تاریخ دمشق
تأريخ دمشق
تحقیق کنندہ
د سهيل زكار
ناشر
دار حسان للطباعة والنشر
ایڈیشن نمبر
الأولى ١٤٠٣ هـ
اشاعت کا سال
١٩٨٣ م
پبلشر کا مقام
لصاحبها عبد الهادي حرصوني - دمشق
اصناف
تاریخ
وراسل برجوان بسيل ملك الروم على لسان ابن أبي العلاء ودعاه إلى المهادنة والموادعة وحمل إليه هدايا سلك فيها سبيل التألف والملاطفة فقابل بسيل ذلك منه بأحسن قبول وتقررت الموادعة عشر سنين وأنفذ بسيل في مقابلة الهدية ما جرت به عادة مثله. وصلحت الحال مع العرب وأحسن إلى بني قرة وألزمهم شرائط الطاعة وسير عسكرًا إلى برقة وطرابلس الغرب فأخذها وعول في ولايتها على يانس الصقلبي. وكان لفرط إشفاقه على الحاكم يمنعه من الركوب في غير وقت ركوبه والعطاء لغير مستحقه وفعل وذاك يفعله من باب السياسة والحفظ لنفسه وهيبته وماله وهو يسر ذلك في نفسه إنه من الإساءة إليه والتضييق عليه. وكان مع الحاكم خادم يعرف بزيدان الصقلبي وقد خص به وأنس إليه في شكوى ما يشكوه من برجوان إليه واطلاعه على ما يسره في نفسه له وزاد زيدان في الحمل عليه والاغراء به وقال له فيما قال: إن برجوان يريد أن يجري نفسه مجرى كافور الأخشيدي ويجريك مجرى ولد الأخشيدي في الحجر عليك والأخذ على يدك والصواب أن تقتله وتدبر أمرك منفردًا به.
فقال له الحاكم: إذا كان هذا رأيك والصواب عندك فأريد منك المساعدة عليه. فبذلها له فلما كان في بعض أيام شهور سنة ٣٨٩ أشار زيدان على الحاكم بأن ينفذ إلى برجوان في وقت الظهر بعد انصرافه إلى داره وتفرق الناس عنه للركوب إلى الصيد وأن يقف له في البستان الذي داخل القصر فإذا حضر أمر بقتله فأرسل إليه بالركوب وقال: أريد أن ترتب الخدم في جانبي البستان فإني أقف على بابه وأنت بين يدي فإذا حضر برجوان دخلت البستان وتبعني وكنت في أثره فإذا نظرت إليك فأضره بالسكين في ظهره وواقف الخدم أن يضعوا عليه. فبينما هما في الحديث إذ دخل برجوان فقال للحاكم: يا أمير المؤمنين الحر شديد والبزاة في مثله لا تصيد. فقال: صدقت ولكنا ندخل البستان ونطوف فيه ساعةً ونخرج. وأنفذ برجوان إلى شكر وكان قد ركب بأن يسير مع الموكب إلى المقس والمقس ظاهرة القاهرة ويقف عند القنطرة فإن مولانا يخرج من البستان ويتبعك ففعل ودخل الحاكم البستان وبرجوان خلفه وزيدان بعده وكان برجوان خادمًا أبيض اللون تام الخلقة فبدره زيدان فضربه بين أكتافه بسكين اطلعها من صدره فقال: يا مولانا غدرت. فصاح الحاكم: يا عبيد خذوا رأسه. وتكاثر الخدم عليه فقتلوه وخرج الخدم الكبار مسرعين على ظهور الخيل إلى الجانب وبغال الموكب والجوارح فردوا جميعها فقال لهم شكر: ما السبب في ذلك! فلم يجيبوه فجاء الناس من هذا الحادث ما لم يكن في الحساب وعاد شكر بالموكب وشهر الجند سيوفهم وهم لا يعلمون ما الخبر غير إنهم خائفون على الحاكم من حيلة تتم عليه من الحسن بن عمار ورجع أكثرهم إلى دورهم فلبسوا سلاحهم ووافوا إلى باب القصر وتميز المغاربة والمشارقة وأحدق شكر ومن معه من الأتراك والمشارقة القصر وعلا على شرف القصر الخدم في أيديهم السيوف والتراس وعظم الأمر واجتمع القواد وشيوخ الدولة وأبو لعلاء الوزير على باب القصر الزمرد. فلما رأى الحاكم زيادة الاختلاط ظهر من منظرة على الباب وسلم على الناس فترجلوا عن دوابهم إلى الأرض وقتلوها بين يديه وضربت البوقات والطبول وفتح باب القصر واستدعى أصحاب الرسايل وسلمت إليهم رقعة قد كتبها الحاكم بيده إلى شكر وأكابر القواد يقول فيها: إنني أنكرت على برجوان أمورًا أوجبت قتله فقتلته فألزموا الطاعة وحافظوا على ما فيها في رقابكم من البيعة المأخوذة. فلما قرئت عليهم قبلوا الأرض وقالوا: الأمر لمولانا. واستدعى الحسين بن جوهر وكان من شيوخ الدولة فأمره بصرف الناس فصرفهم وعاد الحاكم إلى قصره وكل من القواد إلى داره والنفوس خائفة من فتنة تحدث بين المشارقة والمغاربة وشاع قتل برجوان وركب مسعود الحاكمي إلى داره فقبض على جميع ما فيها من أمواله. وجلس الحاكم وقت العشاء الأخير واستدعى الحسين بن جوهر وأبا العلاء بن فهد بن إبراهيم الوزير وتقدم إليه بإحضار سائر كتاب الدواوين والأعمال ففعل وحضروا وأوصلهم إليه وقال لهم: إن هذا فهدًا كان أمس كاتب برجوان عبدي وهو اليوم وزيري فاسمعوا له وأطيعوا ووفوه شروطه في التقدم عليكم وتوفروا على مراعاة الأعمال وحراسة الأموال. وقبل فهد الأرض وقبلوها وقالوا: السمع والطاعة لمولانا. وقال لفهد: أنا حامد لك وراض عنك وهؤلاء الكتاب خدمي فأعرف حقوقهم وأجمل معاملتهم وأحفظ حرمتهم وزد في واجب من يستحق الزيادة بكفايته وأمانته. وتقدم بأن يكتب إلى سائر ولاة البلاد والأعمال بالسبب الواجب لقتل برجوان. فكتب بما نسخته بعد التصدير وما جرت العادة بمثله في الخطاب: أما بعد فإن برجوان أرضى أمير المؤمنين حينًا فاستعمله ثم أسخطه فقتله وأعلمك أمير المؤمنين ذاك لتعلمه وتجري على سننك الحميد في خدمته ومدهبك الرشيد في طاعته ومناصحته وتسديد ما قبلك من الأمور وطالعه بما يتجدد لديك من أحوال الجمهور إن شاء الله. ونفذت الكتب بذاك واستقامت الأحوال على سنن الصواب وزال ما خيف من الاختلال والاضرابال له الحاكم: إذا كان هذا رأيك والصواب عندك فأريد منك المساعدة عليه. فبذلها له فلما كان في بعض أيام شهور سنة ٣٨٩ أشار زيدان على الحاكم بأن ينفذ إلى برجوان في وقت الظهر بعد انصرافه إلى داره وتفرق الناس عنه للركوب إلى الصيد وأن يقف له في البستان الذي داخل القصر فإذا حضر أمر بقتله فأرسل إليه بالركوب
1 / 90