193

ولمح فيه معلموه الفطنة والذكاء، فأحاطوه برعايتهم وعنايتهم، ولم يستمر الإمام (ع) غير فترة وجيزة حتى فاق أقرانه، وذاع صيته، واشتهر أمره.

ولم يتم الإمام (ع) مرحلة الشباب إلا وهو متوقد حماسة ونشاطا وعلما، وقد استطاع بعلمه واجتهاده أن يثري الفكر الإسلامي بالمؤلفات العديدة، والتي تعتبر من المصادر المهمة لدى أهل البيت (ع) ومنها: كتاب أصول الأحكام جمع فيه أكثر من ثلاثة آلاف حديث، وكتاب حقائق المعرفة في أصول الدين، وكتاب المدخل في أصول الفقه، وكتاب الحكمة الدرية، وكان (ع) ينظر من حوله لوضع الأمة الإسلامية، فيجدها ممزقة، ومنغمسة سياسيا وفكريا وتعيش حالة اضطراب وتخبط لامثيل لها.

ورأى اليمن من حوله تنقسم إلى عدة طوائف متناحرة فمن آل زريع، إلى آل حاتم، وآل طريف، وآل نجاح وغيرهم، وكلهم يتنافسون فيما بينهم، والدعوة الباطنية قد اشتد ساعدها وقوي، ولقيت رواجا كبيرا.

وقد صور الإمام (ع) ذلك الوضع، ومايمليه عليه ضميره وواجبه الديني في منشور شعري بليغ الحجة، ناصع البيان:

ما إن بكيت على رسم ولا دمن * ولا لطلعة ظبي أغيد حسن

لكن بكيت على الإسلام ذوى * مخضره وثوى في اللحد والكفن

لما رأيت الهدى قد مات واندرست * أعلامه وسبيل الحق لم يبن

نهضت أدعو عباد الله مجتهدا * إلى الهدى وفروض الدين والسنن

لم لا أبيع من الرحمن خالقنا * نفسي الذهبية بالوافي من الثمن

لم لا أقوم بنصر الله مجتهدا * وعزه، ورسول الله أنجبني

صفحہ 194