88

کتاب التاریخ

كتاب التأريخ

ناشر

دار صادر

پبلشر کا مقام

بيروت

فلما رأى الملك صحة البرهان وتبين فضل حكمة الحكيم وعلم أن قد أصاب واحسن التمثيل وأبان عما قد عمي عنه جمع أهل مملكته فعرفهم ما كشف الله عنهم من الغم وأمرهم أن يقيموا ويتأملوا وقال لهم قد علمنا أن ليس في العالم حي ناطق مفكر ضاحك عاقل إلا فالإنسان فلإنسان عليه مدار جميع ما في العالم لان الفلك بجميع ما فيه خلقه الخالق للإنسان ليعرف به ما يحتاج إليه من زمانه وأوقاته وكذلك ذلل له جميع ما في الأرض وكل ما خلق الله مما في قعر البحر وجو السماء ورؤوس الجبال فلما ملك الإنسان جميع ما خلق قسم ذلك الإنسان ثلاثة أقسام فأكل ثلاثا وسخر ثلاثا وقتل ثلاثا فأكل الطير والسمك وما شاء من النعم والإبل وسخر البقر والحمير والدواب وقتل السباع والحيات والهوام ثم جعل فيه آلايات يعلم بها ويعقل بها ويدرك بها ويفهم ففضل الناس بعضهم بعضا بالعلم والعقل والفهم

وقد زعم علماء من علماء الهند انه لما ملكت حوسر بنت بلهيت خرج عليها خارجي وكانت جارية عاقلة فوجهت ابنا لها وكان لها أربعة أولاد فقتل ذلك الخارجي ابنها فعظم ذلك أهل مملكتها وأشفقوا من إخبارها فاجتمعوا على حكيم من حكمائهم يقال له قفلان وكان ذا حكمة وفطنة ورأي فذكروا ذلك له فقال أنظروني ثلاثا ففعلوا ذلك وخلا مفكرا ثم قال لتلميذ له أحضرني نجارا وخشبا من لونين مختلفين ابيض وأسود فأحضر نجارا فارها وخشبا من لونين مختلفين ابيض واسود فصور صورة الشطرنج وأمر النجار فنجرها ثم قال له احضر ني جلدا مدبوغا فأمره أن يخط فيه أربعة وستين بيتا ففعل ذلك فنصب ناحية ثم تجاولا حتى فهماها واحكماها ثم قال لتلميذه هذه حرب بلا ذهاب أنفس

ثم حضره أهل المملكة فأخرجها لهم فلما رأوها علموا أنها حكمة لا يهتدى لها أحد وجعل يجاول تلميذه فيقع شاه مات وشاه غلب فأخبرت الملكة بخبر قفلان فأحضرته وأمرته أن يريها حكمته فأحضر تلميذه ومعه الشطرنج فنصبها بينه وبينه فلعبا فغلب أحدهما صاحبه فقال شاه مات فانتبهت وعلمت ما أراده وقالت لقفلان اقتل ابني قال أنت قلت فقالت لحاجبها ادخل الناس يعزوني فلما فرغت أحضرت قفلان وقالت له سل حاجتك فقال أسأل أن أعطى قمحا بعدد بيوت الشطرنج أعطى في البيت الأول حبة وفي الثاني اثنتين ثم يضعف ذلك لي في البيت الثالث على الثاني ثم على هذا الحساب إلى آخرها

قالت وما مقدار هذا ثم أمرت بالحنطة أن تحضر فلم يقيم لذلك شيء حتى انفدت قموح البلد ثم قوم القمح بالمال حتى فني المال فلما كثر ذلك قال لا حاجة لي به أن قليل الدنيا يكفيني

صفحہ 92