تاريخ الآداب العربية
تاريخ الآداب العربية في القرن التاسع عشر والربع الأول من القرن العشرين
ناشر
دار المشرق
ایڈیشن نمبر
الثالثة
پبلشر کا مقام
بيروت
اصناف
عن علمه العجيب بلغات الشرق بعث في قلوب آل عصره روح الغيرة والهمة فكان كمنار استضاء به طلبة العلوم الشرقية في كل أنحاء البلاد وكالقطب دارت حوله مساعيهم في استخراج كنوز آداب الشرق.
ولد دي ساسي في باريس في ١١ أيلول سنة ١٧٥٨ وفيها توفي في ٢١ شباط سنة ١٨٣٨. ما كاد هذا يميط عنه التمائم حتى نبغ في المعارف ولا سيما في درس اللغات ولم يكتف بالألسنة الأوربية طلب لغات الشرق فأخذ منها شيئًا من علماء زمانه منهم الراهب البندكتي الشهير دون برترو (Dom Bertherean) فتعلم أولًا العبرانية ثم السريانية والكلدانية والسامرية ثم العربية ثم الفارسية والتركية وكان يعرف أكثر هذه اللغات معرفة جيدة كما يلوح من منشوراته وتآليفه لكنه كان يُحكم آداب اللغتين العربية والفارسية حتى سبق في معرفتهما علماء زمانه شرقًا وغربًا. ولو عددنا كل ما قام به هذا الهمام من المشروعات في تعزيز العلوم الشرقية من تعليم وكتابة وإنشاء مجلات وإدارة دوائر علمية وتنظيم مكاتب لاتسع بنا الكلام كثيرًا. وحسبنا أن نقول أنه نشر نيفا ومائتي تأليف في كل علوم الشرق ولغاته وكثير من هذه المصنفات كبير الحجم واسع المادة فذكر منها غراماطيقية العربي في مجلدين كبيرين ومنتخباته العربية في ثلاثة مجلدات وطرائفه اللغوية في مجلد كبير وتاريخه لعرب الجاهلية وتعريف ديانة الدروز في مجلدين وأول طبعة لكتاب كليلة ودمنة ومقامات الحريري مع شروح مستوفية بالعربية في مجلدين ورحلة عبد اللطيف البغدادي إلى مصر. فترى من هذه القائمة ما للبارون دي ساسي من الفضل العميم وكان مع عمله كثير الدين حريصًا على كل وصايا الكنيسة متبعًا لتعاليمها.
ومات قبل دي ساسي رجلٌ آخر حظي شهرة بمنشوراته عن علوم العرب الفلكية وهو جان جاك عمانوئيل سيديليو (J. J. E. Sedillot) ولد سنة ١٧٧٧ ودرس في مكتب اللغات الشرقية ثم انقطع إلى درس النجوم فنقل إلى الافرنسية كتاب الآلات الفلكية المسمى جامع المبادئ والغايات لأبي الحسن علي المراكشي وتآليف شتى لابن يونس ولأبي الوفاء وكتب عدة مقالات في تاريخ الشرق وعلومه الرياضية. كانت وفاته سنة ١٨٣٣. وسيأتي ذكر ولده في محله.
وزاد عن سيديليو شهرة مستشرق إفرنسي آخر كوسان دي برسفال (J. J. A.
1 / 69