327

============================================================

ذكر عيسى اين مريم عليه السلام البلاء والعاهات وقال لهم: كلوا من رزق الله تعالى ومن دعوة نبيكم ههنا ما لكم وبلاؤها لغيركم فأكلوا وصدروا شباعا وهم ألف إنسان وثلاثمائة ما بين رجل وامرأة، ثم نظر عيسى إلى السفرة فإذ هي على هيئتها وحالها لم ينقص منها شيء ثم رفعت إلى السماء وهم ينظرون إليها حتى توارت، قال الشيخ وقد ذكر بعض الناس أته كان عليها كل لون من الطعام من شواء وحلاوة وإدام وبقول وفواكه ويروى أنها لم تنزل من السماء بل إنهم لما شكوا إليه الجوع قال لهم عيسى: هل عند أحد منكم طعام فأتاه بعضهم بسمكة مالحة وأربعة أقراص ويقال: سبعة ففرقها عيسى فيهم فأكلوا وشبعوا والطعام على حاله والأولى أن يقال إنها نزلت من السماء لأن الله تعالى يقول: إنى منزلها عليكم [المائدة: الآية 115] قال: فلما رفعت المائدة ندم من لم يأكل منها، ثم اختلفت الروايات فقال قوم: إنها لم تنزل إلا مرة واحدة وقال آخرون بل نزلت أربعين يوما وكان عيسى إذا نزلت دعا الناس إليها حتى كانوا يتزاحمون عليها فجعلها عيسى نوبا بينهم كل يوم نوبة لقوم فإذا نزلت وضعت أول النهار فلا تزال موضوعة إلى أن تزول الشمس ثم ترتفع إلى السماء، ثم إن الله تعالى أوحى إلى عيسى أن اجعل مائدتي ورزقي لليتامى والفقراء والزمنى(1) دون الأغنياء فكبر ذلك على الأغنياء وتكلموا في ذلك وارتاب قوم وشكوا وخاضوا وحتى قالوا إنها لا تنزل من عند الله تعالى وسأل بعضهم عيسى فقال: يا روح الله أهي شيء ينزل من السماء فلما ارتابوا خاف عليهم عقوبة الله تعالى وأوحى الله تعالى إليه أني أخذت عليهم شرطي الذي شرطته أن من كفر بها عذبته فأخبرهم بنزول العذاب عليهم فمسخ الله تعالى من كفر بها، وروي آنه مسخ أربعمائة نفس ويقال ثلاثة وثلاثين رجلا فجعلهم خنازير فأصبحوا يأكلون القذرة في المزابل وأصبح سائر الناس خائفين من عذاب الله تعالى، وجعل عيسى يتضرع إلى الله تعالى وجاءت الخنازير إلى عيسى يشمون ريحه ويسجدون له وأعينهن تقيض دمعا وعيسى يدعو بأسماتهم أنت فلان وأنت فلان فيقولون برؤوسهم نعم فيقول عيسى ألم أنذركم عقوبة الله تعالى فذلك قوله تعالى: لع ألذين كفروا من بفت إشررهيل على لسان داود [المائدة: الآية 78] وهم أهل أيلة (2) وعيسى أبن مربي [المائدة: الآية 78] وهم أصحاب المائدة ثم إن الذين مسخوا بقوا ثلاثة أيام ولم ياكلوا ولم يشربوا أتام مسخهم وكذلك مات كل ممسوخ (1) الزمنى: جنس البلايا التي يصابون بها. ابن منظور - لسان العرب باب (زمن) 49/2.

(2) أيلة: بالفتح مدينة على ساحل بحر القلزم مما يلي الشلام نوهي مدينة لليهود الذي حرم الله عليهم صيد السمك يوم السبت فخالفوا فمسخوا قردة وخنازير- ياقوت الحموي - معجم البلدان 1/ 292.

صفحہ 327