تاريخ الآداب العربية
تاريخ الآداب العربية في القرن التاسع عشر والربع الأول من القرن العشرين
ناشر
دار المشرق
ایڈیشن نمبر
الثالثة
پبلشر کا مقام
بيروت
اصناف
وتجول عبد الله باشا بعد ذلك في جهات الحجاز والشام. ولما عقد في استوكهلم مؤتمر المستشرقين سنة ١٨٨٨ أوفدته الحكومة لنيابة عنها وزار معظم الحواضر الأوربية وكتب تفاصيل رحلته في كتاب دعاه (إرشاد الألباء إلى محاسن أوربا) لكن الموت عاجله فتوفي قبل إتمامه في أواخر سنة ١٣٠٧ (١٨٩٠م) فأنجزه نجله بعد وفاته. وقد خلف عبد الله باشا فكري آثارًا أدبية جليلة كنظم اللآل في الحكم والأمثال والمقامة الفكرية في المملكة الباطنية والفوائد الفكرية للمكاتب المصرية جمع فيه ابنه كثيرًا من كتاباته وقصائده في كتاب دعاه الآثار الفكرية (وصفناه في المشرق ١ (١٨٩٨): ١٨٩) وكان المترجم بارعًا بالنظم والنثر راسخ القدم في بلاغة التعبير وكان بالخصوص إمامًا في الإنشاءات الديوانية فاستخدمه خديويًا مصر سعيد باشا وإسماعيل باشا في اشتغال الكتابة عنها باللغتين التركية والعربية إلى الملوك والسلاطين. ومن حكمه قوله:
إذا رُمتَ المروءةَ والمعالي ... وأن تلقى إله العرش بَرّا
فلا تقرب لدى الخَلوات سرًا ... من الأفعال ما تخشاهُ جهرًا
وقال يصف ثامن مؤتمر المستشرقين في استوكهلم من قصيدة:
ناد بهِ احتفل الأفاضلُ حفلةً ... بحديثها تتقادَمُ الإعصارُ
جمعت لثامن مرَّةٍ معدودةٍ ... في الدهر لا يُنسَى لها تذكارُ
متآلفين بعيدهم بقريبهم ... والفضلُ أقربُ وصلة تمتارُ
من كل فياض القريحة وردهُ ... عذبٌ وبحرُ علومهِ زخارُ
ومؤزَّر بالفضل مشتمل بهِ ... منهُ شعارٌ زانهُ ودثارُ
لا زال ملك الفضل معمور الذرى ... بذويهِ ممدودًا لهُ الأعمارُ
وكان لعبد الله باشا ولد تقصى آثار والده اسمه (أمين باشا فكري) درس الحقوق في فرنسا ثم عاد إلى بلده فتعاطى فن الدعاوى وبرز فيه حتى رقّته الحكومة المصرية إلى رئاسة النيابة سنة ١٨٨٨ ثم ولته قضاء محكمة الاستئناف ثم محافظة الإسكندرية حتى انتدبته لنظارة الدائرة السنية لكن الموت اهتصر غصن حياته فمات سنة ١٨٩٩ وكان مولده سنة ١٨٥٦. ومن تركته العلية كتب مطول في
1 / 222