال له فرعون: «اختر حيث شئت.» فمشى يوسف في قفار الأرض حتى رأى أرض الفيوم، وفيها جبل حائل بين النيل وبينها، فوزن ماء النيل حتى رأى أن قاعها يركبه النيل، فخرق خرقا في ذلك الجبل، وساق الماء فيه إلى الفيوم، فسقى الأرض وعمل في جوانب الماء ثلاثمئة وستين قرية على عدد أيام السنة، وشحنها بالغلال والأقوات التي ازدرعها، فكان إذا نقص النيل ووقع الجوع بأرض مصر، باع كل يوم ما جمعه في قرية من قرى ال فيوم، حتى ملك مصر لنفسه كما جمعها للملك؛ فعظم شأن يوسف وكثر ماله، فرده الملك بعد مدة إلى وزارته، وتوفي وهو وزير، فأوصى بخروج جثته إلى الأرض المقدسة، فخرج بها هارون بن أفرايم بن يوسف في مئة ألف من بني إسرائيل، فهزمته الجبابرة فيما بين مصر والشام، وهلك أكثر من معه، وعاد بمن بقي معه إلى مصر، فأقاموا بها حتى بعث الله موسى بن عمران - عليه السلام - إلى فرعون رسولا، فخرج ببني إسرائيل من مصر ومعه جثة يوسف - عليه السلام - وفي ذلك الزمان استنبطت الفيوم.
وقيل: كان سبب ذلك أن يوسف - عليه السلام - لما ملك مصر، وعظمت منزلته من فرعون، وجاوز سنه مئة سنة، قال وزراء الملك له: «إن يوسف قل علمه وتغير عقله ونفدت حكمته»، فعنفهم فرعون، ورد عليهم مقالتهم، وأساء اللفظ لهم، فكفوا ثم عاودوه بذلك القول بعد سنين فقال لهم: «هلموا ما شئتم من أي شيء اختبروه به.» وكان بلد الفيوم يومئذ يدعى الجوبة، وإنما كانت لمصالة ماء الصعيد وفضوله، فاجتمع رأيهم على أن تكون هي المحنة التي يمتحنون بها يوسف، فقالوا لفرعون: «سل يوسف أن يصرف ماء الجوبة عنها، ويخرجه منها، فتزداد بلدا إلى بلدك، وخراجا إلى خراجك.» فدعا يوسف فقال: «تعلم مكان ابنتي فلانة مني، وقد رأيت إذا بلغت أن أطلب لها بلدا، وإني لم أصب لها إلا الجوبة، وذلك أنه بلد بعيد قريب لا يرى بوجه من الوجوه إلا من غابة أو صحراء، وكذلك ليست هي تؤتى من ناحية من النواحي من مصر إلا من مفازة وصحراء، فالفيوم وسط مصر كمثل مصر في وسط البلاد؛ لأن مصر لا تؤتى من ناحية من النواحي إلا من صحراء أو مفازة.» قال: «وقد اقتطعتها إياها، فلا تتركن وجها ولا نظرا إلا بلغته.» فقال يوسف: «نعم أيها الملك، متى أردت ذلك فابعث إلي، فإني إن شاء الله فاعل ذلك.» قال: «أحبه إلي وأرفعه أعجله.»
فأوحي إلى يوسف أن تحفر ثلاثة خلج: خليجا من أعلى الصعيد من موضع كذا، وخليجا شرقيا من كذا إلى موضع كذا، وخليجا غربيا من موضع كذا إلى موضع كذا، فوضع يوسف العمال فحفر خليج المنهى من أعلى أشمون إلى اللاهون، وأمر البنائين أن يحفروا اللاهون، وحفر خليج الفيوم وهو الخليج الشرقي، وحفر خليجا بقرية يقال لها بنهمت من قرى الفيوم وهو الخليج الغربي، فخرج ماؤها من الخليج الشرقي، فصب في النيل، وخرج من الخليج الغربي فصب في صحراء بنهمت إلى الغرب، فلم يبق في الجوبة ماء، ثم أدخلها الفعلة فقطع ما كان فيها من القصب والطرفاء وأخرجه منها، وكان ذلك ابتداء جري النيل. وقد صارت أرض الجوبة نقية برية، وارتفع ماء النيل فدخل في رأس المنهى فجرى فيه حتى انتهى إلى اللاهون فقطعه إلى الفيوم، فدخل خليجها فسقاها فصارت لجة من النيل. وخرج إليها الملك ووزراؤه، وكان هذا كله في سبعين يوما، فلما نظر إليها الملك قال لوزرائه أولئك: «هذا عمل ألف يوم» فسميت الفيوم، وأقامت تزرع كما تزرع غوايط مصر.
قال: وقد سمعت في استخراج الفيوم غير هذا: أن يوسف - عليه السلام - ملك مصر وهو ابن ثلاثين، فأقام يدبرها أربعين سنة، فقال أهل مصر: قد كبر يوسف واختلف رأيه، فعزلوه. وقالوا: اختر لنفسك من الموات أرضا تقطعها لنفسك وتصلحها وتعمل رأيك فيها، فإن رأينا من رأيك وحسن تدبيرك ما نعلم أنك في زيادة من عقلك رددناك إلى ملكك. فاعترض البرية في نواحي مصر، فاختار موضع الفيوم فأعطيها، فشق إليها خليج المنهى من النيل حتى أدخله الفيوم كلها، وفرغ من حفر ذلك كله في سنة. قال يزيد بن أبي حبيب: وبلغنا أنه إنما عمل ذلك بالوحي، وقوي على ذلك بكثرة الفعلة والأعوان، فنظروا فإذا الذي أحياه يوسف من الفيوم لا يعلمون له بمصر كلها مثلا ولا نظيرا، فقالوا: «ما كان يوسف قط أفضل عقلا ولا رأيا ولا تدبيرا منه اليوم»، فردوا إليه الملك فأقام ستين سنة تمام مئة سنة، حتى مات وهو ابن ثلاثين ومئة سنة.
ثم بلغ يوسف قول وزراء الملك وأنه إنما كان ذلك على المحنة منهم له، فقال للملك: «عندي من الحكمة والتدبير غير ما رأيت» فقال له الملك: «وما ذاك؟» قال: «أنزل الفيوم من كل كورة من كور مصر أهل بيت، وآمر أهل كل بيت أن يبنوا لأنفسهم قرية - وكانت قرى الفيوم على عدد كور مصر - فإذا فرغوا من بناء قراهم صيرت لكل قرية من الماء بقدر ما أصير لها من الأرض، لا يكون في ذلك زيادة ولا نقص، وأصير لكل قرية شربا في زمان لا ينالهم الماء إلا فيه، وأصير مطاطئا للمرتفع ومرتفعا للمطاطئ بأوقات من الساعات في الليل والنهار، وأصير لها قبضات، فلا يقصر بأحد دون حقه، ولا يزداد فوق قدره.» فقال له فرعون: «هذا من ملكوت السماء؟» قال: «نعم.» فبدأ يوسف فأمر ببنيان القرى وحدد لها حدودا، وكانت أول قرية عمرت بالفيوم قرية يقال لها سانة، وهي القرية التي كانت تنزلها بنت فرعون، ثم أمر بحفر الخليج وبنيان القناطر، فلما فرغوا من ذلك استقبل وزن الأرض ووزن الماء، ومن يومئذ حدثت الهندسة، ولم يكن الناس يعرفونها قبل ذلك، وكان أول من قاس النيل بمصر يوسف، ووضع مقياسا بمنف. قال جامعه: وفي التوراة إن فرعون ألزم بني إسرائيل البناء وضرب اللبن فبنوا له عدة مدن محصنة منها فيفوم. قال الشارح: هي الفيوم.» ا.ه.
وقال تحت هذا العنوان «ذكر ما قيل في الفيوم وخلجانها وضياعها»: «قال اليعقوبي: كان يقال في متقدم الأيام: مصر والفيوم؛ لجلالة الفيوم وكثرة عمارتها، وبها القمح الموصوف، وبها يعمل الخيش. وحكى المسعودي أن معنى الفيوم ألف يوم. قال القضاعي: الفيوم، وهي مدينة دبرها يوسف - عليه السلام - بالوحي، وكانت ثلاثمئة وستين ضيعة تمير كل ضيعة منها مصر يوما واحدا، فكانت تمير مصر السنة، وكانت تروى من اثنتي عشرة ذراعا، ولا يستبحر ما زاد على ذلك، فإن يوسف - عليه السلام - اتخذ لهم مجرى ورتبه ليدوم لهم دخول الماء فيه، وقومه بالحجارة المنضدة، وبنى به اللاهون. وقال ابن رضوان: الفيوم يخزن فيه ماء النيل، ويزرع عليه مرات في السنة، حتى إنك ترى هذا الماء إذا خلا يغير لون النيل وطعمه، وأكثر ما تحدث هذه الحالة في البحيرة التي تكون في أيام القيظ سفط ونهيا، وصاعدا إلى ما يلي الفيوم، وهذه حالة تزيد في رداءة أهل المدينة - يعني مصر - ولا سيما إذا هبت ريح الجنوب، فإن الفيوم في جنوب مدينة مصر على مسافة بعيدة من أرضها.»
وقال القاضي السعيد أبو الحسن علي ابن القاضي المؤتمن بقية الدولة أبي عمرو عثمان بن يوسف القرشي المخزومي في كتاب «المنهاج في علم الخراج»:
وهذه الأعمال من أحسن الأشياء تدبيرا وأوسعها أرضا، وأجودها قطرا، وإنما غلب على بعضها الخراب لخلوها من أهلها، واستيلاء الرمل على كثير من أرضها، وقد وقفت على دستور عمله أبو إسحاق إبراهيم بن جعفر بن الحسن فذكر خلجان الأعمال المدثورة وما عليها من الضياع، وقد أوردته ها هنا، وإن كان منه ما قد دثر، ومنه ما تغيرت أسماؤه، ومنه ما جهلت مواضعه بالدثور ولكن أوردته ليعلم منه حال الغامر الآن، ويستقصي به من له رغبة في عمارة ما يقدر عليه من الغامر، وفي إيراده مصلحة ليعلم شرب كل موضع ونسخته - دستور - على ما أوضحه الكشف من حال الخلج الأمهات بمدينة الفيوم، وما لها من المواضع، وشرب كل ضيعة منها، ورسمها في السد والفتح والتعديل والتحرير، وزمان ذلك عمل في جمادى الآخرة سنة اثنتين وعشرين وأربعمئة. نبتدئ بعون الله وحسن توفيقه بذكر حال البحر الأعظم الذي منه هذه الخلج، فنذكر مادته التي صلاحه بصلاحها: «خليج الفيوم الأعظم»: يصل الماء إلى هذا الخليج من البحر الصغير المعروف بالمنهى ذي الحجر اليوسفي، وفوقه هذا البحر عند الجبل المعروف بكرسي الساحرة من أعمال الأشمونين، ومنه شرب بعض الضياع الأشمونية والقسية والأهناسية، وعلى جانبيه ضياع كثيرة شربها منه وشرب كروم ماله كروم منها. قال الحجر اليوسفي، والحجر اليوسفي جدار مبنى بالطوب والجير المعروف عند المتقدمين بالصاروج وهو الجير والزيت، وبناؤه من الشمال إلى الجنوب، ويتصل من نهايته من الجنوب بجدار بناؤه مثل بنائه على استقامة من الغرب إلى الشرق، ويحصره ميلان منه في نهايته وطوله مئتا ذراع بذراع العمل، ويتصل بهذا الجدار على طول ثمانين ذراعا منه من جهة الغرب نهاية الجدار الأعظم من الجنوب. وفائدة بناء الجدار الأعظم رد الماء إذا انتهى إلى حدود اثنتي عشرة ذراعا إلى مدينة الفيوم، وطول ما يتصل منه الجدار الذي من جهة الغرب إلى الشرق ثم يتصل بالميل ثم ينخفض من حدود هذا الميل إلى ميل مثله يقابله من جهة الشمال؛ خمسون ذراعا، وبعد ما بين هذين الميلين وهو المنخفض مئة ذراع وعشر أذرع، ومقدار المنخفض منه أربع أذرع. وهذا المنخفض هو الذي يسد بجسر من حشيش يسمى لبشا، وعرض ما يجري عليه الماء وهو موضع اللبش وما قابله إلى جهة الشرق أربعون ذراعا، وعليه مسك اللبش الثاني، ويتصل بهذا الميل إلى جهة الشمال ما طوله ثلاثمئة واثنان وسبعون ذراعا، ثم يتصل به على نهاية هذا الطول جدار يمر على استقامته إلى الحجر مبني بالحجر طوله على استقامته إلى جهة الشرق مئة ذراع، ثم ينخفض أيضا من حيث يتصل بهذا الجدار ما طوله عشرون ذراعا، وقدر المنخفض منه ذراعان، وهذا المنخفض أيضا يسد بجسر حشيش يسمى اللكيد، وطول بقية الجدار إلى نهايته من جهة الشمال مئة وست وثلاثون ذراعا، وقبالة هذا بطوله منه مبلط، وفيه قناطر مبنية بالحجر كانت قديمة ترد الماء إلى الفيوم من الخليج القديم الذي عنده السدود اليوم، وكان عليها أبواب، وعدتها عشر قناطر قديمة، فيكون جميع ذرع الجدار الأعظم من نهايته سبعمئة واثنين وسبعين ذراعا بذراع العمل دون الجدار المعترض من الغرب إلى الشرق.
ويمر هذا الجدار الأعظم من كلتا جهتيه جميعا حتى يتصل بالجبل، فتوجد آثاره في القيظ مرورا على غير استقامة، وعرضه مختلف، وكلما انتهى إلى سطحه قل عرضه، وعرض أعلاه مع الظاهر من أسفله جميعا ست عشرة ذراعا، وفيه منافس يخرج منها الماء، وهي برابخ زجاج ملونة يشبه المينا وأزرق وسليماني، وهو من العجائب الحسنة في عظم البناء وإتقانه؛ لأنه من الأبنية اللاحقة بمنارة الإسكندرية وبناء الأهرام، فمن معجزته أن النيل يمر عليه من عهد يوسف - عليه السلام - إلى هذه الغاية وما تغير عن مستقره، ويدخل الماء من هذا البحر في هذا الزمان إلى مدينة الفيوم من خليجها الأعظم ما بين أرض الضيعتين المعروفتين بدمونة واللاهون، ومنه شرب هاتين الضيعتين وغيرها سيحا، ومنه شرب كرومها بالدواليب على أعناق البقر، وإن قصر النيل عن الصعود إلى سوادها سقيت منه على أعناق البقر وزرعت.
وينتهي في الخليج الأعظم إلى خليج يعرف بخليج الأواسي، وليس عليه رسم في سد ولا فتح ولا تعديل، وينتهي إلى الضيعة المعروفة ببياض، فيملأ بركها وغيرها من البرك، وللبرك مقاسم يصل إلى كل مقسم منها لغايته ومقدار شرب ما عليه، وينتهي إلى الضيعة المعروفة بالأوسية الكبرى، فمنه شربها من مقسمين لها، وبرسمها باب ومنه يشرب نخلها وشجرها، وعلى هذا الحد طاحونة تعمل بالماء، ثم ينتهي إلى ثلاثة مقاسم آخرها الضيعة المعروفة بمرطبنة، منها مقسم لها، ومقسم لقبالات عدة، والمقسم الثالث يسقي أحد أحياء النخل، وبهذا الحي سواق وبساتين قد خربت وجميز جائر به، وكان بها بيوت في أقنية النخل، ثم ينتهي إلى حي ثان على صفة الأول، ثم ينتهي إلى الضيعة المعروفة بالجوبة فيملأ بركها، وينتهي إلى ثلاثة مقاسم في صف وفوقها خليج معطل، ويشرب من هذه المقاسم عدة ضياع، ثم ينتهي الماء من هذا الخليج إلى البطس، وهو نهايته. وعلى الخليج الأعظم بعد هذا أباليز شربها منه من أفواه لها سيحا، فإذا نضب ماء النيل نصب على أفواهها برسم صيد السمك شباك.
ثم ينتهي الخليج الأعظم على يمنة من يريد الفيوم إلى خليج يعرف ب «خليج سمسطوس»، منه شرب سمسطوس وغيرها، وأباليز كثيرة تجاوز الصحراء من المشرق منه ومن قبليه، وهو ما بين هذا الخليج وخليج الأواسي. ثم ينتهي الخليج الأعظم أيضا إلى «خليج ذهالة»، ومنه شرب عدة ضياع، وعليه يزرع الأرز وغيره. ثم ينتهي الأعظم إلى ثلاثة خلج، ثم ينتهي إلى «خليج بينطاوة»، وبهذا الخليج ثلاثة أبواب قديمة يوسفية، سعة كل باب منها ذراعان بذراع العمل، ويمر فيه الماء وينتهي أيضا إلى بابين يوسفيين. ورسم هذا الخليج أن يسد هو وسائر المطاطية على استقبال عشر تخلو من هاتور إلى سلخه، ويفتح على استقبال كيهك إلى عشر تبقى منه، ثم يسد إلى عشر تخلو من طوبة ، ثم يفتح ليلة الغطاس إلى سلخ طوبة، ثم يسد على استقبال أمشير إلى عشر تبقى منه، ثم يفتح لعشر تبقى منه إلى عشر تخلو من برمهات، ثم يفتح إلى عشر تخلو من برمودة، ثم يعدل في موضعه، وقد خرب ما على بحريه من الضياع، ويشرب منه عدة ضياع. ولهذا الخليج مفيض تحت الجبل بقبو، ويخرج منه الماء في زمان تكاثره.
ثم ينتهي الخليج الأعظم إلى «خليج دله»، وهو من المطاطية، وحكمه في السد والفتح والتعديل والتحسين كما تقدم، وهو على يسرة من يريد المدينة، وله بابان يوسفيان مبنيان بالحجر سعة كل منهما ذراعان وربع، ومنه شرب عدة ضياع أمهات وغيرها، وفي وسطه مفيض لزمان الاستبحار يفتح فيفيض الماء إلى البركة العظمى، وفي أقصى هذه البركة أيضا مفيض له أبواب يقال إنها كانت من حديد، فإذا زادت فتحت الأبواب فيمضي الماء إلى الغرب، وقيل إنه يمر إلى سنترية، وكان على هذين الخليجين بساتين وكروم كثيرة تشرب على أعناق البقر.
وينتهي الخليج الأعظم إلى «خليج المجنونة»، سمي بذلك لعظم ما يصير إليه من الماء، وحكمه في السد وغيره على ما ذكر، ومنه شرب ضياع كثيرة، وبه تدار طواحين، وإليه تصير مصالات مياه الضياع القبلية، وإلى بركة في أقصى مدينة الفيوم تجاور الجبل المعروف بأبي قطران، ويلقي ما ينصب من مصالات الضياع البحرية فيها وهي البركة العظمى.
ثم ينتهي الخليج الأعظم إلى «خليج تلالة»، وله بابان يوسفيان متينان مبنيان بالحجر، سعة كل منهما ذراعان وثلثا ذراع، وليس فيه رسم سد ولا فتح ولا تعديل ولا تحييز إلا في تقصير النيل فإنه يحيز بحشيش، ومنه شرب طوائف المدينة وعدة أراض وضياع، وفيه فوهة خليج البطش الذي إليه مفاضل المياه، وفيه أبواب تسد حتى يصعد الماء إلى أراض مرتفعة بقدر معلوم، وإذا حدث بالسد حدث يفسده كانت النفقة عليه من الضياع التي تشرب منه بقدر استحقاقها. ثم ينتهي الخليج الأعظم إلى خلجان من جانبيه في قبليه وبحريه، ثم ينتهي إلى «خليج سموه»، وهو على يمنة من يريد مدينة الفيوم، وهو من المطاطئة، وله بابان يوسفيان سعة كل منهما ذراعان ونصف، وحكمه حكم ما تقدم، ومنه شرب طوائف كثيرة وعدة ضياع، وينتهي إلى أربعة مقاسم بأبواب، وإلى خلجان تسقي ضياعا كثيرة، منها «خليج تبدود» فيه عين حلوة فإذا سد هذا الخليج سقى منها أراضي ما جاورها، وظهرت هذه العين لما عدم الماء، وحفر هذا الموضع ليعمل بئرا فظهرت منه هذه العين، فاكتفي بها.
ثم ينتهي الخليج الأعظم إلى خلجان بها شاذروانات ومقاسم قديمة، وبها أبواب يوسفية بها رسوم في السد والفتح، يشرب منها ضياع كثيرة، ورسم الترع أن يسد جميعها على استقبال عشرة أيام تخلو من هاتور إلى سلخه، وتفتح على استقبال كيهك مدة عشرين يوما، ثم تفتح لعشر تبقى منه إلى الغطاس، وتفتح يوم الغطاس إلى سلخ طوبة، وتسد على استقبال أمشير عشرين يوما، ثم تفتح لعشر تبقى منه إلى عشرين من برمهات، وتفتح عشرة أيام تخلو من برمودة، ثم تعدل فيهتم بعمارتها، ولهم في التعديل قسم تعطى منه كل ناحية شربها بالعدل بقوانين معروفة عندهم. وقد اختصرت أسماء الضياع التي ذكرها لخراب أكثرها الآن، والله أعلم. ا.ه.
وقال تحت هذا العنوان «ذكر فتح الفيوم ومبلغ خراجها وما فيها من المرافق»:
قال ابن عبد الحكم: «فلما تم الفتح للمسلمين بعث عمرو بن العاص جرائد الخيل إلى القرى التي حولها، فأقامت الفيوم سنة لا يعلم المسلمون بمكانها حتى أتاهم رجل فذكرها لهم، فأرسل عمرو معه ربيعة بن حبيش بن عرفطة الصدفي، فلما سلكوا في المجابة لم يروا شيئا فهموا بالانصراف، فقالوا: «لا تعجلوا، سيروا، فإن كان قد كذب فما أقدركم على ما أردتم»، فلم يسيروا إلا قليلا حتى طلع لهم سواد الفيوم، فهجموا عليها فلم يكن عندهم قتال وألقوا بأيديهم. قال: ويقال: بل خرج مالك بن ناعمة الصدفي وهو صاحب الأشقر على فرسه ينفض المجابة، ولا علم له بما خلفها من الفيوم، فلما رأى سوادها رجع إلى عمرو فأخبره بذلك. قال: ويقال: بل بعث عمرو بن العاص قيس بن الحارث إلى الصعيد، فسار حتى أتى القيس فنزل بها، وبه سميت القيس، فراث على عمرو خبره، فقال ربيعة بن حبيش: كفيت، فركب فرسه فأجاز عليه البحر وكانت أنثى، فأتاه بالخبر. ويقال: إنه أجاز من ناحية الشرقية حتى انتهى إلى الفيوم، وكان يقال لفرسه الأعمى، والله أعلم.»
