161

تاريخ الآداب العربية

تاريخ الآداب العربية في القرن التاسع عشر والربع الأول من القرن العشرين

ناشر

دار المشرق

ایڈیشن نمبر

الثالثة

پبلشر کا مقام

بيروت

اصناف

فعاش كما نؤرخهُ سعيدًا ... وفي الدار قد بلغ المعالي
وكانت وفاة الشيخ حبيب كهلًا قبل والده ببضعة أسابيع في سلخ السنة ١٨٧٠. وكما عاجلت المنون بكر الشيخ ناصيف كذلك قطفت ابنه الشيخ خليل غصنًا زاهيًا في تمام شبابه وعز قوته. ولد هذا في السنة ١٨٥٦ وأخذ الآداب العربية عن أبيه وآله فرضعها مع الحليب ولما نشأ دخل الكلية الأميركانية ودرس فيها العلوم.
وفي ١٨٨١ رحل إلى مصر وزار بعض أعيانها وأنشأ مجلو مرآة الشرق إلا أن الثورة العرابية ألجأته إلى الرجوع إلى وطنه فعلم مدة اللغة العربية في المدرستين البطريركية والأميريكانية حتى أصيب بصدره فكف عن التعليم ولم يزل يطلب علاجًا لوجعه حتى غلبه الداء فمات في الحدث في ٢٣ ك١ سنة ١٨٨٩ ودفن في بيروت. وكان الشيخ خليل متوقد الذهن ذا قلم سيال وقد غلب عليه الشعر. ومن خدمه للآداب طبعته لكتاب كليلة ودمنة مضبوطًا بالشكل مع شرح الغريب من ألفاظه. وهذه الطبعة كما الطبعات الشرقية كلها في الشام ومصر والهند مبنية على طبعة العلامة دي ساسي لا تخالفها إلا في بعض العرضيات بخلاف النسخة التي وقفنا عليها فنشرناها في مطبعتنا سنة ١٩٠٥ ثم كررنا طبعها سنة ١٩٢٣ وهي أقدم نسخة مؤرخة لهذا الكتاب تخالف الطبعات السابقة مع موافقتها لترجمة ابن المقفع الأصلية ثم بينا عليها طبعة مدرسية سنة ١٩٢٢. ومن آثار الشيخ خليل النثرية كتاب في إنشاء الرسائل وكتاب في الصحيح بين العامي والفصيح وكلاهما لم يزل مخطوطًا غير تام.
أما خلفة الشيخ خليل اليازجي الشعرية فهي أولًا روايته (المروءة والوفاء) نظم فيها وفاء حنظلة الطائي بوعده بعد قدومه على النعمان يوم بؤسه وضمان شريك له في غيبته ليصلح أمور بيته ويرجع إلى القتل ثم تنصر النعمان لنظره مروءة حنظلة. وهو حادث تاريخي معروف بنى عليه الشيخ خليل روايته لكنه طمس محاسنها بما أودعها من الأدوار العشقية المملة التي تنسي سامعها الواقع التاريخي الأصلي فيضيع الجوهر بزخرف الأعراض الباطلة.
ومن خلفته أيضًا مجموع منظوماته الذي عنونه بنسمات الأوراق فطبعه بالقاهرة سنة ١٨٨٨ في ١٦٢ صفحة نروي منها بعض القطع تبيانًا لفضله وجودة قريحته. فمن مديحه قوله في عبد الله فكري باشا ناظر المعارف في مصر:

1 / 162