تربیہ فی اسلام
التربية في الإسلام: التعليم في رأي القابسي
اصناف
جعل القورينائيون في الفلسفة القديمة اللذة الحسية غاية الأعمال الخلقية. وأنصار هذا المذهب قليلون؛ لأن الأخذ باللذات الحسية يؤدي إلى آلام كثيرة، كما يتعارض مع تقدم الإنسانية، إلى جانب وجود لذات أشرف من اللذات الحسية.
ومذهب السعادة أدنى إلى القبول؛ وسقراط وأفلاطون وأرسطو على هذا المذهب. وفي السعادة راحة النفس والضمير، وسرور الفرد وغبطة المجتمع. وإذا كانت السعادة أشرف من اللذة الحسية لأنها فضيلة الحكمة واختيار الوسط العدل بين الإفراط والتفريط، ففي الإمكان التوفيق بين الارتياح الذي يشعر به الفرد وبين السعادة العامة. بينما يصعب التوفيق بين اللذة الشخصية وبين اللذة العامة التي يحس بها الناس جميعا؛ لأن تحقيق اللذة عند الغير يكون على حساب الفرد، بينما الاشتراك في إسعاد الآخرين لا يتنافى مع سعادة المجتمع.
وهناك مذاهب أخرى تنشد غايات خارجية موضوعية، منها الكمال؛ فالذي يفعل الخير إنما يريد أن يصل إلى الكمال.
والذين يقولون بالتطور يرون أن تاريخ الإنسانية صراع دائم نحو التقدم والرقي، وأن وجود هذه الغاية الأخلاقية، هو الذي يجتذب الإنسان مع الخير إلى التقدم دوما.
ويعترضون على المذهبين السابقين بأن الصفات الخلقية هي نفسها الكمال أو التطور، وهاتان الغايتان خاضعتان لغاية أخرى.
قالوا: إن الطبيعة هي الغاية الخلقية. فالحياة الموافقة للطبيعة هي الحياة الخيرة التي تجلب اللذة والسعادة، وروسو في المذاهب الحديثة عنوان على هذه الفلسفة الطبيعية.
وهناك مذهب المنفعة الذي راج في الفلسفة الإنجليزية رواجا كبيرا. والمنفعة العامة إذا كانت رائد الأعمال الخلقية، والغاية منها، حققت الخير لأكبر عدد من الناس.
وقد تجنب بعض الفلاسفة الاعتراضات على المذاهب السابقة فقالوا بأن الخير واجب لذاته، يفعله المرء لأنه واجب. فالواجب الخلقي هو الغاية، لا الكمال أو التطور أو الطبيعة أو المنفعة. وكانط من أنصار مذهب الواجب في الأخلاق.
ومذهب أهل السنة لا يرى رأي هؤلاء جميعا؛ لأنه خرج بالغايات الخلقية من ميدان الدنيا إلى ميدان الآخرة.
وبذلك يلتقي الناس جميعا في غاية واحدة، تتسع لهم جميعا، ولا يقع عليها خلاف، هي التمتع بنعيم الجنة في الآخرة.
نامعلوم صفحہ