============================================================
ذكر إبراهيم عليه السلام وقت نزول إسماعيل وهاجر بها مكة فلما قربوا باب مكة نظروا إلى الطير تحوم في الهواء عند موضع البيت فقال بعضهم لبعض ألا ترون إلى هذا الطير فاتبع الطير رجلان منهم فوقعا على إسماعيل وأمه وإذا الطير تحوم على ذلك الماء وليس عنده إلا امرأة وصبي فقط فعجبا من ذلك، وقالا لها: جن أو إنس أنتما؟ قالت: لا بل إنس وأخبرتهما خبرهما وخبر الماء فقالت: هذا منزل بناه الله وبوآه ابني هذا قالا: فاسقينا من مائك فسقتهما فإذا ماء عذب طيب قالا وهل يخاصمك أحد في هذا الماء قالت: لا هذا شيء رزقنا الله وسقاناه وإنهما نظرا إلى الوادي فرأياه حصيبا ذا كلأ كثير فازدادوا رغبة فيه فرجعا إلى قومهما وكانوا أهل ماشية فأخبراهم بحال البلد والماء، فأقبلوا يسيرون إلى بلادهم اليمن وجمعوا أهاليهم ومواشيهم وساقوها حتى وردوا مكة ونزلوها وكان لا يخرج من اليمن قوم إلا ولهم ملك يقيم آمرهم فكان ملك جرهم يومئذ مضاض بن عمر الجرهمي وخرج مع جرهم من اليمن قبيلة أخرى يقال لهم قنطور بني أعمام جرهم وملكهم سميدع بن عامر فنزل مضاض بن عمرو ومن معه بأعلى مكة وقطعوا شجرها وابتنوا مساكنها، ونزل سميدع آسفل مكة هو ومن معه فقطعوا شجرها وايتنوا مساكنها وكانوا قوما عربا يتكلمون بهذا اللسان العربي وإنما ساقهم الله إليها لدعوة إبراهيم عليه السلام ليكونوا أنسا لإسماعيل عليه السلام ولأمه فنشأ إسماعيل فيهم وتكلم بالعربية وتعلم منهم الرمي ولما بلغ أشده تزوج منهم بامرأة وولد له أولاد.
باب في ذكر الذبح والاختلاف فيه (1) قال قد اختلف الناس في الذبح في ابني إيراهيم من هو، فقال اكثر أهل الكتاب وكثير من علماء الإسلام وبعض أهل الكتاب إنه إسحلق عليه السلام وعندنا أن الذبيح إسماعيل، والدليل على ذلك قوله عز وجل في سورة الصافات: فبشريه (2) بغللم حليو(3 فلتا بلغ معه السعى قكال يلبنى إن أرى فى المنار أن أذبحاك) (الصافات: الآيتان 101 102] قال إلى تمام قصة الذبح ثم قال بعد ذلك: وبشرته يإتكق} [الصافات: الآية 112] فدل على أن بشارة الأولى بالولد الذي بلغ معه السعي وأمر بذبحه غير البشارة بإسحلق وأيضا فإن الله تعالى قال في سورة هود: فبشرنها بإشحق ومن وراه إشحق يعقوب [مود: الآية 71]، وإذا قد كان الله قد بشرهما بأن لهما من إسلق جنينا (1) انظر تفاصيل هذا الباب في: الثعلبي - العرائس ص 54. القرطبي: الجامع لأحكام القرآن 16/8، بتقسير سورة الصافات من آية: 102 إلى آية 113.
(2) جاء في الأصل (وبشرناه) والصواب فبشرنه) (3) جاء في الأصل (عليم) والصواب فبشرننه بغلي حليو.
صفحہ 89