أنه مقتبس من الروم بعد فتح العثمانيين للقسطنطينية؛ لأنه كان شعار مملكتهم الشرقية، وهو قول الإفرنج في معالمهم ومعاجمهم التاريخية. ويروى أنه قديم عند البيزنطيين قبل تكوين مملكة الروم الشرقية. وكان سبب اتخاذهم له أن فيليب المكدوني والد الإسكندر حاصر بيزنطية
1
في ليلة حالكة، ولما اقترب منها ظهر الهلال في الأفق وقت السحر، وقيل بل ظهر القمر من وراء سحابة وبدا طرف منه كالهلال، فكشف لأهلها مواقع المحاصرين فدفعوهم عنها، وتيمنوا به فجعلوه شعارهم وصوروه على أبنيتهم ونقودهم. ثم لما جعلت هذه المدينة قاعدة للمملكة الشرقية بقي هذا الشعار لهذه المملكة، ثم لما فتحها العثمانيون ورأوه مصورا في كل مكان راقت لهم صورته، فاتخذوه شعارا لهم أيضا وصوروه على أعلامهم. وممن اعتمد هذا الرأي من مؤرخي الشرق المولى شهاب الدين المرجاني القزاني في تاريخه «وفية الأسلاف وتحية الأخلاف» فساق هذه الرواية ببعض اختلاف؛ وذلك بمناسبة كلامه على وضع صورة الهلال على رءوس المآذن في قزان ثم قال: «وورث ذلك منهم القياصرة ثم العثمانية لما غلبوا عليها، ثم أحدث ذلك في بلاد قزان متابعة لهم في هذا القرن الذي نحن فيه.» وقد ذكر مؤرخو الترك هذا الرأي ولكنهم لم يقطعوا به كما لم يقطعوا بالثاني وإن كانوا يرجحونه على ما يؤخذ من كلامهم.
الرأي الثاني:
أن الهلال كان معروفا عند العثمانيين من منشأ دولتهم، وكان معروفا أيضا عند السلجوقيين، بل كان قبلهم عند الفرس ولا سيما في عصر الشاه خسرو؛ فقد نقش صورته على نقوده واتخذه شعارا لدولته. وروى واصف أفندي في تاريخه أن بعض الخلفاء العباسيين كانوا يجعلونه هلالا من النحاس المذهب على رأس علمهم الأسود، فلما تغلب السلاطين عليهم وتحكموا فيهم استنكفوا من استعمال علمهم فأحدثوا لأعلامهم شارات أخرى غير الهلال، وكان مصير العلم ذي الهلال بعد اضمحلال الخلافة إلى طوائف الصوفية ومشايخ الزوايا، وهو قول غير مستبعد وإن لم نره لغيره. وفي خطط المقريزي (ج1 ص448) وصبح الأعشى (ج3 ص473) أن الفاطميين كان لهم علمان دون لواءي الحمد، وهما رمحان برأسيهما هلالان من ذهب صامت وفي كل واحد منهما سبع من ديباج أحمر وأصفر وفي فمه طارة مستديرة يدخل فيها الرمح فيفتحان
2
فيظهر شكلهما يحملهما فارسان من صبيان الخاص فيكونان أمام الرايات في المواكب.
فيرى من ذلك أن الهلال كان موجودا في الدول الشرقية قبل فتح القسطنطينية، فكان في بعضها شعارا ونقشا في النقود، وفي بعضها شارة للأعلام إن لم يكن في متونها فعلى عوالي رماحها. وقد تقدم أن الأتراك ذكروا الرأي الأول في تواريخهم ولم يقطعوا به. أما الرأي الثاني فيروون أن الهلال كان شعارا للسلجوقيين وكان متخذا عندهم في الأعلام ولكن على عواليها، وأن العلم الأبيض الذي أهداه آخر سلاطينهم إلى السلطان عثمان كان متوج الرأس بتمثال هلال، فلما ورث العثمانيون ملك السلجوقيين بعد انقراض دولتهم عدوا هذا العلم علامة لاستقلالهم وتيمنوا بالهلال؛ فكان السلطان عثمان يجعله على أعلى مضربه لتكون علامة الاستقلال مرفوعة على رأسه في حله كما ترفع عليه فوق العلم في ترحاله.
ثم لما غير السلطان مراد الأول لون العلم الأبيض بالخضرة جعل في وسطه ثلاثة أهلة بيضاء مفضضة التطريز اثنان منهما متقابلان والثالث تحتهما مرفوع الطرفين ، ثم لما اتخذ السلطان محمد العلم الأحمر جعل في وسطه دائرة خضراء بيضية في وسطها ثلاثة أهلة مذهبة التطريز متناسقة الوضع في سطر واحد، ثم أزيلت تلك الدائرة وحل محلها الهلال على المتن الأحمر ولكنا لا ندري متى كان ذلك.
علم السلطان مراد الأخضر.
نامعلوم صفحہ