تربیہ فی اسلام
التربية في الإسلام: التعليم في رأي القابسي
اصناف
14
ويؤيد ما سبق ما جاء في تاريخ ابن خلدون قال: «ولما مات سليمان بن عبد الملك، استعمل عمر بن عبد العزيز على إفريقية إسماعيل بن عبد الله بن المهاجر، وكان حسن السيرة، وأسلم جميع البربر في أيامه.»
15
بذلك تم إسلام البربر، وأصبحت لغتهم هي العربية، كما حدث للفرس وغيرهم من الشعوب غير العربية.
وعني العباسيون بتثبيت الإسلام بعد ان انقضى نحو قرن من الزمان على الفتح، نسي خلاله البربر - وهم أهل شمال إفريقية - تاريخهم ودينهم. وأقبلوا على الدين الجديد، وتشبعوا منه، وأشربوا حبه وتثقفوا بثقافته، وأصبحوا ركنا من أركانه يذودون عنه باللسان والقلم والسيف.
انقضى نحو قرن من الزمان منذ الفتح حتى إسلام البربر، وانقضى نحو قرن آخر تفقه فيه أهل شمال إفريقية، حتى برز منهم علماء يشار إليهم ويعتد بهم، منهم علي بن زياد، وابن أبي حسان، وابن غانم، وابن أشرس.
ولكن أشهر فقهاء شمال إفريقية هو عبد السلام بن سعيد بن حبيب التنوخي الملقب بسحنون.
16
ولم يكن في المغرب من أئمة العلماء من يأخذ الناس عنهم. ولم تكن حلقات العلم في مساجدها مما يشبع نهم طلاب التبحر في العلم. وإنما كان سبيل طلاب العلم أن يرحلوا إلى مواطنه يثقفون أنفسهم، ويشبعون نهمهم، ويروون غلتهم. والطريق الطبيعي الذي لا بد لأهل المغرب أن يسلكوه إذا أرادوا طلب العلم هو الرحلة إلى مصر، ومنها إلى البلاد الشرقية خصوصا الحجاز، فقد كانت مصر مركزا من مراكز العلم، ظهر فيها الشافعي، وهو أحد الأئمة الأربعة أصحاب المذاهب الذين يأتم بهم المسلمون، ويعتمدون عليهم في الفقه وتفسير العقائد والعبادات. وانتشر أيضا مذهب مالك، وكان له في مصر تلاميذ كثيرون نذكر منهم أشهب، وابن القاسم، وأصبغ بن الفرج.
أما البلاد الشرقية الأخرى التي كان المغاربة يتوجهون إليها فهي مكة والمدينة. وكانوا يذهبون إليهما بحكم الضرورة: في مكة الكعبة التي يحج إليها كافة المسلمين ليؤدوا فريضة الحج التي أمر الله بها، وفي المدينة قبر النبي
نامعلوم صفحہ