تاريخ دولة آل سلجوق
تاريخ دولة آل سلجوق
اصناف
ذكر خروج السلطان أبي شجاع محمد بن ملكشاه قسيم أمير المؤمنين من جنزة وارن إلى الري وأصفهان
قال: كان هذا السلطان مؤيدا موفقا. محققا للرجاء فيه مصدقا. ميمون النقيبة.
محافظا على تقواه مع الشبيبة. يحب الاقتداء بآثار جده ألب أرسلان في سياسة المملكة وعلو الهمة. وكان وقورا مهيبا، أريبا لبيبا. فلما جلس على سرير ملك أبيه وجده، ووجد قواعد الدولة بإيالة1أخيه مختلة، وعقودها منحلة، ضم النشر2، ونظم المنتشر. وأحكم القواعد، وأبرم المعاقد. وأعاد مؤيد الملك إلى منصب أبيه في الوزارة.
وملأ بسناه أفق السيادة. فلابس هذا الصدر الأمور بصدر واسع، ورأى رائع، وتدبير أشمل السداد جامع. فاستقلت الدولة باجتهاده عن كبوتها. وزالت نوبة نبوتها . وبقي سنين وقد انتقم من خصومه بأخذ الثأر، وشفاء غلل الأوتار. وحاز مال مجد الملك، وسعى في قتل زبيدة خاتون. فلا جرم عاد مرتهنا يحرمه، وعثرت قدمه في ظلمة ظلمه.
وأسره عسكر بركيارق في مصاف جرى بين الأخوين على حد همذان، وأحضره بركيارق بين يديه وأوثقه كتافا، وعصب للقتل عينيه، وهو قد رفع صوته بكلمة الشهادة، ولم يظهر منه جزع، ولا خور ولا فزع. فضرب بركيارق بيده عنقه. وكان قصد والدة السلطان والسعي في دمها أوبقه. فأعدم مثل ذلك الشخص العديم النظير.
وأعنق ذلك الوزر في حز عنق ذلك الوزير. وهيهات أن يلد الزمان مثله في دهائه وزكائه 3ورأيه وحيائه ولطفه وظرفه، ولينه وعطفه.
صفحہ 240