تراجم مشاہیر الشرق فی القرن التاسع عشر (الجزء الاول)
تراجم مشاهير الشرق في القرن التاسع عشر (الجزء الأول)
اصناف
كان التعايشي قبل فتح أم درمان يقيم في منزل كبير على مقربة من الجامع، ونساؤه الشرعيات أربع، وأما الجواري فعددهن يزيد على الأربعمائة، أكثرهن من الفتيات اللواتي أخذن من والديهن بالأسر بعد الحرب، فهن في اعتباره مما ملكت أيمانه، وفيهن البيضاء والسمراء والحبشية والسوداء، جعلهن أقساما يرأس كل عشرين منهن رئيسة، وعلى كل ثلاثة أو أربعة من هذه الأقسام امرأة حرة هي في الغالب سرية يختارها هو لهذه المهمة، وفي دار الحريم هذه خصيان معظمهم صغار السن وفي جملتهم عشرون خصيا يرأسهم واحد منهم اسمه عبد القيوم. (1-7) طعامه
وكان طعامه في أوائل حكومته قاصرا على العصيدة واللحم المطبوخ والدجاج، ولكنه ما لبث أن صار يتناول الأطعمة المركبة التي يتخذها الأغنياء في مصر وغيرها. (1-8) ملازموه
كان بخدمة التعايشي جند من الملازمين، يقف جماعة منهم في بابه أو يسيرون إلى جانبه إذا ركب، وكان سلاتين باشا واحدا منهم، وأراد التعايشي تعزيز حاشيته فأمر بتجنيد جند لحرسه الخصوصي، فاختار عددا كبيرا من عساكر الجهادية، وأوعز إلى أمراء الغرب (غربي النيل الأبيض) فاختاروا له عددا آخر، وأضاف إلى هذا وهذا جماعة من أحاسن الجعالين وغيرهم، إلا الدناقلة والمصريين فإنه كان لا يثق بهم، فاجتمع من ذلك كله جند عدده 12 ألفا، قسمهم إلى ثلاث فرق: يتولى قيادة الأولى منها ابنه عثمان، ويتولى قيادة الثانية أخوه هارون أبو محمد وهو شاب لم يتجاوز الثامنة عشرة من العمر، ويتولى الفرقة الثالثة رجل حبشي اسمه رابح ربي في منزل التعايشي، وتقسم كل من هذه الفرق إلى أقسام عدد كل منها مائة، يتولى قيادتها ضابط يسمونه «رأس مائة»، على أن ابنه عثمان كان يعتبر في أي حال قائد الملازمين كافة. وراتب الملازم نصف ريال من ريالات الدراويش في الشهر، ويصرف لكل منهم وظيفة من الذرة مقدارها ثمن إردب كل أسبوعين، وواجبات الملازمين المحافظة على شخص التعايشي، وهو لا يغفل عن مراقبة حركاتهم وتعهدهم بنفسه؛ ليتحقق قيامهم في مراكزهم وإخلاصهم في خدمته. (1-9) أعماله
أما واجباته بالنسبة إلى رعاياه فإقامة الصلوات الخمس كل يوم في مسجد أم درمان الأكبر، فيجلس في المحراب بحيث يرى كل من في الجامع، ووراءه ابنه والقضاة وبعض من اختصهم بالتقرب منه، وإلى اليمين واليسار الملازمون، ووراءهم من اليمين أخوه يعقوب وسائر الأمراء، ومن اليسار بعض رجال علي ولد الحلو ثاني خلفاء المهدي، وبعض الجعالين والدناقلة، ووراء هؤلاء مجلس العامة صفوفا، ويبلغ عدد الحضور عادة عدة آلاف، وكان التعايشي كثير التدقيق في حضور الأمراء للصلاة، فإذا تخلف عنها أحد منهم لامه أو حقدها عليه، وإذا منع التعايشي مانع كمرض أو غيره عن إقامة الصلاة ناب عنه بعض قضاته، ولكنه لا يجلس في المحراب، ويشتغل التعايشي ما بين صلاتي العصر والغروب في سماع ما يرد عليه من الأعمال والمداولة بشأنها مع القضاة، ولما كان أميا لا يحسن القراءة ولا الكتابة فيتلو الأوراق عليه بعض كتابه أو كتمة سره وهم الذين يكتبون الأوامر والمنشورات ثم يختمها هو بختمه. (1-10) البريد
والمخابرات بين عاصمة الدراويش وسائر أعمالها بواسطة الهجانة؛ وهم عبارة عن ستين أو سبعين هجينا يتولاها بضعة من الرجال يختارهم التعايشي لحمل أوامره إلى العمال ورؤساء القبائل ويعودون إليه بالأخبار والأجوبة، وقد أشار عليه إبراهيم عدلان أن يرتب البريد ويعين له مواقيت ومحطات فأبى؛ بدعوى أن الهجانة الذين يحملون البريد رأسا ينقلون إليه أخبارا شفاهية هي أثمن عنده من نظام البريد.