وقال ابن الكندي في كتاب «فضائل مصر»: «ومنها كورة الفيوم، وهي ثلاثمئة وستون قرية، دبرت على أيام السنة، لا تنقص عن الري، فإن قصر النيل في سنة من السنين مار بلد مصر كل يوم قرية، وليس في الدنيا ما بني بالوحي غير هذه الكورة، ولا بالدنيا بلد أنفس منه ولا أخصب، ولا أكثر خيرا، ولا أغزر أنهارا، ولو قايسنا بأنهار الفيوم أنهار البصرة ودمشق لكان لنا بذلك الفضل. ولقد عد جماعة من أهل العقل والمعرفة مرافق الفيوم وخيرها فإذا هي لا تحصى، فتركوا ذلك وعدوا ما فيها من المباح مما ليس عليه ملك لأحد من مسلم ولا معاهد يستعين به القوي والضعيف، فإذا هو فوق السبعين صنفا.»
وقال ابن زولاق في كتاب «الدلائل على أمراء مصر» عن الكندي: «وعقدت لكافور الإخشيدي الفيوم في هذه السنة، يعني سنة ست وخمسين وثلاثمئة، ستمئة ألف دينار ونيفا وعشرين ألف دينار. وقال القاضي الفاضل في كتاب «متجددات الحوادث»، ومن خطه نقلت: إن الفيوم بلغت في سنة خمس وثمانين وخمسمئة مبلغ مئة ألف واثنين وخمسين ألف دينار وسبعمئة وثلاثة دنانير. وقال البكري: والفيوم معروف هناك يغل في كل يوم ألفي مثقال ذهبا.» انتهى كلام المقريزي.
أما المقريزي فاسمه أحمد بن عبد الصمد تقي الدين المقريزي، وكان شيخا عالما، إماما بارعا، مؤرخا مشهورا، ولد سنة 760 للهجرة، وتوفي بمصر سنة 845، ولي حسبة القاهرة من قبل الملك الظاهر برقوق، وتنقل في عدة وظائف دينية إلى أن توفي، رحمه الله!
أقوال حضرة أحمد بك كمال في «العقد الثمين»
أحمد بك كمال أحد موظفي مصلحة الآثار التاريخية الآن، هو عالم فاضل من علماء اللغة الهيروجليفية - لغة المصريين القدماء - و«العقد الثمين» هو كتاب جليل الفائدة، يتضمن تاريخ الفراعنة من أول ملوكهم الذين عرفوا إلى الآن وآثارهم. وقد جاء فيه عن بحيرة موريس ما أثبتناه بنصه تحت هذا العنوان «ذكر مآثر الملك أمنمحعت الثالث»:
اعلم أن العمارات الجسيمة التي شيدها هذا الملك في الفيوم شيدت له ذكرا مخلدا واسما مؤبدا، وذلك أنه لا يخفى على أحد أمر النيل بالنسبة لوادي مصر من حيث إنه إذا انقطعت زيادته عن عادتها بقيت بعض الأراضي الزراعية من غير ري فصار لا ينتفع بها، وإن زاد فيضانه عن المعتاد قطع الجسور وغرق القرى وأضر بالأراضي، ولذا صارت مصر مترددة بين هاتين الآفتين، فلما عرف هذا الملك منه المضار أراد أن يتداركها فوجد في الصحراء الغربية من مصر بادية عظيمة تصلح أراضيها للزراعة، تعرف الآن بوادي الفيوم، كانت تتصل بوادي النيل الأصلي بقطعة أرض كالبرزخ، وفي وسطها قطعة أرض مستوية، سطحها يضاهي سطح الأراضي المصرية، وفي جانبها الغربي أرض منخفضة ومتسعة جدا تغمرها مياه البحيرة الطبيعية المعروفة الآن ببركة قارون، طولها أكثر من عشرة فراسخ، وأمر بحفر بركة في وسط قطعة الأرض المستوية تبلغ مساحة سطحها عشرة ملايين متر مربع لخزن المياه فيها، وسيأتي الكلام على اسمها واسم الفيوم.
فإن كانت زيادة النيل ضعيفة فتحت البركة فيخرج من المياه المخزونة فيها ما يكفي لري مزارع بادية الفيوم، بل وسائر أراضي الجانب الأيسر من النيل إلى البحر الأبيض. وإن كان فيضان النيل كثيرا جدا بحيث يخشى منه إفساد الجسور، صرف القدر الزائد عن المنافع الضرورية إلى تلك البركة الصناعية، فإن طفحت فيها المياه انصرف ما زاد عنها إلى بحيرة قارون بواسطة قنطرة تسد وتفتح بحسب الحاجة. وكانت الحكومة تعين في كل سنة قبل ارتفاع مياه النيل مأمورين يتوجهون إلى النوبة لاستكشاف زيادة النيل جهة سمنه وقمنه، ولذا يرى في تلك الجهة نقوش بالقلم البربائي معناها:
إلى هنا وصل ارتفاع النيل في السنة الرابعة عشرة من حكم الملك «أمنمحعت» الثالث، خلد ذكره!
وذكر جناب «لبسيوس» أن فيضان النيل في عصر العائلة الثانية عشرة كان يزيد عن أكثر فيضانه الآن جهة سمنه وقمنه ثمانية أمتار وسبعة عشر سنتيمترا، وأن زيادته المتوسطة في عصر «أمنمحعت» الثالث تزيد عن فيضانه الحالي سبعة أمتار، فيتضح لك مما تقدم أن بركة قارون كانت طبيعية وبركة موريس صناعية، وكانت الأولى كثيرة الأسماك، والثانية يصب فيها ماء النيل من ترعتين وقت زيادته، ثم يحجز فيها بواسطة سد، فإذا كان وقت الشرق فتح هذا السد فيسقي الأراضي المجاورة لبركة موريس، وكانت إحدى هاتين الترعتين تتفرع من النيل بجانبه الغربي، ثم تجري تجاه بحر يوسف الحالي، وكان باب السد موضوعا في مجمع الترعتين. والترعة الثانية كانت تجري جهة الشمال، وكانت معدة لتوزيع المياه على الأرض عند الشرق، وكان في وسط بركة موريس الصناعية هرمان في كل منهما تمثال جالس، فالهرم الأول كان فيه تمثال الملك «أمنمحعت» يشاهد بركته التي حفرها، والثاني كان فيه تمثال زوجته المسماة «سبك نفرورع»، وقد وجد رسم هذه البركة في صحيفة موجودة بمتحف بولاق، وسمتها اليونانيون باسم «موريس»، وأصلها «مري»، ومعناها بحيرة، وكان من عوائد اليونانيين أن يضعوا حرف السين آخر أسماء الأعلام، فلذا حولوها إلى موريس وقالوا بحيرة موريس، زاعمين أن موريس اسم لأحد الفراعنة المصريين، وليس بشيء.
وأما الفيوم فأصلها «بايوم» أو «فايوم»، ومعناها بالهرمسية بلد البحر، ثم عربها العرب فقالوا الفيوم، وأطلقوه على نفس الإقليم تسمية للأرض باسم الماء الذي أخصبها باقتراح الملك «أمنمحعت» الثالث، ومن أعمال هذا الملك السراي الشهيرة باسم «لابيرانتا»، وتسمى بالقلم الهرمسي «لابوراحونت»، ومعناها «معبد فم البحيرة»، وكان ينعقد فيها مجلس الأعيان من كهنة المصريين للمداولة في أمور السياسة، ويوجد بداخلها اثنتا عشرة رحبة متقابلة الأبواب؛ ست على الشمال وست على اليمين، وهذه السراي محدقة من الخارج بسور كبير، وفيها ثلاثة آلاف أودة، منها ألف وخمسمئة في الدور الأول، وألف وخمسمئة فوقها في الدور الثاني، وفيها أيضا إيوانات ورحبات، وجميعها مسقوفة بالحجارة، ومقامة على أعمدة من الحجر الأبيض منتظمة الصفوف، وفي آخر هذه السراي هرم مزين بالرسومات العجيبة والأشكال الغريبة يتوصل إليه بسرداب تحت الأرض، وفيه دفن «أمنمحعت» الثالث.
وذكر إسترابون أن الأماكن التي داخل تلك السراي كانت بعدد أقسام ديار مصر القديمة، فكان لمندوب كل قسم محل مخصوص، فيجتمعون فيها إما على أمر الملك أو على مقتضى قانون البلد لكي يتداولوا في أحوال بلادهم كوضع الرسوم والأموال وتغيير الملك أو العائلة، وهذه السراي موضوعة في الجهة الشرقية من بحيرة موريس على ربوة واسعة مربعة طولها مئتا متر وعرضها مئة وستون مترا، وكانت وجهتها المطلة على بحيرة موريس مصنوعة بالحجر الأبيض فإن دخلها إنسان ضل عن الطريق ولم يهتد للخروج منها لكثرة أماكنها، وأحجارها مجلوبة من وادي الحمامات، بدليل ما وجد على صخور الوادي المذكور من النقوش الدالة على أنه في السنة التاسعة من حكم الملك أمنمحعت الثالث توجه هذا الملك بنفسه إلى هذا الوادي لجلب الحجارة للعمارة الجاري العمل فيها بمدينة الفيوم، وصنع تمثال نفسه على شكل جالس ارتفاعه خمس أذرع، وهو المذكور آنفا. ويرى أيضا في وادى الحمامات نقوش أخرى تفيد أن هذا الملك أرسل هناك جماعة من المهندسين لمباشرة قطع ونحت الأحجار ولعمل التماثيل المطلوبة له، ووجد فيه أيضا نقوش من أعمال بعض رجال دولته يفهم منها أن لهذا الملك مآثر كثيرة، منها استخراج بعض المعادن من جزيرة جبل الطور وأخصها معدن الفيروزج، ومنها أنه قاتل الزنج، وفتح بلادا كثيرة. ا.ه.
وقال بهامش من هذا الكتاب:
نقل عن هيرودت الذي مات منذ 2200 سنة، قاس بركة موريس فوجد عمقها 88 مترا، ومحيط دائرتها 700 كيلو متر. وذكر إسترابون أن هذه البركة كانت تروي هذه الأراضي المجاورة لها مدة ستة شهور في كل سنة من طوبة إلى بئونة. وقال «وايت هاوس»: إنه يمكن إحياء هذه البركة بإلغاء قناطر اللاهون، فتجري مياه النيل مدة فيضانه في مضيق جبال اللاهون حتى تفيض على جميع وادي الفيوم فتعمه من جبل سدمنت إلى جبال بركة قارون، ومن طامية إلى قصر قارون، ثم تصب في بركة اكتشفها هو بنفسه بوادي ميه والريان منخفضة عن بحر يوسف بمئتين وخمسين قدما، وبذلك تتجدد البركة المذكورة التي كانت في قديم الزمان تغطي وادي الفيوم ووادي ميه والريان والأراضي المنخفضة في جهة الغرق، فأصبحت تلك الجهات أرضا زراعية بانحسار المياه عنها، ولكن لو غطتها المياه كما كانت من قبل بإصلاح بركة موريس، لأمكن استعواضها بأراض زراعية تتخلف من بركة قارون بمنع المياه عنها. وقد اكتشف أيضا وايت هاوس آثار مدن قديمة في الناحية الغربية من الغرق والشرقية من طامية والريان، يستنتج منها أن تلك الجهات كانت معمورة في العصر القديم. ا.ه.
نبذة من تاريخ البغدادي
هذا المؤرخ هو عبد اللطيف البغدادي السائح الشهير، حضر بمصر في أواخر القرن السادس من الهجرة، وشاهد بها في عامي 597 و598 هجرية من الأهوال الشديدة بسبب القحط الذي حصل من شح النيل في هذين العامين ما يشيب الأطفال، حيث كثر النهب والسلب حتى فرغت المؤن، ونفدت الحيوانات، ولم يجد الناس ما يأكلونه حتى أكلوا بعضهم، وفشا ذلك في سائر القطر المصري، وصارت الأم تأكل ابنها وابنتها، ولم يقدر الحاكم إذ ذاك على منع هذه الأهوال بسبب عدم وجود ما يكفي الناس لسد الرمق، ومات الناس جوعا في كثير من أنحاء القطر.
ولم تكن هذه الأمور مختصة بالفيوم، ولكننا أتينا بها لأنها دليل على أن الفيوم في ذلك العهد وقع في تلك الأحوال، وأكلت فيه اللحوم البشرية، فقد قال هذا المؤرخ في نبذة من كتابه المسمى «كتاب الإفادة والاعتبار» ما نصه:
وهذه البلية التي شرحناها وجدت في جميع بلاد مصر، ليس فيها بلد إلا وقد أكل فيه الناس أكلا ذريعا من أسوان وقوص والفيوم والمحلة وإسكندرية ودمياط وسائر النواحي. ا.ه.
وقال في موضع آخر من هذا الكتاب:
وأما القتل والفتك في النواحي فكثير فاش في كل فج، ولا سيما طريقي الفيوم والإسكندرية، وقد كان بطريق الفيوم أناس في مراكب يرخصون الأجرة على الركاب، فإذا توسطوا بهم الطرق ذبحوهم، وتساهموا أسلابهم.
انتهى كلام البغدادي.
نبذة من تاريخ الجبرتي عن حادثة مهمة
الجبرتي هو العالم الفاضل الشيخ عبد الرحمن الجبرتي، سمى تاريخه «عجائب الآثار في التراجم والأخبار»، توفي في القرن الثالث عشر من الهجرة، قال في حوادث سنة 1217 هجرية ما نصه:
وردت الأخبار بأن الغز القبالي نهبوا الفيوم، وقبضوا أموالها، ونهبوا أغلالها ومواشيها، وحرقوا البلاد التي عصت عليهم، وقتلوا أناسها حتى قتلوا من بلدة واحدة مئة وخمسين نفرا، وأما العثمانية الكائنة بالفيوم فإنهم تحصنوا بالبلدة، وعملوا لهم متاريس بالمدينة، وأقاموا داخلها.
انتهى كلام الجبرتي.
وقد وجدنا أقوالا كثيرة تدخل في هذا القسم في كثير من الكتب القديمة بين تواريخ وتفاسير، ولكن بالنسبة لأن كل ما بتلك الكتب مذكور فيما أثبتناه، فاكتفينا به خوفا من التكرار الموجب للتطويل الممل بدون فائدة.
زمن المماليك إلى تولية المغفور له محمد علي باشا
قلنا في أول تاريخنا إننا نأتي في القسم الأول على تاريخ الفيوم من ابتداء ما عرفت في قديم الزمان إلى ما قبل تولية المغفور له محمد علي باشا، ولكنه يدخل تحت هذا تاريخها في أيام حكم المماليك «الغز». وحيث إننا لم نعثر فيما وصلنا إليه من التواريخ على شيء يختص بالفيوم، فقد أغفلنا هذه المدة، غير أنه يمكننا الحكم بأنها تقلبت في النعيم والشقاء بحسب تقلب دول المماليك المذكورة، وبأنها كانت في آخر عهد المماليك مقسمة إلى ولايات كما حصل ذلك في أغلب مديريات القطر، فإنه يقال إنه كان كل رجل من هؤلاء المماليك له عزوة أو رجال يستبد بالحكم في جملة قرى، وهكذا غيره حتى كنت تجد في مديرية واحدة جملة حكومات لكل واحدة منها حاكم مستقل يحكم في أهلها بالقتل والنهب والسلب وغير ذلك، وكان لكل حكومة من هذه الحكومات راية مخصوصة تخالف راية الأخرى، وكانت لا يمر عليها زمن حتى تقوم الحكومة منها على الأخرى فتسيل الدماء سيل العرم، فلو قدر الله ببقاء هذه الحالة في البلاد لما بقي من الناس إلا النزر القليل، وكانت الفيوم على هذه الحالة أيضا إلا أن الله ذو رحمة بخلقه وهو القادر القاهر .
وقدر الله بدخول الفرنسيس في القطر، وقد سمعنا أن قد حضر منهم حكام في الفيوم. هذا ما وصل إليه علمنا بهذه المدة، والله أعلم.
القسم الثاني
تولى محمد علي باشا على القطر وهو خاو على عرشه قاعا صفصفا، إذ كان العدل فيه اسما بلا مسمى لكثرة ما حدث من الحروب الداخلية التي مر ذكرها، فهدأت الأحوال بالأتراك الذين أرسلهم هذا الهمام إلى المديريات فجاء الفيوم بعضهم، إلا أنهم كانوا يحكمون ويقضون في الدعاوى بدون كتابة ولا قيد.
وقد وجدنا في الخطط الجديدة التوفيقية للمرحوم علي باشا مبارك أن خورشيد باشا السناري كان مأمورا على الفيوم سنة 1236، ووجدنا أيضا أن عبد الله أغا المطرطارسي من أهل مطرطارس كان ناظر قسم الفيوم في مدة العزيز المرحوم محمد علي، ثم صار مأمورا على جميع بلاد الفيوم، وقال إنه كان من الجبارين.
وممن حكم الفيوم في مدة محمد علي باشا المرحوم جعفر بك والد المرحومين مصطفى بك جعفر ومحمد بك جعفر، وممن حكمها أيضا في ذلك الزمن المرحوم علي أفندي رمزي شقيق المرحوم محمد أفندي رمزي جد مؤلف هذا التاريخ، وممن حكمها أيضا المرحوم عمر بك والمرحوم «علي الدش».
وأتى على الفيوم حين من الدهر لم يكن الحاكم فيها واحدا، بل كانت نظارات أقسام. وممن كانوا نظارا في أقسام الفيوم زمن المغفور له محمد علي باشا من أهل الفيوم؛ كل من الحاج نصر عتمان من بني عتمان، ودرويش عليوة من سنهور، وإبراهيم عمارة من سيلة، وشعبان خميس من هوارة عجلان، وحسن مؤمن من طبهار، وعفيفي الدهشان من أهريت.
وكان من هؤلاء البعض زمن الأقاليم الوسطى، والأقاليم الوسطى كانت تحكم على ثلاث مديريات: المنيا وبني سويف والفيوم، وكان مركزها بندر الفشن التابع الآن لمديرية المنيا، وكان للأقاليم مفتش ووكيل، وفي كل مديرية من هذه المديريات نظار أقسام تابعون لتفتيش الأقاليم في الخطابات والخزينة والأحكام.
وممن عينوا مفتشين للأقاليم الوسطى حسن بك الشهير بأبي نشانين، وأحمد باشا طاهر، وخليل باشا رائف الشهير بإمبراطور. وممن عينوا وكلاء لتفتيش الأقاليم علي أفندي رمزي السابق ذكره. وبقيت الفيوم تابعة للأقاليم الوسطى إلى سنة 1266ه/1850م، حيث انفصلت الفيوم وبني سويف من تبعية تلك الأقاليم، وعين لهما مدير خاص بهما.
فرز بني سويف والفيوم من الأقاليم الوسطى
في سنة 1266ه/1850م فصلت الفيوم وبني سويف عن الأقاليم الوسطى وصارتا مديرية واحدة، وتعين لها أحمد بك شكري مديرا، وفي سنة 1267ه/1851م تعين بدله حسين باشا أمير الأمراء، وفي سنة 1268ه/1852م تعين بعده محمد بك الخوربطلي، ثم بعده محمد بك معجون، وفي سنة 1269ه/1852م تعين لها جعفر مظهر باشا الفيومي، وكان رجلا عاقلا عادلا عفوفا.
وفي سنة 1270ه/1854م تعين لها يعقوب بك مملوك سعيد باشا، وفي سنة 1273ه/1857م تعين حسين باشا أبو أصبع، وفي نفس السنة المذكورة تعين رستم بك، وفيها أيضا تعين عارف بك إلى سنة 1274ه/1858م، التي فصلت فيها مديرية الفيوم عن بني سويف، وصارت كل مديرية قائمة بنفسها.
وفي خلال هذه المدة كانت مديرية الفيوم قسما من القسمين المكونين للمديريتين، وكان الحاكم بها يسمى تارة ناظر قسم وتارة ملاحظا أو مأمور إدارة.
وممن مكث كثيرا من هؤلاء يوسف أفندي الملاحظ، فإنه بقي ملاحظا تارة وناظر قسم تارة منذ كانت الفيوم تابعة للأقاليم الوسطى إلى أن فصلت وجعلت مع بني سويف، وكانت مدة حكمه أكثر من 16 سنة تقريبا. وفي سنة 1273ه تعين مصطفى بك رياض مأمورا لإدارة الفيوم - وهو صاحب الدولة مصطفى رياض باشا الآن - ثم تعين بعده عبد الرحمن بك إلى أن انفصلت الفيوم من بني سويف في سنة 84ه كما ذكر.
انفصال الفيوم عن بني سويف
انفصلت الفيوم عن بني سويف وصارت مديرية قائمة بنفسها في سنة 1274ه/1858م، وتعين لها مصطفى بك راتب مديرا، وبقي إلى أن توفي سنة 1278ه/1862م، ثم تعين بعده عباس بك رحمي، وفي سنة 1280ه/1863م تعين محمد بك مهدي قبطان، وبقي إلى أن أضيفت الفيوم على بني سويف في السنة المذكورة.
تبعية الفيوم لبني سويف مرة ثانية
في سنة 1280ه/1863م أضيفت الفيوم على بني سويف وعين لهما مدير عمومي، فكان في السنة المذكورة حسن باشا شركس، ثم عين بعده إبراهيم باشا أدهم الفريق، ثم عين بعده حسن بك الشريعي، وبقي هذا إلى أن انفصلت الفيوم عن بني سويف أخيرا في سنة 1286ه/1869م.
وفي خلال هذه المدة كان مركز المديريتين بندر بني سويف، وكان في الفيوم حاكم باسم مأمور إدارة، ففي سنة 80ه المذكورة سابقا عين علي أفندي هادي، وفي سنة 1283ه/1866م عين بدلا عنه أحمد أفندي يوسف، وفي سنة 1285ه/1868م عين بدلا عنه إبراهيم بك الشريعي، وبقي إلى أن انفصلت الفيوم عن بني سويف كما ذكر.
انفصال الفيوم عن بني سويف آخر مرة
في سنة 1286ه/1869م انفصلت الفيوم عن بني سويف انفصالها الأخير، وعين علاء الدين بك مديرا لها.
وفي السنة المذكورة عين مراد باشا رفعت مديرا بدلا عنه، وبقي هذا إلى سنة 1882 ميلادية 1299 هجرية حيث قامت الثورة العرابية، فلمناسبة كونه من الحزب الخديوي عزل وعين بدلا عنه يعقوب بك صبري، ولما خمدت الثورة وهدأت الفتنة عاد مراد باشا مديرا وعزل يعقوب بك صبري، وبقي مراد باشا إلى آخر سنة 1887م/1304ه حيث نقل إلى مديرية المنوفية في أوائل سنة 1888 ميلادية.
