تربیہ و تعلیم فی اسلام
التربية والتعليم في الإسلام
اصناف
ولا عجب في أن يؤلف ابن سحنون المغربي كتابه المفيد هذا في القرن الثالث؛ فإن الكتاتيب - كما رأيت سابقا - كانت معروفة في المغرب - كما كانت معروفة في المشرق - وأن المسلمين في المغرب قد أنشئوا الكتاتيب منذ أواسط القرن الأول للهجرة، فإن الفاتحين حينما خططوا القيروان أنشئوا الدور والمساجد، ثم التفتوا إلى صبيانهم يعلمونهم الكتاب الكريم وحديث الرسول العظيم والآداب الإسلامية؛ فقد حكى العالم المغربي غياث بن شبيب في سنة 78 قال: كان سفيان بن وهب صاحب رسول الله يمر علينا ونحن غلمة بالكتاب فيسلم علينا وعليه عمامة أرخاها من خلفه.
257
ويقول ابن عساكر: إن إسماعيل بن أبي المهاجر المخزومي الذي كان يؤدب أولاد الخليفة عبد الملك بن مروان قد استعمله على إفريقية في سنة مائة للهجرة.
258
ولا شك في أن هذا الأمير المعلم لما تولى إفريقية عني بالتعليم فيها، كما عني بنشر الكتاتيب ودور العلم بين سكان تلك البلاد، خصوصا إذا علمنا أن عامة أمم البربر قد أسلمت على يديه في أيام عمر بن عبد العزيز، وهو الذي علم أهل إفريقية مباحث الحلال والحرام، وبعث معه عمر بن عبد العزيز عشرة من فقهاء التابعين وأهل العلم والفضل ليفقهوا أهل إفريقية، ومنهم عبد الرحمن بن نافع وسعيد بن مسعود التجيبي، وغيرهما من فحول علماء التابعين.
259
وقد علق الأستاذ حسن حسني عبد الوهاب على هذا الخبر بقوله: ولو أردنا استقصاء مثل هذه الأخبار الواردة في خصوص عناية أسلافنا بالتعليم في الأجيال العربية الأولى لطال بنا الحديث ... ولم يزل شأن الكتاتيب في نمو وعددها في ازدياد وتكاثر في العاصمة وفي المدن الإفريقية الكبيرة، حتى لم يخل منها درب من الدروب أو حي من الأحياء ... ولا عجب إذا اعتبرت الكتاتيب في القديم كملحقات للمساجد وتوابع لها، بل إنها وجدت أيضا في دور الأعيان والأغنياء، وبالأحرى في قصور الوزراء والأمراء ...»
260
أما مذهب المغاربة في تعليم أبنائهم وطريقة ذلك وأول ما يجب تعليمه، فلم ينص عليه ابن سحنون، اللهم إلا إذا اعتبرنا أن ما اشترطه ابن سحنون على المعلم هو الذي كان يدرس في زمانه، وإنما أشار إلى ما ذكره من الفنون لتقرير الواقع يومئذ، فقد اشترط على المؤدب أن يعلم الطالب فنونا وعلوما جعلها على قسمين:
أحدهما إجباري:
نامعلوم صفحہ