============================================================
ذكر يوسف عليه السلام خزانة مملوءة قراطيس بيضا فقال له يا بني لقد تغيرت بعدي لك كل هذه القراطي وما حملت بطاقة منها تكتب إلي كتابا فقال يوسف هذه القراطيس كلها لك كلما زاد شوقي وكثر حنيني آخذ ورقة حتى اكتب إليك يا أبت فيمنعني جبريل أن أكتب إليك فأتركها في هذه الخزانة حتى بلغ هذا المبلغ فسأل يعقوب جبريل عن ذلك فقال: منعني ربي فسأل الله عن ذلك فأوحى الله إليه لأنك قلت: أخاف أن يأكله الذئب فهلا خفتني هذه العقوبة لأجل تخوفك من غيري: وروى (صالح المري)(1) عن يزيد الرقاشي (2) عن (أنس بن مالك)(3) قال إن الله تعالى لما جمع ليعقوب شمله خلا ولده نجيا فقال بعضعم لبعض: أليس قد علمتم ما فعلتم بالشيخ يعقوب وبيوسف قالوا: بلى، قالوا: فإن عفوا عنكم فكيف لكم بربكم فاستقام أمرهم على آن يأتوا الشيخ فأتوه وجلسوا بين يديه ويوسف إلى جنب أبيه قاعد فقالوا: يا أبانا أتيناك على أمر لم نأتك بمثله قط ونزل بنا أمر لم ينزل بنا مثله قط والأنبياء أرحم البرية فقال: ما بكم يا بني؟ فقالوا: ألست تعلم ما كان منا إليك وإلى أخيتا يوسف، قال: بلى، قد علمت قالوا: فلستما قد عفوتما عنا، قالا: بلى، قالوا: فإن عفوكما لا يغني عنا شيئا إذا كان الله تعالى لم يعف عنا قال: فما تريدون يا بني؟
قالوا: نريد أن تدعو الله لنا فإذا جاءك الوحي من عند الله سله هل عفا الله عنا فإن أجابك بأنه قد عفا عنا جميعا قرت أعيننا واطمأنت قلوبنا وإلا فلا قرت لنا عين في الدنيا أبدا، فقام الشيخ واستقبل القبلة وقام يوسف خلفه وقاموا كلهم خلفهما أذلة خاشعين فدعا يعقوب وآمن يوسف عليهما السلام فلم يجب فيهم قريبا من عشرين سنة قال صالح المري ثم نزل جبريل عليه السلام على يعقوب فقال: إن الله تعالى بعثني إليك أبشرك بأنه قد أجاب دعوتك في ولدك، وأنه قد عفا عما صنعوا وأنهم قد انعقدت موائيقهم بعدك الفضيل وهر خطأ تصحيف وتحريف، مات بمكة سنة (187 ها، السيوطي، طبقات الحفاظ، ص (1) صالح المرىء: صالح بن بشير بن وادع أبو بشر البصري القاص أقدمه المهدي بغداد، كان شديد الخوف كثير البكاء، وقال الثوري لما سمع كلامه هذا نذير قوم مات سنة (172 ها. ابن حجر تهذيب التهذيب 382/4.
(2) يزيد الرقاشي: الصواب أبو يزيد الرقاشي (وهم من الناسخ)، واسمه يونس بن يزيد الأيلي، أبو يزيد الرقاشي، روى عن الزهري وجماعة وعنه ابن وهب والأوزاعي وخلق، مات سنة (157 ه)، له ترجمة في ابن سعد، طبقات ابن سعد 206/7، السيوطي، طبقات الحفاظ ص ا7.
(3) أنس بن مالك بن النضر آبو حمزة الأنتصارى المدني، خادم رسبول الله وله صحبة طويلة وأحاديث كثيرة مات سنة (93 ه). له ترجمة، ابن الأثير الجزري، أسد الغابة 151/1، السيوطي، طبقات الحفاظ ص 11.
صفحہ 139