تربیہ فی اسلام
التربية في الإسلام: التعليم في رأي القابسي
اصناف
صلى الله عليه وسلم
قال الله عز وجل لنبيه عليه السلام:
قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني (يوسف: 108). وقال جل من قائل: ... ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا (النساء: 115). والصحابة هم الذين قال الله عز وجل فيهم:
محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم ...
إلى آخر السورة (الفتح: 28-29). وقد قال ابن مسعود: أرى أحسن الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وإن ما توعدون لآت، وما أنتم بمعجزين.
وأما قولك: كيف صفة الصلاح، فصفة الصلاح هي ما تقدم وصفه في هذا الباب [13-ب] من أوله إلى آخره، فمن وفى بجميعه وفاء حسنا، فقد استكمل صفة الصالحين، ومن عجز عن شيء منه ، فبمقدار ذلك الذي عجز عنه - إذا كان عن تفريط فيه - يكون نزوله عن وصف من استكمل ذلك كله. قال الله عز وجل:
من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون (النحل: 97). فقد بينت لك ما عندي في تفسير الإحسان، وقول الرسول
صلى الله عليه وسلم : أن تعبد الله كأنك تراه، وأن هذا يلتزمه العبد لله في أحوال متقلبه ومثواه؛ وهو سهل على من يسره الله له، وبركته عظيمة؛ لأنه يجدد للمؤمن إيمانه كلما ذكره، وذلك أنه إذا أخذ في طاعة ربه، وهو ذاكر مشاهدة ربه [14-أ] له في ذلك الشأن، قوي اعتصامه بربه، فإن هم به الشيطان أن يلبس عليه شيئا، فاستغاث ربه، واستعاذ به منه، كفاه عدوه، وأعانه عليه، فلم يجد إليه سبيلا كما يجده إلى من كان في شأنه غافلا في غمرة الوسواس والشهوات، وإنما المعصوم من عصمه الله عز وجل. وإن اقتصر العبد الحسن العبادة على أداء الفرائض، واجتناب المحارم، ولم يزد، فهو أيضا من الصالحين، قال الله عز وجل:
ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا (النساء: 124). فما سلم العبد من الخطايا فهو من الصالحين، وما زاد بعد ذلك من طاعة ربه زاده خيرا. وأتى في الصحيح من حديث أبي هريرة، قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : إن الله قال: من عادى لي وليا فقد آذنته [14-ب] بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحببته، فكنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي به. ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذ بي لأعيذنه. قال أبو الحسن: وهذا حديث حسن التبيان، بالغ في الموعظة والبشرى، لمن أخذ بما فيه، اقتصر على أداء الفرائض، أو زاد بعد استكمالها من النوافل؛ لأن النوافل إنما تكون من بعد استكمال الفرائض، والفرائض جارية في أعمال البر التي أمر الله بها، والنوافل كذلك هي جارية في سائر الطاعات التي ندب الله إليها، ورغب فيها رسوله. وقوله في هذا الحديث : فكنت سمعه إلى آخر هذا الوصف، معناه: كنت [15-أ] حافظا له، أحمي سمعه الذي يسمع به أن يسمع مأثما، وكذلك بصره الذي يبصره به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، فلا يستعمل أشياء من هذه الجوارح في مأثم، ولا يصل إليه مكروه، مع الحفظ الذي استأهله بتقربه ذلك. فقد شرحت لك وصف ما إذا اقتصر عليه المؤمن كان به من الصالحين، وما إذا زاد منه زاد رفعة وقربا، وكمال ذلك كله في قول الله جل وعز:
نامعلوم صفحہ