تاریخ علم ادب
تاريخ علم الأدب: عند الإفرنج والعرب وفكتور هوكو
اصناف
وهذا ما أشار إليه المعري في مقدمة لزومياته، حيث قال: أنشأت أبنية أوراق توخيت فيها صدق الكلمة ونزهتها عن الكذب، فمنها ما هو تمجيد لله وبعضها تذكير للناسين، وتنبيه للرقدة الغافلين وتحذير من الدنيا الكبرى التي عبثت بالأول، واستجيبت فيها دعوة جرول إذ قال لأمه:
جزاك الله شرا من عجوز
ولقاك العقوق من البنينا
فهي لا تسمح لهم بالحقوق وهم يباكرونها بالعقوق ... إلخ.
فهذه صفة الشاعر الذي ينبغي الاقتداء به والنسج على منواله، لا الشعراء الذين يتبعهم الغاوون، وفي كل واد يهيمون ويقولون ما لا يفعلون حتى صار لهم الكذب خلقا، والتملق للأمراء سجية استجداء لمعروفهم وطلبا لإحسانهم.
وأرق ما في هذا الديوان المنظومة التي عنوانها «حزن أوليمبيو» كني بهذا الاسم عن نفسه، وقايس فيها بين جلال الطبيعة وجمالها، وبين قلة حظ الإنسان وقصر أيام سعادته وليالي أنسه، وانقضاء شهواته وفناء لذاته؛ إذ كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الحلال والإكرام، قال فيكتور هوكو في آخر هذه القصيدة: يقرضنا الله المروج النضرة، والعيون الجارية، والأشجار الملتفة، والصخور الوعرة، والسموات الزرق، والبحيرات، والغدران، والسهول لنضع فيها قلوبنا وأمانينا وأشواقنا، وهذا القرض لأجل مسمى، ثم يسترد جميع ذلك منا ويطفئ سراجنا، ويغمس في الليل المغارة التي كنا مستنيرين ونحن فيها، ويقول للوادي الذي انطبعت عليه روحنا أن يمحى أثرنا وينسى ذكرنا، فلا حيلة، انسينا أيتها الدار والبستان والظل والخضرة، وابلي بأعتابنا، واخف بالشوك أثر أقدامنا وغردي يا طيور، واجري يا أنهار وانمي يا أوراق، فإن الذين نسيتموهم لا ينسونكم أبدا ... إلخ. وهي طويلة محزنة، وفي هذا المعنى أو ما يقاربه قصيدة المعري التي يقول فيها:
للمليك المذكرات عبيد
وكذاك المؤنثات إماء
فالهلال المنيف والبدر والفر
قد والصبح والثرى والماء
نامعلوم صفحہ