ومراد باشا المذكور رجل شركسي الأصل، بسيط الأخلاق، سهل المعاشرة، أقام بالفيوم في كل مدته الطويلة التي تبلغ 18 سنة والناس يميلون إليه، وقد كان من دأبه السعي في الصلح بين المتخاصمين ولو كان الذي بينهما دم قتيل.
وفي سنة 1888 ميلادية 1305 هجرية عين محمد بك رفعت بدلا عنه، وفي نفس السنة المذكورة عين لطيف بك سليم بدلا عنه، وفي 2 نوفمبر سنة 1889م/9 ربيع أول سنة 1307ه عين محمود بك صبري مديرا للفيوم، وبقي إلى 15 نوفمبر سنة 1894م/16 جمادى الأولى سنة 1312ه، ثم نقل مديرا للمنوفية، وسنأتي على ترجمة هذا الفاضل في القسم الخامس من هذا التاريخ، وقد وضعنا صورته في أول الصور التي سندونها في آخر الكتاب.
وفي 15 نوفمبر سنة 1894م/16 جمادى الأولى سنة 1312ه المذكورة عين عدلي بك يكن مديرا للفيوم وهو مديرها الحالي، وسنأتي على ترجمته وصورته أيضا.
صفة الحكومة في كل هذه الأزمان
في مدة المغفور له محمد علي باشا كان المدير هو الحاكم والفاصل في كل الدعاوى بدون قيدها في دفاتر، ثم رتبت أقلام القضايا فصار ناظر القلم يجري تحقيق القضايا تحت ملاحظة المدير، وبعد تمام تحقيقها يحيلها على مجالس كانت متبعة في جميع أحكامها القانون العثماني، ثم ألغيت هذه المجالس واسمها الآن المجالس الملغاة، ونظمت المحاكم الأهلية الموجودة الآن في أغسطس سنة 1889م/1307ه، فوجدت بالفيوم محكمة جزئية يجوز لها الحكم في المواد المدنية التي لا تتجاوز قيمتها المئة جنيه، وتحكم في المخالفات والجنح، أما الجنايات فلها قاض يحققها ثم يحيلها على محكمة بني سويف الابتدائية الكلية.
أما الإدارة الآن ورئيسها المدير، فلم يبق لها من الفصل في دعاوى الخصومات شيء بل صارت مختصة بالنظر في التحصيلات والأمن العام بفروعه وأملاك الحكومة.
ولقد مضت فترة من زمن حكم جناب الخديو الأسبق كان النفوذ فيها لمفتشي الدائرة السنية، فكان بيدهم الحل والعقد في الرفت والتعيين وغير ذلك، وكان أقوى النفوذ في يد رشوان باشا مفتش الدائرة السنية بالفيوم، فقد كان جبارا مستحلا لأموال الناس.
أما العرب فكان لهم حاكم مخصوص يقال له السنجق أو الكاشف، وتحت يده أربعمئة عسكري، وكان يقال لهذه العساكر بين العامة «الربعمية» نظرا لعددهم، وفي الحكومة «الباشي بوزق»، كل ذلك في مدة محمد علي باشا، فكانت هذه الفئة تحكم بين العرب في خصوماتهم التي تقع بينهم أو بين بعضهم وبعض الفلاحين.
الأطيان وضرائبها
كانت الضرائب على الأطيان الخراجية لآخر مدة محمد علي باشا لا تزيد عن 50 قرشا، وما زالت تزيد حتى بلغت 136 فما دون ذلك، وهي الضرائب المربوطة إلى الآن.
أما العشوري فكان يعطي أولا رزقة بلا مال، وما زال كذلك في مدة محمد علي باشا وعباس باشا الأول حتى ولي سعيد باشا، فربطت عليه ضرائب أدناها 8 قروش وأعلاها 20 قرشا، وما زالت تزداد حتى بلغ أعلاها الآن 77 قرشا.
وكان تحصيل هذه الأموال في مدة محمد علي باشا من نفس المحاصيل، فكان للحكومة أشوان بمديريتنا يورد فيها الأهالي جميع الأصناف الزراعية بدلا عن الضرائب، والحكومة تبيعها بمعرفتها، وفضلا عن أصناف الحبوب فقد كانوا يوردون السمن والصوف والكتان. وبعد مدة ألزمت الحكومة الأهالي بتوريد الأموال نقودا، وما زالت تحصل بغير ترتيب، وفي عهد وزارة صاحب الدولة مصطفى رياض باشا رتبت على أقساط بحسب أزمان المحاصيل.
وفي سنة 1237ه/1822م عملت مساحة عمومية عن أطيان الفيوم، وما زالت معتبرة حتى سنة 1270ه/1854م، وفي هذه السنة عملت مساحة عمومية فزاد عدد الأطيان نصف ضعف عن المساحة السابقة، ومساحة سنة 70 المذكورة هي المعتبرة إلى الآن.
حادثة العرب
تولى المغفور له سعيد باشا سنة 1270ه/1854م والشقاوة سائدة من العربان على الأهالي، فلما كانت سنة 1271ه أمر بأخذ السلاح من العربان لتبطل شقاوتهم وأن تؤخذ منهم الجهادية، فعصى عرب مديرية المنيا أوامر الحكومة وتوقفوا عن دفع الأموال، وزادت شقاوتهم حتى قاوموا رجال الحكومة وثاروا، وكان زعيم ثورتهم هناك عمار المصري عمدة عربان الفوائد، واستمر عصيانهم إلى أن أمرت الحكومة بالقبض على رؤسائهم، فقبض على السعدي والد لملوم بك السعدي وعبد النبي كيشار وهما أخوان، وشنقا في مدينة الفيوم، وضرب كثير من أعوانهما بالمدفع في ناحية كارخانة النيلة المعروفة الآن بالكلخانة، وبعد ذلك تجمع عربان الفيوم بقصد المهاجرة إلى الغرب تحت إمرة صميدة الجبالي، فخطب هذا فيهم بما مفاده: «إننا لم نزل نتعشم بأن نرجع إلى مصر، ولا غنى لنا عنها، فالحذر من السلب والنهب، والحذر من عمل ما يخل بالراحة بأي وجه من الوجوه، فإننا سنبارح مصر خوفا من حكومتها لا كرها فيها، فلا تأتوا ما يجعلها في المستقبل حاقدة علينا»، ثم اجتمعت القبائل على ساحل بركة قارون، ومنها هاجروا إلى الغرب عن طريق الواحات، وبعد مدة عادوا إذ أمنتهم الحكومة فيما بعد وصفحت عنهم.
السكة الحديدية بالفيوم
في سنة 1287ه/1870م أنشئ فرع سكة الحديد الموصل من الواسطة إلى مدينة الفيوم، ومن المدينة إلى أبي كساه، وأنشئت بعد محطة الواسطة محطة الفيوم ثم أبشواي ثم أبو كساه، وفي هذه السنين الأخيرة أنشئت بين الواسطة والعدوة محطة سيلة، وبين المدينة وأبشواي محطة سينرو، ثم مد فرع للسكة الحديدية من الفيوم إلى سنورس، وأنشئ فيه محطتان بيهمو وسنورس، ومصلحة سكة الحديد شارعة في مد فرع آخر من المدينة إلى الغرق.
قناطر اللاهون
قال المرحوم علي باشا مبارك في تأليفه المسمى ب «الخطط الجديدة التوفيقية»:
قنطرة اللاهون القديمة عرضها سبع وعشرون ذراعا، منها اثنتا عشرة ذراعا بنيت في زمن المرحوم العزيز محمد علي وهي الجهة الشرقية، وأما الغربية فقديمة من بناء الظاهر بيبرس كما دلت عليه نقوش التواريخ التي وجدت عليها حين البناء، وهي ثلاث عيون، سعة كل عين ثلاث أذرع ونصف، وارتفاعها سبع أذرع، والعين البحرية فرشها منخفض عن العينين الأخريين بقدر ذراع ونصف بذراع المهندس؛ لحبس ما يلزم لبلاد الفيوم من المياه وقت انتهاء نقصان النيل، فإن الماء يجري منها حينئذ، ويجف من العينين الأخريين، وبناء تلك القناطر من الحجر الدستور والزوايا الحديد والرصاص، وقد أجري الكشف عنها سنة 1259 هجرية، فوجد فرشها مختلا من تأثير المياه، ودخل الماء تحت البناء القديم جميعه بحيث صار معلقا، وخشي على القنطرة من السقوط فيحصل الضرر لبلاد الفيوم، فصدر الأمر بعمل قنطرة أخرى احتياطا فبنيت في شرقيها، وجعل فرشها متصلا بفرش القنطرة القديمة الأمامي، وجعلت ثلاث عيون كالأولى، وصار فرش الجميع واحدا، وقد بنى أحمد باشا طاهر فوق قنطرة اللاهون من جهة الغرب قصرا كان ينزل به، وكان العزيز محمد علي يستريح فيه عند توجهه إلى الفيوم. ا.ه.
قضية الدهشان
في يوم الثلاثاء 7 رمضان سنة 1305 قتل المرحوم مصطفى بك واصف مدير هرر سابقا بمنزل خليل الدهشان عمدة أهريت بناحية أهريت، وادعى خليل المذكور أنه قتل من طلق ناري أتى من خارج المنزل، فاشتبهت الحكومة في هذه الدعوى، وعينت الداخلية «قومسيونا» لجنة لتحقيق وضبط الواقعة، وكان مركبا من حضرة أحمد بك حشمت رئيس محكمة المنصورة حينذاك بصفة رئيس، وحضرة محمود بك صبري نائب مفتش عموم البوليس، وأحمد خيري بك قاضي بمحكمة مصر الأهلية حينذاك، بصفة أعضاء، فحققوا الدعوى، ورفعوا إلى الداخلية تقريرا مؤداه حصر الشبهة في خليل وخير الله الدهشان.
فصدر أمر عال في 20 سبتمبر سنة 1888 / 14 محرم سنة 1306، بتشكيل محكمة مخصوصة بمدينة الفيوم مؤلفة من عبد الحميد باشا صادق بصفة رئيس، ومن أحمد بليغ بك وإبراهيم نجيب بك وسليمان رءوف بك بصفة أعضاء، للحكم في هذه المادة.
وقد تشكلت بالفعل، وبعد سماع المرافعة من النيابة العمومية ومن وكلاء المتهمين، وسماع شهادة الشهود، حكمت نهائيا على كل من خليل وخير الله الدهشان بالإعدام شنقا، وشنقا بالفعل وقضي الأمر.
وقد لغط الناس كثيرا بأن هذا الحكم غير عادل قولا بأن القاتل لا بد أن يكون واحدا من الاثنين، فكيف يقتل الاثنان؟ ونسب الناس الحكومة إلى غير العدل؛ نظرا لكون الأمر العالي الصادر بهذا الخصوص قد حتم أن يكون الحكم نهائيا لا استئناف له، وربما كان رأي الحكومة في ذلك إرهاب العمد من الطغيان، وعملا بقولهم: «إعدام البعض في حياة الكل جائز»، ومع هذا فقد قال الله تعالى:
ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب .
تشريف ولاة مصر للفيوم
لقد شرف مديرية الفيوم من ولاة مصر المرحوم محمد علي باشا مرتين، والمغفور له سعيد باشا مرتين: مرة وهو ولي عهد الحكومة المصرية، ومرة وهو والي مصر، فخرج من مصر في المرة الأخيرة مع معسكره إلى أن وصل أرض سيلة من مديرية الفيوم، وعسكر هناك، فخف لمقابلته الحكام، ثم رجع من تلك النقطة. وزار الفيوم المغفور له محمد توفيق باشا ثلاث مرار، وأقيمت له من الزينات الفاخرة ما يبهر الأبصار، وقد أنعم في المرة الأولى على كثير من ذوات الفيوم بالنياشين. وزارها سمو العزيز عباس باشا حلمي الثاني - أيد الله حكمه - في 26 يناير سنة 1894 ميلادية، فهرع الناس من ذوات وأعيان وحكام لاستقبال سموه، وأقيمت له الزينات الفاخرة فلا زالت سحائب أفضاله تتوالى على القطر عموما والفيوم خصوصا ما تعاقب الجديدان وأشرق النيران.
القسم الثالث
نذكر هنا تراجم أشهر العلماء الذين وجدنا سيرتهم كما وعدنا في خطبة تاريخنا، ثم نذكر من الأولياء ترجمة الصوفي، وجملة صغيرة عن الروبي، ونبقي ذكر بقية الأولياء إلى القسم الرابع، حيث نذكر أشهر الأضرحة؛ وذلك لأننا لم نقف على تراجمهم، ثم نذكر بعض النثر والنظم مما يختص بالفيوم.
العالم ابن سعيد الفيومي
ذكر المقريزي في خططه عند الكلام على تاريخ اليهود وأعيادهم أسماء جماعة من علماء اليهود منهم العالم ابن سعيد الفيومي، وهو على ما ذكر في كتاب الفهرست لأبي الفرج كان من علماء اليهود وأفاضلهم المتمكنين من اللغة العبرانية، وتزعم اليهود أنها لم تر مثله، واسمه سعيد الفيومي ويقال سعد، وله من الكتب كتاب المبادي، وكتاب الشرائع، وكتاب تفسير أشعيا، وكتاب تفسير التوراة نسقا بلا شرح، وكتاب الأمثال وهو عشر مقالات، وكتاب تفسير أحكام داود، وكتاب تفسير النكت وهو تفسير زبور داود - عليه السلام - وكتاب تفسير السفر الثالث من النصف الآخر من التوراة مشروح، وكتاب تفسير كتاب أيوب، وكتاب إقامة الصلوات والشرائع، وكتاب العبور وهو التاريخ.
العالم الشيخ شعبان الفيومي
هو الفاضل الشيخ شعبان الفيومي الأزهري الشافعي الإمام الفقيه المتضلع بالعلوم الشرعية، شيخ الأزهر، ما قرأ عليه أحد إلا انتفع به وحصلت له بركته. ولد بالفيوم سنة خمسة عشر وألف هجرية تقريبا، وحفظ القرآن، ودخل إلى مصر وأخذ عمن بها من أكابر العلماء كالشهاب القليوبي، والشمس الشوبري، وكان ملازما لهما سنين عديدة، وكان يستغرق أوقاته في إقراء العلم والتدريس في العلوم النافعة، وكان يقرأ عليه كل يوم ما ينيف عن مئة طالب، وله في كل يوم ثلاثة دروس حافلة: واحد بعد الفجر إلى قرب طلوع الشمس، والثاني بعد الظهر، والثالث بعد العصر، وهذا دأبه دائما، وكان يجتمع فيها من طلبة العلم خلق كثير، وكان محافظا على الجلوس في الأزهر لا يخرج منه إلا لحاجة، وكان يستحضر كتب الفقه المتداولة بين المصريين، وتخرج به كثير من العلماء، منهم العلامة منصور الطوخي ، وإبراهيم البرماوي، وعطية الشورى، وغيرهم.
وكان قليل الكلام، كثير الاحتشام، لا يتردد إلى أحد، معظما عند العلماء، مشهورا بالورع، وكان إذا قرأ القرآن يكاد يغيب عن حواسه، وكان كثير الدعاء لمن يقرأ عليه، ولا يسمع منه كلام إلا في تقرير مسائل العلم، وكان إذا مر في السوق يمر مسرعا مطرق الرأس. وله كرامات ظاهرة، منها أن رجلا تسلط عليه فكان إذا مر مطرقا يحاكيه ويتمثل به ويطرق رأسه مثله، فأتى إليه ذات يوم وهو مطرق ففعل مثله وأطرق رأسه فلم يقدر على رفعه ولا تحريكه يمينا ولا شمالا، ثم أتى إليه واعتذر وتاب فعفا عنه ودعا له فعافاه الله تعالى ببركته، ومنها الاستقامة في جميع الأحوال التي هي أوفى كرامة. توفي بمصر في جماد الأول سنة خمس وسبعين وألف، ودفن بتربة المجاورين، رحمه الله!
العالم الشيخ عبد البر الفيومي
هو عبد البر بن عبد القادر بن محمود بن أحمد بن زين الفيومي العوفي الحنفي، أحد أدباء الزمان الموفقين وفضلائه البارعين، كان كثير الفضل، جم الفائدة، شاعرا مطبوعا، مقتدرا على الشعر، قريب المأخذ، سهل اللفظ، حسن الإبداع للمعاني، مخالطا لكبار العلماء والأدباء، معدودا من جملتهم، أخذ العلم بمصر عن الشيخ أحمد الوارشي الصديقي، والأدب عن الشيخ محمد الحموي، والقراءات عن الشيخ عبد الرحمن اليمني، وفارق وطنه فحج أولا وأخذ بمكة عن ابن علان الصديقي، وكتب له إجازة مؤرخة بأواخر ذي الحجة سنة اثنين وأربعين وألف، ثم دخل دمشق وحلب في سنة ثمان وأربعين، وأخذ بحلب عن النجم الحلفاوي الأنصاري، ولزمه للقراءة عليه في شرح الدرر في الفقه مع حاشية الواني، وشرح ابن ملك على المنار مع حواشيه الثلاث لعزمي زاده، وقرأ كمال والرضا ابن الحنبلي الحلبي، وشرح الجامي مع حاشيته لعبد الغفور، ومختصر المعاني مع حاشيته للخطائي. ثم خرج إلى الروم فورد مورد العلامة أبي السعود الشعراني وقرأ عنده جامع الأصول للربيع اليمني، وهو في تحرير الأحاديث، وشرح الهمزية لابن حجر بتمامه، ونصف سيرة الخميس أو قريبا منه، وجانبا من فتاوى قاضي خان، وبعض فرائض السراجية، وكثيرا من مباحث التفسير، وأجازه، ولزم الشهاب الخفاجي فقرأ عليه بعض شرح المفتاح للتفتازاني، وبعض شرح نفسه على الشفا، وكتب له خطه على هامش الكتابين.
ولما ولي قضاء مصر استصحبه معه إلى صلة رحمه، واستنابه بين بابي الفتح والنصر، وصيره معيدا لدرسه في حاشيته على تفسير البيضاوي وفي شرح صحيح مسلم للنووي، وأخذ بالروم عن المولى يوسف بن أبي الفتح الدمشقي إمام السلطان، وولى من المناصب إفتاء الشافعية بالقدس مع المدرسة الصلاحية، ودخل دمشق وأقام بها في حجرة بجامع المرادية نحو سنتين، ولم يقدر على الدخول إلى القدس خوفا من الشيخ عمر بن أبي اللطف مفتي الشافعية قبلهم، ثم لما مات الشيخ عمر ترحل إليها، ومكث بها أياما، ولما لم ينل حظه من أهلها ترك الفتوى والتدريس ورأى المصلحة في الرجوع إلى الروم، فانتقل إليها وأقام بها مدة، ثم انتظم في سلك الموالي، فولي بعض مناصب، ومات وهو معزول. وله تآليف كثيرة حسنة الوضع، أشهرها كتاب «منتزه العيون والألباب في بعض المتأخرين من أهل الآداب»، جعله على طريقة الريحانة، إلا أنه رتبه على حروف المعجم، وجمع فيه بين شعراء الريحانة وشعراء المدائح الذي ألفه التقي الفارسكوري، وزاد من عنده بعض متقدمين وبعض عصريين، وهو مجموع لطيف، وفيه يقول الأديب يوسف البديعي:
كتاب ذي الفضل عبد البر منتزه ال
عيون أحسن تأليف ومنتخب
حوى محاسن أقوام كلامهم
في النظم والنثر يلفي زبدة الأدب
رأي البديعي ما فيه فحقق أن
ما مثل رونقه في سائر الكتب
وله حاشية على شرح الهمزية لابن حجر صغيرة الحجم، وكتاب بلوغ الأدب والوسول بالتشرف بذكر نسب الرسول، وكتاب اللطائف المغنية في فضل الحرمين وما حولهما من الأماكن الشريفة، وكتاب حسن الصنيع في علم البديع، وله بديعية على حرف النون وشرحها، ومطلعها:
لما تذكرت سفح الخيف والبان
أهل دمعي وروى روضة البان
وله رسالة في التوشيع سماها إرشاد المطيع، ورسالة سماها مشكاة الاستنارة في معنى حديث الاستخارة، ورسالة في القلم، وأخرى في السيف، وله شعر كثير غالبه مسبوك في قالب الإجادة وعليه رونق الانسجام والبلاغة، فمن ذلك قوله:
تبدى مليك الحسن في مجلس البسط
بقد كغصن البان أو ألف الخط
وأبدى على شرط المحبة حجة
مسلمة أحكامها قط ما تخطى
ومن شرطه في الخد قبلة عاشق
فكان مداد الحسن في ذلك الشرط
ومن لطائف شعره قوله في الغزل:
لي حبيب قد سالماه
عذبا وطرفاه سالماه
فيا خليلاي عذر صب
جودا وإلا فسالماه
فالطرف هام من التجافي
طول الليالي قد سال ماه
وساكن القلب مذ رآه
يهيم بالوجد سال ما هو
الأول ساء بالهمز مقصور للشعر، ولمى أي للريق فاعل، وإساءته منعه لوراده، والثاني ماض والألف للتثنية، والثالث أمر الاثنين، والرابع من الإسالة والماء قصر للضرورة، والخامس من السؤال سهلت الهمزة ضرورة، وما سؤال على سبيل تجاهل العارف.
وله قصيدة ميمية عارض بها ميمية شيخ الإسلام أبي السعود العمادي التي مطلعها:
أبعد سليمى مطلب مرام
وغير هواها لوعة وغرام
ومطلع قصيدته هو هذا:
أهيل النقى هل بالديار مقام؟
وهل حي سلمى مسكن ومقام؟
وهي طويلة تنيف على ثمانين بيتا، وقد تضمنت حكما كثيرة، ولولا طولها لذكرتها كلها، وقد ختم كتابه المنتزه بها، ولم يذكر بعدها إلا تاريخ ابتداء إنشائه لهذا الكتاب، وهو يوم الخميس سادس عشر صفر سنة خمس وخمسين، وتاريخ الفراغ من تبييضه كله وهو يوم الأحد الحادي والعشرين من المحرم سنة ستين وألف، وكانت وفاته سنة إحدى وسبعين وألف بقسطنطينية.
العالم أحمد بن أحمد العطشي الفيومي
هو الإمام الفاضل أحمد بن أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عامر الفيومي الشافعي، كان من أحد المتصدرين بجامع ابن طيلون، وكان له معرفة في الفقه والمعقول والأدب، وكان يخبر عن نفسه أنه يحفظ اثني عشر ألف بيت من شواهد العربية وغيرها، أخذ عن الأشياخ المتقدمين، وكان إنسانا حسنا، منور الوجه والشيبة، مات في سادس جمادى الثانية عن نيف وثمانين سنة بعد المئة والألف.
