114

قال-رحمه الله-: سمعت والدي صفي الدين يشكره ويثني عليه ويقول: لما قتل السلطان طغرل وزيره الدركزيني استدعاني من أصفهان وظن أن العزيز باق، وأنه عن حضرته إذا طلبه غير معتاق. قال: فقربني وأكرمني قال: "خذ خطي إلى بهروز بإحضار أخيك. وأسرع فإني منتظر لتوافيك". قال: فمضيت إلى بغداد، وإذا بالقضاء قد قضى، والحكم قد أمضى. فلما عرف طغرل بوفاته، طلب رجلا كافيا، فوجد علي بن رجاء عليا كما رجا. فعول عليه في وزارته، وسلم إليه المنصب، وشرع في مصادرة الدركزينية، وقبض على نوابهم، وضيق على أصحابهم. قال: وفي هذه النوبة قتل السلطان مسعود الصفي الأوحد المستوفي، وصادر أهله على مائتي ألف دينار، وكان ذلك برأي سعد الدين أسعد المنشئ الخراساني، وبمواطأة الكمال ثابت القمي، فإنه تولى منصب الاستيفاء، فرأى إتلاف من يترشح لمنصبه حتى يبطش بيد الاستيلاء.

ولما استقرت قاعدة طغرل، وأمن من معار معارضيه، وعلا على مقار مقارعيه، وجلس على تخته، وتبجل بعلو بخته، فاجأه الأجل، فانتقل من الثراء إلى الثري، ومن دار البلاء إلى دار البلى. وذلك في أوائل سنة 528 ه، فإنه عرض له قولنج، فشرب دواء أسهله وأدواه، وأسقط قواه. فتشتت ذلك الجمع، وانطفى ذلك الشمع، وغاض ذلك البحر، وغاب ذلك البدر.

وكانت وفاته بهمذان ودفنه بها في مدرسة بناها لبعض خدمه، وأسف بنو الآمال على كرمه. وكانت مدة ولايته سنتين وشهرا أو شهرين، وكان جامعا للخلال التي تفتقر إليها السلطنة من الحزم والتحفظ، والعزم والتيقظ. إلا أنه كان مستبدا بأرائه، معجبا بأهوائه. لا يستشير في أموره، ولا يسترشد في تدبيره.

وكان مصطنعا لأراذل صحبوه في أول عهده، فصاروا مقدمي جنده، والمخصوصين برفده. فكانت دناءتهم تغض من جليل قدره، وتغمض على ذكره.

ذكر جلوس السلطان المعظم غياث الدنيا والدين أبي الفتح مسعود بن محمد بن ملكشاه قسيم أمير المؤمنين سنة 528 ه

صفحہ 296