156

============================================================

ذكر موسى عليه السلام تبرض(1) عتبة بابي ولا تنزع ثيابك حتى يصبح، قال عمران : نعم يا سيدي ودخل فرعون قصره وأغلق عمران الباب وبات عند عتبة الباب حتى مضت ثلاث ساعات من الليل، بلغ امرأة عمران أن فرعون دخل المدينة ومعه عمران زوجها، ويقال: لا بل كانت النساء خرجن يطفن في المدينة لخلوتها من الرجال تلك الليلة ولم يعلمن بدخول فرعون فلما صرن إلى باب فرعون ورأت امرأة عمران زوجها هنالك باتت عنده فواقعها عمران فحملت مكانها بموسى، وذلك من لطف الله تعالى في صنعه وتدبيره فقال عمران: يا هذه إني أظن أن الأمر الذي يطلبه هو هذا المولود وأظنك قد حملت به فإياك أن تطلعي على أمرنا أحد من خلق الله تعالى، فإن فرعون قد منع الرجال من النساء في هذه الليلة لما أخبره المنجمة والكهنة بكذا وكذا، وذكر لها ما قالوا لفرعون، ولا أعلم أحذا من بني إسرائيل أصاب امرأته في هذا الوقت الذي ذكر لفرعون غيرنا، فلا تطلعي على هذا أحذا حتى ننظر إلى ماذا تصير الأمور، قال ابن عباس: وإنه لم يولد نبي إلا وقد طلع له في السماء نجم، فلما حملت أم موسى بموسى طلعت نجمه فنظرت المنجمة والكهنة إلى ذلك النجم ولم يكونوا رأوه قبل ذلك ورأوه أشد ضوء من سائر النجوم عرفوا أن الظفر لصاحبه وآنه نجم المولود الذي قيل لهم فقاموا وصاحوا وخمشوا وجوههم ومزقوا ثيابهم فانتهت الصيحة إلى فرعون ففزع منها فزغا شديذا وأسرع نحو الباب الذي عليه عمران، وقال بعض الناس إن فرعون لم يدخل المدينة لكنه وكل بكل باب من أبواب المدينة ثقة من ثقاته وكان أحد الثقات عمران، فلما خلت المدينة خرج النساء يطفن فيها فانتهى جماعة منهن إلى الباب الذي عمران يحرسه وفيهن آم موسى فاحتبسها عمران عنده ونال منها فحملت، ولما قصد فرعون الباب قال: يا عمران ما هذا الصراخ؟ قال: أظنه أصوات بني إسرائيل فرحوا بما أعطيتهم وأكرمتهم به اليوم من النظر إلى وجهك وسمع كلامك، قال فرعون لعلة ولم يقر قلبه ليلة الشغل حتى أصبح، فلما أصبح قال : يا عمران اسأل الناس ما هذا الصراخ فخرج وسأل فقالت الكهنة والمنجمة إن ذلك كان منا، فإن تدبيرنا لم ينفذ وقد حبلت أم المولود الذي كتا نذكره للملك في هذه الليلة، فلما تعرض عمران الأمر أسره في نفسه وعلم أن المولود ولده، فأقبل على الكهنة وقال لهم: هذا ذنبكم غررتم الملك حتى أبرز للناس وجهه وفرق فيهم خزائنه ولم ينفعه ذلك، ثم حشرهم عمران إلى فرعون فلما نظروا إلى فرعون صاحوا ومزقوا الثياب وخمشوا الوجوه وحثوا التراب على رؤوسهم قال فرعون: ما لكم؟ فخروا له سجذا وقالوا له: أيها الملك عشت دهر الداهرين لقد حمل بالمولوء الذي كنا نذكر لك، وطلع نجمه البارحة في (1) جاء في حاشية المخطوط معنى لفظ تبرض تترك، ورقة 208.

صفحہ 156