العالم الشيخ إبراهيم الفيومي
هو الإمام المحدث الشيخ إبراهيم بن موسى الفيومي المالكي، شيخ الجامع الأزهر، تفقه على الشيخ محمد بن عبد الله الخرشي، قرأ عليه الرسالة وشرحها، وكان معيدا له، وتلبس بالمشيخة بعد موت الشيخ محمد شنن، ومولده سنة اثنتين وستين وألف، وأخذ عن الشبراملسي والزرقاني والشهاب أحمد البشبيشي والجزائرلي الحنفي، وأخذ الحديث عن الشيخ يحيى الشاوي وعبد القادر الواطي، وعبد الرحمن الأجهوري، وإبراهيم البرماوي وآخرين، وله شرح على العزية في مجلدين. توفي سنة سبع وثلاثين ومئة وألف عن خمس وسبعين سنة.
العالم الشيخ سليمان الفيومي
هو الأستاذ الشيخ سليمان الفيومي المالكي، حفظ القرآن وجاور برواق الفيمة بالأزهر، ولازم الشيخ الصعيدي في أول مجاورته، فكان يمشي خلف حمار الشيخ وعليه دراعة من صوف وشملة صفراء، ثم حضر دروسه ودروس الشيخ الدردير واختلط مع المنشدين، وكان صوته حسنا، وكان يذهب معهم إلى بيوت الأعيان في الليالي، وينشد معهم ويقرأ الأعشار فيعجبون منه، ويكرمونه زيادة على غيره، ثم اجتمع على بعض الأمراء المعروفين بالبرقوقية من ذرية السلطان برقوق، وكانوا نظارا على أوقاف السلطان المذكور، فراج أمره، وكثرت معارفه بالأغوات الطواشية، فتوصل بهم إلى نساء الأمراء، وصار له زيادة قبول عندهن وعند أزواجهن، وصار يتوكل لهم في القضايا والدعاوى، وتجمل بالملابس وركب البغال.
وتزوج بامرأة بناحية قنطرة الأمير حسين، وسكن بدارها، وماتت وهي على ذمته فورثها، ثم لما مات الشيخ محمد العقاد تعين لمشيخة رواق الفيمة، وبنى له محمد بك المعروف بالمبدول دارا عظيمة بحارة عابدين، فاشتهر ذكره وعلا شأنه وطار صيته، وسافر في بعض مقتضيات الأمراء إلى دار السلطنة، ثم عاد إلى مصر فأقبلت عليه الهدايا من الأمراء والأعيان والأغوات والحريمات، واعتنوا بشأنه، وزوجته الست زليخا زوجة إبراهيم بك الكبير بنت عبد الله الرومي، فتصرف في أوقاف أبيها، وكان من ضمنها عزب البر تجاه رشيد فاشتهر بالبلاد البحرية والقبلية.
وكان كريم النفس جدا يجود بما عنده مع حسن المعاشرة والبشاشة والتواضع والمواساة للكبير والصغير والجليل والحقير، وطعامه مبذول للواردين، ومن أتى إلى منزله لحاجة أو زائرا لا يمكنه من الذهاب حتى يتغدى أو يتعشى، وإذا سأله أحد حاجة قضاها كائنة ما كانت، ومما اتفق مرارا أنه يركب من الصباح في قضاء حوائج الناس فلا يعود إلا بعد العشاء الأخيرة.
ثم حضر حسن باشا الجزائرلي إلى مصر، وارتحل الأمراء المصريون إلى الصعيد، وأحاط بدورهم، وطلب الأموال من نسائهم، وقبض على أولادهم، وأنزلهم في سوق المزاد، فالتجأ إليه الكثير من نساء الأمراء الكبار فأواهن واجتهد بنفسه في حمايتهن والرفق بهن مدة إقامة حسن باشا بمصر، وكذلك في إمارة إسماعيل بك، ثم لما رجع أزواجهن بعد الطاعون إلى إمارتهم ازداد عندهم قبولا، فكان يدخل بيت الأمير ويطلع محل الحريم ويجلس معهن ويكرمونه، ولم يزل على هذه الحالة إلى أن طرق الفرنسوية البلاد المصرية وأخرجوا منها الأمراء، وخرجت النساء من بيوتهن، وذهبن إليه أفواجا أفواجا حتى امتلأت داره وما حولها من الدور، وتصدى وتداخل في الفرنسوية ودافع عنهن، وأقمن بداره شهورا، وأخذ أمانا لكثير من الأمراء المصرية وأحضرهم إليها، وأحبته الفرنسوية وقبلت شفاعته، وقررته في رؤساء الديوان الذي رتبوه لإجراء الأحكام بين المسلمين.
ولما نظموا أمور القرى والبلدان المصرية على النسق الذي جعلوه ورتبوا على مشايخ كل بلدة شيخا ترجع أمور البلد ومشايخها إليه، فجعلوه شيخ المشايخ، وبقي على ذلك إلى أن انفضت أيامهم وحضرت العثمانية وهو في عداد العلماء والرءوس، وافر الحرمة، شهير الذكر.
ولما قتل خليل أفندي الرجاني الدفتردار وكتخداي بك في حادثة مقتل طاهر باشا، التجأ إليه أخو الدفتردار وخازنداره وغيرهم، فواساهم حتى سافروا إلى بلادهم. ولم يزل على شهرته إلى أن توفي في شهر ذي الحجة من سنة أربع وعشرين ومئتين وألف، ودفن بالمجاورين، رحمه الله تعالى!
عبد الله بك السيد العجماوي
هو العالم الإداري المهندس عبد الله بك السيد الفيومي العجماوي، دخل مدرسة الألسن بالقاهرة تحت نظارة رفاعة بك، وأتقن فنون الإدارة الملكية، وشهد له أقرانه بالألمعية والعرفان، وسافر إلى بلاد فرنسا ليتقن علم الإدارة، فأقام هناك مدة طويلة حتى تمكن غاية التمكن، وحضر إلى مصر بالشهادات الكافية، فتعين أولا لتدريس علم الإدارة بالمحروسة، ثم توظف بمدرسة المهندسخانة ببولاق، ثم جعل من أعضاء القومسيون - اللجنة - الذي تشكل في عهد المرحوم عباس باشا للنظر في دعوى أقامها على الحكومة شخص إفرنكي يدعى الخواجه روشتي، تتعلق بمادة احتكار صنف السنامكي، ثم جعل ناظرا على قلم التوصيات بالخزينة المصرية، ثم رئيسا على مجلس التجار بالإسكندرية، ثم توظف في عهد أفندينا الخديو الأسبق إسماعيل باشا بجملة وظائف بالمالية والداخلية، وتصفية القومبانية الزراعية، وأرسل في مأموريات مهمة إلى بلاد أوربا من طرف الحضرة الخديوية، ثم عين عضوا بمحكمة الاستئناف بالإسكندرية.
الشيخ محمد الصوفي رحمه الله
قال سيدي عبد الوهاب الشعراني في «الطبقات الكبرى»:
الشيخ العارف بالله تعالى محمد الصوفي، رحمه الله، نزيل مدينة الفيوم، كان رضي الله عنه من أكابر العارفين، يأكل من عمل يده بالحياكة وغيرها، ولا يقبل من أحد شيئا، وكان يحل مشكلات الشيخ محيي الدين بن العربي بأفصح عبارة، ومن كلامه، رضي الله عنه: «اعلم أن السير في الطريق سيران: سير إلى الله وسير في الله، فما دام السالك في المسالك الفانية التي هي طريق العدم فهو في السير إلى الله، فإذا قطع كرة الوجود صار إلى المعبود، ولم تكن هذه الرتبة إلا من طريق الأسماء، كما أشار إلى ذلك سيدي عمر بن الفارض، رضي الله عنه، بقوله:
على سمة الأسماء تجري أمورهم
وإن لم تكن أفعالهم بالسديدة
ففي البداية أنت أنت والاسم الاسم، وفي وسط الطريق تارة أنت وتارة الاسم، وفي النهاية أنت ولا اسم، فإن التخلق به يظهر فعله على ناسوتك لقوته، فلا يرى منك إلا فعل الاسم، فالمرئي أنت لا الاسم لقصور نظر الرائين، وأما النافذ البصر فهو يعرف قوة الإكسير، يرجع صاحب هذا المقام به من غير مفارقة ولا بعد مسافة ولا قربها»، قال: «وثم مقام يدخل به العبد إلى حضرة الرب من غير واسطة أسماء»، وأطال في ذلك بكلام يدق على العقول، رضي الله عنه، وكان يقول: «طي المعاني مجال أهل العلم الأكبر، وطي المحسوسات مجال أهل العلم الأصغر»، وكان يقول: «الصفات وإن كانت راجعة لعين واحدة فبعضها متوقف على بعض توقف ظهور لا توقف إيجاد؛ لأنها زمام الباطن من حيث الظاهر، والباطن زمام لها من حيث إن الفيض لها لا يكون إلا منه، وانظر كم شخص يقول لا إله إلا الله فلا يحصل له فتوح أهلها.»
المؤلف: ضريح هذا الولي في الجهة الغربية من المدينة، ويعمل له في شهر رجب مولد صغير، وله جامع بالقرب منه منفصل عنه.
الشيخ علي الروبي رحمه الله
هو ولي الله الشيخ علي الروبي، تقول العامة عنه: «إنه من نسل روبيل النبي»، ويقول بعضهم: «إنه كان رومي الأصل فأسلم وصار وليا، وإنه لم يكن من الفيوم بل من بلاد الروم، وإنه مات هناك فلما خرجوا بجنازته طار من بين أيديهم بنعشه وجاء الفيوم، وإن الناس رأوه طائرا بنعشه وهو حي قاعد فيه، فقال لهم إنه أتى من بلاد الروم، ثم نزل في مكان دفنه المعلوم الآن»، وهذا بعيد عن الصحة، أما القول الأول فجائز.
ولهذا الولي مولد عظيم هو أكبر موالد الفيوم يستغرق النصف الأول من شهر شعبان، تأتيه الناس من كثير من بلاد القطر، فتزدحم شوارع المدينة وخصوصا في وسطها حيث مكان الضريح والجامع. ولهذا المولد فائدة في ترويج بعض أصناف التجارة، غير أنه يعمل به كثير من الموبقات، كما يعمل في غالب موالد الأولياء في أنحاء القطر المصري، وذلك مثل شرب الخمور جهارا، والحشيش، ورقص العاهرات في وسط حفلات الرجال، والحكومة لا تمنع ذلك، فعساها تحظر على الناس ارتكاب هذه المعاصي! فإن نفس الأولياء ينكرون هذه الأمور ويحرمونها.
الفصل الأدبي من القسم الثالث
نثبت في هذا الفصل بعض النظم والنثر من المحررات التي وردت إلينا، أو صدرت منا، أو التي يكون فيها وصف أشياء تختص بالفيوم، وذلك بين سجع وشعر وزجل، وقد قصدنا بذلك تفكهة القارئ لتاريخنا بعبارات أدبية.
فمن ذلك ما كتبه إلينا حضرة صاحب البيان، ورب التبيان، المطاول لسحبان، والمفتخر بمقاله على حسان، نابغة هذا الزمان، وعلامة ذوي العرفان، الذي أتى في كلامه بالعجب العجاب، فسحر الأذهان وخلب الألباب، وهو الأستاذ الفاضل، والعالم الكامل، الشيخ محمد النجار، أحد أساتذة نظارة المعارف، وصاحب جريدة «الأرغول» الغراء، وذلك من نوع المواليا، قال:
يا بو خليل يا جليل القدر يا منصان
يا نور عيوني وإنسان كل عين إنسان
صبك من الصد صب الدمع لك خلجان
وفاض على الخد منه الدر والمرجان
يا طول شوقي إلى أوقات مضت في الحظ
ونظم جوهر محاسن فيك ودر اللفظ
وعقد شمل ائتناس ما شان سلوكه فظ
ورؤية الماء والخضرة مع الإخوان
يا بحر يوسف صفا ماءك ووقتك طاب
وتبر تربك عبق نشره ومسكه طاب
وحسن مغنى نواعيرك نواه طبطاب
عد لي بجلسة خطيب يمك وحان الحان
يا بحر يوسف أقول الحق صدقني
هوا أراضيك لمن هواه شوقني
سفينة الحب عامت فيك تسبقني
واسقه سلامي إلى الأحباب والخلان
منهم أبو الذوق أبو الهمة أبو المعروف
أبو سعيد من بأنواع الكمال معروف
ومن بكل المحاسن في علاه موصوف
يعيش ويبقى أبو محمود مدى الأزمان
وإن قلت لي مين أبو محمود؟ أقولك روح
مين يجهل اللي لأجسام الأحبة روح؟
وارجع أقوله وقولي في هواه مسموح
يا ابو قوام بان عليه بدر المحاسن بان
من أين للغصن ميس قدك وأعطافك؟
وأين للبدر نور خدك وأوصافك؟
يا عادل القد فين عدلك وإنصافك؟
أدامك الله في ملك الجمال سلطان!
واختم كلامي بإسماعيل يا عقلي
واهديه سلامي وصحح بالحديث نقلي
واجعل مديحه على شرب الكئوس نقلي
وقول لمرسي الخفيف مرسي ودي اللي كان
وقد كان كلفني بعمل حصر منقوشة بألوان فأرسلتها، فأرسل لي هذا الزجل الآتي، قال:
أمدح نبي كامل لاوصاف
جد الأشراف
من مجده الحي القيوم
وابعت سلام فيه استعطاف
لسيد لطاف
أهل الفضايل في الفيوم
حلو الشمايل والألفاظ
زي الألماظ
عاليه وغاليه في الأتمان
تروى أحاديث للحفاظ
عند الوعاظ
واهل المعارف والعرفان
كاتب ويشعر شعر عظيم
زايد التنظيم
يمدح ويهجي ويعزي
لكن أقول لاجل التفهيم
اسمه إبراهيم
وفي الملاح مفهوم رمزي
وبعدها لا تنساني
اسمع تاني
شكوى الهوى وقول لا باس
أعشق أدب فيه رباني
كم رباني
وعرفت منه مشي الناس
وارجع وقول خد أوصافه
من اللي شافه
همه ومروءة وذوق وعلوم
الله يساعد وصافه
من ألطافه
وإيه يفيد وصف المعلوم؟
لو كنت أحمل حمل جمال
من أزجال
برضي مقصر في مدحه
واللي جمع كل الأقوال
كنه ما قال
دا شيء كتير ويطول شرحه
يا سي ابراهيم عندي حكايه
في كبايه
تطرب وتشرب زي الراح
بدي أشوفك ويايه
ونكون غايه
في حظ زايد مع أفراح
وافرش لك الحصر اياهم
ما أحلاهم!
ونقشهم يعمل حاجات
أحمر وأخضر غلاهم
بل خلاهم
بهجة ويهدوا للبشوات
كده تكون سمرة الاخوان
يا إنسان
ووصل حبل وداد أخين
وان كنت تعمل نوع إحسان
تبعت كمان
حتة تكون مترين في اتنين
وطول تلاتة من أمتار
فرش الدار
وعرض واحد مع ستين
عجل بهم حالا تذكار
لاجل النجار
يقول يا واحد وستين
عشان أصلي وادعليك
لاجل جميلك
واقرى فواتح للحصري
الله يديم نور قنديلك
ويدوم جيلك
يا اعز من روحي وبصري
واختم كلامي يا إبراهيم
بالتسليم
للعم وإسماعيل حيدر
لا زلتمو بغاية التكريم
والتعظيم
ماخش في خيشة ميبر
شرف كتابته وتقييده
صاحبك بيده
ودي انت عارف سي محمد
على المقام دام تأييده
الله يريده
والعود للباقي أحمد
وبلغه أنني عاتب عليه في أمر بلغني عنه، فأرسل لي هذه القصيدة الحسناء، قال حفظه الله:
لا تتخذ غير النسيم رسولا
فهو الذي يحكي المحب نحولا
واعرفه إن نمت نوافح عرفه
واجعل له عذرا به مقبولا
وأطل بذاك الروض وقفة عاشق
ذكر الطلول وروضها المطلولا
حتى إذا جاء النسيم مخبرا
عنهم فعاوده الكلام طويلا
واسأله هل نقل الحديث كما جرى
فلرب راو حرف المنقولا
واضرب لهم صفحا عن اللوم الذي
ما كان من إنصافهم مأمولا
إن الملام إذا سلكت سبيله
خدش الحشا وعليك جر ذيولا
ولرب لوم قطع العرق الذي
قد كان في جسم الهوى موصولا
رد الملام لمن يلوم عداوة
وأرى التغاضي يستميل ملولا
وعليك إن رجع النسيم إليهم
رد السلام بمدحهم مشمولا
وابعث رقيق القول علهم إذا
عتقوه يطلق في الغرام سبيلا
واستنثر الدر النضيد لشكر ما
منوا به وتفضلوا تفضيلا
فالدر يحسن في الحسان عقوده
ويزيد فيه كمالهم تكميلا
واستجمع الأفكار في أربابها
وخذ الجليل إذا مدحت خليلا
لله في الفيوم خل صادق
وأخ به كان الزمان بخيلا
لله ليلته التي قد مثلت
للدهر ليلة قدره تمثيلا
لله در الدر من فيه الذي
قد ضم للسحر الحلال شمولا
فخف المهيمن يا سمي خليله
فينا وخفف من قلاك قليلا
كاتبت عبدك تشتكي ظلما وما
يوما سها فأقم بذاك دليلا
واذكر لعمك عم فضل جنابه
شوقي وبلغه لإسماعيلا
واسأله إبراهيم عن ذاك الأخا
إني أراك له أبا مسئولا
دمت الخليل ودام بحر نوالكم
يروي وفودك بكرة وأصيلا
ما قطعت حصر الكرام وفتلوا
ليف الغرام وحبله تفتيلا
وقال حضرة الأديب الأريب محمود أفندي زكي ياسين، يصف بعض أشياء من الفيوم بهذا الزجل الرقيق، وهو:
المطلع
أحور وكان مالي ومال دي الحور
اللي فتك لحظه بلبل الغرام
خدني أسير حسنه وانا في قصر
ما اعرف حلال العشق ولا حرام
دور
سحر الجفون يجرح سليم الحشا
والقلب من طبعه يميل للقمر
لا دا يواصل دا ولا دا يشا
والجسم متعذب وصبره أمر
يا قلب فضك من جميل أو رشا
عذبت نفسك بالبكا والسهر
يخطر غزال أهيف تقول دا مشا
وانت بطول سهدك بقيت في خطر
مرت عليك أيام وزاد الوشا
واشمتوا العذال وطال الكلام
دور
يا قلب كان مالك ومال دا ودا
ما كنت في راحة وحالة عجب
من بعد ما تفدا بقيت للفدا
عرضة وجا شمسك لبختك غرب
قال لي بقى منك جرى كل دا
وصبحت بتلومني وانت السبب
كم كنت أنادي لو وعيت للندا
إلا انشغل فكرك بحان الطرب
ضاع الرشاد والنصح عندك سدى
وصبحت متأخر وانت أمام
دور
يا قلب من لومك يزيد بي الملل
والحب له دولة تذل الأسد
يا لوعة المضنى كفى ما وصل
يا مهجتي ذوبي وذوب يا جلد
يا منيتي عدني وشوف ما حصل
يكفي الخيال حتى خلف ما وعد
يا بحر يوسف من دموعي اكتمل
بحرك وصار يجري وقده وقد
مدة نواعيرك تدور في وجل
تشجي فؤاد عاشق وتسبي قوام
دور «فيوم» بها روضة بها من عدن
جنة ومحفوفة بحورها نعم
والحسن من يوسف بها من زمن
موروث وشيء يعجز لوصفه القلم
ضيع «قرون» ماله بها وافتتن
حتى انكسر قرنه وزاد به الألم
ياللي انخسف بطشك وشفت المحن
ماذا عليك لو كان لمالك كرم؟
من قدرة المولى بدل دا بمنن
أسماك تدوم للناس بطول الدوام
دور
أما البلد نكتة طرب من طرب
غنى الهزار روضها وراض به الفرح
والغصن من قده ضحك واضطرب
والورد من ورده بهج وانشرح
والجلنار عانق بهاه واقترب
لما النسيم ميل قوامه انطرح
والكيروان غرد عليه ما وجب
والشمس تتمايل عليه بالقدح
قام الخرير يبكي ودمعه انسكب
والفل من وده بقى في ابتسام
دور
ياللي تسير بالعيس في حب الأثر
شد الرحيل يا صاح وجد المسير
واعطف على الفيوم وشوف دي الخبر
منظر بديع شكله عديم النظر
قصر اللاهون موصوف بناه من حجر
مرمر جميل يشجي بدوي الغدير
والقنطرة جنبه تسوي العبر
من كتر ما تولول ليم الخرير
ومفتحة عنيها الثلاثه لخفر
تحفظ بهم للجار عهود الذمام
دور
اشرب كئوس راحك في حان الأمان
واجني من الأغصان ثمار التحف
وامزج رحيق أنسك بصفو الزمان
وابهج بديع فكرك وصف ما وصف
تلقى العنب والتين نضير الجنان
أشكال ودي الأرواح بها تؤتلف
أما الزتون يانع وفرعه ملان
يحكي جميل غصنه مزين النجف
والنخل من تمره يشار له البنان
والبرتقان يبري جميع السقام
دور
اجلس على بساط البساط واحتشم
صنعة بلاد زينة لاهل الوطن
من حسنها الفيوم تباهي العجم
وتبيع لدى بلادها بابخس تمن
والزركشة في اللون بلون العنم
أحمر غريب وابيض وشكله حسن
احصر منيف فكرك وقول لي نعم
اشرح كمان قولك لأهل الفطن
ذكر البلد صبح جميع الأمم
تسجع بأوصافها كسجع الحمام
دور
حسن الكمال زان الطبيعة جمال
حلة من السندس تسر الفؤاد
ترتع به الغزلان وترخي الدلال
ترعى وداد وده وهي وداد
والبحر من حيرته بقى في انزهال
محتار ودي حالة تذيب الجماد
لما رأى خصر الظبي في انفصال
قام اختصر وسط المدينة وزاد
يا نهر من كوثر دا ماءك زلال
يا ما سكر عشاق وفاق المدام
دور
يا بحر دام بحر الكمال ابراهيم
من قد برع عنك بنظم الدرر
رب النهى والفضل بارع سليم
ذوقه وأفكاره تصيغ الغرر
رمزي أديب يحكي بأنسه النسيم
والقطر من فضله زها وافتخر
مصقع أديب يسحر بلفظه النديم
كاتب بليغ صيته بهر واشتهر
شاعر مجيد ذكره على دا فخيم
يا شعر راج سعرك بهذا الهمام
دور
يا ابو خليل ذكرك علا ع السماك
يا بن الكرام مثلك عزيز الوجود
سعد السعود عبدك وخادم رجاك
وانت وحيد عصرك ونجمك سعود
رتل آيات مجدك ووالى ولاك
الله يديم عزك وينكي الحسود
مجدك رفيع وانت فريد في علاك
فيك الكرم موروث أبا عن جدود
ايمته أوفى المدح واكسب رضاك
واصبح زكي محمود بأعلى مقام
دور
فين الحريري أو بديع الزمان
اللي بدع لفظه على مدته
كرت عليه أيام وبان البيان
وابو خليل عنه كسب شهرته
اترك بقى سحبان ولا ابن هان
واقرى التاريخ وافهم معي حكمته
ليس الخبر يبقى كما في العيان
يا ما اندهش لبي بشان فطنته
فاقبل من الداعي بكل امتنان
أبهى ثنا زاهي وازكى سلام
وكتبت إلى الأستاذ البليغ إمام الإنشاء وحامل لواء البديع في حلبة الأدباء، حضرة الشيخ أحمد مفتاح مدرس الإنشاء بمدرسة دار العلوم، فقلت معاتبا على انقطاع رسائله:
والشمس وضحاها، والقمر إذا تلاها، إنني لفي شوق لمشاهدة بدر طلعتك، ونور بهجتك، فكلما تخيلته بهرني لامعه، وأدهشني عن النظر إليه ساطعه، وعهدي بك في التحرير، أن لا تحتاج إلى تذكير؛ لأنه مني بمنزلة الشفاء من العليل، والإرواء من ذي الغليل، وأن تمدني منه بمداد؛ لأنه من فؤادي بمكان السويداء، ومن عيني بمكان السواد، وأن لا تضن بكثيره، فضلا عن يسيره. فلم تغيرت أيها الجليل، على علمك أن إبراهيم خليل؟ فإن كان لتقصير فما قولك في من أناب؟ أو لذنب فكيف تكون مقابلتك لمن تاب؟ وإن كان عفوا، فأستمنحك عفوا على قبول هذا العتاب، ومقارنته بالجواب، وإلا فلا تبرأ علة السقيم. ولا تبرد نار إبراهيم.
