تراجم مشاہیر الشرق فی القرن التاسع عشر (الجزء الاول)
تراجم مشاهير الشرق في القرن التاسع عشر (الجزء الأول)
اصناف
السيد أحمد، ظهر في أوائل القرن التاسع عشر للميلاد في جهات الهند وحارب الأسياخ على حدود بنجاب الشمالية الغربية سنة 1826 ولم تقم له قائمة. (6)
محمد المهدي السنوسي ابن الشيخ محمد السنوسي الذي ظهر في المغرب في أواسط القرن المذكور، وأصله من جبل سوس بجزائر الغرب، نبغ (والده) سنة 1837 ولاقى من بعض أولي الأمر الإسلامي ترحابا، نشر دعوته وأيدها، وكان مقامه الرئيسي في جغبوب على مقربة من واحة سيوا نحو الغرب، ولكنه أنشأ زوايا عديدة في أماكن أخرى من بلاد الغرب يبلغ عددها ثلاثمائة كلها تعلم طريقته وتعاليمه.
أما زاوية جغبوب (أو جربوب) فإنها أعظمها كلها، تجتمع إليها الطلبة من تونس ومصر والشام ومن بادية الغرب، وفيها كان يقيم الشيخ محمد السنوسي، وقد وفق هذا الشيخ إلى نشر تعاليمه ونفوذه توفيقا غريبا وانتشرت طريقته بين القبائل المغربية، وامتدت إلى سلطنة وداي ودارفور، ونال هناك نفوذا عظيما حتى أصبحت تلك السلطنة في قبضة يده، فلما توفي سلطانها سنة 1876 استخاروا السنوسي في من يخلفه، فاختار لهم سلطانا اسمه يوسف.
فالسنوسي هذا توفي منذ بضع عشرة سنة، ولكنه لمح قبل وفاته أن المهدي المنتظر سيظهر قريبا ولعله ابنه، فاستوضحوه فلم يزدهم إلا كلمة «لا أعلم»، على أنه أنبأهم بأن ظهوره سيكون في ختام القرن الثالث عشر للهجرة (1882م) فالسنوسيون يعتبرون شيخهم المشار إليه مهديا، وقد سموه محمد المهدي، وهو رجل عاقل شديد البطش، ومن كراماته خيمة سحرية يحملها في جربه يزعمون أن الزاد لا يفرغ منها. (7)
محمد أحمد المهدي السوداني، وقد نحا في دعواه منحى الشيعة، فقال إنه الإمام الثاني عشر الذي ظهر مرة قبل هذه، وفي تسمية أتباعه بالدراويش تأييد لرغبته في قول الشيعة؛ لأن لفظة درويش فارسية. (1-1) سبب ظهور المهدي السوداني وقيامه
لو بحثنا عن قيام دعاة المهدية (المتقدم ذكرهم) لرأينا لكل منهم داعيا حمله على القيام، وأحوالا ساعدت في تأييد دعواه، فالأسباب التي دعت إلى قيام محمد أحمد وساعدت في وقوع دعوته موقع القبول لدى أهل السودان كثيرة نذكر أهمها وهي: (1)
ذكرنا انتظار جمهور المسلمين للمهدي وأهل السودان في جملتهم، ولكن السودانيين كانوا ينتظرونه قريبا اعتمادا على قول الشيخ السنوسي كما تقدم. (2)
من المتداول بين شيوخ أهل السودان وفقهائهم أن المهدي سيظهر من بينهم؛ استنادا إلى أقوال يروونها عن بعض الأئمة منها قول الإمام القرطبي في طبقاته الكبرى، ونصه: «وزير المهدي صاحب الخرطوم» وقول السيوطي وابن حجر: «إن من علامات ظهور المهدي خروج السودان»، وغير ذلك. (3)
كان تحصيل الضرائب في السودان منوطا بجماعة الباشبوزق فكانوا يسومون السودانيين في تحصيلها أنواع الخسف والذل، وقد يقتضونها مرارا، وروى المستر فرنك بلور قنصل إنكلترا بالخرطوم إذ ذاك أن الضرائب كانت تضرب على أهل السودان بلا شفقة فيضربون ضريبة على كل فرد منهم وعلى الأولاد والنساء يقتضونها ثلاث مرات في السنة، مرة لصاحب القضاء وأخرى للجابي وأخرى للحكمدار، وكان الزارع إذا زرع حنطة لا يؤذن له بزراعتها حتى يدفع ثلاثة جنيهات كل سنة، ويدفع سبعة أخرى في مقابل التصريح له بريها من ماء النيل، فإذا تردد في الدفع سيق إلى السجن، وإذا صح زرعه دفع ذلك المال مرتين: مرة للحكومة، ومرة لجيب الباشا، وإذا كان من أصحاب السفن التجارية التي تجري في النيل فرض عليه أربعة جنيهات عن كل سفينة، فإذا لم يرفع العلم المصري على سفينته غرم بأربعة أخرى، ومن تأخر عن تأدية تلك الضرائب اقتضتها الحكومة منه بالكرباج، وقد يعاقب ذلك المسكين بإحراق منزله أو سلب أمتعته، والخلاصة أن السوداني لم يكن يباشر أمرا إلا أدى عليه ضريبة. (4)
من المقرر المشهور أن التجارة السودانية محصورة في أصناف معدودة، أهمها: تجارة الرقيق. والنخاسون أو تجار الرقيق أشبه بالملوك والقواد منهم بالتجار في حاشية كل منهم مئات أو ألوف من الرجال بين خدمة وعمال وعبيد يقومون لقيامه ويقعدون لقعوده، فالنخاسون عمد السودان وعيون أعيانه وقادة أعماله، تهابهم الحكام وتخشى سطوتهم الحكومة، وما زالت تجارتهم رابحة وأعمالهم سائرة حتى قام أهل العالم المتمدن لإبطال تجارة العبيد فجاء السودان السير صموئيل بكر للقيام بتلك المهمة، ثم أنيطت بغوردون باشا فأخذ بالكف عن الاسترقاق جملة. وهي صدمة قوية ارتجت لها أركان السودان؛ لأن منع النخاسة لم يقتصر على تقليل أرباح النخاسين، ولكنه عرضهم لاستبداد الجباة؛ لأنهم كانوا يؤدون الجانب الأكبر من الضرائب عبيدا أو ماشية، فأصبحوا بعد إبطال النخاسة لا يقومون على تأديتها، فاستبد بهم الجباة، وساموهم الذل والعسف حتى خيف عصيانهم، ولكن غوردون باشا لحسن سياسته ولين جانبه لم يحدث في أيامه اضطراب، فلما غادر السودان تولاه رجل لم يكن عالما بمحل الضعف ليتلافى خطره، فكأن غوردون أوقد نارا في بعض جهات البيت فجاء غيره لا يدري كيف يطفئ تلك النار فتعاظمت والتهمت المدينة برمتها، فلما قام المهدي يدعو الناس إلى رفع المظالم آنس من أولئك التجار إصغاء، وكانوا له عونا في إضرام تلك الثورة. (2) محمد أحمد المتمهدي السوداني
نامعلوم صفحہ