شكل 11-2: عبد الله التعايشي يقطع النيل عند أم درمان ويحرض رجاله على القتال. (1-11) ركوبه
وكان التعايشي يركب أحيانا فيخرج بموكبه لتعهد بعض منازله في أطراف المدينة، فينفخ بواق في بوق طويل من قرن الخرتيت اسمه أمبايو له صوت مزعج، فضلا عن أصوات الطبول، فإذا سمع الناس صوت الأمبايو والطبل علموا أن التعايشي خارج من ديوانه فيفتح الناس أبوابهم ويطلون من السطوح والكوى لمشاهدة خليفة مهديهم. فإذا مشى الموكب ركب الخليفة في حلقة الملازمين يتقدمها شرذمات منهم وراءهم جماهير الناس من أهل المدينة بين راكب وماش، ويمشي إلى يسار التعايشي رجل ضخم اسمه أبو ضحكة يساعده في ركوبه وترجله، ويسير أمام التعايشي البواق ينفخ الأمبايو بأمره ووراءه أصحاب النفير العسكري لتبويق الوقوف أو المسير أو غير ذلك حسب أمره، ويمشي وراءهم خدمته الخصوصيون يحملون له الركوة (إبريق من جلد يملأ ماء للوضوء) وفروا للسجود عند الصلاة ورماحا، ويرافق هذه الجماهير الموسيقى العسكرية يضربها خمسون عبدا؛ وهي عبارة عن أبواق من قرون الوعل وطبول مصنوعة من جذوع الشجر مجوفة ومغطاة بالجلد أصواتها تزعج الحواس، وفي أثناء مسير الموكب يلعب بعض الخيالة من الملازمين على ظهور الخيل. (1-12) الاستعراض
وكان يستعرض التعايشي رجاله أربع مرات في السنة: في الأعياد الأربعة: المولد النبوي، والمعراج، وعيد الفطر، وعيد الأضحى، باحتفال شائق يحضره أهل أم درمان وغيرهم، وكان يستعرضهم قبلا مرة كل أسبوع في يوم الجمعة. (1-13) قواته
وأما قواته ومقدار ما كان عنده من الذخيرة والمئونة قبيل ذهاب دولته فمعظمها من المشاة حملة السيوف والرماح وعددهم 46000، ومن الخيالة 6600، ومن العساكر الجهادية 34350 وغيرهم، وجملة ذلك نحو مائة ألف وخمسة آلاف مقاتل، وعدد الأسلحة 74 مدفعا و40350 بندقية، هذه قوات التعايشي الرسمية، ولكنها كانت تتضاعف بما ينضم إليها من القبائل القائمة بنصرته. (2) حكومة التعايشي وإدارتها وأعمالها
المالية: تسمى المالية عند الدراويش «بيت المال» أو هي بيوت المال، يختص كل بيت منها بنوع من أنواع الدخل والخرج، أهمها خمسة، وهي: (1)
نامعلوم صفحہ