رمزي
فأرسل لي رقعة يعتذر بها عما حصل، وقد تلطف حيث قال:
ما كنت إخال أن التسويف يثني يدي عن تسطير كتاب أبدأك به قضاء لحق الصحبة التي ما زالت ترف زهرة شبابها، وتشرق أسرة وجهها، إشراق ضميري بودادك، واعتقادي بولائك، حتى بدهتني بالكتابة عائدا بكمالك على نقصي، وحلمك على طيشي، وعفوك على جرمي، وكرمك على بخلي، فلم أك ممن لباك سريعا، أو أجابك مطيعا، بتسيير كتاب يطوي إليك عرض البلاد، جاعلا قصارى همه أن تمسه يدك، ويقرأه ناظرك، ويتخيله جنانك، ويضمه قمطرك،
1
وتحفظه خزانتك، ولا والله ما كان ذلك عن شغل بغيرك، أو وهن في المحبة، أو انفصام في عرى العهد القديم، الذي بايعتك عليه يوم أن ضمتنا مدينة الفيوم في العام الماضي، من تبادل رسائل الشوق ما دام للبعاد منا نصيب، ولكنها الأيام تحول بين المرء ومطلبه، فلا تدع الغرض خاليا من المرض، ولا الهوى من النوى، ولا الوصال من المطال، ولا الحبيب من الرقيب، فرحم الله امرءا أقال عثرة أخيه، وصفح عن ذنبه، والسلام.
وكتب إلى حضرة الأستاذ الكامل الشيخ محمد النجار معاتبا، وقد أجاد حيث قال:
لبيك أيها الخاطر، ولك العذر، فقد أضناك الجفا، وأحرقك الولوع، وأغرقتك المدامع، وإن للمحبة لسرائر يكتمها الجهر، ويكتبها هذا الأخرس الناطق، الذي تدعوه إلى مراسلة من هو أصل هذا الشجن، وباعث ذاك الأسى، وسبب هذه الشكوى، وداعي تلك الهواجس، فتضم على لظى الوجد سعيرا، وتزيد فوق أسطر الدمع سطورا، وماذا يضرك لو عاملته بالنظير وإنه بديع أفاضل الكتاب من أمثاله، وطريق أوائل الأشراف من أصحابه وآله. فإن أبيت إلا ما رأيت، فهذا كتابي إليه وسلامي عليه، ينشره الشمال ويطويه الشمول، وهذه عبارات الثناء التي أقدمها له مني بيد تخيل تلك الصفات، وتصور محاسن هذه الذات. فافهم رمزي أيها الرسول، الذي أبعثك لحملها، وأدعوك لتبلغها، وعد إلي بالإفادة، وقد صدقت الظن في كل ما أرجوه من دوام صحته وكمال عافيته، والسلام.
فكتبت إليه مراجعا قلت:
إيه أيها الرسول الكريم، وقص علي هذا النبأ العظيم، فقد أسكرني كلامه، وآلمنى عتابه وملامه، وطيب الأرجاء نشره، ولعب بالعقول سحره. وتمهل في حديثك عاتبا، فقد بلغ السيل الربى، وسامعك حليف سهاد، وأليف غرام يؤججه العباد، وقتيل شجون، لم تكن ولا تكون، وسمير أشواق، أحرقت فؤاده أي إحراق، وأسير ولوع، أضر بالضلوع، ونديم هوى، ما ضل فيه وما غوى، ومع ذلك:
إذا كان خصمي في الصبابة حاكمي
لمن أشتكيه أو لمن أتوجع
نعم يحق لصاحبك أن يعتب، ويسترسل في ذلك ويسهب، لما حصل من التقصير، الذي لم يكن مقصودا في الضمير، إلا أن الأيام تلهي بما يدهى، وتشغل بما ينكل، وتعوق عما يشوق، والود باق لا تغيره الأغيار، صاف صفاء العقار، وقد أبى الله إلا أن يكون له الفضل الكثير، وألا يقابل النظير بالنظير، فتدارك ذلك القصور بإحسانه المشهور.
فسر أيها الكتاب مستعطفا، وتمثل بين يديه متلطفا، واستمنحه عفوا لصاحب وده القديم، فإن سمح فبها وإلا فسلام على إبراهيم.
رمزي
وهذه صورة رسالة كتبتها إلى حضرة الأستاذ الفاضل الشيخ أحمد مفتاح، معاتبا إياه على انقطاع المراسلة.
صديقي الأغلى
مهلا أيها اليراع المقصر، ورويدا أيها الفكر المدبر، ولا تبادر باللوم أخا ودك المعلوم، لعل له عذرا وأنت تلوم، بعد أن عرفت من حذاقته، ما أوجب تأكيد صداقته، ومن نزاهته ما أبعد الملام عن وطيء ساحته، ومن خلاله ما جعلك تقر بكماله، ومن وفائه ما حتم مداومة إخائه، ومن جوده وإنعامه ما أطمعك في نفثات أقلامه، فهل هذا الذي اتصف بهاته الصفات، وانطوت تحت غلائله مع الشهرة تلك الكمالات، يضن بمنشآته، ويرخي للمطال عنان عناته، فلا يوافي جريدة صديقه بما تخطه يراعته مما تمليه براعته، ليحلي به جيدها العاطل، ويزهق ببرهانه الحق نفس الباطل.
كلا فإنها الأشغال، تعيق في بعض الأحوال، وإنه العالم المعهود، والمنشئ البليغ المعدود، الذي رفع علم الإنشاء كالعلم، وأظهر للسيف فضائل القلم، وجلى مخدرات المعاني لمخيلات الحفاظ، متحلية بدقيق الإشارات وفصيح الألفاظ، فاقتبس منها كل شاعر، وجعلها لمذهب كلامه كالمشاعر، وأنار بها سليقته، وعرف منها مجاز التعبير وحقيقته، وكرر عباراتها كل نحرير؛ ليتمكن خاطره من التحرير، فنبغ أدباء أفاضل، وشعراء أماثل، ملئوا الأودية سحرا، والأندية عطرا، والسطور ظرفا، والطروس صرفا. فلله دره من كاتب مجيد، قد جدد عهد ابن المقفع وعبد الحميد، ولا شك أنه سيوافي رصيفه، ويوالي حليفه، بما ترتشفه العقول سلافا، وتهتز له الهامات استلطافا، فهو صديقه الحميم، وخليله إبراهيم.
رمزي
فجاءنا منه هذا المحرر الكريم ردا على كتابنا السابق، قال:
كتابي إليك وأنا منك بين معتذر وعاتب، ومغلوب وغالب، حيث سألتني - أعزك الله - عن فتور المراسلة، وما كنت لتعهدها من صديق حميم وولي كريم، فقمت مقام المعترف الذليل، العائذ بمقام الخليل، لعل الله يغسل الذنب بماء الرحمة، ويعفو عن هذه الوصمة، ثم عذرتني بعناء الأعمال في هذا الإهمال، ولا والله ما ذممتك في الأولى، ولقد شكرتك في الثانية، والله يشهد أني إذ ذاك بين عزم فاتر، وليل ساهر، وأمور منزلية، وأعمال مدرسية، لا يكاد يغبني الفراغ إلا ريثما يحين العمل، حتى هجمت أيام البطالة التي يجم فيها العقل، وتنمو القوى، ويستد الساعد وتقيد الأوابد، ويلتقط الكلام من أفواه الأقلام، فمرحبا بك وبجريدتك، التي برهنت بها على فضل مصر في هذا العصر، وضربت بها كل طود فانبجس عنه ماء العلم، حتى قلنا إن العصا قرعت لذي الحلم، فحياك الله وبياك كلما عتبت فاعتذرنا، وأمرت فأطعنا، والسلام.
أحمد مفتاح
علماء العصر الحاضر
قد نسينا - وجل من لا ينسى - أن نذكر علماء العصر الحاضر بعد العلماء السابقين، ولكن ذلك لا يمنعنا من إثباتهم الآن.
فمنهم حضرة الأستاذ الكامل والعالم العامل الشيخ محمد الروبي من دفنو، وهو الآن من كبار مدرسي الجامع الأزهر المعمور.
ومنهم الأستاذ الفاضل الشيخ أحمد الرفاعي من معصرة عرفة، وهو شيخ رواق الفيمة بالجامع الأزهر الآن، ومن كبار مدرسيه.
القسم الرابع
جغرافية الفيوم
مديرية الفيوم ديوان مديريتها بمدينة الفيوم، وهي إحدى مديريات القطر المصري في الوجه القبلي المسمى بالصعيد، وهي واقعة على مسافة من النيل نحو الغرب، حدها من الشرق بعضه ينتهي لجسري الشيخ جاد الله والبهلوان الخاصين بحفظ الفيوم من الغرق، ويفصل ذلك بينهما قناطر اللاهون على بحر يوسف، وباقيه حدود مديرية بني سويف، وحدها من جهة الغرب بعضه مياه بحيرة قارون وباقيه الجبل، والحد البحري أيضا الجبل، وخلفه بلاد مديرية الجيزة، والحد القبلي الجبل أيضا، وخلفه حواجر بلاد مديريتي بني سويف والمنيا، ومساحة أطيان هذه المديرية تبلغ 273298 فدانا، وتعدادها يبلغ 218904 نسمات كما سيأتي مفصلا، وذلك بخلاف الواحات البحرية التي كانت تابعة للفيوم، وفصلت عنه في مدة محمود بك صبري، وألحقت بالمنيا لأن طريقها أقرب من الفيوم.
وتنقسم مديرية الفيوم إلى مركزين: مركز سنورس ومركز طبهار، وتحتوي على خمس وثمانين بلدة، بما فيها مدينة الفيوم.
الترعة المسماة بحر يوسف
هو فرع عظيم من النيل ينسب لنبي الله يوسف - عليه السلام - يبتدئ من ديروط الشريف التابعة لمديرية أسيوط، وينتهي بمدينة الفيوم في جهة الصوفي، حيث يكون البحر أفرعا ليس إلا. ويمر هذا البحر على مديريتي المنيا وبني سويف، وله قناطر في اللاهون تبعد عن المدينة بنحو عشرين كيلو مترا، ويتفرع منه من بعد اللاهون إلى أن ينتهي إلى التقاسيم بالمدينة جملة فروع يسميها العامة أبحرا أو ترعا، وهي كما يأتي:
ترعة العجوز، بحر سيلة، ترعة هوارة، بحر سنوفر، ترعة سنوفر، بحر طامية، بحر قحافة، بحر المصلوب، بحر العدوة، بحر الأعلام، بحر دار الرماد، بحر تنهلة، بحر سنورس، بحر ترسة، بحر زاوية الكرداسة، بحر سنهور، هذا من الشاطئ الأيمن لبحر يوسف. أما الأيسر فها هي فروعه: ترعة هوارة عجلان، بحر الغرق وقلمشاه، بحر العزب، بحر النزلة، بحر أبو صير، بحر عروس، بحر المحجرة، بحر السبخة، بحر باجة، بحر خوردولية، بحر أبجيج وعنز، بحر مطول، بحر دسيا، بحر السنباط وتلات، بحر الغربية، بحر سينرو. ويتفرع من هذه الأفرع عدة فروع أخرى عددها كثير جدا.
وقد كان بحر يوسف يجف من فمه بجهة ديروط بمدة التحاريق، ولكنه لا يجف من الفيوم؛ نظرا لما يتفجر فيه من الينابيع الطبيعية، ولكنه لم يكن كافيا للزراعة، فلما أنشئت الإبراهيمية جلبت له المياه شتاء وصيفا حسب اللزوم.
مدينة الفيوم
هي مدينة شهيرة في وسط بلاد الفيوم تقريبا، يشقها البحر اليوسفي من الشرق إلى الغرب، وينتهي لآخر المساكن من الغرب، حيث مقاسم المياه المتفرعة منه على جهات الفيوم بحسب زمام كل جهة، والمدينة على جانبي البحر البحري والقبلي. وبالفيوم من الصنائع: نسج القماش من الكتان والصوف والخيش، وعمل التليس من الشعر، والحصير من السمار الفيومي المنقوش بالألوان ومن البردي، وعمل الفخار. وبها من المعامل: معامل الدجاج، ومعاصر الزيت، ومعامل تبييض الأرز وحلاجة القطن، ومعامل طحن الحبوب، وغير ذلك من الصنائع والمعامل العادية التي لا تخلو منها مدينة. وفي شمال المدينة المدينة القديمة المعروفة الآن بكيمان فارس، وبها الجبانة، وبينها وبين المدينة الآن سور أقيم لوقاية المساكن من روائح القبور.
وكانت تسمى قديما «كروكود يلوبوليس»، أي مدينة التماسيح؛ نظرا لعبادة التماسيح التي كانت شائعة فيها في زمن قدماء المصريين.
مركز طبهار
نذكر في هذا المركز وفي المركز الثاني بلاد الفيوم، وزمام كل بلدة وتعدادها وعمدتها:
اسم البلد
الفدن
التعداد
العمدة
مدينة الفيوم
3830
27996
علي أفندي شرابي
إطصاه
2596
2194
خليل أفندي حواس
معصرة عرفة
458
851
أبو زيد أحمد
الصوافنة
640
681
إبراهيم علي
تطون
6028
2331
نصر أبو رواش
دفنو
3885
3616
عبد العال أفندي المليجي
عتامنة الجعافرة
553
1033
سالم علي
منشأة ربيع
804
568
عبد الحفيظ محمد
قلهانة
1444
730
علي عبد العال
الجعافرة
697
1861
عيسى مهدي
شدموه
1691
391
علي السيد
أبو صير دفنو
1213
1310
أبو زيد شندي
الغرق
15760
3005
متولي الحنبولي
العزب
3043
2004
خليل بدوي
الغابة
1623
683
عبد الحميد عثمان
بحر أبو المير
1234
614
أبو عائشة رضوان
اللاهون
1958
2513
عيسى أفندي السيد
دمشقين
1387
984
الشيخ سعودي عبد الحميد
منيا الحيط
4181
5373
فايد فتح الباب
عنز
498
554
عثمان السيد
ثلاث المظاليم
1404
2436
سليمان سيد أحمد
كفر الزعفراني
331
244
محمود درويش
سينرو
5485
3350
علي أفندي صالح
هوارة عجلان
1320
1554
حسن علي شعبان
أبشواي
6649
4338
دلة أفندي رضوان
مطول
2297
1549
ميهوب السيد
جردو
4121
4028
عبد الله أفندي العشيري
أبو دنقاش
1282
1312
شبيب رمضان
أبو جنشو
3297
3280
محمد أفندي منصور
نوارة
542
599
صالح هنداوي
عزبة قلمشاه
1307
755
عبد اللطيف أفندي سعودي
منشأة حلفا
835
1141
أحمد هارون
دسيا
2475
1778
هارون وهبة
قلمشاه
9761
3218
والي أفندي علي الجندي
المندرة
597
989
معوض محمد
العتامنة والمزارعة
2540
1545
سعدواي بدوي
السنباط
3138
2590
عثمان حيدر
العجميين
3716
7483
طلبة أفندي حزين
أبو جندير
6792
1818
فيصل أفندي موسى
النزلة
29597
8240
عبد العال أفندي حسن
أبجيج
2447
1730
مصطفى أفندي حسانين
طبهار
3069
4626
السيد أفندي مؤمن
أهريت
738
1283
إسماعيل الزعفراني
مناشي الخطيب
1145
1321
أبو زيد أحمد حبيب
مركز سنورس
اسم البلد
الفدن
التعداد
العمدة
قحافة
2517
1416
منسي درويش
سنوفر
1262
1238
عبد العال سلام
الأعلام
800
1000
شعبان فتح الباب
دمو
1710
834
محمد يونس
الكعابي القديمة
230
397
عزوز علي حرب
منشأة عطيفة
355
511
داود عامر
فرقص
1818
1699
سعيد محجوب
دار الرماد
1360
1755
محمد أفندي خطيري
منشأة عبد الله
861
1360
محمود أفندي بطران
فديمين
4590
6194
عبد الكريم زيدان
الروضة
4363
1855
محمد عبد الله
السيليين
1601
1169
إبراهيم محمود
الكلابيين
893
764
عبد المجيد مواهب
بني مجنون
1482
2685
علي صالح
الزربي
282
3836
علام حمزة
أبو كساه
7257
4275
مفتاح أفندي معبد
بيهمو
2277
1533
طلبة أفندى زيدان
كفر فزارة
162
822
محمد حجازي خليفة
أبهيت الحجر
801
982
أحمد حسين أبو طور
الزاوية الخضرا
606
1165
عبد اللطيف عفا الله
نقاليفة
4252
2923
علي طحاوي
المقاتلة
2240
787
خلف درويش
مطرطارس
4656
4754
إسماعيل روبي
بني عتمان
8652
3733
محفوظ نصر
الكعابي الجديدة
1219
1831
حمزاوي موسى
زاوية الكرادسة
2698
2196
أحمد الروبي
معصر دودة
6546
2681
عبد الواحد حسانين
جرفس
850
1726
عبد الهادي محمد
ترسا
4027
3941
علي أفندي الهواري
الروبيات
4227
1777
محمود سالم إمبابي
هوارة المقطع
1698
1541
محمد أبو خضرا
كفر عميرة
1333
396
سيف النصر علي
الأخصاص
604
1299
السيد سليمان
سنورس
6315
11423
طنطاوي أفندي طنطاوي
سنهور
13807
7271
عبد الله أفندي عليوة
جبلة
1458
2119
محمد أفندي عويس
سيلة
8343
2586
خليل أبو زيد
طامية
7087
2841
أحمد حمزاوي
سرسنا
2996
2705
سيد أحمد فرجاني
المصلوب
1310
1701
درويش أفندي منجود
العدوة
2775
2583
عيسوي يونس
عمد قبائل العربان
قبيلة الحرابي:
كل من مشايخ العرب عبد القوي بك الجبالي، ومنيصير محجوب، وأبو خزيم شماطة.
قبيلة الرماح:
كل من مشايخ العرب حمد محمود باسل، وعمار بريك، والشافعي عمر، ومفتاح أبو جليل.
قبيلة البراعصة:
كل من شيخ العرب سليمان أبو حسين، وعقيلة الأحول.
قبيلة سمالوس:
كل من هويدي مبارك، وطحاوي شعيب، وعلي كرومة، ومحمود غيت.
قبيلة الفرجان:
شيخ العرب طلبة فراج.
قبيلة الفرايد:
شيخ العرب منيسي علي، ومحمد خليفة.
قبيلة الحوتة:
عبد الله محمد عفيفي.
فروع الدواوين والمصالح
قد ابتدأنا بطبع تاريخنا في أواخر سنة 1894 ميلادية، وما زلنا مستمرين في طبع بقيته إلى أن مضى شهران من سنة 95، وحيث إنه حصلت تنقلات في أثناء هذه المدة لبعض موظفي الدواوين، فسنذكر السابقين والحاليين زيادة في الفائدة، وسنحفظ مقدمة الديباجة مثل حضرة وعزتلو وسعادتلو، ثم إننا نضع لفظة أفندي لكل من لم يحز الرتبة الثانية كما هي الأصول الرسمية في الحكومة، فنرجو الجميع عدم المؤاخذة.
المديرية
المدير:
عدلي بك يكن.
الوكيل السابق:
إبراهيم أفندي حليم، والحالي حافظ أفندي محمد.
معاون أول:
محمد أفندي ناصف.
معاون:
محمود أفندي حسن.
معاون:
نجيب أفندي خبية.
معاون:
حسين أفندي رفعت.
مركز طبهار:
المأمور: حسين أفندي حلمي. معاون أول: خورشيد أفندي طاهر. معاون ثان: محمد أفندي عبد السلام.
مركز سنورس:
مأمور سابقا: محمد أفندي زاهد، والحالي: محمد أفندي ناصف. معاون أول: محمد أفندي فؤاد. معاون ثان: عبد الله أفندي دسوقي.
رؤساء أقلام المديرية:
الباشكاتب: غبريال أفندي إبراهيم. رئيس التحريرات: قسطنطين أفندي عوض. رئيس الإيرادات: رزق أفندي جرجس. رئيس الحسابات: سعد أفندي غبريال. رئيس بيت المال: محمود أفندي إبراهيم.
مفتش الدخولية:
فرج أفندي السيسي.
