تاريخ دولة آل سلجوق
تاريخ دولة آل سلجوق
اصناف
إلى مقره على قراره. وأذن لأنوشروان في العود إلى موضعه، والغيض في منبعه. فرأى الغنيمة في الإياب، واغتنم السلامة التي تكن له في الحساب. قال: وكانت وزارته سنة واحدة على ما أورده في بابه. والآن أذكر ما ذكره عن نفسه في كتابه.
ذكر وزارة شرف الدين أبي نصر أنوشروان بن خالد
قال أنوشروان: كنت قد اتخذت بغداد مدينة السلام دار المقام، وأنا من حفظ الله في أوفى ذمام. فجاءني كتاب السلطان محمود وخاتمه. ووصل رسوله وخادمه يستحثني في الوصول إليه. ويستعجلني في المثول بين يديه. فحين حضرت الخدمة شافهني بالتقليد، وخصني بأمره الأكيد. وكمل لي تشريف الوزارة وخلعها، وأدواتها محلاها ومرصعها. ودواة الذهب والسلاح المجوهر. فجلست في الوزارة سنة وأشهرا، لا أقدر على الخطاب في مصلحة، ولا على التنفس بفائدة مترجحة. وصاحبا يميني ويساري الشهاب أسعد الطغرائي والصفي أبو القاسم المستوفي والأمير الحاجب الكبير حينئذ أرغان. وامرأته خلف الستر قهرمانة السلطان. فلما رأيت اتفاقهم على ما هم فيه، قلت في نفسي: لا يظهر لي في الناقصين فضل، ولا يقبل منهم صرف ولا عدل.
فاستعفيت واخترت العزل على التولية، وأحدث نفسي عن الولاية بالتعزية والتسلية.
ونفضت يدي من صحبتهم. قلت العفاء على تربتهم ورتبتهم. وعاد الدركزيني إلى الوزارة فإنه أرغب أرغان الحاجب بالرشي. ومشى به غرضه فمشى. ورجع كالكلب، والبغل الشغب. وهابه من لم يكن يهابه وامتلأ باللؤم والشر إهابه.
قال: فعدت إلى بغداد متأنسا بالوحشة آلفا بالوحدة. فلما وصل الدركزيني إلى بغداد، اجتهد أن ينالني شره. فعصمني الله من كيده، لا لإساءة إليه مني سبقت، ولا لضغينة علي بقلبه علقت. فإني كنت أسلفته في حال حبسه وعزله إحسانا، وقلدته امتنانا. ولم أترك في الإنعام إمعانا. ولما كلأني الله من غائلته، مد يده إلى مالي، وأنزل النوازل بأسبابي. وقد كنت بنيت على دجلة دارا فادعاها لنفسه ملكا، واستحضر عدولا شهدوا له بالملكية زورا وإفكا، وانتقل إلى الدار بحكم الشرع، وصير باطله حقا ببيناته الكاذبة في الأصل والفرع.
صفحہ 282