تاریخ علم ادب
تاريخ علم الأدب: عند الإفرنج والعرب وفكتور هوكو
اصناف
H. Derenbourg
سنة 1869 وفسره وحشاه، ومنهم حاتم طي الشهير بالسخاء، وقد جمع أشعاره غضبان أفندي وطبعها في لوندره، وسماها ديوان حاتم طي، ومنهم دريد بن الصمة، والشنفرى الأزدي، والأعشى الأكبر، وتأبط شرا وكثير غيرهم.
يحكى عن حماد الراوية أنه أنشد بحضرة الوليد من كلام الجاهلية مائة قصيدة لكل قافية من قوافي الحروف العربية لا تنقص القصيدة عن عشرين بيتا، وفيها ما يربو على المائة بيت، فمهما بالغ الحاكي لا تنكر كثرة ما قرض من الشعر على عهد الجاهلية، ولهم غير الشعر والرجز خطب ورسائل، وكثير من ضروب الأمثال التي نقلت عنهم ودونت في المجاميع.
وسمي كلام هذه الطبقة من الأدباء «كلام الجاهلية» لجهلهم بما جاء به الإسلام، وإلا فهم أئمة في الأدب يقتدى بهم؛ ولذا اتخذ من جاء بعدهم كلامهم منوالا نسجوا عليه مثله، وقالبا أفرغوا فيه شبهه من الألفاظ والتراكيب، ولم يزل الأدباء على ذلك إلى يومنا هذا كما فعل أصحاب «عكاظ الأدب» المطبوع في الأستانة عقب الحرب اليونانية الأخيرة.
وإذا تأملنا كلام الجاهلية نجدهم وصفوا الطبيعة أحسن وصف، وصوروها أكمل تصوير بالنسبة لحالتهم البدوية، ولصحاريهم الرملية فميزوا بين أنواع الرمل، وسموا كل نوع باسم مخصوص مثل «الخفف» وهو الرمل المنفرج، و«العقنقل» الرمل المنعقد الداخل بعضه في بعض، و«البطن» من الأرض، و«الخبت» من الأرض، كل ذلك من أشكال الأرض المختلفة كما قال امرؤ القيس في معلقته:
فقمت بها أمشي تجر وراءنا
على أثرنا أذيال مرط مرجل
فلما أجزنا ساحة الحي انتحى
بنا بطن خبت ذي حقاف عقنقل
والمرط نوع من أثوابهم يقال: لو شبه الترجيل حسب «مودة» ذاك الزمان، فوصفوا في هذا النمط جميع ما شاهدوه في الطبيعة، ونطقوا بما شعروا به في قلوبهم ووجدوه في أنفسهم من التأثر الحسي، وإن ذكروا بعيرا أو فرسا لم يتركوا شكلا إلا شرحوه شرحا مفصلا. فحيث كانت الفصاحة هي الاقتدار على الإبانة عن المعاني الكامنة في النفوس كانت غاية الأديب منهم إثبات اقتداره على إيراد صور مختلفة للشيء الواحد، وإظهار تعمقه في معرفة اللغة، وحسن تصرفه في استعمال الكلمات المترادفة المتقاربة، وكان لهم نظر جيد في العوالم والكائنات كقول قس في بعض الروايات: «ليل داج وسماء ذات أبراج، ونجوم تزهر وبحار تزخر، وجبال مرساة وأرض مدحاة، وأنهار مجراة إلخ.» ولهم أساليب بديعة في ذكر البرق والسحاب والمطر، وسائر التغيرات الجوية، وكذا في ذكر الرسوم والطلل والمنازل والروض والأشجار ومنابت العشب، إلى غير ذلك مما هو مذكور في كتبهم ومعروف.
نامعلوم صفحہ