قلم الضبط:
الحكمدار: محمد أفندي حشمت. الوكيل السابق: محمد أفندي توفيق، ثم نقل ولم يعين خلافه. معاون بوليس البندر: علي أفندي جلال. الملاحظ: حسن أفندي حسيب. كاتب أول الضبط: محمود أفندي زكي. كاتب أول البوليس: محمد أفندي رفاعي. معاون طبهار: مصطفى أفندي نظيف. الملاحظ: عبد الرحمن أفندي شوقي. معاون سنورس: محمد أفندي خليل نايل. الملاحظ: علي أفندي عرب.
المحكمة الأهلية الجزئية:
قاضي المحكمة السابق: عبد الله أفندي الطوير، والحالي: محمد أفندي عزت. قاضي التحقيق السابق: محرم أفندي غانم، والحالي: مصطفى أفندي سامي. رئيس النيابة: إبراهيم أفندي يونس. المساعد: متولي أفندي غنيم. كاتب أول المحكمة: محمد أفندي منيب. كاتب أول النيابة: يوسف أفندي حنا. نائب الباشمحضر: حنا أفندي شكر الله.
المحكمة الشرعية:
القاضي: الشيخ محمد بيومي. النائب: الشيخ محمود محمد الدشناوي. الباشكاتب: الشيخ مصطفى القاضي. قاضي طبهار : الشيخ علي الوجيه. قاضي سنورس: الشيخ عبد السلام النكلاوي. المفتي: الشيخ محمد الخضراوي.
هندسة الري:
الباشمهندس السابق: علي بك برهان، والحالي: إبراهيم أفندي زكي. معاون أول: أحمد أفندي حسني. كاتب أول: بسيوني أفندي محمد. مهندس قلمشاه: إبراهيم أفندي چاهين. مهندس المدينة: علي أفندي زكائي. مهندس سنورس: حسن أفندي فتحي. مهندس ورسام: عبد الحميد أفندي زكي.
مهندس التنظيم: محمد أفندي منيب.
تفتيش الأراضي الأميرية «الدومين»:
المفتش: إسماعيل بك إلياس. معاون أول: إسماعيل أفندي زكي. معاون النزلة: محمد أفندي سرحان. ناظر الشون: أحمد أفندي أدهم. رئيس الحسابات: عبد الله أفندي عبد السيد. رئيس التحريرات: مقار أفندي خليل.
تفتيش الدائرة السنية:
المفتش: يوسف بك الحكيم. الوكيل: محمد أفندي حسن. معاون أول: محمد أفندي عاصم. معاون ثان: علي أفندي صدقي. الباشكاتب: يوسف أفندي عوض. رئيس التحريرات: غبريال أفندي يوسف. رئيس الإيرادات: يعقوب أفندي عبد السيد. رئيس الإيجارات: إسرائيل أفندي بطرس. رئيس الصنف: ميخائيل أفندي جرجس. مأمور الفيوم: عبد الخالق أفندي أحمد. مأمور سنورس: مصطفى أفندي لطفي. مأمور المعصرة: محمد أفندي زكي. مأمور أبو كساه: عمر أفندي صبري. نظار الزراعات: إسماعيل أفندي حيدر، محمد أفندي حافظ، خالد أفندي الهجرسي، حسن أفندي طلعت. ناظر الشون: مصطفى أفندي حمدي.
تفتيش الصحة:
المفتش: أحمد أفندي فهمي. الكاتب: محمد أفندي رمزي. طبيب طبهار: حسين أفندي عثمان. طبيب سنورس: محمد أفندي عبد اللطيف. طبيب أجزخانة سنورس: أحمد أفندي لطفي.
مستشفى الحكومة:
حكيمباشي: محمد أفندي رشدي.
البوسطة:
الوكيل: حنين أفندي شنودة. المعاونون: يعقوب أفندي إسحاق، وأديب أفندي حنا، وجرجس أفندي غبور.
المصلح:
المفتش: حسين أفندي شكري. ناظر شون سنورس: أحمد أفندي شلبي. ناظر شون أبشواي: جرجي أفندي ونيس. ناظر شون العدوة: عثمان أفندي سري.
السكة الحديد:
ناظر المحطة: محمد أفندي شوقي.
عضو مجلس الشورى:
طلبة بك سعودي. وأعضاء الجمعية العمومية هم: طلبة بك سعودي، وسيف النصر أفندي طنطاوي، وعلي أفندي شرابي.
وأعضاء مجلس المديرية المنتخبون - بفتح الخاء - هم: محمد أفندي عويس، والسيد أفندي مؤمن.
المجلس البلدي:
أعضاؤه الثابتون هم: المدير، ومهندس التنظيم، ومفتش الصحة. والمنتخبون: إسماعيل بك إلياس، وسعد بك حسن، وحنا أفندي نخلة، وعلي أفندي شرابي.
مسطح المدينة
يبلغ مسطح المدينة 206 فدادين.
وأهم شوارعها:
شارع الرملة: من كبري بحر تنهلة إلى جامع قايت باي.
شارع اليوسفي: من كبري القشلاق إلى أبي النواصي.
شارع القنطرة: من الشيخ سالم إلى الروبي.
شارع سوق السمك القديم: من ضرب سوق الحمير إلى سوق الطباخين.
شارع الشط: من شارع المذبح إلى قنطرة الحواتم.
شارع بحر عنز: من القشلاق إلى شارع المذبح.
شارع جعفر: من سكة اللاهون إلى كبرى بحر تنهلة.
أشهر المساجد:
مسجد الروبي، والواقدي، وقايت باي، والمعلق، والشيخ موسى، وأبو جانب، وعسيلة، والمغازي، والشيخ سالم، والصوفي، وأبو سبيحة، وأبو جراب.
أشهر الأضرحة:
ضريح الروبي، الواقدي، الشيخ موسى، الشيخ سالم، الصوفي أبو جراب، الشيخة مريم، الشيخ حسن الزيات، أولاد خضر.
المدارس:
بالفيوم ثلاث مدارس: إحداها للقبط، والثانية للكاثوليك، والثالثة للحكومة، أما مدرسة الحكومة فعدد تلامذتها 220، وأساتذتها هم: محمود أفندي سامي ناظرا، مصطفى أفندي رياض مدرس فرنساوي، حسين أفندي حمدي للفرنساوي أيضا، عبد الله أفندي لطفي مدرس إنكليزي سابقا، بطرس أفندي حنا للإنكليزي حالا، عفيفي أفندي وهبي للرياضة، عبد الجواد أفندي محمد للنحو، الشيخ أحمد أبو الفتح للنحو أيضا، ومدرسو القرآن والخط هم: الشيخ محمود محمد، الشيخ محمود أحمد، الشيخ زهران.
الكنائس:
توجد في الفيوم ثلاث كنائس للأقباط والكاثوليك والروم.
الجمعيات:
جمعية المساعي الخيرية للأقباط، جمعية محفل الفيوم الماسوني، جمعية النهضة الأدبية، جمعية كلوب الفيوم.
الوابورات:
وابور الخواجات إخوان زجدون للحلاجة والطحين وتبييض الأرز.
وابور الخواجة يوسف الخوري للحلاجة والطحين وعصير الزيت.
وابور الخواجة حنين بنايوتي للطحين.
وابور الخواجات يوسف وأصلان بجهة الصوفي للطحين.
أشهر آثار الفيوم القديمة الموجودة الآن
هرم هوارة المقطع:
هذا الهرم مبني بالطوب الأخضر المعروف باللبن، وهو من آثار الملك أوسرتسن الثالث، وهو بالبلدة المسمى باسمها.
هرم اللاهون:
هو بجهة اللاهون، ومبني باللبن أيضا، وهو من آثار الملك أوسرتسن الثاني صاحب مسلة المطرية، وبجواره مدافن التماسيح المقدسة التي كانت معبودات في الزمان القديم بجهة الفيوم.
كرسيان:
هما كرسيان من الحجر بجهة بيهمو، كانا قاعدتين إحداهما لتمثال الملك أمنمحعت الثالث، والثانية لتمثال زوجته «سبك نفرورع»، وهما اللذان كانا في وسط بحيرة موريس التي مر ذكرها.
دمية السباع:
هي آثار مدينة قديمة رومانية واقعة في شمالي بركة قارون، وبعض بنائها بالطوب الأحمر المسمى بالآجر، وبعضه باللبن.
الأطباء الأهليون:
الدكتور أمين أفندي حداد، الدكتور يوسف أفندي غبريل.
التلغراف:
بطرس أفندي لتلغراف المحطة، فوزي أفندي للتجاري.
مصلحة الآثار:
مفتش الآثار التاريخية محمد أفندي شعبان.
الأوقاف:
مأمور الأوقاف محمد أفندي علي.
المحامون:
محمد أفندي رفعت، ميخائيل أفندي فانوس، محمود أفندي كامل، حسانين أفندي عطية.
إحصائية عن محاصيل الفيوم الزراعية مدة إحدى عشرة سنة
بيان المقادير الصادرة من محطات السكة الحديدية بمديرية الفيوم في السنين الآتية بعد تحويل القطن الزهر إلى قطن شعر وبزرة قطن.
قطن شعر (قنطار)
بذرة قطن (قنطار)
غلال (قنطار)
أصناف متنوعة (قنطار)
سنين
34237
66908
803683
125106
1883
64274
107421
918688
226311
1884
61724
120417
579518
251927
1885
49929
097105
568280
206039
1886
50998
150575
648151
236089
1887
71221
121223
576560
255824
1888
39433
082010
418935
212206
1889
56334
104608
797368
245301
1890
86638
185917
1109070
329783
1891
89442
174392
835311
366007
1892
65934
144916
891333
312256
1893
بيان متحصلات الأموال غير المقررة بالجنيه المصري.
دخولية
ذبيح
سمك
عوايد تمغة
ملح ونطرون
سنين
1883
253
2000
1037
4555
1883
2464
309
2300
1185
4455
1884
2327
244
2300
1002
4681
1885
2084
315
2300
1066
4746
1886
2235
356
2300
1157
5217
1887
2446
340
2300
1264
4660
1888
2288
222
2300
1115
3775
1889
2649
423
2966
957
5007
1890
2963
495
2000
682
5768
1891
3079
479
2000
600
3941
1892
3130
501
2000
517
3178
1893
أعيان المزارعين
لا يخفى أن الأعيان والذوات لا يوجد معهم شيء يميزهم عن غيرهم من المزارعين وأواسط الناس فلذلك يصعب تعيينهم، ولهذا السبب قد وضعنا أسماء من نعرف أنهم من الأعيان، ولكيلا ينسب لنا غرض من الأغراض في التقديم والتأخير قد رتبنا أسماءهم على حروف ألف باء، وسنضع أمام اسم الذين عندهم الرتبة الثالثة نجمة. وعلى كل حال نرجو عدم المؤاخذة فيما عساه أن يقع منا من السهو في عدم ذكر بعضهم فإن العصمة لله، وهاك بيانهم:
الألف
إسماعيل بك إلياس.
أحمد بك دلة.
إبراهيم أفندي نجيب.
إسحاق بك حافظ.
أحمد أفندي حمدي.
أمين أفندي معجون.
أحمد أفندي إلياس.
الحاج أحمد مؤمن.
الحاج أحمد حسن.
الباء
بشاي أفندي سعد.
بشاي أفندي عبد السيد.
الجيم
جرجس أفندي مطر.
الحاء
حسين أفندي رمزي.
حافظ أفندي شفيق.
حنا أفندي نخلة.
حسن أفندي ناصر.
حنا أفندي الشماع.
حنين أفندي شنودة.
الخاء
خالد بك لطفي.
خليفة أفندي طنطاوي.
الراء
الخواجة روفائيل بنايوتي.
السين
سيف النصر أفندي طنطاوي * .
سليم بك فؤاد.
سلطان أفندي محمود بهنسي.
شيخ العرب سالم باسل.
سيد أفندي مؤمن * .
سعد بك حسن.
الصاد
صادق أفندي إلياس.
الطاء
طلبة بك سعودي.
طلبة أفندي زيدان.
العين
عبد الله أفندي طليمات.
عريان أفندي سعد * .
علي أفندي شرابي.
علي أفندي الدالي.
عمر أفندي عثمان.
علي أفندي الهواري * .
عبد الواحد أفندي الحريشي * .
علي أفندي مظهر.
الغين
غبريال أفندي سعد.
الفاء
فرحات أفندي فريد.
الحاج فتح الباب الحصري.
فانوس أفندي شكشوك.
الميم
مصطفى بك أمين.
محمد بك بهنسي.
محمد أفندي عويس * .
محمود أفندي زكي * .
محمود أفندي كامل.
محمد أفندي نصار.
محمد أفندي خيري.
محمد أفندي بهجت * .
ميلاد أفندي دلة.
محمد أفندي الدالي.
محمد أفندي كامل.
محمد أفندي جنيدي.
الياء
يوسف أفندي جعفر.
أعيان التجار
الخواجة أصلان زجدون وإخوته.
الخواجة إسكندر الخوري وإخوته.
الخواجة حنين بنايوتي.
الخواجة شكري حداد.
علي أفندي عبد العال.
الحاج فتح الباب محجوب.
محمد أفندي ناصر.
محمد أفندي الغمري.
الخواجة موسى عون.
الخواجة يوسف الخوري.
أحد المحامين
فاتنا أن نذكر أحد المحامين وهو أحمد أفندي الصدر، فالتزمنا بإثباته هنا.
إحصائية سنة 1894.
قطن شعر (قنطار)
بزرة قطن (قنطار)
غلال (قنطار)
أصناف متنوعة (قنطار)
110288
210723
995601
397678
القسم الخامس
نذكر هنا تراجم الموظفين والأعيان، وهي أربع وعشرون ترجمة، ثم نردفها بصورهم، وسنأتي بالتراجم على الترتيب الآتي وهو: ترجمة محمود بك صبري مدير الفيوم سابقا، ثم عدلي بك يكن مديرها الحالي، ثم إسماعيل بك إلياس مفتش الدومين، ثم يوسف بك الحكيم مفتش الدائرة السنية. أما باقي التراجم فسنأتي بها مرتبة على حروف ألف باء، ما عدا ترجمة المؤلف لهذا التاريخ فإنها ستوضع في آخر التراجم، وبمثل هذا الترتيب سترتب الصور.
عزتلو أفندم محمود بك صبري مدير الفيوم سابقا
رجل أشغال، وغاية أعمال، وقف موقف المجتهدين، وتمسك بعروة المجدين، يرمي في الرياضة بنصيب، ويضرب فيها بسهم يصيب، ينتهي نسبه إلى الإمام علي، وهاك ترجمته:
هو محمود بك صبري ابن المرحوم السيد صالح الصيرفي ابن المرحوم السيد أحمد الصيرفي ابن العالم الواصل السيد أبي الحسن علي الصيرفي، من سلالة الإمام الحسين ابن سيدنا علي بن أبي طالب، كرم وجهه. تخرج السيد أبو الحسن المذكور بالأزهر على مذهب الشافعي مع الإلمام بالحنفي لدرجة التدريس والإفتاء، وكان أخيرا نقيب الأشراف برشيد. توفي في سنة 1236 هجرية، ودفن بمسجد الشيخ تقي، وله ضريح يزار للآن. ولد صاحب الترجمة بإسكندرية سنة 1269ه، واعتنى المرحوم والده بتربيته فأدخله أحد المكاتب الأهلية ثم التجهيزية بإسكندرية ثم المهندسخانة، وبعد أن تمم الهندسة النظرية والعملية واللغة الفرنساوية تعين معيدا للعلوم الرياضية بتلك المدرسة براتب 250 قرشا شهريا، ثم نقل إلى ديوان الأشغال مهندسا ثم إلى الحربية ضابطا سنة 1871م بقلم عموم أركان حرب تحت رياسة الجنرال أستون الأمريكاني، ثم رقي لرتبة ملازم أول، ثم مارس الفنون العسكرية حتى برع فيها، وأحيل عليه تدريس العلوم الرياضية والفنون الحربية لضباط الألايات بالعباسية، ثم انتخب لمأمورية اكتشافية بجهات الزنجبار وأواسط أفريقيا تحت رئاسة الكلونيل بودري الأمريكاني، وحينئذ نال رتبة يوزباشي، ولما عاق هذا المشروع بعض دواع سياسية صرفت الحكومة النظر عن هذه المأمورية.
ثم عين في مأمورية اكتشافية من قنا إلى برانيس - على البحر الأحمر بين القصير وسواكن - ومنها إلى بربر بالصحراء الشرقية للنيل، ثم إلى أبي حمد، فكروسكو بالعتمور، واستغرقت هذه المأمورية تسعة أشهر، وكانت تحت رئاسة الكلونيل كلستون والكلونيل بوردي، والقصد منها استكشاف طريق لعمل سكة حديدية تصل جهات النيل بالبحر الأحمر، ومعرفة معادن الذهب بجبل الدرهيب. وفي ديسمبر سنة 1874م سافر من مصر مع بعض ضباط أركان حرب وقسم عسكري تحت رئاسة الكلونيل بوردي إلى السودان بطريق النيل لدنقلة، ومنها بالصحراء الغربية إلى دارفور، ووافقت تلك المدة وقت فتح دارفور بالعساكر المصرية، وكان صاحب الترجمة رئيس أركان حرب هذه المأمورية، وعمل فيها خريطات استكشافية وتقارير حربية، ذكر فيها ما اكتشفه من معادن الرصاص والحديد وأنواع النباتات والحيوانات التي شاهدها، ثم عاد بعد أن قاسى المشاق والأهوال، وأسقمته كثرة الأمراض، وكان وصوله مصر في أغسطس سنة 76م، وبقي تابعا للحربية، ثم اقترن بكريمة عمه المرحوم الحاج إبراهيم مهنا من أكابر أعيان مديرية البحيرة، ثم عين معاون أركان حرب بمعية قومندان الفرقة العسكرية بإسكندرية، ونال رتبة صاغقول أغاسي، ثم عين لمباشرة الأشغال الهندسية بالسكة الحديد السودانية التي مركز إدارتها وادي حلفا، ولما رفت المسيو جودنج مأمور هذه المصلحة عين المترجم بدله، وكانت نتيجة تعيينه انتظام تلك المصلحة وازدياد إيراداتها، ولما شاهد منه غردون باشا حكمدار السودان الاجتهاد زاد راتبه إلى 3000 قرش، وأمره بامتداد خط السكة من بعد محطة صرص التي هي نهاية الأعمال، وكانت قد تمت قبل توقيف العمل، وعلى ذلك شرع في الامتداد، ولما انفصل غردون باشا وعين بدله رءوف باشا ولحظ المترجم منه عدم الميل لتقدم أشغال السكة وعدم مساعدته، طلب أن يعود إلى الحربية كما كان فأجيب، وأقام بالحربية إلى أن طلبه ناظر الأشغال وألحقه مهندسا بها، وفي مارس سنة 82م نقل إلى الحربية بناء على طلب الجنرال أستون رئيس عموم أركان حرب، وأدى امتحان رتبة البكباشي ونالها. ثم حصلت الثورة العرابية وانتهت باحتلال الإنكليز، وبما أنه كان من المخلصين للمرحوم توفيق باشا الخديو، بقي مستمرا في الخدمة بصفة رئيس أركان حرب الجندرمة، وبعد لغو الجندرمة صار في ديوان عموم البوليس بصفة نائب وكيل مفتش العموم، وما زال يرقى حتى بلغ راتبه 5000 قرش ورتبة القائم مقام. ثم عين مديرا للفيوم في 2 نوفمبر سنة 89م، وفيها نال رتبة المتمايز، وأعماله في الفيوم تشهد له بالنشاط والاستقامة والصداقة، فقد اجتهد في تنظيم الشوارع، ومد الطرق الزراعية، وبناء الأرصفة والكباري، ومن أعماله بناء ضريح الشيخة مريم؛ عمل له اكتتابا وصرف باقي مصاريفه وهي تبلغ ضعفي الاكتتاب من ماله الخاص، ومن أعماله إنشاء كلوب الفيوم، والمساعدة في إنشاء محفل الفيوم، وحسن معاملته مع الخاص والعام أكسبه رضاء العموم حتى إنهم أسفوا على فراقه، وفي 15 نوفمبر سنة 94م رقي إلى وظيفة مدير المنوفية، فعمل له أعضاء الكلوب احتفالا شائقا خطب فيه جملة من الأدباء، وخطب صاحب هذا التأليف خطابا سرد فيه مآثره، وختمه بقصيدة مطلعها:
لك من قلوب الحاضرين شهود
تدري بأنك فاضل محمود
وقد قال فيه أيضا بيتي مدح وهما:
يا واردا بلدة الفيوم مبتغيا
أمنا فبادر فإن الأمن موجود
وسائلا عن مزايا العدل هل وجدت؟
أبشر ففيها مدير العدل محمود
وقد وضعنا صورة المترجم في أول الصور الآتية بعد التراجم.
عزتلو أفندم عدلي بك يكن مدير الفيوم
أحد أغصان تلك الشجرة المحمدية، والدوحة الشامخة العلوية، وهو ممن تسنموا غارب العلوم، واشتملوا على المنطوق منها والمفهوم، تلوح عليه مخيلة النباهة، وتدل سيرته على غاية من النزاهة، مع هيبة ووقار، وسمو مكانة وأفكار، ونفس ذات إباء، تتطلع إلى كل ثنية شماء، وتترفع عن أن تطأ سماك السماء، وطبع تستعذبه الأذواق، وتتجه إليه الأشواق، وتستطيل نحوه الأعناق، وهاك ترجمته:
هو عدلي بك يكن ابن المرحوم خليل باشا يكن ابن المرحوم إبراهيم باشا يكن، وهذا الأخير هو ابن أخت محمد علي باشا والي مصر ومعيد التمدن إليها، ولقب إبراهيم باشا المشار إليه بلفظة «يكن» التي معناها بالتركية «ابن الأخت»؛ نظرا لكونه ابن أخت محمد علي باشا.
ولد هذا المترجم يوم الاثنين 15 شعبان سنة 1280 الموافق 25 يناير سنة 1864، وفي سنة 71م الموافقة لسنة 88ه توجه مع المرحوم والده إلى الأستانة، وفي سنة 74م الموافقة لسنة 91ه دخل المدرسة الألمانية بعد عودته من الأستانة، تلقى فيها مبادئ العربية والفرنساوية، ثم نقل إلى مدرسة الفرير، ثم الجزويت، ثم مدرسة مارسيل حيث أتم دروسها وأتقن اللغة الفرنساوية، ودرس اللغة التركية أيضا، وخرج منها، ولحسن اعتناء المرحوم والده بتربيته كلف بعض الأساتذة الماهرين بإعطائه دروسا خصوصية بالمنزل.
وفي سنة 80م الموافقة لسنة 97ه، عين بقلم الترجمة بالداخلية ، ثم بقلم المطبوعات.
