تربیہ فی اسلام
التربية في الإسلام: التعليم في رأي القابسي
اصناف
ونخرج من هذا العرض بالنتائج الآتية: (1)
حلت المدارس المسيحية مكان التعليم اليوناني والروماني، وذلك بعد جهاد طويل. (2)
كانت المدارس الكنسية ملحقة بالأديرة والكنائس والمعيشة فيها داخلية. (3)
الغرض من هذا التعليم هو التأثير في الشخصية، وطبعها بالطابع المسيحي، وإعداد التلاميذ لحياة الرهبنة. (4)
لم تكن هذه المدارس عامة لجميع أفراد الشعب، بل اقتصرت على طبقة الكهنوت.
ومن الواضح أن هذا النوع من التعليم يختلف عن الكتاتيب الإسلامية؛ فالكتاتيب الإسلامية عامة لجميع أفراد الشعب، ولم يكن من الضروري وجودها بالمساجد، ولم يكن يعيش الصبيان فيها معيشة داخلية. ولم تكن صلة معلم الكتاب بالصبيان صلة الراهب بتلاميذه يقتحم شخصياتهم ليطبعها بطابع المسيحية. ذلك أن معلم الكتاب ملقن ومرشد وليس واعظا يسعى إلى بث آراء معينة، فهو يعلمهم القراءة والكتابة، ويحفظهم القرآن الكريم، وهو الجزء الأساسي من تعليمه.
ولو أن المسلمين أخذوا نظام الكتاتيب عن الفرس والروم، ونقلوها عنهم، لظهرت منذ بدأت الدعوة الإسلامية. ولكن الواقع يدلنا على أنها لم تظهر إلا بعد تمام الفتوحات، وبعد دخول الناس في الإسلام. من أجل ذلك قلنا إنها قد نمت وتطورت مع نمو الإسلام وانتشاره .
أما في عهد النبي فكان تعليم الدين الإسلامي شاملا للجميع، صبيانا ورجالا ونساء. وكان الغرض منه أن يحفظ الناس شيئا من القرآن، وأن يتعلموا ما يلزمهم في العبادات كالصلاة والصوم والزكاة والحج وسائر الفرائض الإسلامية. واتبع المسلمون كافة السبل في الوصول إلى نشر دعوتهم فعملوا في دورهم، وفي المساجد، وفي كل مكان. ولم يفتهم الحث على تعلم الكتابة.
ولما انقضى هذا الدور الأول في نشر الدعوة بكافة الطرق، ودخل الناس في دين الله أفواجا، وكثر عدد المسلمين، وأصبحت غالبية السكان على الدين الإسلامي، انصرفوا عن نشر الدين إلى النظر في أمور المعاش وإلى تنظيم الدين وضمان العبادة الصحيحة. ويقتضي النظام الاجتماعي أن يكون البدء في تعليم الأجيال عن طريق تربية الأطفال حتى إذا شبوا أصبحوا مطبوعين بطابع الجيل الجديد.
وقد تطوع المسلمون الأوائل بالتعليم بدافع الروح الجديد. فلما انتشر الإسلام تعذر أن يقوم التعليم على التطوع، وظهرت صناعة التعليم، وتناول المعلمون الأجر، وأفتى الفقهاء بجواز ذلك.
نامعلوم صفحہ