ثم عين سكرتيرا - كاتب سر - بقلم الحقانية، ثم سكرتيرا خصوصيا لناظر الخارجية ورئيس مجلس النظار وهو دولتلو نوبار باشا، وبقي بالداخلية لغاية سنة 90م الموافقة لسنة 307ه، وفي أوائل سنة 91م الموافقة للسنة الهجرية المذكورة عين وكيلا لمديرية المنوفية، ثم عين وكيلا للمنيا، وفي مارس سنة 92م الموافق سنة 309ه عين وكيلا لمحافظة عموم القنال.
وقد رقي هذه المدة إلى الرتبة الثانية، وفي 15 نوفمبر سنة 94 الموافق 16 جمادى الأولى سنة 312ه عين مديرا للفيوم، ثم أنعم عليه برتبة المتمايز، وصورته هي الصورة الثانية.
عزتلو أفندم إسماعيل بك إلياس مفتش الدومين
فكر وذكاء، وعقل ودهاء، وأخلاق سلمت من العيب، وفراسة تكاد تعرف الغيب، ورأي في الملمات سديد، وعزم في الأمور ماض وشديد، نبغ بنفسه عن غير ملقن، فهو بفكره في الحكم متفنن، غاية في التضلع من تواريخ المتأخرين والقدماء، وآية في اختراع أقوال الفلاسفة والحكماء، وجد أيام الاستبداد فلم يلتمس رشوة، ولا تمسك بغير ما ترضاه المروءة والنخوة، فاتخذه أهل الفيوم إماما يقتدى به، وينصت لما يتلوه عند محرابه، وهو الآن المتلفظ بالحكمة، المسموع الكلمة، نابغة زماننا، وأصمعي أواننا، وهاك ترجمته:
هو إسماعيل بك إلياس بن إلياس كاشف الأرناؤوطي الألباني، من بلد رودامير ضمن ولاية برزرند التابعة للدولة العلية، حضر من بلاده لأن أخاه بكير أغا كان سر بيادة بمصر في مدة محمد علي باشا، فألحق بالعسكرية وكيلا للعرضي (الأوردي)، ثم سافر الأخوان لمحاربة الوهابيين بالحجاز فقتل بكير أغا ورجع أخوه بعد انتهاء الحرب، ثم عين كاشفا أي حاكما على عموم عربان الفيوم، ثم انقطع للنظر في أشغاله الزراعية لغاية سنة 1270ه.
وفي أثناء تمرد عربان الفيوم في مدة سعيد باشا عين ناظر قسم لسنورس، وخرجت العربان من الفيوم قاصدة جهة الغرب، ففي هذه المدة خرج وراءهم لرد بعض المنهوبات فأصيب برصاصة سببت فقد إحدى عينيه، ثم أحيل بعد ذلك على المعاش، وتوفي سنة 1278ه.
ولد المترجم بمدينة الفيوم سنة 1264ه، وأرسل إلى معلم ليتعلم القراءة العربية فتعلم القراءة فقط، ثم أرسله والده إلى بلاد الأرناؤود عن طريق إسلامبول لتعلم الأرناؤودية والتركية، ثم رجع من هناك، ثم عاد ثانية، ثم رجع وقد تقدم في اللغتين، وبعد ذلك أخذ يطالع التواريخ وأشعار العرب وكلامهم فتقدم فيها كثيرا وخصوصا تاريخ العرب، وعرف أيضا تاريخ دول أوربا وغيرها، حتى إنك لا تسأله عن واقعة شهيرة إلا وجدته عارفا لها جيدا، ولا عن ملك قديم أو متأخر من المشهورين إلا وجدته خبيرا بسيرة حياته وربما أخبرك عن دقائق أعماله.
وفي سنة 79ه صارت العرب تغزو أطراف البلاد المصرية، واشتهر من بينهم المدعو عمار المصري عمدة عربان الجوازي، فوضعت الحكومة المصرية مئتي عسكري بالفيوم؛ لأنه آخر البلاد المصرية من جهة الغرب، وتولى المترجم قيادتهم محافظا على الفيوم، وفي أول سنة 81ه صدر له أمر بالقيام مع العساكر ومقابلة عمار المصري بجهة الريان، إذ بلغ المعية السنية أن عمارا قادم عن الطريق المذكورة، وذلك للنظر فيما إذا كان مجيء العرب بحالة سلم أو حرب، فقاموا وقابلوهم، وكان العربان نحو الثمانين، ولما تخابر معهم المترجم علم أنهم حضروا للمعيشة في ظل الحكومة المصرية فتسلم العساكر أسلحتهم، وحضروا للمدينة، وأرسل كل من عمار المصري ومحمود العلواني إلى المعية.
ثم صدر له أمر آخر بالقيام مع العساكر إلى مديرية الغربية، فقام وأحيل عليه محاكمة العربان والنظر في مشيخاتهم، وفي آخر هذه السنة أحيلت العساكر على أحد العراضي، ورجع المترجم إلى الفيوم حيث عين معاون أول مديرية بني سويف والفيوم، ثم عين مأمورا لإدارة سنورس وطامية التابعة للدائرة السنية، وفي سنة 1879م عين ناظرا لقسم طبهار، وفي سنة 82م عين مأمورا لمالية الفيوم، وفي هذه السنة عين وكيلا للمديرية، وأنعم عليه بالرتبة الثالثة، وفي سنة 85م عين مفتشا للدومين (قومسيون الأراضي الأميرية بالفيوم)، وتقدم على يديه التفتيش كثيرا، فأنعم عليه بالرتبة الثانية، وزيد راتبه، ثم أنعم عليه برتبة المتمايز، وقد قدمت له بعض أبيات تهنئة بهذه الرتبة، قلت في مطلعها:
رتب الكمال إلى الكرام تئول
والعز معقود بها موصول
وقلت في الختام مؤرخا:
ما قال رمزي بالهناء مؤرخا
متمايز في العزة إسماعيل
وهو لم يزل مفتشا إلى الآن. ومن أعماله أنه كان مؤسسا في كلوب الفيوم، ومؤسسا للمحفل الماسوني، وانتخبه أعضاء المحفل رئيسا مدة سنتين، ثم التمس من إخوان المحفل انتخاب غيره ليحصل النشاط للأعضاء فانتخبوا غيره بعد تمنع منهم، وصورة المترجم هي الصورة الثالثة.
عزتلو يوسف بك الحكيم مفتش الدائرة السنية بالفيوم
عالم أخذ من الرياضة نصيبا، ولقي من العلوم ميدانا رحيبا، وقام بكبير من الأعمال، وأنفذ كثيرا من الآمال ، إلى طيب أعراق، ومكارم أخلاق، وسعي في الخيرات، وقيام بالمبرات، وأصل واصل نجوم السماء، وسما إلى رتبة الوزراء، وهاك ترجمته:
هو يوسف بك الحكيم ابن المرحوم الشيخ محمد الحكيم من أعيان مدينة أخميم، وهو مغربي الأصل، ولقب الحكيم نسبة إلى ذي الوزارتين عبد الله أبي بكر الحكيم الشهير بترجمته في كتاب «نفح الطيب»، كما دلت بذلك الأوراق التي بيد يوسف بك، والذي حضر بمصر هو جد المترجم المسمى الأستاذ محمد شواق الحكيم، حضر واعظا وإماما بالجيش السلطاني عند فتوح مصر مدة السلطان سليم، وأقام بعد رجوع السلطان مع الجيش، واختار سوهاج موطنا، وأعطيت له ولأولاده جملة بلاد ملكا.
ولد المترجم ولما ترعرع دخل المكاتب الأهلية ثم المهندسخانة سنة 1272ه، وبعد أن تمم دروسها ألحق بإدارة عموم الهندسة التابع للمعية في مدة المرحوم سعيد باشا سنة 78ه، ثم نقل معاونا لهندسة جرجا في ذي القعدة سنة 79ه، ثم نقل إلى ديوان الأشغال بأمر عال، وانتخب ضمن المهندسين الذين انتخبوا لتخطيط الترعة الإسماعيلية تحت رياسة سلامة باشا مفتش هندسة بحري، وبقي في تفتيش بحري مدة 7 سنوات قام فيها بأعمال مهمة، ثم نقل سنة 87ه إلى هندسة قبلي تحت رياسة سلامة باشا أيضا، ثم نقل إلى وظيفة باشمهندس المنوفية، وفي سنة 302ه عين باشمهندس الغربية، وحصل بينه وبين أحد مفتشي الري وهو المستر ويلكوكس نفور شخصي، فطلب النقل ونقل باشمهندس بني سويف، وفي سنة 304 نقل إلى قلم الفنون والصنائع بديوان الأشغال ، ثم أحيل على الروزنامة شهرا واحدا، ثم عين رئيس قومسيون بتمن أملاك المحروسة ثم مأمورا لأملاك الميري بمديرية الجيزة، وفي سنة 304 طلب بوظيفة باشمهندس جفالك الدائرة السنية، وفي سنة 1889 ميلادية نقل إلى وظيفة مفتش الدائرة السنية بالفيوم، وهي الوظيفة الحالية. وترقى في هذه المدة إلى رتبة اليوزباشي جهادي والصاغ الملكي ثم الرتبة الثالثة، وفي سنة 305ه أنعم عليه بالرتبة الثانية، وفي أوائل سنة 95م الحالية أنعم عليه بالنيشان العثماني الرابع.
ومن أعماله الشهيرة التي قام بها: أخذ ميزانية وخريطة طوالي من فم بحر مويس إلى الزقازيق، ومنها بترعة الوادي لحد محطة الإسماعيلية، ثم رسم وخطط الإبراهيمية تحت رئاسة بهجت باشا، وخطط ترعة الإسماعيلية وعمل موازينها التي سرى عليها العمل وصارت أنموذجا لأعمال جميع المهندسين بتلك الترعة، وعمل ميزانية الباسوسية بالقليوبية لحد انتهاء فروعها بالشرقية، ووضع على شواطئها النقط الثوابت الجاري عليها تطهيرها لحد الآن، وعمل ميزانية الخليج المصري وتطهيره، وعمل جملة روبيرات - ثوابت - للعمل بموجبها في التطهير، وخطط الإبراهيمية من المنيا للفشن، وباشر حفر وبناء قناطر التقسيم بديروط بتفاصيلها بالاشتراك مع أبي السعود بك زميله تحت رئاسة سلامة باشا ثم إسماعيل باشا محمد الذي تمت العمارة على يديه، وهي مما يتباهى به المصريون لأنها تمت بأعمال الوطنيين ليس إلا، وعمل ميزانية ترعة الديروطية التي فمها من القناطر وآخرها المنيا، وخططها وشغلها، وحول البحر الأعظم «النيل» عن فابريقة وبلدة مغاغة بواسطة عمل رأس من الدبش أوجبت حفظ الفابريقة والبلدة، ووضع جملة نقط ثوابت على الإبراهيمية بعد أن لم ينجح أحد المهندسين الفرنساوية الذي كان عين لهذه المأمورية، وأحيل أمر تحقيق الأعمال على محمود باشا الفلكي بأمر دولتلو البرنس حسين باشا، فوجد أن المسيو ألدنيز مخطئ في العمل وأن يوسف بك قد أصاب. وباشر بناء قناطر الشموت وكفر الحمام التي بين مديريتي قليوب والشرقية، ولذلك قال فيها حضرة صاحب الفضيلة والسماحة أستاذنا العالم المهذب الشيخ محمد بخيت قاضي القليوبية في ذلك الوقت، وقاضي إسكندرية حالا تاريخا هذا نصه:
مبارك الاسم على شأنه
نال بتوفيق العزيز المقصدا
قد أسست بأمره قناطر
عن ابن ريان روت ما أسندا
عيونها الأنهار تجري تحتها
فخلدت ذكرا جميلا سرمدا
دامت بها سعادة البر الذي
ببر توفيق الخديوي شيدا
به الحكيم أحكمت أركانها
فظل يجري ماؤها يروي الصدا
وفي زواياها خبايا أرخت
قناطر الشموت أسباب الندا
سنة 1298
ومن أعماله الاجتهاد في تقدم تفتيش الدائرة السنية، وتحصيل المتأخر من إيجاراتها، وزيادة إيرادها زيادة تذكر. وقد عمل غير ذلك من الميزانيات والتخطيطات لجملة شوارع في المنيا وأسيوط وخلافها، بما يشهد له بالتضلع بالهندسة، وكان من مؤسسي محفل الفيوم، وانتخب رئيسا للمحفل لسنة 95م، وصورة صاحب الترجمة هي الصورة الرابعة.
حضرة إبراهيم أفندي حليم وكيل مديرية الفيوم سابقا
هو إبراهيم أفندي حليم ابن المرحوم إسماعيل علي ابن المرحوم السيد علي من أعيان مدينة رشيد.
ولد المترجم سنة 1277 هجرية بمنوف، وتخرج بمكتب القرنية، ثم بمكتب الشيخ صالح بمصر ثم بالتجهيزية ثم بالحربية، وفي سنة 1295ه رقي لرتبة ملازم ثان، ثم رقي لرتبة ملازم أول بالإسكندرية، ثم نقل إلى مصلحة الميناء بوظيفة حكمدار الأرصفة، وكان نقله إليها لسبب دعواهم في غضون الثورة أنه من الحزب الخديوي، ثم هاجر وقت ضرب الإسكندرية، واستودع بالحربية، ومنها عين معاونا بالغربية في أول سنة 1884 ميلادية، ثم في سنة 86م عين مأمورا لمركز شربين، ومن هذا المركز إلى مأمور بندر طنطا، ثم عين معاونا ثانيا للمديرية، وفي سنة 90م عين مأمورا لمركز بيلا، ومن هذه الوظيفة عين وكيلا لمديرية الفيوم، وفي أوائل سنة 95م عين وكيلا لمديرية قنا، وصورته الخامسة.
حضرة إبراهيم أفندي نجيب
هو إبراهيم أفندي نجيب ابن المرحوم علي بك مظهر رئيس قلم عربي مجلس النظار ابن عبد الرحمن بك مدير الشرقية في مدة محمد علي باشا.
ولد المترجم في 11 شوال سنة 78ه، ودخل المدارس الابتدائية ثم خرج منها لملاحظة أشغاله، وهو الآن من أعيان الفيوم، وصورته السادسة.
حضرة أحمد أفندي حمدي
ولد ببلاد الشراكسة سنة 78ه تقريبا، ثم حضر إلى مصر، وأحسن الكتابة على أحد المعلمين، ثم أحضره المرحوم محمود بك أحد أعيان الفيوم بمدينة الفيوم، فلما توفي محمود بك عين المترجم معاون أول المديرية ثم مأمورا لضبطيتها، ثم استعفي بالاختيار لمناظرة أشغاله الخصوصية، وهو الآن من الأعيان، وصورته السابعة.
حضرة حسين أفندي رمزي
هو حسين أفندي رمزي ابن المرحوم محمد أفندي رمزي الكبير ابن علي أغا أرضروملي، وفد علي أغا من بلاد أرضروم التابعة للدولة إلى مصر زمن محمد علي باشا، فخلف المرحومين محمد أفندي رمزي الكبير وعلي أفندي رمزي، واستخدم هذان في الحكومة، فكان محمد أفندي ناظرا لفابريقة فوه، ثم عين ناظرا لقسم المنيا زمنا كبيرا تقلب في أثنائه أخوه علي أفندي رمزي في عدة وظائف، إلى أن عين حاكما على الفيوم، وعين أيضا وكيلا للأقاليم الوسطى، ثم اعتزل الاثنان الخدامة، ووهبتهما الحكومة جملة من الأطيان بالفيوم وبني سويف، فأقاما بالفيوم، وخلف أحدهما وهو محمد أفندي الكبير كلا من حسين أفندي رمزي المترجم، والمرحوم سيدي الوالد محمد أفندي رمزي.
ولد المترجم سنة 1271ه، ودخل المبتديان، أتمم دروسها ثم نقل إلى التجهيزية، ثم نقل منها إلى مدرسة المحاسبة، ومكث فيها ثلاث سنين، ثم توفي والده وعمه فخرج لمناظرة أشغاله الخصوصية، وأنعم عليه المغفور له الخديو السابق بالنيشان المجيدي الخامس، وهو أحد الأعيان، وصورته الثامنة.
حضرة حنا أفندي نخلة
ولد بمدينة الفيوم سنة 1258ه، وكان رئيسا لتحريرات المديرية زمنا طويلا، ومنح الرتبة الرابعة سنة 85م.
وأنشأ جمعية المساعي الخيرية القبطية، وترأس عليها 12 سنة، وهو عضو في المجلس البلدي ومن الأعيان، وصورته التاسعة.
حضرة حنين أفندي شنودة مفتش البوسطة
هو ابن أخ حنا أفندي إبراهيم المنقبادي سكرتير المرحوم سليم باشا السلحدار مدير عموم وجه قبلي.
ولد المترجم بأسيوط سنة 1854 ميلادية، وتربى بمدارس الأمريكان والأقباط بأسيوط والإسكندرية، ووظف بمصلحة وابورات البوسطة الخديوية، وهو الآن مفتش بوسطة مديريات الجيزة وبني سويف والفيوم، ومن الأعيان، وصورته العاشرة.
عزتلو خالد بك لطفى
ولد في دمشق الشام سنة 1276 هجرية، ثم حضر إلى الفيوم ووظف كاتبا بالمديرية، ثم عين معاون أول المديرية ، ثم استعفي وأخذ الرتبة الثانية سنة 1888م، وهو الآن من الأعيان، وصورته الحادية عشرة.
حضرة السيد أفندي مؤمن عمدة طبهار
هو ابن المرحوم مؤمن شعبان عمدة طبهار، ولد المترجم سنة 1264 هجرية، وفي سنة 83ه عين عمدة طبهار بدلا عن والده، وأخذ الرتبة الثالثة سنة 1886 ميلادية، وفي سنة 93ه انتخب عضوا لمجلس المديرية، وهو الآن عمدة طبهار ومن الأعيان، وصورته الثانية عشرة.
حضرة سلطان أفندي محمود بهنسي
هو ابن المرحوم محمود أفندي بهنسي ابن المرحوم بهنسي أفندي علي، الذي كان باشمهندس الفيوم وبني سويف، وهو من كبار المهندسين، وعين وكيلا لتفتيش ري الأقاليم الوسطى.
ولد المترجم سنة 1288 هجرية بمدينة الفيوم، وتوفي والده وهو صغير فأدخله عمه المكاتب الابتدائية ثم مدرسة الفيوم فأقام بها عدة سنين، ثم خرج منها لقيامه بمهام أشغاله الخصوصية، وهو الآن من الأعيان، وصورته الثالثة عشرة.
عزتلو طلبة بك سعودي عضو مجلس الشورى
هو ابن المرحوم سعودي الجداوي عمدة قلمشاه، ولد المترجم سنة 1264 هجرية، ثم وظف عمدة بقلمشاه سنة 1283ه، ثم عين حاكما لخط جردو بالفيوم، وفي سنة 85ه انتخب عضوا بالجمعية العمومية، وأنعم عليه بالرتبة الثالثة، وفي سنة 1886م انتخب عضوا لمجلس شورى القوانين، ثم أنعم عليه بالرتبة الثانية والنيشان العثماني الرابع، وهو للآن عضو بالمجلس المذكور وأحد أعيان الفيوم، وصورته الرابعة عشرة.
حضرة عريان أفندي سعد
هو ابن سعد أفندي غبريال البنا، ولد المترجم سنة 1851 ميلادية بمدينة الفيوم، وفي سنة 86م أنعم عليه بالرتبة الثالثة، ثم في سنة 82م انتخب عضوا في الجمعية العمومية، وانتخبته جمعية المساعي الخيرية رئيسا لمجلسها الأعلى، وهو الآن من الأعيان، وصورته الخامسة عشرة.
حضرة علي أفندي شرابي عمدة المدينة
هو ابن حسن شرابي عمدة الفيوم ابن رجب شرابي عمدة الفيوم، ولد المترجم سنة 1258ه بمدينة الفيوم، ثم عين عمدة لها، وهو الآن عمدتها ومن الأعيان، وصورته السادسة عشرة.
حضرة غبريال أفندي إبراهيم باشكاتب المديرية
هو ابن إبراهيم البتانوني رئيس حسابات المحافظة بمصر سابقا، ولد المترجم بالبتانون سنة 1273ه، وعين في جملة وظائف كتابية، ثم عين أخيرا باشكاتب مديرية الفيوم، وحاز الرتبة الثالثة، وانتخبته جمعية المساعي رئيسا لإدارتها ومدرستها، وصورته السابعة عشرة.
حضرة قسطنطين أفندي عوض رئيس التحريرات
هو ابن عوض أفندي، من أعيان طوخ بالمنوفية، ولد المترجم سنة 1857م في طوخ، ثم وظف بعدة وظائف كتابية، ثم وظف أخيرا رئيس قلم تحريرات مديرية الفيوم، وصورته الثامنة عشرة.
حضرة محمد أفندي حسن وكيل تفتيش الدائرة السنية
هو ابن حسن أفندي قوللي الذي كان وكيلا لمديرية القليوبية ثم وكيلا للمنوفية ثم وكيلا لأسيوط. ولد المترجم سنة 1365ه بالجديدة التابعة للشرقية، ثم دخل المدارس الابتدائية، ثم خرج منها وعين مأمورا لتفتيش الوادي بالشرقية تابعا للمعارف ثم مفتشا ثم وكيلا لتفتيش أبا الوقف التابع للدائرة السنية ، ثم وكيلا لتفتيش مطاي، ثم وكيلا لتفتيش الفيوم، وصورته التاسعة عشرة.
حضرة محمد أفندي عويس عمدة جبلة
ابن المرحوم عويس فراج. ولد المترجم في جبلة التابعة للفيوم، ثم عين باشمعاون تفتيش الدائرة السنية، ثم ناظر قسم ومأمور إدارة أبو كساه، ثم عين عمدة جبلة، ثم انتخب عضوا في الجمعية العمومية، ثم أنعم عليه بالرتبة الثالثة سنة 92م، وهو الآن عمدة جبلة ومن الأعيان، وصورته العشرون.
حضرة الدكتور محمد أفندي رشدي حكيمباشي الاسبتالية
هو ابن المرحوم محمد أفندي حنفي مهندس ديوان الأشغال. ولد المترجم سنة 1277ه في نوسا البحر بالدقهلية، وتلك البلدة مشهورة ببلدة محمد بك سعيد مدير الدقهلية سابقا، وهو خال صاحب الترجمة. دخل صاحب الترجمة المدارس حتى أتم دروس التجهيزية، ثم مدرسة الطب بالقصر العيني وحاز شهاداتها ودبلومتها، وعين طبيبا بجملة مراكز، ثم وظف أخيرا حكيمباشي اسبتالية الفيوم، وهو ماهر في فنه، تقدمت على يديه الاسبتالية كثيرا، وهو بها إلى الآن، وصورته الحادية والعشرون.
حضرة يوسف أفندي جعفر
هو ابن المرحوم جعفر باشا مظهر الفيومي، الذي كان من مشاهير خدمة الحكومة، تنقل في وظائفها فكان مديرا للفيوم وبني سويف ثم للغربية ثم للدقهلية، وعين عضوا بمجلس الأحكام، وحكمدارا للسودان، ووكيلا للمالية. ولد المترجم في 21 رجب سنة 1292ه، وتلقى مبادئ العلوم بمدرسة الأنجال وغيرها، وهو الآن من الأعيان، وصورته الثانية والعشرون.
حضرة الدكتور يوسف أفندي غبريل
ولد المترجم في سنة 1865م بعبرة صيدا بالشام، وتربى بمدارس بيروت ومدرستها الطبية، وأهدت له الحكومة الإنكليزية مدالية فكتوريا «كوين»، إذ سافر مع الحملة الإنكليزية إلى السودان، وأهدته الحكومة المصرية بالنجمة المصرية، ثم سافر إلى الأستانة ونال الدبلومة الطبية، ثم حضر إلى الفيوم فمهر في صناعته، وصورته الثالثة والعشرون.
إبراهيم رمزي صاحب هذا التأليف
تعرف نسبتي من ترجمة حضرة عمي حسين أفندي رمزي التي سبقت. ولدت في يوم الجمعة 4 رجب سنة 1284ه بمدينة الفيوم، ثم دخلت المدارس الابتدائية بالفيوم، ثم مدرسة مارسيل التجهيزية الفرنساوية بمصر، فتلقيت بها العربية ومبادئ الفرنساوية والتركية والعلوم الطبيعية، ثم خرجت منها وعكفت على إتقان العلوم العربية من نحو وصرف وبيان وبديع ومعان وعروض ومنطق، ثم ألفت رواية المعتمد بن عباد أحد ملوك الطوائف بالأندلس، وأنشأت جريدة الفيوم وهي جريدة سياسية علمية في 26 يناير سنة 1894م يوم تشريف الجناب الخديوي المعظم مدينة الفيوم بعد سياحة في الوجه القبلي، وقدمت أول عدد منها لسموه فقبلها، وتنازل فسمح لي بمقابلة خصوصية نلت فيها من تعطفات سموه ما أطلق لساني بالدعاء لذاته الفخيمة، ثم ألفت تاريخ الفيوم وهو هذا، وأسست جمعية علمية اسمها جمعية النهضة الأدبية، وانتخبت رئيسا لها ثلاث سنين إلى الآن، وكنت من مؤسسي محفل الفيوم الماسوني وكلوب الفيوم. وصورتي الرابعة والعشرون، وهي آخر الصور. ولي من نظمي جملة قصائد ومقطعات في مواضيع مختلفة سأثبت ما انتخبته منها، مع علمي بعجزي عن أن أكون في صف الشعراء، ورجائي غض الطرف عما بها من الخطأ والزلل والسلام.
قلت تهنئة للحضرة الفخيمة الخديوية العباسية بالعام الجديد:
نظر البدر ذا الجمال فهلل
وسرى منه دانيا فتدلل
وأراد استجلاء شمس محيا
ه فلما أبدى الدلال تذلل
فاعتراه الكسوف حين رآه
معرضا عنه بالبهاء المكمل
أين هذا من ذاك والفرق قد با
ن فبدري أبهى وأسنى وأجمل
يعذل العاذلون فيه ولكن
لست أصغي لعاذل يتقول
هو شرع الغرام من مال عنه
كان في دولة الغرام المنكل
وجدير بمن يرى الحب أمرا
منكرا في الأنام أن يتنصل
أنا ذاك المتيم الثابت الجا
ش الذي في الغرام لا يتملل
عشق العاشقون قبلي ولكن
كان لي سبق من صبا وتغزل
إن عشقي خلائق الملك العا
دل عباس بالتقدم أمثل
ملك ساح في الممالك فازدا
د ارتقاء بعقله فتكمل
شائب الفكر في شبيبة عمر
بارك الله في مداه وأجزل
مذ رآه الملوك قالوا ارتجالا
ته دلالا فأنت أعلى وأعدل
ملك الأمر في البلاد فأضحت
كجنان النعيم بل هي أخضل
وبدت مشكلاتنا في أمور
فجلا فكره الصعاب وذلل
يا غياثي وموئلي وملاذي
ونصيري المولى العظيم المبجل
جد تسد واهد تعل واحكم تنفذ
واجتهد تسم واعل وارشد تفضل
شيم في أميرنا لا أمور
لك منا فنحن للأمر أمثل
ومزايا تلوح مستحسنات
في بلاد لها غدا البر منهل
هي مصر تقول بعد إلهي
يا عزيزي أضحى عليك المعول
فابق فيها ذا عزة وجلال
ومقام سام ومجد مؤثل
أنت شمس لها وآلك شهب
ولذا فهي بالسماء تمثل
أنت في ساحة السياسة قرم
لا يبارى ومقدم لا يحول
هذه درة القريض تبدت
لك ترجو قبولها فتفضل
وهي في غاية الصيانة لكن
عند أعتابك الكريمة تبذل
سيدي العام قد أتاك بخير
خاضعا طائعا لأمرك فاقبل
سائلا منك عطفة وحنوا
فأنله حسن الرضا وتقبل
مظهرا من بشائر الصفو أنسا
بدواعي السرور نورا تهلل
ولهذا فالسعد قد قال أرخ
عام خيري عز لعباس قد هل
سنة 1310 [عام = 111، خيري = 820، عز = 77، لعباس = 163، قد = 104، هل = 35.]
وقلت تاريخ ميلاد لنجل عزتلو مصطفى بك نجيب كاتب ثاني الداخلية:
فرحا يا نفس طيبي
بشذا مسك وطيب
واغنمي وقت التسلي
في ربى روض خصيب
فيه غنى بلبل الأنس
على غصن رطيب
واتركي قولا هراء
بين واش ورقيب
فالتهاني مذ تبدت
لي بها أوفى نصيب
في حمى خل وفي
صادق الود حبيب
مصطفى الأخلاق من قد
فاق عن كل نجيب
صاح هذا نجل عز
جاء بالبشر العجيب
دم به في حسن حظ
من قدير مستجيب
وابق في ظل خديو
مالك رق القلوب
فالهنا وافى ببيت
وبتاريخ مجيب
قال ذا ميلاد سعد
بسليمان نجيب
سنة 1309ه
وقلت مدحة وتهنئة لسمو العباس بعيد الفطر:
عوذت مولانا برب الناس
من شر باغ ماكر خناس
وحفظت من كيد الحسود فإنه
أبدا يوسوس في صدور الناس
ووقيت من عاد جهول دائب
في ضرب أخماس إلى أسداس
أيريد ذاك الغر ستر حقائق
كالشمس قد ظهرت بلا إلباس
هيهات ذاك من المحال ولو غدا
متمنطقا بمناطق الوسواس
إن غره في السلم أنك باسم
فلدى النزال عرفت بالعباس
أو غره عدد السنين وغض عن
صدف الشبيبة في ذكاء إياس
فعزيزنا بالأصغرين بقلبه
ولسانه لا باشتعال الراس
ولقد عهدنا منك شهم سياسة
بجليل حكمته يلين القاسي
فاقطع لسان الحاسدين وصد قو
ل المرجفين وفتنة الدساس
كم هولوا ليزعزعوك وفاتهم
علم بأنك طود حلم راس
مولاي فاحكم في البلاد كما تشا
ء ودع حسودك فاقد الإحساس
أفلا يرى الأهلون حبك دينهم
مع ما يرى بتباين الأجناس
وفدوا بعيد الفطر نحو أميرهم
وفدوا بالأجسام والأنفاس
أرواحهم قربانهم لك فاقتبل
إخلاصهم إذ أنت خير مواس
وأقم لنا الأفراح تشرح صدرنا
فالكل في شغف إلى الأعراس
لنرى الكواكب في البروج فمصرنا
تشتاق منك إلى بني العباس
واسلم لقطر أنت روح قوامه
بك قد زها في الصفو والإيناس
إن راعه خطب فأنت له حمى
أو نابه مرض فأنت الآسي
متعته بالأمن حتى صاحبت
أسد العرين به ظباء كناس
ونشلته من حادثات طالما
نهشته بالأنياب والأضراس
ورفعت منزلة له بين الورى
فوق السماك على متين أساس
وبعدلك المنشور في أطرافه
أحييت ميت الأربع الأدراس
لا رتبة تشرى ولا غرض يرى
فالحكم بين الناس ألقسطاس
وهو الذي قد شاد أعظم دولة
لا زلت تصبحنا به وتماسي
ولك القصائد بالمديح تشرفا
بك من نسيب باهر وحماس
فاهنأ بظفر جاء في تاريخه
عيد عظيم الجاه بالعباس
سنة 1310ه
وقلت مادحا ومهنئا سموه بعودته من الأستانة:
عود العزيز تحفه العلياء
عيد لمصر به يدوم هناء
فلأهلها وبلادها بقدومه
قد لاح إقبال وتم رجاء
لله يوم سرت يا مولاي في
ه وللجناب من الجميع دعاء
وسفينة الفيوم بسم الله مج
راها جرت ولها سنا وسناء
شرفت بحر الروم يا بحر الندى
وكلاكما بحر له أنداء
لكنه ملح وبرك سائغ
عذب لداء المعوزين شفاء
بحر لأن الجود شرف منته
سال النضار به وقام الماء
يتبختر الفيوم فيه فتخجل ال
عذراء منه وتدحر الشمطاء
بحر أحبتك الأعزاء قد نجوا
منه وقد غرقت به الأعداء
فلهؤلاء مكاسب وتنعم
ولهؤلاء خسارة وشقاء
يا خيبة الحساد والزعماء من
سفر به تتميز البغضاء
زعموا بأن الناس في هرج ولا
هرج وذلك منهم إغراء
وبدا التكدر بالغا غاياتهم
بزعيمهم فكأنه الخنساء
فليغمدوا ما أشهروا من كيدهم
فمرامهم طارت به العنقاء
والآستانة مذ حللت ربوعها
قد زينت فيها لك الأرجاء
فكأن زينتها السماء تلألأت
والوفد أنجمها وأنت ذكاء
في موكب تقف الفصاحة دونه
في وصفه وتلعثم البلغاء
ولقد رأيت خليفة الله الذي
هو في البرية شامة بيضاء
فحفظت منه مكارما أبوية
ولقيت ما لم يلقه العظماء
أهداك نيشان امتياز الفخر إذ
منك استبان له حجا ووفاء
وحبا وفود القادمين وسائما
لبهائها بصدورهم لألاء
فتهن يا مولاي بالشرف الذي
قد طأطأت رأسا له الجوزاء
أنت الذي فقت الأنام فطانة
وأتيت ما لم يأته القدماء
إن كنت بسام السلام فأبت عب
اس الحروب وتشهد الهيجاء
حرب الألى لم يعرفوا الحزم النصا
ل وقد تفل وحربك الآراء
ولك المهابة في القلوب بأسرها
ولحاسديك سياسة عمياء
فاقطع برأيك عزم كل معاند
واكشف دسائسهم فهم لؤماء
واقبل من العبد المقال فإنه
نظم شدت ببديعه الورقاء
عبد من الفيوم شرف باسمها
حيث العزيز له بها آلاء
نظم المديح تشرفا فسما به
ولذاك قد نظرت له العلياء
عبد قصارى ما يؤمل أن تدو
م له وللعلياء كيف تشاء
قد قال في حسن الختام مؤرخا
آب الخديو لنا فتم هناء
سنة 1311 [آب = 3، الخديو = 651، لنا = 81، فتم = 520، هناء = 56.]
وقلت تهنئة لسموه بالعودة من سياحة الصعيد وتشريف الفيوم:
حمد الناس في الصعيد سراكا
فتراهم يقبلون ثراكا
وتبدت لهم خلالك بدرا
فاهتدوا للهدى بنور سناكا
ومحوا آية الظلام بشمس
بزغت في سمائهم من ضياكا
زينة بالمليك لما تحلت
قد تجلت فأشبهت أفلاكا
وغدا طالع الصعيد سعيدا
كيف لا وهو ساطع بذكاكا؟
يابن توفيق أنت توفيقنا فل
يبق ربي هذا ويرحم ذاكا
جئت ملكا وقد تداعى بناء ال
عدل منه ملبيا إذ دعاك
فاستقامت أموره وتراءى ال
حق فيه ومن له لولاكا؟
أنت عباس في المعامع بسا
م إذا ما أتاك راج حباكا
إن عبد الحميد لما أراد ال
عز للقطر يا عزيز اصطفاكا
ولك الصنافات أهدى وأنعم
بهداياك والذي أهداكا
ملك كامل الروية قد فا
ق الملوك الألى وعز دراكا
سمع الكون لاهجا بمزايا
ك فما زال راغبا في لقاكا
مذ رأى منك ما يؤمل حقا
قال: «خذ مصر أنت أهل لذاكا»
فاحتكم في البلاد رغم حسود
قائما بالنجاح وانحر عداكا
إن يكن كل حاسد لك بحرا
فاضرب البحر سيدي بعصاكا
إن أرواح أهل مصرك تفدى
بجميع الأنام وهي فداكا
من لنظم القريض در ثناء
غير فكري ومن لفكري سواكا؟
علم الشعر من خلائقك الغ
را فمعناه رق من معناكا
شب يبغي إحصاء وصفك مدحا
وأراه لو شاب ما وفاكا
حلم معن في جود حاتم في عز
م علي على إياس ذكاكا
تلك بعض الصفات يا رب مصر
جئت فيها مقصرا عن مداكا
والذي رام حصر عد نجوم
في سماها قد صادف الارتباكا
سيدي بالذي اصطفاك تقبل
صنع عبد أقصى مناه بقاكا
وارض حتى أقول يا ليت قومي
علموا الفوز من جميل رضاكا
زرت فيومنا فكاد يرى الأف
لاك من تحت أرضه والسماكا
جئته في الشتا فعاد ربيعا
زاهر البشر يانعا من نداكا
صاح هذي مآثر الملك العا
دل فابشر فقد بلغت مناكا
قل لفيومنا تفاخر وأرخ
بهناه الخديو نلت علاكا
سنة 1311 [بهناه = 85، الخديو = 651، نلت = 480، علاكا = 122.]
وقلت مدحة للمجلس العسكري العالي على حكمه في مسألة الرقيق:
غالي الثناء لحكم المجلس العالي
في العسكرية من إنصاف إبطال
حكم له حكم في مصر قد سطعت
تهدي الذي سروا في سبل إضلال
فهكذا العدل لا زالت دعائمه
قويمة بنهى شهم ومفضال
من كل أروع في وقت الحروب له
في السلم حلم ثبير الشامخ العالي
يا من روى العدل في الحالين عن عمر
حقق تجده بدا في وقتنا الحالي
دعوى الرقيق أبانت عدل من حكموا
فيا بني مصر أنتم خير أقيال
ويا رجال العلا في المجلس انشرحوا
صدرا فذكركم يبقى لأجيال
حكمتمو حكم عدل أتبعوه غدا
بحكم عدل بدا في أمرنا التالي
ولا يغرنكم تهويل ذي غرض
فذاك من مرض في القلب قتال
فبائع الناس ذو إثم بفعلته
لكن شاريهم خل لهم غال
وما الهدى كضلال عند من عقلوا
ولا الشريف بمجزي كمغتال
فالله والناس في شكر لكم أبدا
على العدالة والأوطان والوالي
وقلت مدحة لمجلس شورى القوانين وتأريخا لنجاحه:
هلم بنا نثني على مجلس الشورى
ولم يك شيئا قبل عباس مذكورا
وما كان عن ضعف العقول خموله
ولكن لضغط صبح الرأي محجورا
فلما بدت حرية لرجال
وأهداهم العباس من فكره نورا
سعوا في طريق الحزم فازداد قدرهم
وحقا وجدنا ذلك السعي مشكورا
فأنعم بأحرار كرام فعالهم
لقد جددت فضلا لنا كان مدثورا
رجال لهم في رفع شأن بلادهم
مسدد رأى ظل بالفضل مأثورا
أقروا بإصلاح على رغم مبغض
وقد نبذوا من غرهم فيه تغريرا
فخاب رجاء الحاسدين ومكرهم
بثاقب فكر منهم بات مشهورا
وما هالهم في صالح القطر حمرهم
ولا البيض لو سلت وظلت مشاهيرا
ألا فتطلب نفس الحبيب بفوزنا
فكل عدو بات لا شك مدحورا
وهذا بني الأوطان جل مرامكم
يدوم به قلب المحبين مسرورا
فلا زال سعد النجح يشدو مؤرخا
فلاح لنا يا مصر من مجلس الشورى
سنة 1311 [فلاح = 119، لنا = 81، مصر = 341، من = 90، مجلس = 133، الشورى = 547.]
وقلت مودعا سعادة محمود بك صبري مدير الفيوم سابقا في احتفال نادي (كلوب) الفيوم:
لك من قلوب الحاضرين شهود
تذري بأنك فاضل محمود
ولحسن مسعاك الجليل ترنمت
ورق الثناء وشاقها التغريد
تتلو على تلك المآثر أسطرا
كلماتها التعظيم والتمجيد
يا بحر يوسف هل تساعدني على
سرد الثنا أو يعتريك جمود؟
أنطق فقال: وكيف لا أثني على
من قد علاني بره والجود؟
يا حسن أرصفة بدت لنواظر
أنا غادة تزهو وهن عقود
هذي الشوارع والقصور شواهق
كالدر منتظما ومائي جيد
تلك المآثر طالما قد علمت
صم الجوامد بالمقال تجود
يا راحلا عنا بكل سلامة
لك بالمحامد طالع مسعود
محمود صبري في فراقك لوعة
لكنني بعلا ارتقاك سعيد
لا تنس من قد أخلصوا لك ودهم
فالصدق فيك مؤكد معهود
ومدينة الفيوم قد حسدت شبي
ن وكل صاحب نعمة محسود
لكنها ترجوك عود زيارة
تحيي بها وقتا وذا المقصود
فلتحي يا محمود أنى سرت ول
تنل العلا ولتحي يا محمود
وقلت تهنئة لإسماعيل بك إلياس برتبة المتمايز:
رتب الكمال إلى الكرام تئول
والعز معقود بها موصول
وقلت فيها:
فهو الذي إن قال أقنع سامعا
بسنا اليقين ولم يعقه مقول
يحكي الدراري لفظه حقا ولا
عجب فمن أيديه سال النيل
قد حاز رتبة عزة منها بدا
فخر عريض لا يرام طويل
فأتته تهنئة تقول لفضله
سد فارتقاك عليك منه دليل
واسلم ودم متمتعا في ظل مو
لاك العزيز وإنه لظليل
ما قال رمزي بالهناء مؤرخا
متمايز في العزة اسماعيل
1308
وقلت للعربان في أبو كساه يوم تشريف المرحوم توفيق باشا الخديو:
لا بدع أن هامت الفرسان رامحة
بالشهب من فرح قد أظهر الطربا
فالصدق ألسنة قال مؤرخة
بدر الخديوي طبعا هيم العربا
1308
وقلت تاريخا كتب على منزل طبيب بالفيوم للمناسبة السابقة:
ما للطبيب يد على مرضاه إذ
بدر الخديو شفاهم بشروقه
فالناس في فيومنا قد أرخوا
سبب الشفا بالحق من توفيقه
1308
وقلت موريا:
مليك له فعل المبرة خلة
فمن قاسه بالبحر قد عظم البحرا
ينيل العلا يمنا بيمناه دائما
ويهدي الملا بالفيض من يده اليسرا
وقلت موريا أيضا:
أهوى غزالا كلما رمته
جرد ألحاظا له ماضية
أصبح قلبي عبد رق له
وأدمعي في حبه جارية
وقلت أيضا:
قد عارضوا في كتابي
بقول زور مفند
فيا فؤادي دعهم
ويا كتابي تجلد
وقلت أيضا:
أهوى بديعا قده الغصن في
روض البها والريق مثل الرحيق
لو لم يكن روضة حسن لما
تيم قلبي منه غصن وريق
وقلت أيضا:
جار على مهجتي بقد
ليس له في الورى مماثل
فكيف يا قده المفدى
أبحت ظلمي وأنت عادل؟!
الصورة الأولى
عزتلو أفندم محمود بك صبري مدير الفيوم سابقا.
الصورة الثانية
عزتلو أفندم عدلي بك يكن مدير الفيوم.
الصورة الثالثة
عزتلو أفندم إسماعيل بك إلياس مفتش الدومين.
الصورة الرابعة
عزتلو يوسف بك الحكيم مفتش الدائرة السنية بالفيوم.
الصورة الخامسة
حضرة إبراهيم أفندي حليم وكيل مديرية الفيوم سابقا.
الصورة السادسة
حضرة إبراهيم أفندي نجيب.
الصورة السابعة
حضرة أحمد أفندي حمدي.
الصورة الثامنة
حضرة حسين أفندي رمزي.
الصورة التاسعة
حضرة حنا أفندي نخلة.
الصورة العاشرة
حضرة حنين أفندي شنودة مفتش البوسطة.
الصورة الحادية عشرة
عزتلو خالد بك لطفي.
الصورة الثانية عشرة
حضرة السيد أفندي مؤمن عمدة طبهار.
الصورة الثالثة عشرة
حضرة سلطان أفندي محمود بهنسي.
الصورة الرابعة عشرة
عزتلو طلبة بك سعودي عضو مجلس الشورى.
الصورة الخامسة عشرة
حضرة عريان أفندي سعد.
الصورة السادسة عشرة
حضرة علي أفندي شرابي عمدة المدينة.
الصورة السابعة عشرة
حضرة غبريال أفندي إبراهيم باشكاتب المديرية.
الصورة الثامنة عشرة
حضرة قسطنطين أفندي عوض رئيس التحريرات.
الصورة التاسعة عشرة
حضرة محمد أفندي حسن وكيل تفتيش الدائرة السنية.
الصورة العشرون
حضرة محمد أفندي عويس عمدة جبلة.
الصورة الحادية والعشرون
حضرة الدكتور محمد أفندي رشدي حكيمباشي الاسبتالية.
الصورة الثانية والعشرون
حضرة يوسف أفندي جعفر.
الصورة الثالثة والعشرون
حضرة الدكتور يوسف أفندي غبريل.
الصورة الرابعة والعشرون
إبراهيم رمزي صاحب هذا التأليف.
نامعلوم صفحہ